غاضبون يطردون المشري من الزاوية... وصالح يتمسك بحكومة «موحدة»

باتيلي يُحيط المنفي بلقاءاته مع الأطراف «الليبية الفاعلة»

صالح ملتقياً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لصالح)
صالح ملتقياً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لصالح)
TT

غاضبون يطردون المشري من الزاوية... وصالح يتمسك بحكومة «موحدة»

صالح ملتقياً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لصالح)
صالح ملتقياً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لصالح)

وسط تخوف غربي من تزايد الانقسام في ليبيا، إثر الضربات الجوية التي تسددها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لمواقع لـ«المهربين» بمدينة الزاوية، بدا أن التوتر آخذ في التصاعد والاستقطاب بغرب ليبيا، لا سيما بعد طرد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، من اجتماع بالزاوية.

وتعقد السلطة التنفيذية في العاصمة طرابلس منذ بداية الأسبوع الماضي، اجتماعات مع القادة الأمنيين لمتابعة الأوضاع المتوترة هناك، آخرها لقاء الدبيبة، مساء الأربعاء، مع رئيس الأركان العامة لقواته الفريق أول ركن محمد الحداد، وآمر منطقة الساحل الغربي العسكرية، ورئيس هيئة العمليات، ورئيس أركان القوات البحرية.

الدبيبة مجتمعاً مع قيادات قواته الأمنية بطرابلس (منصة حكومتنا)

وقال المكتب الإعلامي للدبيبة، إن الاجتماع استهدف متابعة «مجريات العملية الأمنية التي يجريها الجيش الليبي في مناطق بغرب البلاد لمكافحة العصابات الإجرامية وتجارة المخدرات والسلاح والاتجار بالبشر، وتهريب الوقود للخارج».

وأشاد الدبيبة، الذي يتولى أيضاً حقيبة وزير الدفاع، بما أسماه «التزام الضربات الجوية بالقواعد المهنية الدقيقة التي اضطلعت بها القوات الجوية التي نفذت المهام المكلفة بها، وتنسيقها مع باقي العناصر العسكرية والأجهزة الاستخباراتية في تحديد الأهداف».

وأكد الحداد أن «قوات الجيش جاهزة دائماً لتنفيذ المهام من أجل الحفاظ على أمن المواطنين، وتطهير البلاد من العصابات المسلحة، والجريمة المنظمة».

وتضمن الاجتماع، الذي حضره أيضاً، مأمورو جهاز الطيران الإلكتروني، واستخبارات المنطقة الغربية، واللجنة الأمنية المكلفة من رئاسة الأركان لوضع الخطة الأمنية بالمنطقة الغربية بغرفة العمليات المشتركة، عرضاً للضربات الجوية المنفذة، والاطلاع على تفاصيلها والأهداف المحققة.

كما تطرق الاجتماع، بحسب مكتب الدبيبة، إلى متابعة استمرار العمليات الأمنية في المراحل المقبلة وفقاً للخطة الموضوعة، مشددين على «مواصلتها حتى تحقيق أهدافها المرجوة».

منفعلاً قبل أن يطرده غاضبون في مدينة الزاوية (الصورة من مقطع فيديو متداول)

وعلى خلفية اعتراضهم على الضربات الجوية التي يسددها طيران تابع لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، طرد مشاركون في اجتماع عقد بمدينة الزاوية، مساء الأربعاء، رئيس المجلس الأعلى للدولة، المشري.

وأظهر مقطع فيديو متداول اعتراض مجموعة من الليبيين الغاضبين على موقف المشري من العميلة العسكرية التي تشنها حكومة الدبيبة، على ما تقول بأنها «أوكار للمهربين».

وسعى المشري جاهداً لتبرير موقفه من العملية التي تجريها الحكومة على مدن بالساحل الغربي، لكن صيحات الرافضين له تعالت وطالبته بمغادرة القاعة، هاتفين: «روّح... روّح».

وهذه هي المرة الثانية التي يتعرض فها المشري للطرد من مدينته الزاوية، إذ سبق وطرده محتفلون بالذكرى الحادية عشرة لـ«ثورة 17 فبراير»، العام الماضي، على خلفية موقفه من التعديل الدستوري الذي أقره مجلس النواب.

