«الوحدة» الليبية تتجاهل دعوات لاندماجها مع الحكومة الموازية

«النواب» دافع عن قرار إيقاف باشاغا وأبقى الباب مفتوحاً لـ«إمكانية عودته»

جانب من اجتماع حكومة الوحدة الليبية في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
جانب من اجتماع حكومة الوحدة الليبية في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

«الوحدة» الليبية تتجاهل دعوات لاندماجها مع الحكومة الموازية

جانب من اجتماع حكومة الوحدة الليبية في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
جانب من اجتماع حكومة الوحدة الليبية في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

تجاهل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، مساعي ودعوات لدمج حكومته مع حكومة الاستقرار الموازية، الموالية لمجلس النواب. وفي غضون ذلك، دافع مجلس النواب عن إيقاف فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الموازية الموالية للمجلس عن «العمل، وإحالته للتحقيق»، لكنه أبقى الباب مفتوحاً لـ«إمكانية عودته لممارسة مهام عمله مجدداً».

وأكد الدبيبة، في اجتماع لحكومته بالعاصمة طرابلس، اليوم (الأربعاء)، ما وصفه بـ«دعمه المستمر للمسار الانتخابي، واستمرار حالة الاستقرار». وتعهد بـ«قطع الطريق على من يسعون للانقسام والفوضى»، داعياً مجدداً لوجود «قاعدة دستورية قوية وقوانين انتخابية غير مفصلة على أحد»، على حد قوله.

كما اعتبر الدبيبة أن «استمرار الاستقرار الذي تشهده البلاد اليوم لن يكون إلا عبر انتخابات وطنية شاملة، وبقوانين عادلة»، متعهداً لليبيين بأن «القادم هو الأفضل».

لكن محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة، اعتبر في المقابل أن هناك شريحة - لم يحددها – «ما زالت تسعى لجر البلاد إلى الحروب والاقتتال والفوضى، لأنها مستفيدة من هذه الحالة»، لافتاً إلى أن من وصفهم بـ«المتربصين» داخل ليبيا وخارجها «لا تعجبهم حالة الاستقرار الحاصلة».

بدورها، قالت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، إنها عبرت لوزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، خلال اجتماعهما اليوم (الأربعاء) على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب استعداداً للقمة العربية المرتقبة، عن «دعم ليبيا لجهود المملكة لإحلال السلام في السودان». وبعدما نقلت عن فرحان «تأكيده موقف بلاده الداعم لاستقرار ليبيا، واستعادة دورها العربي»، أعربت المنقوش عن «تقديرها لاستعدادات المملكة لاستضافة القمة العربية، وجهودها لإحياء الإجماع العربي مجدداً».

إلى ذلك، أكد الناطق الرسمي لمجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، لـ«الشرق الأوسط»، «اعتزام اللجنة المشتركة لمجلسي (النواب) و(الدولة) 6+6، المكلفة إعداد القوانين الانتخابية، عقد اجتماع لها في المغرب نهاية الأسبوع الجاري»، لكنه رفض «الخوض في التفاصيل».

وكان الدبيبة قد نقل عن سفير ألمانيا لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، الذي التقاه مساء الثلاثاء بطرابلس، لبحث العلاقات الثنائية وأوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين، «دعم بلاده للجهود المحلية والدولية لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق قوانين عادلة ونزيهة». وقال دولف هوجوونينج، سفير هولندا لدى ليبيا، عبر «تويتر»، اليوم (الأربعاء)، إن نائب وزير خارجيتها بول هاوتس أكد خلال اجتماعه مع الدبيبة، وعبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، «التزام هولندا بتعزيز السلام والاستقرار في ليبيا، وضمان انتخابات شاملة تمثل إرادة الشعب الليبي».

