مفاوضات جدة... من يملك «أوراق اللعب»؟

الشرعية أقوى أوراق الجيش و«الإخوان» ورقة «الدعم السريع» الرابحة

قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات جدة... من يملك «أوراق اللعب»؟

قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)
قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

تجري في مدينة جدة السعودية، وبسرية تامة و«تكتم» ملحوظ، مباحثات معقدة ودقيقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بوساطة سعودية - أميركية تهدف إلى تهدئة الأوضاع ووقف الاقتتال المستمر بين الطرفين منذ قرابة الشهر، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب، ولا تُعرف على وجه الدقة «أوراق التفاوض» التي قدمها ويقدمها كلا الطرفين لتحسين موقفه التفاوضي.

ولم تكشف الوساطة المشتركة عن أي معلومات عما يدور داخل «الغرف»؛ ما اضطر وسائل الإعلام إلى الاعتماد على «مصادر مجهولة»، وتحليلات تستند إلى متابعتها لما يجري على الأرض في الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، مثلما لم تكشف عن تقديمها مقترحات محددة للطرفين للاتفاق عليها، فما هي مصادر قوة المتفاوضين من الطرفين للحصول على أكبر حصة ومكاسب، بعد أن عجزا عن حسم المعركة ميدانياً طوال الأسابيع الماضية.

سيارة وبنايات مدمرة في السوق المركزية بالخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (رويترز)

ويقول مستشار الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء معتصم عبد القادر الحسن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن أقوى أوراق الجيش السوداني تتمثل في تمسكه بـ«استسلام» قوات الدعم السريع، وعودة أفرادها إلى ثكناتهم خارج العاصمة الخرطوم، قبل توقيع أي اتفاق. ويرى أن الجيش «لن يقبل بأقل من ذلك»، وتابع «الجيش السوداني، لن يقبل بأقل من استسلام قيادة الدعم السريع، وتقديمهم لمحاكمات لتمردهم على القيادة العسكرية»، وأضاف «الخياران أمام الجيش السوداني: أن يتم الحسم عبر التفاوض وهذا هو الأفضل، أو هزيمة القوات المتمردة وإجبارها على قبول الاستسلام».

في حين قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين «غير مؤهلين» للوصول لتسوية توقف الحرب وتعود بالبلاد إلى الانتقال المدني الديموقراطي، موضحاً أن الوصول لحل «يتطلب أن تتجه القوى المدنية المعنية بالانتقال المدني الديموقراطي، لإجراء حوارات مفتوحة مع الطرفين تتم بموجبها استعادة المسار الوطني الديموقراطي، وتوحيد الجيوش عبر الحوار والتفاوض، وهو ما فشلت فيه الحرب حتى الآن».

ويرى خاطر «أن أي حل يتم الوصول إليه عبر القوة العسكرية، لن يحل مشاكل البلاد، بل يزيد تأزيمها ويحمل في طياته نزر حروب قادمة». وأوضح، أن الحرب نشبت بين الطرفين «على قضايا فنية، كان يمكن حلها بالحوار والتفاوض، وكادت القوى المدنية أن تقود العملية إلى بر الأمان». وتابع «دمج القوات في الجيش عملية مهمة وأساسية، لكنها لن تتم بالقوة، ولا يستطيع أي من الطرفين فرضها على الآخر».

ودعا خاطر قوى الثورة المدنية «إلى رص صفوفها لتقديم رؤى سياسية ديموقراطية تخرج البلاد من أزمتها الراهنة، وتعود بها إلى الحلول المدنية للقضايا الوطنية»، مستبعداً وجود «عناصر قوة تفيد أياً من الطرفين في تحقيق مكاسب عجز عن تحقيقها في الأرض، وتسرع في الحصول عليها بالدخول في الحرب».

من معارك الأربعاء في الخرطوم (أ.ف.ب)

من جهته، يقول ماهر أبو الجوخ، وهو صحافي من المتحدثين باسم القوى الموقّعة على الاتفاقية الإطارية، في إفادة مكتوبة أرسلها لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «أقوى أوراق الجيش هي رهانه على رفض الأطراف الإقليمية والدولية فكرة إحلال ميليشيا في الجيش، وتفوقه النوعي في أسلحة الردع: قوات جوية، مدفعية بعيدة المدى، مدرعات، إلى جانب أن ساحة المواجهة مقتصرة على العاصمة، مع وجود غضب شعبي ضد الدعم السريع؛ بسبب تكوينه القبلي، وارتباطه بجرائم حرب في دارفور، ومشاركته في فض اعتصام القيادة، وما يواجهه من اتهامات بضلوع قواته في جرائم سلب ونهب، والاستيلاء على منازل وممتلكات المواطنين التي زادت من الحنق عليه».

