«إنه جنون»... ممرضة أميركية توثق انهيار المنظومة الصحية في مدينة غزة

الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل جريح في مستشفى القدس بمدينة غزة - 10 أغسطس (أ.ب)
الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل جريح في مستشفى القدس بمدينة غزة - 10 أغسطس (أ.ب)
TT

«إنه جنون»... ممرضة أميركية توثق انهيار المنظومة الصحية في مدينة غزة

الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل جريح في مستشفى القدس بمدينة غزة - 10 أغسطس (أ.ب)
الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل جريح في مستشفى القدس بمدينة غزة - 10 أغسطس (أ.ب)

مع تقدّم القوات الإسرائيلية، يتعرض نظام الرعاية الصحية في مدينة غزة لإطلاق النار، ويتجه نحو الانهيار، في الوقت الذي وثقت فيه ممرضة أميركية لحظات انهيار النظام الصحي وسط الحرب.

وبعد مرور ما يقرب من أسبوعين على الهجوم البري الإسرائيلي الأخير على أكبر مدينة في غزة، دُمرت عيادتان جراء الغارات الجوية، وأُغلق مستشفيان بعد تضررهما، بينما تعمل مستشفيات أخرى بالكاد، في ظل نقص الأدوية والمعدات والغذاء والوقود.

واضطر كثير من المرضى والموظفين إلى الفرار من المستشفيات، تاركين وراءهم عدداً قليلاً من الأطباء والممرضات لرعاية الأطفال في الحاضنات، أو غيرهم من المرضى الذين لا يستطيعون الحركة. ويهز القصف الخارجي جدران المستشفيات، وتحوم الطائرات الإسرائيلية المسيرة في الجوار، وغالباً ما تطلق النار في مكان قريب، مما يجعل من الخطر الدخول والخروج، وفقاً للعاملين في مجال الصحة.

وأجلى مستشفى القدس، الواقع على الطرف الجنوبي لمدينة غزة، معظم مرضاه على عجل خلال الأسبوع الماضي، مع اقتراب القوات الإسرائيلية.

وأنزل المسعفون أحد المرضى في حقل من الأنقاض، وغُطِّيَ جسده بالشاش لعلاج حروق بالغة في 40 في المائة من جسده، وطلبوا منه التوجه إلى عيادة لتلقي العلاج، وفقاً لأندي فوغان، الممرضة الأميركية التي كانت من بين المسعفين، وتقول لوكالة «أسوشييتد برس» يوم إجلائها: «إنه جنون. هذه حال نظام الرعاية الصحية»، الذي تقول إن إسرائيل تُفككه عمداً.

الممرضة الأميركية أندي فوغان تحمل طفلاً مصاباً بمرض تنفسي في مستشفى القدس بمدينة غزة - 27 يوليو (أ.ب)

وكان مستشفى القدس يتسع في السابق لـ120 مريضاً. أما الآن، فلا يزال هناك نحو 20 مريضاً، من بينهم رضيعان في العناية المركزة. ويؤوي المستشفى نحو 60 طبيباً وممرضاً وعائلات المرضى.

تطوع في غزة... ويوميات الحرب

وتطوعت فوغان من مدينة سياتل الأميركية من خلال الجمعية الطبية الفلسطينية - الأسترالية - النيوزيلندية منذ يوليو (تموز)، واحتفظت فوغان بمذكرات فيديو عن فترة عملها بمستشفى القدس، ونشرتها من حين لآخر على وسائل التواصل الاجتماعي. وشاركت عشرات الفيديوهات مع وكالة «أسوشييتد برس»، التي تحققت منها. وأصبح المتطوعون في غزة، مثلها، مصدراً حيوياً للمعلومات، حيث منعت إسرائيل وسائل الإعلام الأجنبية.

وصوّرت فوغان فيديو بهاتفها الجوال لطائرات حربية ومقذوفات تهبط على المدينة ومحيط المستشفى. وفي أحد المشاهد، تهتز غرفتها، وتحجب أعمدة الدخان الكثيفة الرؤية من نافذتها.

