الجزائر تنشئ ذراعاً إعلامية لحشد التأييد في أفريقيا لمواقفها

عبر قناة إذاعية تحدث شعوب المنطقة بلغات ولهجات متعددة

وزير الاتصال الجزائري في حفل إطلاق «إفريقيا إف إم» (وزارة الاتصال الجزائرية)
وزير الاتصال الجزائري في حفل إطلاق «إفريقيا إف إم» (وزارة الاتصال الجزائرية)
TT

الجزائر تنشئ ذراعاً إعلامية لحشد التأييد في أفريقيا لمواقفها

وزير الاتصال الجزائري في حفل إطلاق «إفريقيا إف إم» (وزارة الاتصال الجزائرية)
وزير الاتصال الجزائري في حفل إطلاق «إفريقيا إف إم» (وزارة الاتصال الجزائرية)

تعتزم الحكومة الجزائرية حشد التأييد في أفريقيا، لمواقفها وسياساتها الدولية والإقليمية، من خلال إطلاق «صوت إفريقيا»، وهو عنوان قناة إذاعية جديدة، تخاطب شعوب القارة بخمس لغات ولهجات محلية. ويرد في الخطاب الرسمي، حاليا، حديث بأن البلاد «تتعرض لهجمات إعلامية أجنبية، تستهدفها بسبب استقلال مواقفها من قضايا دولية». وأطلقت القناة الأربعاء الماضي، بالعاصمة، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو (أيار)، حيث أكد وزير الاتصال محمد بوسليماني، أن «(إفريقيا إف إم) صوت إذاعي سيشارك الأفارقة اهتماماتهم في جميع المجالات، بما فيها السياسة والرياضة والثقافة». وأشاد وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي، الذي حضر المناسبة، بـ«البعد الدبلوماسي الديني»، للقناة الإذاعية الجديدة، متحدثا عن «وجودنا الديني في العمق الأفريقي، من خلال الطريقتين التيجانية والقادرية، وكذا من خلال انتشار علماء الجزائر في أفريقيا». وصرح مدير القناة، محمد صايم، بأن «(صوت إفريقيا) إذاعة ناشئة موجّهة للأفارقة، وستعنى بخدمتهم والدفاع عن مصالح أفريقيا عبر الحرص على دعامتي الأخبار ونشر الاستقرار». مبرزا أنها ستبث برامج على مدار الساعة، وعدَّ ذلك «تحديا تمكنا من اجتيازه». ووفق صايم يشمل عمل القناة برامج سياسية وجيوسياسية، وأخرى تعالج القضايا الاقتصادية والثقافية والفنية، زيادة على برامج للترفيه والتسلية. أما عن نشرات الأخبار، فستبث باللغتين العربية والفرنسية، وبثلاث لهجات محلية، أبرزها الطرقية، التي يتحدث بها عدد كبير من شعوب الساحل، وفي جنوب الجزائر وشمال مالي والنيجر وبوركينافاسو وليبيا. وبحسب المشرفين على المشروع، ستبث الإذاعة برامجها من مدينة تمنراست، جنوب مالي، التي تعد بوابة الجزائر إلى دول جنوب الصحراء. أما عن طاقمها فيتألف من صحافيين ومذيعين من دول أفريقية تحت إشراف كادر إداري وصحافي جزائري، وخبراء في الأمن والسياسة الخارجية.وتملك الجزائر، منذ 2021، قناة تلفزيونية دولية، أعلنت أنها ستكون «صوتا لها في الخارج وواجهتها عبر العالم». وصرح مديرها عند بدء عملها، أنها «ستصبح من أقوى القنوات في منطقة المتوسط في غضون سنوات قليلة». وقبل إطلاق الإذاعة الأفريقية، كان وزير الاتصال ذكر في صباح نفس اليوم، خلال حفل نظمته الرئاسة، حضره عدد كبير من الصحافيين، أن «إفريقيا إف إم» بمثابة «رافد إعلامي وطني ببعد أفريقي، يكرس قناعة الجزائر بضرورة إيجاد منظومة إعلامية إقليمية متكاملة». مبرزا أن ذلك بمثابة قناعة تزداد تأكيدا في ظل محاولات بعض المنظمات الدولية احتكار حرية الصحافة، وجعلها سجلا تجاريا يوظف للضغط على دول ذات قرارات سيادية والتشويش على خياراتها المبدئية. في إشارة ضمنا إلى منظمة «مراسلون بلا حدود»، التي تجمعها بالسلطات الجزائرية خصومة حادة، بسبب تقاريرها الدورية التي تنتقد ممارسة الإعلام ووضع الصحافيين في الجزائر. ووفق تصريحات بوسليماني، «أثبتت هذه المنظمات تواطؤها الفاضح مع أنظمة تخرق، بلا حسيب ولا رقيب، حقوق الإنسان بما فيها حرية الصحافة». داعيا الصحافيين إلى «بذل مزيد من الجهود، لإبراز مكاسب الدولة ومرافقة سياستها الرشيدة، لا سيما في ظل خصوصية الظرف الراهن بما يفرزه من سياقات دقيقة في دول الجوار والعالم». وتعد الجزائر دول الساحل، التي تجمعها بها حدود برية طويلة، عمقا حيويا بالنسبة لها، لذلك تحرص على الوجود بها أمنيا، في إطار محاربة التطرف العنيف والإرهاب، وأيضا ضمن خطط للتنمية ببناء مستوصفات وشق طرق ومشروعات للبنية التحتية، وتقديم قروض للمساعدة على تطويق جيوب الفقر، وصولا إلى كسب تأييد حكومات المنطقة لسياساتها ومواقفها حيال القضايا المطروحة.