في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، أطلعه خلال اجتماعهما مساء الثلاثاء، على سير عمل المفوضية، بالإضافة إلى تحضيراتها للاستحقاقات الانتخابية، فور استلامها القوانين من اللجنة المشتركة (6+6). وأوضح السايح أن اللقاء استعرض مدى جاهزية المفوضية لتنفيذ التشريعات، والعمليات الانتخابية المخطط عقدها هذا العام، والصعوبات والتحديات الفنية التي قد تشكل عائقاً أمام إنجاز المفوضية لمهامها، إضافة إلى بعض المواد الفنية الواردة بالتعديل الدستوري الـ13، واستيضاح العديد من النقاط التي ستكون القاعدة الأساسية لصياغة القوانين الانتخابية، مبرزاً أن الاجتماع ناقش أيضاً آليات التواصل مع اللجنة المختصة بصياغة القوانين الانتخابية (6+6)، والاتفاق على إطلاع المفوضية على النسخ النهائية لمشروعات القوانين قبل إقرارها بشكل نهائي.

من جهة أخرى، استهل أسامة حماد، وزير التخطيط والمالية في حكومة باشاغا، اليوم، عمله بصفته رئيساً لها، بدلاً من رئيسها الموقوف عن العمل، باجتماع مع نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي مرعي البرعصي، وذلك لبحث مساعي توحيد المصرف، وتسهيل إجراءات المقاصة المصرفية وسبل توفير السيولة النقدية، والخدمات اللازمة والطارئة للمواطنين. كما بحث حماد مع نائبه علي القطراني حل المختنقات الطارئة في مختلف المدن والمناطق، لافتاً إلى ترحيب القطراني بتكليفه برئاسة الحكومة.

ودافع مجلس النواب عن قراره بوقف باشاغا عن العمل وإحالته للتحقيق. واعتبر المتحدث باسمه عبد الله بليحق، أن «المجلس لم يحجب الثقة عن باشاغا، ولم تتم إقالته». وقال في تصريحات تلفزيونية إن «ما حصل هو إيقافه عن مباشرة مهامه إلى حين الانتهاء من التحقيق معه، من قبل لجنة برلمانية حول اتهامات بإهدار المال العام»، لافتاً إلى أنه «في حال عدم ثبوت مسؤوليته فإنه يمكن أن يعود لمباشرة مهامه». وخلص إلى أن باشاغا «لم ينفذ تعهداته، ولم يحقق الحد الأدنى منها، بما في ذلك دخول العاصمة طرابلس ومباشرة مهام عمل حكومته من هناك».

من جهته، قال الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، إنه «ناقش مساء الثلاثاء مع كارولين هورندال، سفيرة المملكة المتحدة، التشاور مع صندوق النقد الدولي، واستمرار التعاون مع الأطراف والمؤسسات الدولية، وأهمية عودة الشركات البريطانية والمساهمة في إعادة الإعمار».



الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
TT

الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

سيكون تسيير المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس، واستغلالها بما يحفظ حقوق وحاجيات كل بلد للموارد المائية، أحد الملفات الأساسية التي ستبحثها «القمة المغاربية المصغرة»، المقرر تنظيمها في طرابلس، التي لم يحدد لها تاريخ بعدُ.

وزراء الموارد المائية الجزائري والليبي والتونسي في اجتماعهم يوم 24 أبريل 2024 (وكالة الأنباء الجزائرية)

وتضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، الصادر الأسبوع الحالي، مرسوماً يخص تصديق الرئيس عبد المجيد تبون على اتفاقية ثلاثية تخص إطلاق «آلية للتشاور حول المياه الجوفية المشتركة» مع تونس وليبيا، على مستوى الصحراء الشمالية. علماً أن وزراء الزراعة والموارد المائية بالدول الثلاث التقوا بالجزائر في 24 من أبريل (نيسان) الماضي لبحث التعاون بشأن تسيير المياه الجوفية المشتركة.

وأكد المرسوم أن «الآلية» التي لم يحدد اسمها حتى الساعة، سيكون مقرها بالجزائر، وسيتمثل دورها في «التشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا؛ تنفيذاً لمخرجات اللقاء التشاوري الأول لقادة الدول الثلاث: عبد المجيد تبون، وقيس سعيّد، ومحمد يونس المنفي، الذي عقد بتونس في 22 أبريل الماضي». في إشارة إلى «القمة المغاربية المصغرة» التي عقدت اجتماعها الثاني بالعاصمة التونسية، بعد أن عقدت اجتماعها الأول بالجزائر في فبراير (شباط) الماضي، بمبادرة من الرئيسين الجزائري والتونسي، عبد المجيد تبون وقيس سعيّد، ورئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، يونس المنفي.