وفي مشهد آخر، من أحد الطوابق السفلية للمستشفى، يتوقف طفل يحمل وعاء ماء بحجمه بينما يهز انفجار الجدران. وليلة السبت، قالت فوغان إن قافلة كانت تسير بالقرب من المستشفى تعرضت لإطلاق نار. وأضافت أن مراهقاً أصيب بجرح سطحي في الرأس، وربما كان هذا آخر مريض يُدخَل إلى مستشفى القدس.

الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل يعاني من حروق شديدة بعد غارة للجيش الإسرائيلي على منزله في مستشفى القدس (أ.ب)

وكما هي الحال في المستشفيات الأخرى، يعاني مستشفى القدس من نقص حاد في المياه والكهرباء والأكسجين، وقد تعرضت محطة الأكسجين في المستشفى لإطلاق نار إسرائيلي.

«زملائي خائفون من الموت»

وتقول إسرائيل إن حملتها على مدينة غزة تهدف إلى تدمير البنية التحتية لـ«حماس»، وتحرير الرهائن الذين أُخذوا خلال هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقد أمر الجيش جميع السكان بالمغادرة والتوجه جنوباً، قائلاً إن ذلك حفاظاً على سلامتهم. وقالت نبال فرسخ، المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني الذي يدير مستشفى القدس، إن المركبات الإسرائيلية حاصرت المستشفى، «مما أدى إلى تقييد حركة الموظفين والمرضى المتبقين بشكل كامل»، بينما أطلقت طائرات من دون طيار النار على المستشفى والمباني القريبة.

وتم إجلاء فوغان يوم الثلاثاء مع طبيب آخر وتوجها جنوباً. وقالت فوغان، متحدثة من دار ضيافة في دير البلح بعد إجلائها: «أتلقى رسائل من زملائي في العمل هناك يسألونني عن سبب مغادرتي. يقولون لي إنهم سيموتون».

الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني بطفل يعاني من حروق شديدة بعد غارة للجيش الإسرائيلي على منزله في مستشفى القدس بمدينة غزة - 24 يوليو2025 (أ.ب)

وتتعرض المستشفيات لإطلاق النار على الرغم من الأوامر الإسرائيلية بالمغادرة، ولا تزال مئات الآلاف من الفلسطينيين في مدينة غزة، التي كان عدد سكانها يقارب مليون نسمة قبل الهجوم المستمر. ويقول خبراء دوليون إن المدينة تعاني من مجاعة.

وأغلقت إسرائيل المعبر الحدودي إلى شمال غزة منذ 12 سبتمبر (أيلول)، مما منع وصول شحنات المساعدات المباشرة إلى المدينة. وسارعت منظمات الإغاثة إلى إيصال الإمدادات من الجنوب، عابرةً طرقاً محفوفة بالمخاطر في ظل القيود الإسرائيلية المزدادة على حركتها، وفقاً للأمم المتحدة. وخلال الأسبوع الماضي، دمرت الغارات الإسرائيلية عيادتين على الأقل في طرفي مدينة غزة، وأجبرت عيادتين أخريين على الإغلاق، بما في ذلك مستشفى للأطفال ومركز متخصص في طب العيون، وفقاً للأمم المتحدة. وأعلنت الحكومة الأردنية إخلاء مستشفى ميداني كانت تديره مع اقتراب القوات الإسرائيلية.

«الخوف حقيقي»

وتقول الأمم المتحدة إن 27 مركزاً طبياً ومركزاً للرعاية الصحية الأولية في مدينة غزة، وكثير منها بالغ الأهمية في علاج سوء التغذية، أُجبرت على تعليق خدماتها أو إغلاقها في سبتمبر. وفرّ ما يقرب من 100 مريض يومي الأربعاء والخميس من مستشفى الشفاء، المستشفى الرئيسي في مدينة غزة، مع اقتراب الدبابات الإسرائيلية. وخوفاً من الوقوع في غارة، توقف كثير من الموظفين عن الحضور إلى العمل.

