اغتيال الطبطبائي يكثّف سعي سكان ضاحية بيروت للسكن خارجها

خوفاً من حرب إسرائيلية جديدة على لبنان

لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

اغتيال الطبطبائي يكثّف سعي سكان ضاحية بيروت للسكن خارجها

لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

لجأ سكان الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان، في الأسابيع الأخيرة، إلى استئجار منازل رديفة في جبل لبنان، يلوذون بها في حال شنت إسرائيل مجدداً حرباً واسعة على لبنان، وتكثف الإقبال على طلب تلك المنازل هذا الأسبوع بعد اغتيال القيادي في «حزب الله» هيثم الطبطبائي، في أول اغتيال من نوعه في الضاحية الجنوبية منذ 8 أشهر.

ويتخوف سكان المنازل التي يتمتع فيها «حزب الله» بنفوذ واسع، من أن تستهدف إسرائيل منازلهم ومواقع سكنهم، مما يضطرهم إلى النزوح مرة أخرى، وتزداد المخاوف على ضوء تصريحات إسرائيلية بنوايا تصعيدية، خصوصاً عندما يتحدث الإعلام الإسرائيلي عن «مهل» ممنوحة لـ«حزب الله» بتسليم سلاحه، وفقاً لما ينقل الإعلام الإسرائيلي.

قافلة من الدبابات الإسرائيلية تتحرك على الحدود مع جنوب لبنان يوم الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

ويؤكد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن «سوق الإيجارات خارج الضاحية، وخصوصاً من بيروت إلى جبل لبنان وصولاً إلى مدينة جبيل، شهدت طلباً متزايداً، حيث ارتفعت أسعار الإيجار بنسبة تقارب الـ50 في المائة في العاصمة وحدها».

ويرى أن «الشراء ما زال محدوداً جداً، لكن نلاحظ أن هناك عدداً كبيراً من العائلات التي تبيع بيوتها وتترك الضاحية». ويلفت إلى أن غياب الإحصاءات الرسمية «يجعل الأمور تتم من دون إعلان، لكن الجو العام بين الناس يعكس هذه الظاهرة بوضوح».

القائد العسكري في «حزب الله» هيثم الطبطبائي وقاسم سليماني قائد فيلق «القدس» في «الحرس الثوري الإيراني»

شقق رديفة

ويقول أبو حسن (70 عاماً) الذي يسكن الضاحية الجنوبية، إنه استأجر شقة في خلدة (جنوب بيروت) في أغسطس (آب) الماضي، ونقل قلقه عبر «الشرق الأوسط»، قائلاً: «ما زلت أقيم مع عائلتي في منزلي في حي سان تيريز في الضاحية، لكنني اضطررت إلى استئجار شقّة صغيرة في منطقة خلدة كخيار احتياطي؛ تحسّباً لأي طارئ».

ويضيف: «أدفع بدل إيجار شهري يبلغ نحو 400 دولار. جهّزت الشقّة بما يلزم من مؤن وأثاث أساسي، لكنني لم أتنقّل إليها بعد؛ إذ أعيش حالة ترقّب دائمة ولا أعرف كيف ستتطور الأمور. أنا وزوجتي نقيم وحدنا وقد بلغت السبعين من العمر، ومع ذلك وجدت نفسي أبحث بين السماسرة عن مأوى بديل».

مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون القائد العسكري هيثم الطبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت الاثنين (أ.ف.ب)

وفي ظل التهديدات والتسريبات الإعلامية الإسرائيلية، يتضاعف القلق العام في مناطق نفوذ الحزب، حيث يعيش كثيرون ضغطاً داخلياً بين التريث وضرورة الاستعداد لمغادرة المنزل فور اشتداد المواجهات.

أبو سامي الذي اختار أن ينتقل إلى كسروان، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الإيجار مرتفع نسبياً بالنسبة لرجل في أواخر السبعينات، لكنه يمنحني طمأنينة أكبر إذا اضطر أبنائي للنزوح من قريتهم في البقاع». ويوضح أنه سيجدد عقد إيجاره الذي ينتهي أواخر هذا الشهر، ويدفع ما يقارب خمسة آلاف دولار سنوياً، «فقط مقابل شعور بالاستقرار».

أما سامية، وهي زوجة عسكري متقاعد في البقاع، فتتمنى لو يسمح وضعها المعيشي باستئجار شقة في زحلة. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بالكاد نؤمّن حاجاتنا اليومية، ونعيش مثل كثيرين على أمنيات مؤجلة، بين الرغبة في الاطمئنان والعجز عن دفع ثمن الأمان».

