موقف احتجاجي لسلام يرفض الانتقاص من «هيبة» قراراته

وزير سابق: خطوته بعد قضية «صخرة الروشة» تعني عملياً موقفاً سياسياً كبيراً

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً جلسة مجلس الوزراء (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً جلسة مجلس الوزراء (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
TT

موقف احتجاجي لسلام يرفض الانتقاص من «هيبة» قراراته

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً جلسة مجلس الوزراء (أرشيفية - رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً جلسة مجلس الوزراء (أرشيفية - رئاسة الحكومة)

أعاد إلغاء رئيس الحكومة نواف سلام مواعيده المقررة يوم الجمعة، التذكير بممارسة سياسية مألوفة في لبنان لدى رؤساء الحكومات، وتنوعت مفرداتها بين «الاحتجاج» و«الاعتكاف» و«تعليق العمل» وغيرها، وتفضي جميعها إلى توقف مؤقت وقصير عن ممارسة مهامهم، كفعل احتجاجي على ممارسات سياسية في الداخل.

وجاءت خطوة سلام مباشرة بعد قيام «حزب الله» برفع راياته وصور قادته السابقين على صخرة الروشة في بيروت، في تحدٍ واضحٍ لتعميم رسمي أصدره بمنع استخدام الأملاك العامة لأغراض حزبية أو سياسية. وبدا قراره رسالة سياسية مزدوجة تتمثل برفض أن تبقى تعليماته حبراً على ورق، وإصرار على تحميل الحكومة مجتمعة، ومعها رئيس الجمهورية، مسؤولية حماية هيبة الدولة.

عنوان سياسي بامتياز

ورأى الوزير السابق رشيد درباس أن خطوة سلام «تعني عملياً موقفاً سياسياً كبيراً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن التوقف المؤقت عن العمل «عنوان سياسي يقول فيه إن الأجهزة لم تنفّذ قراراته، وبالتالي فهو يلوّح بأنه لن يقبل أن تبقى تعليماته معلّقة على الورق»، وأكد أن هذا النوع من الاحتجاج «ليس استقالةً ضمنيةً بل شكل من أشكال الضغط»، مذكّراً بسوابق شهدتها الحكومات السابقة حين فرض «حزب الله» إرادته على الدولة.

وضرب درباس مثالاً بحادثة عام 2008 عندما قررت حكومة فؤاد السنيورة إعفاء العميد وفيق شقير من رئاسة جهاز أمن المطار، قبل أن تتراجع تحت ضغط الحزب، وقال: «هذه الواقعة جسّدت ذهنية الحزب القائمة على فكرة أن إرادته تعلو على قرارات الدولة»، وتابع: «اليوم، ربما يريد الرئيس سلام أن يقول إنه ليس مستعداً لأن تُفرض عليه إرادة من خارج صلاحياته الدستورية. لكن كيف ستنتهي هذه القصة؟ لا أحد يعلم».

الاعتكاف في الدستور

الخبير الدستوري سعيد مالك أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن الاعتكاف «ليس مصطلحاً موجوداً في الدستور اللبناني، ولكنه طريقة أداء وتعبير عن موقف»، وأضاف: «من الناحية الدستورية، ليس هناك من ذكر للاعتكاف، ولكن التجربة علمتنا وأثبتت أن الاعتكاف هو موقف سياسي يتخذه أي مسؤول دلالة على رفضه لما جرى من أحداث أو كسر قرارات عائدة للحكومة».

وتابع مالك: «موضوع الاعتكاف هو أمر متعارف عليه، ولو كان غير دستوري. أما لجهة العواقب القانونية، فذلك يعتبر موقفاً سياسياً لا أكثر ولا أقل، لا يرتب أي نتائج قانونية. إنما اليوم يعكس موقفاً يؤكد امتعاض هذا المسؤول مما جرى أو من عدم تنفيذ قرار سبق واتخذه تعبيراً عن موقف سياسي. مهلة الاعتكاف غير محدّدة زمنياً، إذ يمكن أن تكون قصيرة أو أن تمتد لأشهر كما حصل في سوابق سابقة».

ورأى أنه «لا يملك رئيس الحكومة عبر الاعتكاف أي صلاحية لشلّ عمل المؤسسات، بل يقتصر الأمر على الامتناع عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، فيما يستمر الوزراء في ممارسة مهامهم داخل وزاراتهم».

نصف قرن من الاحتجاجات

يكشف التاريخ أن الاحتجاج بتعليق العمل أو تغيير أجندته، رغم غيابه عن النصوص الدستورية، تحوّل إلى عرف سياسي لبناني يلجأ إليه رؤساء الحكومات حين تضيق بهم خيارات المواجهة. لكنه ظل في جوهره صرخة احتجاج أكثر منه أداة تغيير حقيقية، وغالباً ما ينتهي بتسويات تعيد إنتاج الأزمة بدل حلّها.

فعام 1969، لجأ رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي إلى اعتكاف استمر أشهراً احتجاجاً على الاشتباكات بين الجيش والفصائل الفلسطينية، ولم ينتهِ إلا بعد توقيع «اتفاق القاهرة» بوساطة الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر.

