بعد نحو عام من الهدنة... نساء في جنوب لبنان يؤكدن استمرار الحرب

إعادة الإعمار لا تزال بعيدة المنال في ظل غياب مؤتمر للمانحين

نساء من جنوب لبنان يقطعن البصل أثناء عملهن في مطبخ مجتمعي بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)
نساء من جنوب لبنان يقطعن البصل أثناء عملهن في مطبخ مجتمعي بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

بعد نحو عام من الهدنة... نساء في جنوب لبنان يؤكدن استمرار الحرب

نساء من جنوب لبنان يقطعن البصل أثناء عملهن في مطبخ مجتمعي بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)
نساء من جنوب لبنان يقطعن البصل أثناء عملهن في مطبخ مجتمعي بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)

بعد مرور نحو عام على الهدنة التي كان من المفترض أن تُهدئ الأوضاع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، لم يعد عشرات الآلاف من السكان بعد إلى بلداتهم المدمرة في الجنوب؛ إذ ما زالت الضربات الإسرائيلية القاتلة واحتمالات إعادة الإعمار الضئيلة تمنعهم من العودة.

ومن بين هؤلاء المزارعة زينب مهدي (50 عاماً)، التي فرَّت من منزلها في بلدة الناقورة الحدودية العام الماضي عندما اشتدت الحرب بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» المسلحة، لتنضم إلى أكثر من مليون شخص فرّوا من قرى الجنوب الجبلية، حسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وعلّقت زينب مهدي، مثل كثيرين ممن غادروا، آمالها على وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وتم الاتفاق عليه في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ونص على وقف الأعمال القتالية «لتمكين المدنيين على جانبي الحدود من العودة بأمان إلى أراضيهم ومنازلهم».

زينب مهدي مزارعة لبنانية من الناقورة تقف في حقل تعمل فيه كجزء من مشروع زراعي تدعمه وكالة الأمم المتحدة للمرأة، بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)

الهدنة لم توقِف الضربات الإسرائيلية

في حين توقف إطلاق الصواريخ من لبنان، واصلت إسرائيل غاراتها ولا تزال قواتها التي تحتل تلالاً في لبنان تسوي المنازل بالأرض، وفقاً للسكان والمسؤولين اللبنانيين والمنظمات الحقوقية.

وتقول إسرائيل إن ضرباتها بعد الهدنة تستهدف جهود «حزب الله» لإعادة إنشاء مواقع عسكرية أو تدريب مقاتلين جدد، متهمة الجماعة الأسبوع الماضي بإخفاء «نشاط إرهابي تحت غطاء مدني في لبنان». وقالت إسرائيل في فبراير (شباط) إنها في حاجة إلى إبقاء قواتها في لبنان «لحماية المواطنين الإسرائيليين» حتى يتم تسليم المنطقة بالكامل إلى القوات اللبنانية.

ونفى «حزب الله» أنه يسعى إلى إعادة تشكيل قوته العسكرية في جنوب لبنان ويقول إن إسرائيل تضرب المنطقة عمداً لمنع المدنيين من العودة إلى ديارهم.

وذكرت زينب مهدي التي تعمل الآن في مشروع زراعي تموله هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مدينة صور الساحلية: «دمروا أي منزل كان لا يزال قائماً أو أرض لا تزال في حالة جيدة. اقتلعوا مضخات المياه من الأرض ودمروها. لقد تحطمت كل مضخات الري التي كانت في الأرض. ليس لدي أي شيء».

نساء من جنوب لبنان يقطفن المحاصيل في حقل حيث يعملن كجزء من مشروع زراعي تدعمه وكالة الأمم المتحدة للمرأة بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)

دمار كبير

وصفت منى يعقوبيان، وهي مستشارة أولى ومديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وتيرة الضربات بأنها «الوضع الطبيعي الجديد» في لبنان. وعبّر مراقبون عن قلقهم من أن يكون ذلك مؤشراً على ما قد تؤول إليه الهدنة الهشة في غزة؛ إذ قد تستمر الضربات دون أن تتصاعد إلى حرب شاملة.