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حرب بيانات بين قادة حزب البشير... والانشقاقات إلى العلن

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)
عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)
TT

حرب بيانات بين قادة حزب البشير... والانشقاقات إلى العلن

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)
عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)

اشتعلت «حرب بيانات» ملتهبة داخل حزب المؤتمر الوطني «المحلول»، الحاكم في السودان في حقبة الرئيس السابق عمر البشير، تبودلت خلالها الاتهامات، في خطوة وصفت بـ«الخطيرة»، بين جماعة «المكتب القيادي» بزعامة رئيس الحزب المكلف إبراهيم محمود، وجماعة «مجلس الشورى» ورئيسها المكلف عثمان محمد يوسف كبر، تنذر بـ«مفاصلة» شبيهة بـ«مذكرة العشرة» التي أطاحت بعراب الحركة الإسلامية الراحل «حسن الترابي»، منتصف التسعينات، وكرّست السلطات كافة في يد رئيس الحزب عمر البشير، وتكوين حزبين باسم حزب المؤتمر، أحدهما «الشعبي»، والآخر «الوطني».

وأعلنت مجموعة «المكتب القيادي»، في بيان صحافي بثّته على الصفحة الرسمية للحزب على «فيسبوك»، عدم اعترافها باجتماع مجلس الشورى، الذي جرى في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ونصَّب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية «أحمد هارون» رئيساً للحزب، وإبراهيم محمود نائباً له، وعدّتها مخالفة للوائح الحزب، وشكّكت في اختصاص الشورى باختيار نواب الحزب.

وقال البيان إن القرارات التي صدرت عن ذلك الاجتماع، وبيان رئيس مجلس الشورى بالإنابة عثمان محمد يوسف كبر، غير معترف بها، وأضاف: «عدم الاعتراف بأي قرارات تكون قد صدرت من ذلك الاجتماع، وبما جاء في بيان رئيس الشورى بالإنابة، الصادر بتاريخ 07 - 12 - 2024، ولا يعنينا في شيء».

البشير يتوسط وزير دفاعه عوض بن عوف (يسار) ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا في القصر الرئاسي 14 مارس 2019 (أ.ف.ب)

وأصدر الرئيس المكلف لمجلس شورى الحزب المحلول، عثمان محمد يوسف كبر، بياناً في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أنهى بموجبه تكليف إبراهيم محمود برئاسة الحزب، وجدّد توفيق أحمد محمد هارون رئيساً للحزب.

وتمسكت مجموعة محمود على إبقاء هياكل الحزب وقادته المعينين من قبل المكتب القيادي في مواقعهم ومهامهم واختصاصاتهم، وحمّلت رئيس مجلس الشورى بالإنابة ما أسموه «تداعيات البيان الذي يحمل توقيعه بمفرده».

وسارع رئيس الشورى المكلف محمد كبر بإصدار بيان شديد اللهجة، الثلاثاء، عدّ فيه خطوة جماعة المكتب القيادي تجاوزاً للأعراف التنظيمية، وتحمل «كثيراً من التطاول على مجلس شورى الحزب» والتجني على رئيس المجلس.