وقال حسن الشاعر، المدير الطبي في مستشفى الشفاء: «الخوف حقيقي».

الممرضة الأميركية أندي فوغان وهي تعتني برجل مصاب بمتفجرات في مستشفى القدس بمدينة غزة - 21 يوليو (أ.ب)

ووفقاً لمنظمات حقوقية، قُدّر عدد العاملين الطبيين من غزة رهن الاحتجاز الإسرائيلي حتى فبراير (شباط)، بأكثر من 160 عاملاً. وقالت إسرائيل إن الاعتقالات تتم وفقاً للقانون، قائلة إن بعضهم متورط في «أنشطة إرهابية».

ويوم الأربعاء، ادعى الجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي، أن مسلحين كانوا يعملون داخل مستشفى الشفاء. وأرفق الجيش مقطع فيديو غير واضح قال إنه يُظهر مسلحين يطلقون النار. ونفى أطباء مستشفى الشفاء هذا الادعاء، واصفين إياه بأنه ذريعة لمداهمة المستشفى. وتُفرَغ المستشفيات مع تقدم القوات الإسرائيلية، فيما داهمت القوات الإسرائيلية مستشفى القدس لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ما أدى إلى إغلاقه مؤقتاً. وصرح الهلال الأحمر آنذاك بأن أجزاءً منه دُمرت، وقُتل مدني واحد على الأقل.

الأمم المتحدة: الاستهداف الإسرائيلي ممنهج

وتُشير الأمم المتحدة وبعض منظمات حقوق الإنسان إلى أن إسرائيل استهدفت المستشفيات بشكل ممنهج، باستخدام الضربات المباشرة وأساليب الحصار والغارات.

وصرحت عزرا زيادة، وهي محللة أنظمة صحية مقيمة في المملكة المتحدة وتعمل من كثب مع الفرق الطبية في غزة، بأنه بمجرد خروج مستشفى عن الخدمة، عادةً ما ينتقل السكان المجاورون إليه.

وقبل الهجوم الأخير على مدينة غزة، بدأ طاقم مستشفى القدس بتسريح المرضى غير المصابين بأمراض خطيرة، خوفاً على سلامتهم، على حد قول فوغان. وأضافت أنهم حوّلوا حركة المرور بعيداً عن المستشفى، بينما أطلقت طائرات إسرائيلية من دون طيار النار على المباني المحيطة.

وفي الأسبوع الماضي، فرت مئات العائلات الفلسطينية التي لجأت إلى المستشفى ومحيطه، بعد أن فرّ كثير منها سابقاً من القوات الإسرائيلية المتقدمة من الشمال.

رضيعة تحت القصف

بعد يوم، رافقت فوغان ممرضات وحدة حديثي الولادة. ضمت إحدى الرضيعتين المتبقيتين - وعمرها 13 يوماً فقط - إلى جسدها محاولةً تهدئتها. وقالت فوغان إن معدل ضربات قلب الرضيعة انخفض بشكل خطير مع وقوع انفجارات قريبة. ومن نافذة غرفتها في الطابق الخامس، سجّلت فوغان ضربات قريبة.

وقالت فوغان في مقطع فيديو: «لقد قصفوا المستشفى مرة أخرى». وسجّلت فوغان غارة جوية لطائرة «أباتشي» من بعيد. وفي الطابق الرابع، كانت هناك شظايا زجاج على بعض الأسرّة من النوافذ المحطمة. ولطخت دماء جديدة فراشاً مهجوراً. وصوّرت فوغان أرضية مستشفى فارغة تم تنظيفها.

وقالت في مقطع الفيديو الذي صُوّر يوم الاثنين: «كانت الأرضية تعجّ بالمرضى في الممرات، والآن أصبحت مهجورة لأن الجميع اضطر إلى الفرار»، وحرصاً على سلامتها، انتقلت فوغان في ذلك اليوم إلى القبو.