وعقب الضربات الجوية، التي وصفتها صحيفة «لوموند» الفرنسية بـ«التطور الخطير»، الذي يعيد الانقسامات داخل العاصمة، اتهم المشري رئيسَ الحكومة الدبيبة «باستغلال سلاح الطيران المسير لتصفية حسابات سياسية ضد أطراف مختلفة معه سياسياً بحجة مكافحة الجريمة»، ثم شكر المجلس الرئاسي على استجابته بتوليه قيادة ملف مكافحة الجريمة والتهريب بالتنسيق مع رئاسة الأركان والنائب العام وإدارته هذا الملف، و«إيقاف محاولة توظيفه سياسياً من قبل رئيس الحكومة».

واصطفت مجموعة من طالبات كليتي التربية واللغات بجامعة الزاوية في وقفة احتجاجية قبالة كلّيتيْهنّ، رافعات شعارات ضد «الجريمة والتهريب والمهربين»، ومؤيدين للعمليات التي يجريها سلاح الجو الليبي بالمنطقة الغربية.

المنفي يستقبل باتيلي بمقر المجلس الرئاسي بطرابلس (المجلس الرئاسي)

وفي أحدث اجتماع بين الجانبين، قدم عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إحاطة الخميس لمحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، عن لقاءاته مع الأطراف الليبية الفاعلة حول أولويات المرحلة. وقال المكتب الإعلامي للمنفي إن اللقاء تضمن مناقشة تطورات عمل اللجنة المشتركة (6+6) لإعداد واستكمال القوانين الانتخابية المفضية إلى إنجاز استحقاق انتخابي «حر وشفاف وشامل» للجميع، خلال العام الحالي.

وكان عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بحث مع باتيلي تطورات الأوضاع بالبلاد «على كافة الأصعدة»، في مقدمتها المستجدات السياسية، ودعم عمل اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية (6+6) في إنجاز مهمتها.

صالح ملتقياً باتيلي في مكتبه بالقبة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لصالح)

وأكد اللقاء، الذي عقد في مدنية القبة بشرق ليبيا، مساء الأربعاء، أن «الحل في ليبيا يتمثل في إجراء الانتخابات لإنهاء هذه المرحلة». وفيما شدد صالح على ضرورة وجود حكومة «موحدة» تُنجز الاستحقاق الانتخابي لتحقيق إرادة الشعب الليبي»، قال باتيلي: «شجعتُ رئيس مجلس النواب على حث أعضاء اللجنة على إبقاء نقاشاتهم مقصورة على الليبيين، وأن يتم الإعلان عما يتوصلون إليه على الأراضي الليبية كدليل على الشفافية والاحترام».

العثور على صاروخ من مخلفات الحرب شمال غربي ليبيا (هيئة السلامة ببني وليد)

في شأن مختلف، قالت هيئة السلامة الوطنية في مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا)، إنها وجهت إحدى الفرق العاملة لديها للتعامل مع بلاغ من أحد المواطنين عثر على مخلفات حرب بمبنى القلعة القديمة. وأوضحت الهيئة أن الفرقة تمكنت من رفع صاروخ طيران لم ينفجر زنة 500 كيلوغرام، كان بداخل القلعة.


مقالات ذات صلة

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة ووزيرة العدل في حكومته المؤقتة (وزارة العدل)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في وقائع «تعذيب» بسجن خاضع لنفوذ حفتر

أدانت حكومة «الوحدة» الليبية على لسان وزارة العدل التابعة لها، «استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري» في إشارة إلى تسريبات سجن قرنادة في شرق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

يترقب الليبيون المرحلة الثانية من الاقتراع على المجالس المحلية، نهاية يناير (كانون ثاني) الحالي، في عملية تبدو «أكثر تعقيداً» من سابقتها التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب «المفوضية العليا للانتخابات»، وسط تحديات أمنية تهيمن على المشهد الليبي، وفق مراقبين.

وجاء الإقرار الرسمي بأن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية ستكون ساخنة من زاوية «لوجيستية»، خصوصاً مع «زيادة أعداد الناخبين ومراكز الاقتراع ثلاثة أضعاف ما كان بالمرحلة الأولى»، حسب تصريحات رئيس المفوضية عماد السايح، الذي لم يحدد موعد إجرائها بعد، لكنه رأى ضرورة «توفير الدعم اللازم لها».

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح (مفوضية الانتخابات)

ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بلدية بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، حسب قرار صادر عن المفوضية الأسبوع الماضي.

ويرصد المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية، كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة، وفي طليعتها طرابلس وبنغازي»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى رغبة المفوضية في «الذهاب بعيداً لإنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي».

