ليبيات ينتفضن ضد قرار فرض إجراءات تقيد سفرهن للخارج

طالبن بمواجهته قبل موعد الانتخابات التي تتطلب مناخاً من الحريات وأبرزها حرية التنقل

الدبيبة خلال مشاركته في «اليوم الوطني» للمرأة الليبية (حكومة «الوحدة» المؤقتة)
الدبيبة خلال مشاركته في «اليوم الوطني» للمرأة الليبية (حكومة «الوحدة» المؤقتة)
TT

ليبيات ينتفضن ضد قرار فرض إجراءات تقيد سفرهن للخارج

الدبيبة خلال مشاركته في «اليوم الوطني» للمرأة الليبية (حكومة «الوحدة» المؤقتة)
الدبيبة خلال مشاركته في «اليوم الوطني» للمرأة الليبية (حكومة «الوحدة» المؤقتة)

عبّر سياسيون وحقوقيون ليبيون عن انزعاجهم وغضبهم من «الإجراءات»، التي فرضها جهاز أمني تابع لحكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على المرأة الليبية، التي اشترطت عليها قبل السماح لها بالسفر خارج البلاد الكشف عن عدد المرات التي سافرت فيها، وأسباب عدم وجود مرافق لها.

وكان «جهاز الأمن الداخلي»، التابع للحكومة، قد فرض على الليبيات المسافرات دون مرافق ملء نموذج بيانات، يتضمن تساؤلات حول سفرهن، وأسباب إقدامهن على ذلك دون مرافق، وهو الأمر الذي أثار عاصفة من الغضب، وتحديداً من قبل المدافعات عن حقوق المرأة في البلاد، واعتبرنه «تضييقاً عليها»، خصوصاً بعد أن بدأ تطبيق هذا الإجراء على المسافرات عبر مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس.

ورأت عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الزهراء لنقي، أن فرض هذا الإجراء يعد «انتهاكاً وتمييزاً صريحاً ضد النساء من الناحية القانونية والدستورية». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن التشريعات الليبية كافة كفلت للمرأة حق التنقل والسفر، باعتبارها مواطنة كاملة الأهلية، ومتساوية في حقوق المواطنة، بدءاً بدستور الاستقلال عام 1951، مروراً بالإعلان الدستوري المؤقت الصادر 2011، وانتهاءً بمشروع الدستور الدائم الذي أعدته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عام 2017».

وأوضحت لنقي، رئيسة «منبر المرأة الليبية من أجل السلام»، أن هذا الإجراء «يصب في توجه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد وفتاوى تجاوزها عصرنا»، مبرزة أنه يشكل أيضاً «مخالفة للمذهب المالكي المعمول به في البلاد، الذي أعطى للنساء حق السفر دوم محرم منذ العصر الأول للإسلام».

ودعت لنقي الليبيين جميعاً إلى «مواجهة هذا الإجراء، خصوصاً أنه يُفترَض أن نكون على أعتاب الانتخابات نهاية العام الحالي، التي يتطلب إجراؤها مناخاً من الحريات، بدءاً من التنقل دون قيود، والتجمع لضمان نزاهة هذه الانتخابات»، لافتة إلى «وجود حراك يشمل الحشد والمناصرة، والتحرك القضائي لإلغاء هذا الإجراء لمخالفته التشريعات».

ويعيد هذا الإجراء للأذهان قراراً سابقاً أصدره الحاكم العسكري بمنطقة شرق ليبيا، يقضي بمنع النساء من السفر دون محرم لمن هم دون سن الستين، بداعي «الحفاظ على الأمن القومي». وفي هذا السياق قالت الأكاديمية الليبية فيروز النعاس إن هذا الإجراء يمثل «تضييقاً على الحريات، وعلى نشاط المجتمع المدني، الذي تمثل المرأة المساحة الأكبر فيه»، مؤكدة أنه «سيؤثر في المرأة أياً كان موقعها في المجتمع، وأن هناك كثيراً من الشابات والسيدات اللواتي لا يملكن مرافقاً، نظراً لوفاة الأب أو الزوج، وانشغال الإخوة في العمل». وتساءلت عن الخطوات التي يتوجب عليهن اتباعها إذا أردن السفر للدراسة أو للعلاج أو لزيارة الأبناء، دون أن يؤدي ذلك للنظر إليهن بعين الشك والريبة.

ورفضت النعاس تبريرات المؤيدين لفرض هذا الإجراء بدعوى الحرص على الأخلاق، أو لحماية المرأة من التعرض للاستغلال عند سفرها إلى دولة أخرى. وقالت بهذا الخصوص: «حتى لو من باب التخوف على المرأة والدعوة لحمايتها، نحن نرفض أن توجه لها أصابع الاتهام، وافتراض أنها قد تكون عرضة لتهديدات غير أخلاقية عندما تسافر خارج البلاد»، لافتة إلى أن وضع القيود على سفر المرأة «ليس الحل لمعالجة هذه الإشكاليات».

وحذرت الأكاديمية من أن مثل هذا الإجراء سيكون له تأثير سلبي في وضعية المرأة عندما يحل موعد الاستحقاق الانتخابي، وتساءلت: «كيف نشجع على انتخاب السيدات ليكنَّ نائبات بالبرلمان، وربما وزيرات بالحكومة ونحن نقبل أن يتم التعامل معهن على أنهن غير كاملات الأهلية؟».

النعاس حذرت من أن هذا الإجراء سيكون له تأثير سلبي في وضعية المرأة عندما يحل موعد الاستحقاق الانتخابي المرتقب (الشرق الأوسط)

من جهتها، تساءلت عضو الهيئة التأسيسية للدستور، نادية عمران، عن الفوائد التي سيجنيها المجتمع من فرض تعبئة نموذج «يتضمن تساؤلات عن أسباب السفر دون مرافق، وعدد المرات التي سافرت فيها المرأة من قبل دون مرافق... وإن كان الأمر يتعلق بجمع بيانات وإحصائيات محددة؟»، ودعت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» كل جهة تحاول فرضه «لتشريعه أولاً، لتتم مناقشته بشكل موسع، وتُطرح الآراء كافة حوله، ويحظى بالقبول المجتمعي».

بدوره، أبدى رئيس حزب «تجمع تكنوقراط ليبيا»، أشرف بلها، استغرابه من قيام «جهاز الأمن الداخلي» بفرض هذا النموذج كونه جهازاً تنفيذياً وليس تشريعياً. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بعيداً عن الجدل حول مراعاة الجانب الفقهي لقضية سفر المرأة، ولكن هذا الأمر سيجعل كثيراً من الدول ترى أن ليبيا تمارس تشدداً في القيود على الحريات الشخصية».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».