الجزائر: السجن 6 أشهر لرئيسة حزب متهمة بـ«نشر الكراهية»

اشتهرت بعدائها الشديد لنشطاء أمازيغ

المحكمة العليا في الجزائر (رويترز)
المحكمة العليا في الجزائر (رويترز)
TT

الجزائر: السجن 6 أشهر لرئيسة حزب متهمة بـ«نشر الكراهية»

المحكمة العليا في الجزائر (رويترز)
المحكمة العليا في الجزائر (رويترز)

ثبتت محكمة الاستئناف بمحافظة غرب العاصمة الجزائرية، حكم السجن 6 أشهر مع التنفيذ، بحق البرلمانية السابقة ورئيسة «حزب العدل والبيان» الإسلامي نعيمة صالحي، بناءً على تهم يتضمنها قانون «التمييز والكراهية».

وكانت صالحي قد أطلقت هجمات حادة ضد نشطاء سياسيين من منطقة القبائل، ما دفعهم إلى مقاضاتها، والفوز بحكم ابتدائي بسجنها صدر نهاية العام الماضي.

وعبّر مراد عميري، المحامي وصاحب الشكوى ضد صالحي (58 سنة)، على حسابه في «فيسبوك»، عن ارتياحه للحكم، من دون توضيح ما إذا كانت المتهمة قد أودعت الحبس الاحتياطي.

 

وعشية صدور الحكم، ناشدت صالحي الرئيس عبد المجيد تبون، الوقوف معها ضد خصومها، وهم سياسيون في حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«حركة الحكم الذاتي في القبائل» المحظورة. وقالت على منصات التواصل الاجتماعي مخاطبة الرئيس، إنها «ضحية محاولات لإسكاتي، وتكميم أفواه كل من رفض مشروع تمزيق الجزائر».

وتعد صالحي نفسها، في مقدمة المدافعين عن «هوية الجزائر العربية والإسلامية، المهددة» كما تقول، من طرف دعاة تعميم تعليم اللغة الأمازيغية في المدارس، الذين هاجمتهم بقوة خلال الاحتجاجات الشعبية عام 2019، حينما كانوا يرفعون راية الأمازيغ.

يشار إلى أن تصريحات صالحي أثارت جدلاً كبيراً، خصوصاً بعد تصريحات بالفيديو، هاجمت فيها سكان القبائل بمناسبة الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية (12 يناير)، وقالت فيها إنها لا تعترف بـ«البعد الأمازيغي للهوية الجزائرية»، وأن الجزائر «لا يمكن إلا أن تكون عربية إسلامية».

وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها تصريحاتها الجدل، ففي 2018 طالب برلمانيون برفع الحصانة عنها بغرض ملاحقتها قضائياً، بعد أن هددت في فيديو أثار صدمة كبيرة، ابنتها الصغيرة بالقتل، «إذا نطقت كلمة واحدة بالأمازيغية».

وفي أبريل (نيسان) 2022، سنَ البرلمان، بناءً على مشروع تسلمه من الحكومة، قانوناً يجرم العنصرية وخطاب الكراهية والتنمر على سكان أي منطقة بالبلاد.

مكافحة «الكراهية والتحريض على الفتنة»

وتصل أحكام القانون إلى السجن 3 سنوات مع التنفيذ، ضد من تثبت ضده تهمة «الإساءة إلى شخص أو مجموعة أشخاص، على أساس الجنس والعرق واللون والنسب والأصل القومي والإثني، واللغة والانتماء الجغرافي والإعاقة أو الحالة الصحية».

وكانت رئاسة الجمهورية قد ذكرت في 12 يناير (كانون الثاني) 2020، أن الرئيس تبون طلب من رئيس الوزراء إعداد قانون بهذا الخصوص، بحجة «تنامي خطاب الكراهية والتحريض على الفتنة، خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي».

كما حض الحكومة على «سد الباب في وجه أولئك الذين يستغلّون حرية وسلمية الحراك، برفع شعارات تهدد الانسجام الوطني».

وشدد الرئيس على أن «الجميع مطالبون بالتقيّد بالدستور وقوانين الجمهورية، لا سيما في ما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها، والمكوّنات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب».

وكان قرار الرئاسة قد جاء بعد أقل من 24 ساعة من ملاحقة كاتب سيناريو يدعى رابح ظريف قضائياً، بعد فصله من منصبه الحكومي مديراً للثقافة بولاية المسيلة (جنوب شرقي البلاد)، بعد أن وصف أحد رموز ثورة الاستقلال، عبان رمضان، بأنه «خائن وعميل».

ووقع الصحافي الكبير سعد بوعقبة تحت طائلة هذا القانون، في فبراير (شباط) الماضي، عندما اعتقل ووضع تحت الرقابة القضائية، ومنع من السفر، على إثر شكوى تتهمه بـ«الكراهية» و«العنصرية» تجاه محافظة الجلفة (جنوب) وسكانها، وهي منطقة داخلية كتب عنها الصحافي السبعيني مقالاً ساخراً، على أساس أنها «خاضعة سياسياً للنظام الحاكم».



الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
TT

الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

سيكون تسيير المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس، واستغلالها بما يحفظ حقوق وحاجيات كل بلد للموارد المائية، أحد الملفات الأساسية التي ستبحثها «القمة المغاربية المصغرة»، المقرر تنظيمها في طرابلس، التي لم يحدد لها تاريخ بعدُ.