وفي اليوم التالي، بعد مغادرة فوغان بوقت قصير، أبلغها زملاؤها بأن مركبات عسكرية إسرائيلية اقتربت من البوابة الجنوبية للمستشفى.


مقالات ذات صلة

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

المشرق العربي شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

قالت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة لحبيب، اليوم الأربعاء، إن خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة وصول المساعدات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون في شوارع مدينة غزة مروراً بمخيمات النازحين (أ.ب)

مقتل طفلتين فلسطينيتين إحداهما بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

قُتلت طفلتان فلسطينيتان، إحداهما برصاص الجيش الإسرائيلي الذي يواصل القصف المدفعي وتدمير المنازل، إضافة إلى شن سلسلة غارات جوية على مناطق متفرقة بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
تحليل إخباري طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

حديث عن موعد محتمل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

محمد محمود (القاهرة)
العالم ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة (أ.ف.ب)

10 دول تحذر من استمرار الوضع الإنساني «الكارثي» في غزة

عبرت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى في بيان مشترك، ‌الثلاثاء، ‌عن ‌قلقها البالغ ⁠إزاء ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة، ودعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ⁠عاجلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
TT

مقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)

أفادت قناة «الإخبارية السورية»، اليوم الأربعاء، بمقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية.


«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
TT

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

دعا مسؤول يمني قادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المبادرة باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية تفضي إلى التخلي عن التصعيد المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً، والانخراط في حوار سياسي بعيداً عن فرض المشاريع السياسية بقوة السلاح.

وأوضح أكرم العامري، نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيراً من قادة المجلس الانتقالي «يمتلكون الفهم، والإدراك، والقدرة على تقييم الواقع، والظروف الداخلية، والخارجية، والمصالح الجيوسياسية للإقليم وتشابكاتها، إلى جانب الأبعاد الدولية»، معرباً عن أمله في «أن تلقى الدعوات إلى خفض التصعيد مبادرة، وتعاطياً إيجابياً، بما ينعكس بصورة مباشرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية المتدهورة».

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

الانتقالي لا يزال شريكاً

وأوضح العامري، ويشغل أيضاً الأمين العام لـمؤتمر حضرموت الجامع، أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يزال شريكاً سياسياً رئيساً في إطار الشرعية، وهي قناعة الدولة وقيادتها، ممثلة برئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، إلى جانب مختلف القوى السياسية، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن على قيادة المجلس الانتقالي المبادرة «باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية يتخلون فيها عن التصعيد السياسي، والعسكري المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً»، لافتاً إلى أن هذا الرفض عكسته مواقف معلنة صادرة عن أكثر من 41 دولة، ومؤسسة دولية، من بينها الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية.

ودعا العامري إلى العودة إلى العمل السياسي المشترك القائم على التوافق، والشراكة وفق المرجعيات الحاكمة، وفي مقدمتها اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، والانخراط «بمسؤولية وجدية في حوار سياسي ترعاه الدولة عبر مؤسساتها، يناقش مختلف القضايا، ويُفضي إلى تطمينات وضمانات متبادلة»، مع التأكيد على ضرورة التخلي عن «استراتيجية فرض المشاريع السياسية، وتحقيق المكتسبات بقوة السلاح».

أكرم العامري نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة الأمين العام لمؤتمر حضرموت الجامع (الشرق الأوسط)

التعاطي إيجابياً

قال نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة إن المجلس الانتقالي الجنوبي يُعد كياناً سياسياً مؤثراً، مشيراً إلى أن كثيراً من قادته «يمتلكون الفهم، والإدراك، والقدرة على تقييم الواقع، والظروف الداخلية، والخارجية، والمصالح الجيوسياسية للإقليم، وتشابكاتها، إلى جانب الأبعاد الدولية، وتحديد أولويات المصلحة للمشروع، والكيان السياسي».