ويرى أبو الجوخ «أن أبرز أوراق الضغط التي يملكها الدعم السريع، تتمثل في معرفته المسبقة بضعف الجيش في سلاح المشاة، وتبنيه تكتيكات حجّمت من عوامل تفوقه النوعي، المتمثلة في الطيران الحربي والمدفعية والمدرعات، وذلك بالتواجد داخل الأحياء والتحرك في أرتال صغيرة ومسافات متباعدة، وتركيزه للمعركة في الخرطوم، باعتبارها الأكثر تأثيراً في حسم المواجهة وإنهاء المعركة سياسياً وعسكرياً». ويضيف «لا يعتمد الدعم السريع على السيطرة على المواقع، لكونها تُمكّن من حصار قواته؛ لذلك يتبنى استراتيجية الكرّ والالتفاف السريع لتطويق أي قوات مهاجمة، مستغلاً عربات الدفع الرباعي، وتكتيك حرب السيارات في المواجهات الميدانية، في مقابل التكتيك التقليدي للجيوش بالتقدم سيراً على الأقدام».

ووفقاً لأبو الجوخ «فإن الدعم السريع يراهن أيضاً على الحفاظ على المناطق التي سيطر عليها، وحصاره لنصف القيادة العامة».

ويتابع «تعتبر أقوى أوراق الدعم السريع، إعلانه خوض الحرب ضد حزب البشير المحلول وعناصره العسكرية، باعتبارها فئة غير مرحب بعودتها شعبياً وإقليمياً ودولياً، والتي عززها الظهور الإعلامي اللافت لعناصر نظام البشير».

ويرى أبو الجوخ أن الدعم السريع يتفوق في الإعلام الحربي على إعلام الجيش، ويقول «دائماً يلجأ لفيديوهات تعزز أي تصريحات يقدمها في مسار المعركة؛ ما يجعل التصريحات المنسوبة إليه ذات مصداقية أعلى، في حين يلجأ الجيش لاستخدام أساليب الحرب النفسية والدعاية؛ ما جعل رواياته تظهر بأنها لا تتوافر لها المصداقية والدقة».



مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

أثار مقترح وزارة التربية والتعليم المصرية تغيير نظام الثانوية العامة إلى «البكالوريا»، جدلاً على «السوشيال ميديا»، وتحول المقترح الجديد خلال الساعات الماضية إلى مادة للتهكم والتندر، فضلاً عن التعليقات الساخرة.

وطرح وزير التعليم المصري، محمد عبد اللطيف، مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد «شهادة البكالوريا المصرية» بدلاً منه، مقترِحاً تطبيق النظام الجديد بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.

وأوضح الوزير خلال اجتماع لمجلس الوزراء المصري، الأربعاء، أبعاد النظام الجديد وتفاصيله، ووصفه بأنه «يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين»، كما يعتمد على التعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين، وفق بيان لمجلس الوزراء.

المقترح الجديد الذي حصد تفاعلات سريعة من جانب مصريين بسبب أهمية شهادة «الثانوية العامة» للأسر، انتقل الجدل حوله إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ظهر عبر عدة «هاشتاغات»، أبرزها «#البكالوريا_المصرية»، «#البكالوريا»، «#الثانوية_العامة» التي ارتقت إلى صدارة «التريند»، الخميس.

وبينما أبدى عدد من مستخدمي مواقع «التواصل» رفضهم للمقترح، و«أن يكون الطلاب حقل تجارب»، عبّر آخرون عن عدم استيعاب تفاصيل المقترح.

وانتقد الإعلامي المصري، أحمد موسى، المقترح، لافتاً إلى أنه يسبب ارتباكاً للأسر بسبب طرحه بشكل مفاجئ، وكذلك مخطط تطبيقه العام المقبل، مشيراً إلى تعدد أنظمة الثانوية العامة خلال السنوات الأخيرة.

وتعرّض نظام الثانوية العامة في مصر لتغييرات على مدى سنوات، من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيس (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما «الصفان الثاني والثالث الثانوي»، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط.