وزراء الموارد المائية الجزائري والليبي والتونسي في اجتماعهم يوم 24 أبريل 2024 (وكالة الأنباء الجزائرية)

وتضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، الصادر الأسبوع الحالي، مرسوماً يخص تصديق الرئيس عبد المجيد تبون على اتفاقية ثلاثية تخص إطلاق «آلية للتشاور حول المياه الجوفية المشتركة» مع تونس وليبيا، على مستوى الصحراء الشمالية. علماً أن وزراء الزراعة والموارد المائية بالدول الثلاث التقوا بالجزائر في 24 من أبريل (نيسان) الماضي لبحث التعاون بشأن تسيير المياه الجوفية المشتركة.

وأكد المرسوم أن «الآلية» التي لم يحدد اسمها حتى الساعة، سيكون مقرها بالجزائر، وسيتمثل دورها في «التشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا؛ تنفيذاً لمخرجات اللقاء التشاوري الأول لقادة الدول الثلاث: عبد المجيد تبون، وقيس سعيّد، ومحمد يونس المنفي، الذي عقد بتونس في 22 أبريل الماضي». في إشارة إلى «القمة المغاربية المصغرة» التي عقدت اجتماعها الثاني بالعاصمة التونسية، بعد أن عقدت اجتماعها الأول بالجزائر في فبراير (شباط) الماضي، بمبادرة من الرئيسين الجزائري والتونسي، عبد المجيد تبون وقيس سعيّد، ورئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، يونس المنفي.

صورة توضح حجم الجفاف الذي تعاني منه مناطق بجنوب الجزائر (أ.ف.ب)

وأكدت مصادر دبلوماسية تابعت لقاء تونس أن القادة الثلاثة «اتفقوا على تعميق التبادل حول تسيير المياه الجوفية بالمناطق الحدودية المشتركة، في اجتماع طرابلس» المنتظر.

يشار إلى أن اتفاقاً مبدئياً تم بين الزعماء الثلاثة أثناء إطلاق «القمة المصغرة»، يقضي بعقدها مرة كل ثلاثة أشهر في أحد البلدان الثلاثة، لبحث مختلف القضايا، وعلى رأسها الأمن بالحدود، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي.

وطرحت فكرة «التشاور حول المياه الجوفية» في «قمة المناخ» التي عقدت بمصر عام 2022، حيث دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، الحكومات بدول شمال أفريقيا إلى «إنشاء لجنة مشتركة لتطوير الموارد المائية، في الأحواض النهرية المشتركة»، وكان يقصد، ضمناً، نزاعاً خفياً بين الجزائر وتونس وليبيا حول تقاسم المياه الجوفية.

وكانت تقارير صحافية في تونس قد نقلت أن الجزائر «تأخذ كميات كبيرة من المياه الجوفية بالمنطقة الحدودية التي تتبع تونس»، كما تحدثت عن تضرر منسوب وادي مجردة وضفافه، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة، وبناء الجزائر سدوداً على مستوى المنبع بمنطقة سوق أهراس (جنوب شرقي الجزائر)، الأمر الذي أثّر على الكميات التي تصل إلى المصب، حسب التقارير ذاتها. لكن امتعاض التونسيين من هذه المشكلة لم يتطور إلى احتجاج رسمي ضد الجزائر.

ووفق خبراء جزائريين في مجال الزراعة والموارد المائية، فإن الدول الثلاث «تفطنت إلى أهمية إطلاق تشاور حول المياه الجوفية المشتركة بينها، لتفادي أزمة سياسية محتملة، وهذا بسبب الجفاف الذي يضرب منطقة شمال أفريقيا عموماً، حيث بات مصدر تهديد لمياه الشرب والسقي في المنطقة، وهو ما يهدد الحياة برمتها في شمال أفريقيا».

بسبب قلة التساقطات باتت تونس وليبيا والجزائر تعاني من شح في المياه الجوفية (رويترز)

وعلى الرغم من أن كميات المياه المشتركة بين تونس والجزائر في المنطقة الشمالية محدودة، فإن هناك منطقة جوفية كبيرة في الجنوب تشترك فيها الدول الثلاث، وهي «حوض غدامس» التي قد تصبح مصدراً للنزاعات حول توزيع حصص استغلاله بين هذه الدول، في تقدير الخبراء نفسه.

ويمتد الحوض المشترك بين الدول الثلاث على مساحة تبلغ مليون متر مربع، حسب بيانات توفرها وزارة الموارد المائية الجزائرية، يشغل الجزء الأكبر منها 700 ألف كيلومتر مربع في الجزائر، ونحو 260 ألف كيلومتر مربع في ليبيا، ونحو 60 ألف كيلومتر مربع في تونس. ويعد هذا الحوض أكبر خزان للمياه الجوفية في المنطقة، إلا أن معدلات تجديده ضئيلة للغاية، بحسب خبراء جزائريين.

وفي الوقت الحالي، يتركز استغلال المياه في عدد من النقاط والآبار، حيث يوجد نحو 6500 بئر في الجزائر، و1200 بئر في تونس، ونحو 1000 بئر في ليبيا. وتقدر الكميات المستغلة بنحو 2.2 مليار متر مكعب، منها 1.33 مليار في الجزائر و0.55 مليار في تونس و0.33 مليار في ليبيا.