ضغط نفسي واجتماعي

الواقع أن الخوف بات يُستخدم سلاحاً؛ إذ يقول نزار، أحد أبناء القرى الحدودية: «الطائرات المسيّرة التي تملأ السماء والتصريحات المهددة، تجعلان الناس يعيشون نزوحاً داخلياً حتى قبل اندلاع القتال، فالعائلات تدفع إيجارات لمنازل قد لا تدخلها يوماً، فقط لتشعر أن لديها خطة بديلة». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنها «حرب نفسية تسبق الحرب الميدانية، وتستنزف النفوس والجيوب قبل أي رصاصة».

ويتجاوز تأثير الخوف الأفراد ليطال المجتمع بأسره، ويلخص تاجر من النبطية، المعضلة بالقول: «نريد أن نصمد، لكننا بشر ولسنا حجارة».

ارتفاع الطلب على الإيجارات

وأسهم هذا الواقع في رفع الطلب على الإيجارات خارج مناطق نفوذ «حزب الله». داود، وهو وسيط عقاري في جبل لبنان، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد توقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ارتفع الطلب على الإيجارات بشكل هائل، لكنه تراجع في فترة الربيع بنحو 80 في المائة من دون أن يتوقف تماماً، قبل أن يُستأنف مرة أخرى بوتيرة متزايدة». ويضيف: «كثيرون يدفعون بدل الإيجار لشقق فارغة فقط لتأمين ملجأ بديل في حال عادت الأمور إلى التوتر».

وتتراوح الأسعار، بحسب داود، «بين 300 و600 دولار شهرياً»، موضحاً أن «العامل الحاسم في اختيار المنازل ليس الموقع أو المساحة بقدر ما هو الإحساس بالأمان».

ويختصر وسيط آخر المشهد بالقول: «حركة البيع تكاد تتوقف، فيما ينشط فقط البحث عن إيجارات خارج مناطق التوتر. والسوق التي كانت يوماً مجالاً للاستثمار، تحوّلت إلى وسيلة لتأمين ملاذات احتياطية قصيرة الأمد».


مقالات ذات صلة

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم باراك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

قال وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، إن «صندوق النقد الدولي» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة وفرض ضرائب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

ترحيب لبناني ودولي بتعيين كرم رئيساً للجنة الـ«ميكانيزم»

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن ترؤس السفير سيمون كرم الوفد اللبناني في لجنة الـ«ميكانيزم» «يشكّل خطوة مهمة في دفع عملها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.


باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
TT

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

قال السفير الأميركي لدى تركيا، ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توم باراك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

وأشار في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر في أبوظبي، إلى أن الوقت قد حان لأن يطوي لبنان صفحة الماضي، ويسارع إلى إبرام اتفاق مع إسرائيل، داعياً إلى إجراء محادثات مباشرة بين لبنان و«حزب الله» وإسرائيل.

كما أعرب المبعوث الأميركي عن الأمل في رفع عقوبات «قانون قيصر» عن سوريا، الذي كانت الولايات المتحدة قد فرضته على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل الإطاحة به في العام الماضي.

وكان ترمب أعلن بعد لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرياض في مايو (أيار)، رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا، غير أن العقوبات الأكثر صرامة والتي تقيد الصلات التجارية مع دمشق، المعروفة باسم «قانون قيصر»، لا يمكن رفعها إلا بقرار من الكونغرس الأميركي.

إلى ذلك، قال باراك إنه من المستبعد أن تشارك تركيا في قوة الاستقرار الدولية المزمع تشكيلها في قطاع غزة، بسبب ما وصفه بأنه «غياب الثقة المتبادلة».

وذكر باراك أن مشاركة تركيا في القوة الدولية بغزة، ستكون جيدة في ضوء علاقتها مع «حماس» والجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لنزع سلاح الحركة الفلسطينية.

وأمس (الخميس)، أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مسؤولين أميركيين اثنين ومصدر غربي، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل عيد الميلاد.

وتسعى إدارة ترمب للمضي قدماً إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، لتجنب العودة إلى الحرب والحفاظ على وقف إطلاق النار الهش. وبات أحد المكونات الرئيسية للمرحلة الأولى من الاتفاق - وهو إفراج «حماس» عن جميع الأسرى الأحياء والقتلى - شبه مكتمل، إذ تتبقى إعادة رفات أسير واحد فقط.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً من أجزاء إضافية من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب. وأجاز مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، كلاً من قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام.


«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.