في مقابل ذلك، تحدث عدد من مستخدمي «التواصل» عن إعجابهم بالمقترح، خصوصاً ما يتميز به من فرصة إعادة الامتحانات، إلى جانب دراسة مواد «ذات فائدة» مثل البرمجة وعلوم الحاسب.

و«شهادة البكالوريا المصرية» المقترحة تتكون من مرحلتين: تمهيدية (الصف الأول الثانوي)، ومرحلة رئيسة (الصفان الثاني والثالث الثانوي)، وفق بيان لـ«مجلس الوزراء المصري». ووجَّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بمناقشة آليات تنفيذ هذا النظام في المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق.

في سياق ذلك، عبَّر الجانب الأكبر من المتفاعلين مع تلك «الهاشتاغات» عن فكاهتهم، بالسخرية من المقترح عبر اللجوء إلى «الكوميكسات» والتعليقات الساخرة.

وانصبّت التعليقات في الغالب على اسم «البكالوريا» الذي نال جانباً كبيراً من التهكم؛ كونه الاسم الذي كان يستخدم في فترتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي للإشارة إلى شهادة الثانوية العامة في مصر، والتي كانت على نمط النظام التعليمي الفرنسي.

وتحول الفنان المصري الراحل عماد حمدي إلى «بطل كوميكس» على «السوشيال ميديا» خلال الساعات الماضية، حيث استدعاه كثير من الرواد في تعليقاتهم الساخرة، ولا سيما وهو يردد عبارة: «أنا نجحت في البكالوريا يا نينة» خلال أحد أفلامه، في إشارة إلى أن المقترح يعود بهم إلى الزمن الماضي.

«الكوميكسات» الساخرة انتشرت بين حسابات «إكس» تفاعلاً مع اسم «البكالوريا»

كما لجأ معلقون إلى مشاهد الأفلام «الأبيض والأسود» كدلالة على أن مقترح «البكالوريا» يمثل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

أيضاً تناقل البعض مقولات مصرية قديمة مألوفة في المشاهد السينمائية القديمة مثل: «نهارك سعيد»، و«أنا ممنون»، كتلميح إلى «عودة وزارة التربية والتعليم إلى أزمنة سابقة»، على حد وصف بعض المغردين.

الطربوش المصري القديم بشكله المميز، ظهر أيضاً كوسيلة للتندر بين المغردين بشكل موسع، ولفت مغردون إلى أن المقترح يمثل «عودة إلى زمن ارتداء طلاب المدارس للطربوش».

وردد البعض المثل الشعبي: «من فات قديمه تاه»، مطالبين مع «البكالوريا» بالرجوع إلى ارتداء الرجال للطربوش والسيدات لـ«الملاءة اللف».

واتخذت وزارة التعليم المصرية، خلال السنوات الماضية، مجموعة من الإجراءات المشددة لضبط منظومة امتحانات الثانوية العامة، عبر تفتيش الطلاب داخل لجان الامتحانات بـ«العصا الإلكترونية»، ومراقبة اللجان بكاميرات مراقبة، ومنع اصطحاب الطلاب أجهزة إلكترونية.

وتتضمن «البكالوريا» المرحلة الأولى، ممثلة في الصف الأول الثانوي، عدداً من المواد الأساسية تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق، واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية، والبرمجة وعلوم الحاسب، بحسب «مجلس الوزراء المصري».

طالبات خلال أداء امتحانات الدور الأول من «الثانوية» العام الماضي (وزارة التربية والتعليم)

ووفق وزير التعليم، فإن المرحلة الرئيسة (الصف الثاني الثانوي) ستتضمن المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي مواد اللغة العربية، والتاريخ المصري، واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى المواد التخصصية، ويختار منها الطالب مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة «تشمل الرياضيات - الفيزياء»، والهندسة وعلوم الحساب «تشمل الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال «تشمل الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون «تشمل الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».

أما بخصوص مواد المرحلة الرئيسة (الصف الثالث الثانوي)، فإنها تتضمن في المواد الأساسية لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى المواد التخصصية، وهي الطب وعلوم الحياة «تشمل الأحياء (مستوى رفيع)» و«الكيمياء (مستوى رفيع)»، والهندسة وعلوم الحساب «تشمل الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال «تشمل الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون «تشمل الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».