وأضاف أنه «استناداً إلى ذلك، نأمل أن نلمس مبادرة، وتعاطياً إيجابياً مع متطلبات خفض التصعيد المعلنة»، مؤكداً أن هذه المتطلبات «ستنعكس بآثار إيجابية على الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية المتردية التي يعاني منها المواطنون»، لافتاً إلى أن هذه الأوضاع «بدأت تشهد تعافياً نسبياً بفعل حالة الاستقرار النسبي السائدة خلال الفترة الماضية».

فرض الاستقرار في المحافظات الشرقية

وتحدّث أكرم العامري عن حالة واسعة من التوافق الوطني، والإقليمي، والدولي حول أهمية دعم الجهود الرامية إلى فرض الاستقرار في حضرموت، والمهرة، ومنع انزلاقهما نحو مزيد من الفوضى، والصراعات.

وقال إن «عدم استجابة المجلس الانتقالي الجنوبي لمتطلبات خفض التصعيد، والانسحاب من حضرموت، والمهرة، سيقود حتماً إلى مزيد من الاحتقان الداخلي، واتساع دائرة الرفض المجتمعي لوجوده العسكري بوصفه سلطة موازية للدولة»، محذّراً من أن ذلك من شأنه أن يشكّل «تهديداً جدياً لمصالح طبيعية للجوار الإقليمي».

لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أول من أمس (رويترز)

وأضاف أن هذا الوضع «يستوجب على الدولة ومؤسساتها، وبالشراكة مع الحلفاء، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، إعادة فرض الاستقرار وسلطة الدولة والقانون في تلك المحافظات، باستخدام جميع الوسائل المتاحة».

التعايش المجتمعي

وأكد العامري أنه «منذ نشأة المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، جرى التعايش مجتمعياً وسياسياً بصورة سلمية ومدنية، ورغم الخلاف والتباين السياسي، لم تشهد حضرموت والمهرة أي صدام خشن بين أبنائهما، حتى في أشد مراحل الخلاف»، مشيراً إلى أن «النسيج المجتمعي لم يتعرض للتهديد إلا بعد اجتياح المحافظتين في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، عبر قوات عسكرية قدمت من خارجها».

وشدد على أن «أبناء حضرموت والمهرة لن ينجرّوا إلى صراع داخلي مهما بلغت حدة التباينات السياسية، متى ما تُرك الملف الأمني والعسكري والإداري بأيديهم، بعيداً عن أي تدخل من قوى عسكرية من خارج المحافظتين»، لافتاً إلى أن هذا التوجه يفسر دعمهم لتولي أبناء تلك المناطق، عبر قوات درع الوطن، مسؤولية الملفين الأمني والعسكري، «بما يشمل إخراج أي قوات عسكرية أخرى، وإعادتها إلى مناطق تمركزها السابق».


مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
TT

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)

قالت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة لحبيب، اليوم الأربعاء، إن خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة وصول المساعدات المُنقذة للحياة إلى القطاع.

وأضافت لحبيب، في حسابها على منصة «إكس»: «كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً، فلا يمكن تطبيق قانون تسجيل المنظمات غير الحكومية بصيغته الحالية».

وأكدت المفوضة الأوروبية ضرورة إزالة كل العراقيل التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية، قائلة: «القانون الدولي الإنساني لا يترك مجالاً للالتباس، فالمساعدات يجب أن تصل إلى محتاجيها».

كانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن الحكومة قولها، أمس الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص عشرات المنظمات الإنسانية؛ منها «أطباء بلا حدود»، و«أكشن إيد»، و«أوكسفام»، بدعوى «صلتها بالإرهاب».

ويواجه عدد من منظمات الإغاثة الدولية خطر إلغاء تسجيلها، مما قد يُجبرها على الإغلاق أو يفرض قيوداً على عملها في غزة والضفة الغربية في غضون 60 يوماً إذا لم تمتثل بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي للمعايير الجديدة التي وضعتها السلطات الإسرائيلية.