تقرير أممي: إسرائيل لديها «سياسة للتعذيب الممنهج»

لقطة من فيديو تُظهر الفلسطينيين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله يرفعان أيديهما أمام الجنود الإسرائيليين قبل قتلهما في جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو تُظهر الفلسطينيين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله يرفعان أيديهما أمام الجنود الإسرائيليين قبل قتلهما في جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

تقرير أممي: إسرائيل لديها «سياسة للتعذيب الممنهج»

لقطة من فيديو تُظهر الفلسطينيين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله يرفعان أيديهما أمام الجنود الإسرائيليين قبل قتلهما في جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو تُظهر الفلسطينيين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله يرفعان أيديهما أمام الجنود الإسرائيليين قبل قتلهما في جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أفاد تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة بأن إسرائيل لديها «سياسة دولة تقوم على التعذيب المنظم والواسع النطاق»، وذلك في تقرير يغطي العامين الماضيين، كما أثار مخاوف بشأن إفلات القوات الأمنية الإسرائيلية من العقاب على جرائم حرب.

وأعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وفقاً لموقع «الغارديان»، عن «قلقها العميق إزاء ادعاءات بالضرب المبرح المتكرر، وهجمات الكلاب، والصعق الكهربائي، والتعذيب بالماء، واستخدام أوضاع إجهاد مطولة، والعنف الجنسي».

وذكر التقرير، الذي نُشر يوم الجمعة ضمن المراجعة الدورية للجنة للدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، أن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للإذلال، بما في ذلك «إجبارهم على التصرف مثل الحيوانات أو التبوّل عليهم»، وأنهم حُرموا بشكل منهجي من الرعاية الطبية، وخضعوا لاستخدام مفرط للقيود، وهو ما «أدى في بعض الحالات إلى البتر».

وأعربت لجنة الأمم المتحدة، المكونة من 10 خبراء مستقلين، عن قلقها إزاء الاستخدام الواسع النطاق لقانون المقاتلين غير القانونيين من قبل إسرائيل لتبرير الاحتجاز المطول دون محاكمة لآلاف الفلسطينيين من رجال ونساء وأطفال.

وأشارت أحدث الأرقام التي نشرتها مجموعة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان إلى أن مصلحة السجون الإسرائيلية كانت تحتجز حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 3474 فلسطينياً في «اعتقال إداري»، أي دون محاكمة.

ويلفت التقرير الأممي الجديد، الذي يُغطي فترة عامين منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، النظر إلى «النسبة المرتفعة للأطفال المحتجزين حالياً دون تهم أو قيد التحقيق»، مشيراً إلى أن سن المسؤولية الجنائية التي تفرضها إسرائيل هو 12 سنة، وأن أطفالاً دون هذا العمر قد تم احتجازهم أيضاً.

ويوضح التقرير الجديد أن الأطفال المصنفين سجناء أمنيين «يواجهون قيوداً مشددة على التواصل مع عائلاتهم، وقد يتم احتجازهم انفرادياً، وليست لديهم إمكانية الوصول إلى التعليم، بما ينتهك المعايير الدولية». ويدعو التقرير إسرائيل إلى تعديل تشريعاتها، بحيث لا يتم استخدام العزل الانفرادي ضد الأطفال.

وتذهب لجنة الأمم المتحدة، التي أُنشئت لمراقبة تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، إلى ما هو أبعد من ذلك؛ حيث تؤكد أن السياسات الإسرائيلية المفروضة يومياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذا ما تم النظر إليها ككل، «قد تصل إلى مستوى التعذيب».

وذكر التقرير أن 75 فلسطينياً لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز خلال حرب غزة، وهي الفترة التي شهدت «تدهوراً ملحوظاً» في ظروف احتجاز الفلسطينيين.

وخلص التقرير إلى أن عدد الوفيات «مرتفع بشكل غير طبيعي، ويبدو أنه أثّر حصرياً على المعتقلين الفلسطينيين». وأشار إلى أنه «حتى الآن، لم تتم محاسبة أي مسؤولين حكوميين أو مطالبتهم بالمسؤولية عن هذه الوفيات».

ونفت حكومة إسرائيل مراراً استخدام التعذيب، واستمعت لجنة الأمم المتحدة إلى أدلة من ممثلي وزارة الخارجية ووزارة العدل ومصلحة السجون الإسرائيلية الذين قالوا إن ظروف السجون «مناسبة»، وتخضع للإشراف.

