بينما أصدر قاضي التحقيق بإحدى محاكم الجزائر العاصمة قراراً بمنع رجل الأعمال الكبير يسعد ربراب بالتصرف في أعمال التسيير الخاصة بمجموعته الاقتصادية، كشف محامي المعارض كريم طابو عن أن إجراءات وضعه في الرقابة القضائية، التي صدرت أول من أمس (الخميس)، كانت بسبب هجومه على الحكومة في برنامج تلفزيوني شاركه فيه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي.
وتداول ناشطون سياسيون عبر حساباتهم الرقمية، اليوم (السبت)، وثيقة صادرة عن قاضي التحقيق لدى «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة في 18 مايو (أيار) الحالي، موجهة لرئيس «الغرفة الوطنية للموثقين»، يأمر فيها بالامتناع عن تحرير عقود تخص الملياردير ربراب، بعد أسبوع واحد من وضعه تحت الرقابة القضائية بسبب شبهات فساد، تعلقت بمشروعات وصفقات مرتبطة باستثماراته خارج الجزائر، خاصة في فرنسا.
وورد في وثيقة قاضي التحقيق أن رجل الأعمال الثمانيني ممنوع من ممارسة أي أنشطة تجارية أو وظائف أو مهام، بصفته مسيراً أو مديراً أو عضو مجلس إدارة. كما يمنع من مزاولة كل أعمال التسيير ذات الصلة بشركته الضخمة «سيفتال»، وكل المؤسسات التابعة لها، وعددها 26 بحسب الصحافة، «إلى غاية صدور أمر مخالف». وشدد القاضي، مخاطباً الموثقين وعددهم بالآلاف، على «ضرورة الامتثال لقرار الحظر، والامتناع عن تحرير أي عقد أو تصرف مشمول بأمر المنع».
يشار إلى أن مجلة «فوربس» قدرت ثروة ربراب بـ4.2 مليار دولار، وصنفته بأنه ثاني صاحب أكبر ثروة في العالم العربي، والسادس في أفريقيا.
ومن أهم ما يلفت في الإجراء القضائي أن ربراب لا يزال مسيراً لمجموعة «سيفتال» للصناعات الغذائية، في حين كان قد أعلن منذ عام أنه غادر إدارتها نهائياً، وأنه انسحب من الحياة العامة. كما كتبت الصحافة أن ابنه الأصغر مليك صار رئيساً للمجموعة، التي تشغل أكثر من 18 ألف عامل. وجاء إعلان يسعد ربراب التوقف عن مزاولة أعماله في سياق قراره حجب صحيفته الفرنكفونية «ليبرتيه»، على أساس أنها «أفلست»، بعكس ما صرح به صحافيوها. وقد أشيع يومها أنه أراد التخلص منها، بسبب خطها المعارض للحكومة، ولاعتقاده أن ذلك هو الحل الأمثل لإبعاد مشاكل عاقت استثماراته.
ويقول مقربون من ربراب إنه واجه متاعب كبيرة مع السلطات في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، بحجة دعمه مالياً لمرشح الرئاسة السابق، الجنرال المتقاعد علي غديري، الذي يوجد في السجن منذ 4 سنوات، والذي كان على وشك إنهاء محكوميته، 13 يونيو (حزيران) المقبل، لكن المحكمة العليا نقضت الحكم، وتمت إدانته في الاستئناف بتمديد سجنه إلى 2025.
وفي سياق المتابعات القضائية، أعلن توفيق بلعلي، محامي الناشط المعارض كريم طابو، أمس (الجمعة)، أن قرار وضعه في الرقابة القضائية الخميس الماضي، يعود إلى انتقاده السلطات، وتحميلها مسؤولية الأزمة التي تقوض البلاد. وجاء ذلك، حسب المحامي، خلال مشاركته في برنامج بثته فضائية محظورة في الجزائر وتبث من أوروبا.
وقال صحفي «ليبرتيه» سابقاً علي بوخلاف، وفق ما نشره موقع «إذاعة مونت كارلو الدولية»، إن رئيس تونس الأسبق منصف المرزوقي شارك في البرنامج التلفزيوني، وقد أدلى حسبه بتصريحات «استفزازية مراراً وتكراراً تجاه الجزائر، وهذا ما دفع السلطات الجزائرية للقبض على كريم طابو»، الذي يرأس حزباً لم يحصل على ترخيص من السلطات، سماه «الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي».
ويواجه طابو (50 سنة) أصلاً متاعب كبيرة مع المحاكم، حيث إنه متابع في قضايا عدة، منها «التهجم» على رئيس «مجلس حقوق الإنسان» السابق بوزيد لزهاري. وقضى أشهراً عدة في السجن عام 2020، بسبب أنشطة وتصريحات، كيفتها النيابة على أنها «تحريض على تقويض الأمن القومي».