ووصف كبر بيان جماعة المكتب القيادي بأنه «صادر عن مجموعة صغيرة»، اتهمها بالعمل على اختطاف المكتب القيادي، والتحدث باسمه، وقال إنه مضطر و«مكره ومجبور على الردّ علناً عبر الوسائط»، لأن المجموعة الأخرى نقلت الخلافات التنظيمية إلى المنابر العامة بدلاً عن الطريقة المعلومة، وأضاف: «سبقونا إليها، وأذاعوا اتهامات تنظيمية خاصة في المنابر، قدحت في حقّنا، ووجّهوا لنا كأجهزة وكأفراد اتهامات لا تمتّ للحقيقة بصلة، وسعوا لتحميلنا وزرها ومسؤوليتها بالباطل».

سودانيون من محافظات أخرى يصلون إلى الخرطوم بالقطار للانضمام إلى الاحتفالات الشعبية بعد سقوط نظام البشير أبريل 2019 (إ.ب.أ)

ووصف كبر إعلان «المكتب القيادي» بعدم الاعتراف بقرارات اجتماع الشورى 14 نوفمبر الماضي، بأنه «تمرد وخروج على النظام»، وقال إنه «سلوك جديد وشاذ وسابقة خطيرة»، ومنهج جديد في سيرة الحزب الذي اتسم بالانضباط العالي، وقال: «هذا عمل مخالف لكل قواعد التعامل والممارسة والنظام الأساسي، بل كل القوانين واللوائح المعلومة في الحزب».

وأعلن كبر رفضه القوى لما أسماه «أخذ الحقوق بالقوة، أو بالإضراب، أو المقاطعة»، وقال: «هذه ممارسات لا يجوز انتهاجها».

وقال كبر إن اجتماع مجلس شورى نوفمبر الماضي، كلّف أحمد هرون نائباً لرئيس الحزب، «أعاد الأمور لنصابها» اعتماداً على قرار سابق لرئيس الحزب عمر البشير، صاحب الحق الشرعي والحصري في اختيار نوابه.

قرارات البشير

وكان الرئيس «المعزول» عمر البشير قد اختار حاكم شمال كردفان السابق أحمد هارون نائباً له في رئاسة الحزب وفوّضه صلاحياته مطلع مارس (آذار) 2019، إثر الاحتجاجات والمظاهرات المستمرة ضد حكمه طوال أشهر، حتى أطاحت حكومته بالثورة الشعبية في 11 أبريل (نيسان) من ذات العام.

تصاعُد الدخان في أم درمان خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني عام 2023 (رويترز)

وبعد إطاحة حكمه، ألقي القبض على البشير ونائبه هارون، فقام الحزب بتكليف وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور برئاسة الحزب، وبعد القبض عليه انتقل التكليف لمحمود. لكن ما عرفت بمجموعة «السجناء السياسيين» بقيادة عمر البشير وعقب خروجها من السجن بعد اندلاع حرب أبريل (نيسان)، شرعت في استعادة مواقعها التنظيمية.

لكن محمود عاد من ملجأه في تركيا إلى بورتسودان، ليبدأ الصراع على رئاسة الحزب، بينه وبين جماعة مجلس الشورى بقيادة علنية ممثلة في رئيس مجلس الشورى المكلف «عثمان محمد يوسف كبر»، وقيادة فعلية بقيادة الأمين العام للحركة الإسلامية «علي أحمد كرتي» الذي يقود مجموعة «السجناء»، مقابل المجموعة المساندة لمحمود وتعرف بـ«مجموعة تركيا» وعلى رأسها القيادي بالحزب «نافع علي نافع» ورئيس جهاز الأمن السابق «محمد عطا المولى».

ووفقاً لتسريبات صحافية، فإن جماعة محمود تتمسك بموقفها، تحت ذريعة التخلص من «التركة الثقيلة» لقيادات الحزب المطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية، وهم «البشير، وهارون، وعبد الرحيم حسين»، وجرائم جنائية محلية، ولقطع الطريق على ما يمكن أن تسببه قيادتهم للحزب من خسائر سياسية.

ولا تعد الملاسنات الحالية جديدة داخل الحزب ومرجعيته السياسية «الحركة الإسلامية»، إذ أطاحت المجموعة الموالية للرئيس المعزول عمر البشير، في رمضان عام 1999، بعراب الإسلاميين حسن الترابي، وألقت به في السجن، وانشق المؤتمر الوطني إلى «مؤتمر شعبي يقوده الترابي، ومؤتمر وطني يقوده البشير».