وفي 11 أكتوبر (تشرين الأول)، استهدفت غارات إسرائيلية في جنوب لبنان ساحات بناء على بعد نحو 40 كيلومتراً من الحدود؛ ما أدى إلى تدمير أكثر من 300 مركبة منها جرافات وحفارات.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف «آلات هندسية تُستخدم لإعادة بناء بنية تحتية للإرهاب». وذكر الرئيس اللبناني جوزيف عون أنها أصابت منشآت مدنية.

وذكرت مؤسسة «استوديو أشغال عامة» البحثية اللبنانية أن عشرات الهجمات الدامية استهدفت أشخاصاً يحاولون العودة إلى ديارهم ويستخدمون الحفارات لإزالة أنقاض منازلهم أو يسعون إلى ملء خزانات المياه على أسطح منازلهم.

واستعرضت «رويترز» لقطات للناقورة مأخوذة بالأقمار الاصطناعية قدّمتها «بلانت لابس» تظهر الوضع بالبلدة في 19 يناير (كانون الثاني)، أي بعد شهرين تقريباً من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفي 14 سبتمبر (أيلول).

مبانٍ متضررة وأنقاض في قرية حولا وهي قرية قريبة من الحدود مع إسرائيل... جنوب لبنان 11 أكتوبر 2025 (رويترز)

وبمقارنة اللقطات لكلتا الفترتين، تسنّى لوكالة «رويترز» رصد تعرّض ما لا يقل عن 20 مبنى للدمار في الناقورة؛ إذ بدت في الصور الملتقطة في سبتمبر علامات بيضاء مائلة للرمادي في أماكن أبنية كانت قائمة في صور يناير. وبالنظر إلى أن المباني كانت سليمة في يناير، فإن هذا يشير إلى أنها دُمرت في غارات جوية وليس في إطار جهود إعادة الإعمار.

وعند سؤال الجيش الإسرائيلي عن الصور التي تظهر الدمار في الناقورة وفي قرية أخرى، وهي حولا، قال إنه نفذ عمليات دقيقة ضد «حزب الله».

وأضاف الجيش في بيان لوكالة «رويترز»: «تضم القريتان المشار إليهما كثيراً من البنى التحتية الإرهابية التابعة لمنظمة (حزب الله) الإرهابية، كائنة داخل مبانٍ مدنية وتحت الأرض وفي مناطق زراعية كثيفة».

«بعدنا عايشين بالحرب»

تقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 64 ألف شخص ما زالوا نازحين في لبنان، من بينهم ما يقرب من ألف فرّوا من المناطق التي نفذت فيها إسرائيل غارات هذا الشهر.

ولا يزال بعضهم يعيش داخل مدارس في مدينة صور.

منيفة عيديبي صاحبة عمل تدير مطبخاً مجتمعياً تظهر خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في مدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)

وحوّلت منيفة عيديبي (47 عاماً) مشروعها لإعداد وجبات الطعام مطبخاً مجتمعياً عندما كثفت إسرائيل هجماتها في 23 سبتمبر 2024 للنيل من جماعة «حزب الله» وبدء ما يطلق عليه اللبنانيون «حرب 66 يوماً».

يستخدم مطبخ عيديبي المجتمعي، الذي تدعمه أيضاً هيئة الأمم المتحدة للمرأة، حصاد مزرعة زينب مهدي لإعداد 1350 وجبة يومياً للنازحين المقيمين داخل مدارس.

وقالت عيديبي بينما كان الطهاة، وهم أيضاً من النازحين، يعدون الطعام داخل المطبخ «كنا متوقعين إنه بس يخلصوا 66 يوم حرب كنا أكيد هنوقف... ما توقعنا إنه العالم ما ترجع على بيوتها».

والنزوح المستمر هو مجرد واحد من مؤشرات عدة على أن أعمال القتال لم تنته على الإطلاق. فقد أشارت عيديبي إلى غارة في الآونة الأخيرة على بلدة بنت جبيل أودت بحياة أطفال وتحذيرات إسرائيل بالابتعاد عن القرى الجنوبية وأزيز الطائرات الإسرائيلية المسيّرة في السماء يومياً.

نساء من جنوب لبنان يجهّزن وجبات الطعام أثناء عملهن في مطبخ مجتمعي بمدينة صور - لبنان 23 سبتمبر 2025 (رويترز)

وقالت: «ما خلصت الحرب لترجع... نحن بعدنا عايشين بالحرب... الحرب بتخلص وقت إسرائيل بتفل عن لبنان... وقت بتترك لبنان كلياً وبتفل... لما ما بيكون في مسيّرات بالجو... لما ما بتقصف (إسرائيل) كل يوم بيت».