وفي 16 نوفمبر الماضي أجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وفي المنطقة الشرقية، أعلن رئيس المفوضية عماد السايح عن بدء الاستعدادات للجولة الثانية من الانتخابات، بلقاء مع مسؤولي مكاتب الإدارة الانتخابية، واطمأن إلى استكمال « التحضيرات اللازمة لتنظيم الانتخابات وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة».

رئيس البرلمان عقيلة صالح لدى الإدلاء بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وبخصوص الإجراءات الأمنية، أكد وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا، اللواء عصام أبو زريبة، أن «إدارة حماية وتأمين الانتخابات على أتم الاستعداد دائماً للتنسيق لإجراء أي اقتراع، من خلال غرف أمنية خاصة بها في المناطق كافة».

وبهذا الخصوص قال أبو زريبة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون للانتخابات دائماً، ونجدد نشاط منتسبينا من خلال عقد ورش العمل الخاصة بالشأن ذاته لرفع مستوى الأداء».

ومع ذلك، فإن ناشطين ومتابعين عبّروا عن مخاوف مما وصفوها بـ«توترات قبلية» في شرق ليبيا واكبت الجولة الأولى، الأمر الذي نفاه أبو زريبة قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «صراع ديمقراطي تنافسي بين مكونات المجتمع، كون التركيبة السكانية قبلية».

في المقابل، يبدو التحدي الأمني أكثر وضوحاً في المنطقة الغربية، حسب متابعين، ومثال على ذلك فإنه من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 5 دوائر انتخابية تابعة لمدينة الزاوية، علماً بأنها تشهد عملية عسكرية «مثيرة للجدل» ضد ما وصفتها حكومة غرب ليبيا ضد «أوكار مخدرات وتهريب وقود».

وازداد الغموض والتساؤلات بعد مظاهرات اندلعت في مدن بغرب ليبيا هذا الأسبوع، عقب بث اعتراف نجلاء المنقوش، في لقاء تلفزيوني بتفاصيل اجتماعها السري في إيطاليا، العام قبل الماضي، مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين.

وفي هذا السياق، أبدى المحلل السياسي، أيوب الأوجلي، قلقاً مما عدّها «مجموعات مسلحة تأتمر بأمر قادة سياسيين يسيطرون على المشهد»، ولم يستبعد أن «تقف هذه المجموعات في وجه إجراء هذه الانتخابات، والاستفادة من الثغرات الأمنية لعرقلتها»، وفق رؤيته.

مسن ليبي يدلي بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وقال الأوجلي إن عقد الانتخابات «سيبطل حالة القوة القاهرة، التي منعت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 2021، ومن ثم يهدد استمرار هؤلاء القادة السياسيين في المشهد الليبي».

في مقابل التحديات السياسية أو الأمنية التي لازمت الحالة الليبية منذ 2011، تتمسك الأكاديمية والباحثة أمل العلوي بـ«بالتفاؤل»، استناداً إلى «نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، ووصول من يمثلون شرائح كثيرة إلى تمثيل ناخبيهم في المجالس، بما يعزز الاستقرار».

وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الجولة الأولى هو «مدعاة للتفاؤل بالمضي خطوات عملية وجادة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي يطمح لها كل الليبيين».

يُشار إلى أن الجولة الأولى من الاقتراع البلدي مضت على «نحو سلس ودون تسجيل خروقات بالمنطقة الغربية»، وفق وصف وزير الداخلية المكلف في حكومة غرب ليبيا، عماد الطرابلسي، ولقيت إشادة من نائبة المبعوث الأممي، ستيفاني خوري في لقاء مع الطرابلسي الشهر الماضي.

ووفق مراقبين، لا تبدو الصورة قاتمة في مجملها، إذ يراهن البعض على الدعم الدولي الواسع من قبل مجلس الأمن والبعثة الأممية، والدول الكبرى للجولة الأولى للانتخابات المحلية، وهو ما عدّه الأوجلي «بصيص أمل» نحو نجاح مساعي الاحتكام لصندوق الاقتراع.

جانب من عمليات الإشراف على نجاح الجولة الأولى من الانتخابات البلدية السابقة (مفوضية الانتخابات)

وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً الدعم القبلي لهذه الانتخابات، وهو ما أظهره ملتقى رعاه المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي لأعيان وحكماء ومشايخ ليبيين، رأوا في الاقتراع البلدي «مؤشراً على رغبة الليبيين في تحقيق الاستقرار».