صورة توضح حجم الجفاف الذي تعاني منه مناطق بجنوب الجزائر (أ.ف.ب)

وأكدت مصادر دبلوماسية تابعت لقاء تونس أن القادة الثلاثة «اتفقوا على تعميق التبادل حول تسيير المياه الجوفية بالمناطق الحدودية المشتركة، في اجتماع طرابلس» المنتظر.

يشار إلى أن اتفاقاً مبدئياً تم بين الزعماء الثلاثة أثناء إطلاق «القمة المصغرة»، يقضي بعقدها مرة كل ثلاثة أشهر في أحد البلدان الثلاثة، لبحث مختلف القضايا، وعلى رأسها الأمن بالحدود، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي.

وطرحت فكرة «التشاور حول المياه الجوفية» في «قمة المناخ» التي عقدت بمصر عام 2022، حيث دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، الحكومات بدول شمال أفريقيا إلى «إنشاء لجنة مشتركة لتطوير الموارد المائية، في الأحواض النهرية المشتركة»، وكان يقصد، ضمناً، نزاعاً خفياً بين الجزائر وتونس وليبيا حول تقاسم المياه الجوفية.

وكانت تقارير صحافية في تونس قد نقلت أن الجزائر «تأخذ كميات كبيرة من المياه الجوفية بالمنطقة الحدودية التي تتبع تونس»، كما تحدثت عن تضرر منسوب وادي مجردة وضفافه، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة، وبناء الجزائر سدوداً على مستوى المنبع بمنطقة سوق أهراس (جنوب شرقي الجزائر)، الأمر الذي أثّر على الكميات التي تصل إلى المصب، حسب التقارير ذاتها. لكن امتعاض التونسيين من هذه المشكلة لم يتطور إلى احتجاج رسمي ضد الجزائر.

ووفق خبراء جزائريين في مجال الزراعة والموارد المائية، فإن الدول الثلاث «تفطنت إلى أهمية إطلاق تشاور حول المياه الجوفية المشتركة بينها، لتفادي أزمة سياسية محتملة، وهذا بسبب الجفاف الذي يضرب منطقة شمال أفريقيا عموماً، حيث بات مصدر تهديد لمياه الشرب والسقي في المنطقة، وهو ما يهدد الحياة برمتها في شمال أفريقيا».

بسبب قلة التساقطات باتت تونس وليبيا والجزائر تعاني من شح في المياه الجوفية (رويترز)

وعلى الرغم من أن كميات المياه المشتركة بين تونس والجزائر في المنطقة الشمالية محدودة، فإن هناك منطقة جوفية كبيرة في الجنوب تشترك فيها الدول الثلاث، وهي «حوض غدامس» التي قد تصبح مصدراً للنزاعات حول توزيع حصص استغلاله بين هذه الدول، في تقدير الخبراء نفسه.

ويمتد الحوض المشترك بين الدول الثلاث على مساحة تبلغ مليون متر مربع، حسب بيانات توفرها وزارة الموارد المائية الجزائرية، يشغل الجزء الأكبر منها 700 ألف كيلومتر مربع في الجزائر، ونحو 260 ألف كيلومتر مربع في ليبيا، ونحو 60 ألف كيلومتر مربع في تونس. ويعد هذا الحوض أكبر خزان للمياه الجوفية في المنطقة، إلا أن معدلات تجديده ضئيلة للغاية، بحسب خبراء جزائريين.

وفي الوقت الحالي، يتركز استغلال المياه في عدد من النقاط والآبار، حيث يوجد نحو 6500 بئر في الجزائر، و1200 بئر في تونس، ونحو 1000 بئر في ليبيا. وتقدر الكميات المستغلة بنحو 2.2 مليار متر مكعب، منها 1.33 مليار في الجزائر و0.55 مليار في تونس و0.33 مليار في ليبيا.