وقالت إسرائيل في أغسطس (آب) إنها مستعدة لتقليص وجودها العسكري في لبنان إذا اتخذ الجيش اللبناني خطوات لنزع سلاح «حزب الله».

لا خطوات كبيرة بعد نحو إعادة الإعمار

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن لبنان في حاجة إلى 11 مليار دولار لإعادة بناء المنازل والبنى التحتية التي دمرتها الحرب. لكن أهم جهود إعادة الإعمار لم تبدأ بعد؛ إذ تربط بعض الدول الدعم المالي بتحقيق تقدم في نزع سلاح «حزب الله».

بداية سليمان عضو المجلس البلدي في حولا تجلس مع أعضاء آخرين خلال اجتماع بالبلدية - لبنان 11 أكتوبر 2025 (رويترز)

شهد العام الحالي انتخاب بداية سليمان (41 عاماً) عضواً في المجلس البلدي لبلدة حولا، لكنها لا تستطيع العيش في البلدة الحدودية منذ أن دمرت غارة إسرائيلية منزلها العام الماضي.

وتزور البلدة أسبوعياً لدعم الجهود المتواضعة الرامية إلى إعادة الخدمات العامة.

وقالت لوكالة «رويترز»: «من خلال معاشرتي للناس وسماع شكواهم، بقول إن الحرب بعدها مستمرة، ووجع الحرب بعده مستمر».

وأصابت غارات إسرائيلية حولا هذا الشهر، وأظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية في 24 سبتمبر الواردة من «بلانت لابس» أضراراً جديدة واسعة النطاق في البلدة مقارنة بصورة التقطت في فبراير. ومع اقتراب فصل الشتاء، قالت سليمان إن الحاجة إلى المأوى ستزداد، لكن السكان يريدون أولاً وقف الهجمات.

بداية سليمان عضو المجلس البلدي في حولا تمشي على أنقاض منزلها بالبلدة جنوب لبنان 11 أكتوبر 2025... المنزل دُمر في غارة إسرائيلية (رويترز)

وأضافت سليمان: «الناس بدها أول شي وبالمرحلة الأولى والأساسية الأمن لأنه اليوم فعلياً شو ما قدمنا للناس أو قدمت الدولة والجهات المسؤولة من تعويضات وإلى آخره... إذا ما اتوفر الأمن بيضل في نقطة ناقصة وهي النقطة الأساسية».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في جنوب لبنان

المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه استهدف عنصراً ينتمي إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية في منطقة الجميجمة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

غارات إسرائيلية على النبطية بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) انه شن غارات تستهدف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

خاص تحقيقات ترجّح اختطاف إسرائيل ضابطاً لبنانياً على صلة بملف آراد

تحقيقات لبنانية ترجّح فرضية اختطاف إسرائيل ضابطاً متقاعداً، بعد معطيات عن استدراج منظّم وارتباط القضية بملف الطيار المفقود رون آراد.

يوسف دياب (بيروت)
شؤون إقليمية «هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي play-circle 03:20

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

حملة تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان ومحاولة إقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لحزب الله».

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز) play-circle

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

عقد ممثلون عن لبنان وإسرائيل، الجمعة، اجتماعاً في إطار اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الساري منذ عام، وفق ما أفادت السفارة الأميركية في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هيبت الحلبوسي رئيساً لبرلمان العراق


هيبت الحلبوسي (وسط) أصبح رئيساً للبرلمان العراقي بعد انتخابه في الجلسة الافتتاحية أمس (أ.ب)
هيبت الحلبوسي (وسط) أصبح رئيساً للبرلمان العراقي بعد انتخابه في الجلسة الافتتاحية أمس (أ.ب)
TT

هيبت الحلبوسي رئيساً لبرلمان العراق


هيبت الحلبوسي (وسط) أصبح رئيساً للبرلمان العراقي بعد انتخابه في الجلسة الافتتاحية أمس (أ.ب)
هيبت الحلبوسي (وسط) أصبح رئيساً للبرلمان العراقي بعد انتخابه في الجلسة الافتتاحية أمس (أ.ب)

طوى مجلس النواب العراقي إحدى أعقد محطاته السياسية بانتخاب هيبت حمد عباس الحلبوسي رئيساً للبرلمان للدورة السادسة، في تسوية وُصفت بالسلسة، وجاءت بدعم تفاهمات سنية داخلية، وتأييد شيعي وكردي غير معلن.