غير أن اللجنة أشارت إلى أن المفتش المكلف بالتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالاستجوابات لم يُقدم «أي ملاحقات قضائية بخصوص أفعال التعذيب وسوء المعاملة» على مدى العامين الماضيين، على الرغم من الانتشار الواسع لادعاءات حول هذه الممارسات.

وذكرت اللجنة أن إسرائيل أشارت إلى إدانة واحدة فقط بتهمة التعذيب أو سوء المعاملة خلال تلك الفترة التي مدتها عامان، في إشارة واضحة إلى جندي إسرائيلي حُكم عليه في فبراير (شباط) من هذا العام لمهاجمته مراراً معتقلين مكبّلين ومعصوبي الأعين من غزة بقبضته وعصاه وبندقيته. ووجدت اللجنة في تلك القضية أن الحكم البالغ 7 أشهر «يبدو أنه لا يعكس خطورة الجريمة».

ونُشر التقرير في اليوم الذي أُطلق فيه سراح 3 ضباط من حرس الحدود الإسرائيلي بعد استجوابهم بشأن إطلاق النار المميت على فلسطينييْن كانا محتجزين في جنين.

وأظهر مقطع فيديو للواقعة، مساء الخميس، الرجلين؛ يوسف عصاعصة و المنتصر بالله عبد الله، يزحفان للخروج من مبنى. ويمكن رؤية يوسف والمنتصر بالله يرفعان أيديهما ويرفعان قميصيهما لإثبات أنهما لا يحملان سلاحاً.

واحتجز ضباط حرس الحدود الرجلين اللذين يعتقد أنهما ينتميان لـ«سرايا القدس» الجناح العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، لبضع ثوانٍ، قبل أن يقوم ضابط أصلع، يظهر في الفيديو، بركل كلا المعتقلين وأمرهما بالعودة إلى داخل المبنى، ثم أطلق الضباط النار على الرجلين من مسافة نحو مترين.

ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ادعى ضباط الحدود الثلاثة الذين تم استجوابهم، يوم الجمعة، بشأن الحادث أنهم «شعروا بتهديد فوري وملموس» لحياتهم. وفي الرواية المنشورة عن الواقعة، رفض المعتقلان خلع ملابسهما وقاما «بوضع أيديهما في جيوبهما»، ثم حاول أحد الرجلين «الهرب والعودة إلى داخل المبنى».

الفيديو المصور من موقع الحادث، الذي لم تطعن السلطات الإسرائيلية في صحته، لا يُظهر أي مقاومة واضحة من الرجلين، ولا يظهرهما واضعين أيديهما في جيوبهما، بل يبدوان غير راغبين في العودة إلى داخل المبنى بناءً على الأوامر الواضحة من ضابط شرطة الحدود.

وتم الإفراج عن ضباط حرس الحدود الثلاثة بعد الاستجواب بشروط منها ألا يناقشوا القضية مع الآخرين.


مقالات ذات صلة

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأربعاء (مكتب الدبيبة)

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

ناقشت المبعوثة الأممية إلى ليبيا مع الدبيبة آليات تطبيق «خريطة الطريق»، بما في ذلك إطلاق «الحوار المهيكل» وقضايا أخرى تتعلق بتطورات العملية السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الممثل الدائم لسلوفينيا ورئيس مجلس الأمن الحالي صمويل زبوغار يتحدث خلال مؤتمر صحافي في دمشق الخميس (رويترز)

رئيس مجلس الأمن: زيارتنا لدمشق دعم لسوريا ووحدة أراضيها

قال رئيس وفد مجلس الأمن إلى دمشق، صامويل زبوغار، خلال مؤتمر صحفي، اليوم، إن ما ترمي لتحقيقه من هذه البعثة، هو تضامن المجتمع الدولي في دعمه لسوريا ووحدتها.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من زيارة وفد مجلس الأمن إلى الجامع الأموي في دمشق (سانا)

وفد مجلس الأمن في أول زيارة من نوعها لدمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس، وفد ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في قصر الشعب بدمشق.

العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث مع رئيسة تحرير وكالة «رويترز» أليساندرا غالوني خلال مؤتمر «رويترز نيكست» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

غوتيريش: إنهاء الحرب في أوكرانيا يجب أن يتوافق مع القانون الدولي

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم الأربعاء، إن إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا يجب أن يتم وفقاً للقانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي محمد الحسّان رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي» (الأمم المتحدة)

قبل إغلاق بعثة «يونامي»... الأمم المتحدة تشيد بـ«فصل جديد» لعراق «يمتلك قراره»

أشاد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) التي ستُغادر البلاد نهاية ديسمبر، بعد مهمة دامت أكثر من 20 عاماً، بـ«فصل جديد» لعراق «يمتلك قراره»

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.