وحصل الحلبوسي على 208 أصوات في جلسة أمس التي اتسمت بالهدوء، وعكست توازناً جديداً أفرزته انتخابات 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

ويحمل الحلبوسي شهادة بكالوريوس في التاريخ، وبدأ مسيرته المهنية مدرّساً، ثم حصل لاحقاً على شهادة الماجستير في العلوم السياسية. وجاء الحسم لصالح الحلبوسي بعد انسحاب مثنى السامرائي، ضمن اتفاق لإعادة توزيع الاستحقاقات السنية في الحكومة المقبلة.

بالتوازي، قدّم «الإطار التنسيقي» اعتماد «الكتلة الأكبر»، في خطوة تمهد لبدء المسار الدستوري لتسمية رئيس الوزراء، وسط توقعات بتسريع تشكيل الحكومة، وتجنب الانسداد السياسي في إطار تسوية شاملة.


لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهرين، لن يكون بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما قبله، على مستوى المكاسب والخسائر.

ذلك ما يذهب له خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بشأن نتائج اللقاء المرتقب، وسط تباين بشأن النتائج، بين تقديرات ترى أن المكاسب تتضمن بدء المرحلة الثانية تحت ضغوط واشنطن، لكن مع شروط إسرائيلية بنزع سلاح «حماس» وإعادة الرفات الإسرائيلي الأخير، وأخرى خسائر تتمثل في عدم انسحاب إسرائيل من القطاع وبدء إعمار جزئي في المواقع التي تسيطر عليها في القطاع بشكل منفرد.

وأفادت «شبكة سي إن إن» الأميركية، الاثنين، بأنه من المتوقع أن يدفع ترمب من أجل إحراز تقدم في خطة وقف إطلاق النار بغزة، خلال لقائه مع نتنياهو، لافتة إلى أن جدول الأعمال يتضمن نزع سلاح «حماس» وإعادة إعمار غزة، وإقامة نظام للحكم في القطاع ما بعد انتهاء الحرب، وتشكيل «مجلس سلام» برئاسة الرئيس الأميركي.

وهذا اللقاء بين نتنياهو وترمب، والمقرر له الاثنين، يعد السادس منذ أن دخل الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض قبل نحو عام، وسيكون اتفاق غزة والمرحلة الثانية مطروحة، وفق تقرير لقناة «آي نيوز» الإسرائيلية، أشار إلى أن «نتنياهو سيضطر لإقناع ترمب بأن يسمح له بإنهاء ما تبقى من الحرب وأن إسرائيل وحدها يمكنها القضاء على (حماس) في غزة».

بينما ترمب، أو على الأقل جزء كبير من مستشاريه، يعتقدون أنه من الممكن تحقيق نوع من تجريد «حماس» من سلاحها في قطاع غزة - حتى من دون أن تعود إسرائيل للقتال وفق التقرير ذاته الذي تم بثه الاثنين، لكن نتنياهو سيضطر إلى مواجهة موقف غالبية مستشاري ترمب ورغبة الرئيس الأميركي في الهدوء، وأن تبقى الخطة التي تحمل اسمه محفوظة. وسيضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يقول «نعم».

وتنص المرحلة الثانية من الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتسلّم سلطة مؤقتة إدارة القطاع بدلاً من «حماس»، وعلى نشر قوة استقرار دولية.

ولا يزال الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بطيئاً رغم أن إدارة ترمب تريد المضي قدماً بذلك، إذ اعتبر الرئيس الأميركي أن «إبرام الاتفاق من أبرز نجاحاته في عامه الأول من ولايته الثانية»، حسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، الاثنين.

والتقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترمب جاريد كوشنر، ممثلين لقطر ومصر وتركيا، الدول الوسيطة، في ميامي بداية ديسمبر (كانون الأول).

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاك الاتفاق. وقبل بدء المفاوضات بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية منه، تطالب إسرائيل بإعادة جثة الرهينة الأخير المحتجز في غزة، لكنّ «حماس» تؤكد أنها لم تتمكن بعدُ من العثور عليها.

أطفال فلسطينيون نازحون داخل خيمة غمرتها مياه الأمطار في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويتوقع مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسين هريدي، أنه ليس هناك مكاسب من اللقاء بل كلها خسائر «لاتفاق غزة» ومناورات إسرائيلية من نتنياهو لعدم الانسحاب من القطاع، محاولاً تقديم القليل من تنازلات تكتيكية لفظية في غزة ببدء المرحلة الثانية بشروط منها إعادة الرفات الأخير والتمسك بنزع سلاح «حماس» مقابل طلب الكثير من سوريا ولبنان وإيران.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن ملف غزة، سيكون له الأولوية في اجتماع ترمب - نتنياهو، مشيراً إلى أن المكاسب المنتظرة تتمثل في تشكيل «لجنة إدارة غزة» ونشر «قوات الاستقرار» بشكل توافقي عادل وزيادة المساعدات وفتح المعابر وبدء الانسحاب الإسرائيلي، فيما تتمثل الخسائر في تأخير بدء المرحلة تحت ذريعة عدم نزع سلاح «حماس» وعدم تسلم الرفات الأخير، والسماح لإسرائيل ببدء الإعمار في مناطق سيطرتها التي تتجاوز 52 في المائة من إجمالي مساحة القطاع.

ذلك اللقاء يأتي وسط تعويل مصري على أهمية الموقف الأميركي، وكشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في حوار متلفز، الأحد، عن «وجود اقتناع أميركي بضرورة الإسراع للدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار»، مؤكداً أن مصر ستواصل الضغط من أجل حل يحفظ الحقوق ويحقق الاستقرار، مشدداً على «رفض بلاده القاطع لتقسيم قطاع غزة»، واصفاً ما يُسمى بالخطوط الصفراء والخضراء بأنه «عبث».

وليس مصر فقط من تعول على الدور الأميركي؛ إذ قال حازم قاسم، الناطق باسم «حركة حماس»، في بيان، إن الحركة «لا تزال تثق بقدرة الرئيس الأميركي على تحقيق السلام في قطاع غزة وكل المنطقة»، مطالباً ترمب بـ«ممارسة مزيد من الضغط» على إسرائيل وإلزامها بما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ.

ويرى هريدي أن واشنطن تريد تنفيذ خطة السلام التي طرحها ترمب، ومصر تتفهم ذلك وتتحرك في دفع تلك الرغبة لوقائع على الأرض، مشيراً إلى أن المطلوب جدول زمني بتنفيذ التزامات «اتفاق غزة»، خاصة انسحاب إسرائيل من القطاع وهو الإجراء الذي سيوضح مستقبل الاتفاق بشكل واضح.

ويراهن الرقب على الموقف المصري «الذي يدير تطورات ملف الوساطة بذكاء وحكمة»، مشيراً إلى أن «القاهرة تدرك أهمية الموقف الأميركي في الدفع بالاتفاق وتريد أن تنهي ضغوط واشنطن ذرائع إسرائيل»، مضيفاً أن «حماس» في المقابل ليس أمامها سوى انتظار نتائج لقاء ترمب ونتنياهو على أمل أن تحقق مكاسب من الضغوط الأميركية.


الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
TT

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها على تقديم خدماتها الإنسانية في قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان، الاثنين، إن السماح بمصادرة ممتلكات «الأونروا»، وحظر تزويد منشآتها بالخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء يعد انتهاكاً لحصانات وامتيازات منظمات الأمم المتحدة وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي.

وأكد المتحدث باسم الوزارة فؤاد المجالي أن إقرار هذه القوانين يمثل جزءاً من حملة الاستهداف الممنهج لـ«الأونروا» واستمراراً لمساعي إسرائيل لاغتيال الوكالة سياسياً وامتداداً للممارسات الإسرائيلية غير الشرعية لحرمان الشعب الفلسطيني من خدمات الوكالة.

ودعا الأردن المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتصدي للقرارات والممارسات الإسرائيلية التي تستهدف «الأونروا»، وتوفير الدعم السياسي والمالي اللازمين للوكالة للاستمرار في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.