بعده بأربع سنوات، وفي أبريل (نيسان) 1973، اعتكف رئيس الحكومة صائب سلام إثر عملية اغتيال إسرائيلية لقادة فلسطينيين في شارع فردان، مطالباً بإقالة قائد الجيش آنذاك إسكندر غانم. ولما رفض رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الاستجابة، قدّم سلام استقالته في 15 أبريل من العام نفسه، منهياً اعتكافاً قصيراً لكنه صاخب.

ومع اندلاع الحرب الأهلية، عاد رشيد كرامي إلى خيار الاعتكاف أواخر عام 1975، معتصماً في السراي الحكومي ومعطّلاً جلسات الوزراء في محاولة لوقف القتال، قبل أن تنتهي مهمته مع انتخاب الرئيس إلياس سركيس عام 1976. وفي مرحلة ما بعد «الطائف»، استخدم الرئيس رفيق الحريري الاعتكاف ورقة ضغط بوجه خصومه السياسيين، أبرزها عام 1994 حين توقف عن ممارسة مهامه لأيام.

لاحقاً، وفي شهر أغسطس (آب) 2015، لجأ الرئيس تمام سلام إلى ما يشبه «إجازة مفتوحة» بعدما امتنع أسبوعين عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في خضم أزمة النفايات، قبل أن يستأنف عمله.

وحتى بعد انفجار مرفأ بيروت، برز الاحتجاج مجدداً عندما لوّح الرئيس حسان دياب في مارس (آذار) 2021 بالتوقف الكامل عن تصريف الأعمال، في سابقة لرئيس حكومة مستقيلة، ما أدى عملياً إلى شلّ اجتماعات الحكومة حتى تشكيل حكومة نجيب ميقاتي في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.


مقالات ذات صلة

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

المشرق العربي اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد العراقي برئاسة إحسان العوادي، مدير مكتب ئيس الوزراء العراقي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)

سوريا تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»

عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
TT

سوريا تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»

عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)

أعلنت السلطات السورية، الخميس، أنها قتلت قيادياً بارزاً في تنظيم «داعش»، بالتنسيق مع «التحالف الدولي»، في عملية «أمنية دقيقة»، بعد ساعات من إعلانها إلقاء القبض على قيادي بارز آخر قرب العاصمة.

وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إنها نفذت «عبر التنسيق مع قوات التحالف الدولي، عملية أمنية دقيقة في بلدة البويضة» بريف دمشق، أسفرت عن مقتل «محمد شحادة المُكنّى (أبو عمر شداد)، أحد القيادات البارزة في تنظيم (داعش) في سوريا»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتأتي العملية، وفق وزارة الداخلية، «تأكيداً على فاعلية التنسيق المشترك بين الجهات الأمنية الوطنية والشركاء الدوليين».

وأعلنت سوريا، خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انضمامها رسمياً إلى «التحالف الدولي» الذي تأسّس عام 2014 بقيادة واشنطن لمكافحة التنظيم المتطرف، بعدما كان سيطر على مساحات شاسعة في العراق وسوريا قبل دحره تباعاً من البلدين بين 2017 و2019.

وجاء إعلان العملية، الخميس، بعد ساعات من إعلان الوزارة إلقاء القبض على «متزعم تنظيم (داعش) الإرهابي في دمشق» ببلدة المعضمية قرب العاصمة، «بالتعاون مع قوات التحالف الدولي». وقالت السلطات إن اسمه طه الزعبي ولقبه «أبو عمر طيبة».

وتعلن السلطات السورية بين حين وآخر تنفيذ عمليات أمنية ضد خلايا تابعة للتنظيم، أبرزها كان في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمحيط مدينة تدمر (وسط)، غداة مقتل 3 أميركيين، هما جنديان ومترجم، بهجوم نسبته دمشق وواشنطن إلى التنظيم.

وفي 20 ديسمبر الحالي، أعلنت «القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)»، في بيان، «ضرب أكثر من 70 هدفاً في أنحاء وسط سوريا» بواسطة طائرات مقاتلة ومروحيات، بعد أسبوع من هجوم تدمر. وأدت تلك الضربات إلى مقتل 5 من عناصر تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» حينذاك.


تقرير: اتفاق عسكري وشيك بين الحكومة السورية و«قسد» برعاية أميركية

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
TT

تقرير: اتفاق عسكري وشيك بين الحكومة السورية و«قسد» برعاية أميركية

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)

نقل التلفزيون السوري، الخميس، عن مصدر قوله إنه من المتوقع التوصل قريباً إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» برعاية أميركية لدمج عناصرها في قوات وزارتَي الدفاع والداخلية السوريتين.

وأكد التلفزيون أن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة و«قسد» بهدف توقيع الاتفاق قبل نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن الإعلان متوقع بين 27 و30 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأوضح التلفزيون أن الاتفاق المرتقب يشمل دمج 90 ألف عنصر في وزارتَي الدفاع والداخلية، وتخصيص 3 فرق عسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ضمن قوات وزارة الدفاع في الرقة ودير الزور والحسكة.

وذكر المصدر أنه تُناقَش حالياً نقاط خلافية؛ من أبرزها دخول القوات الحكومية إلى شمال شرقي سوريا، وآلية اتخاذ القرارات العسكرية، وتوزيع المهام والصلاحيات.


عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية عن عون قوله إنه ورئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها.

وشدد الرئيس اللبناني على أن الاتصالات الدبلوماسية لم تتوقف من أجل إبعاد شبح الحرب عن لبنان، مشيراً إلى أن «الأمور ستتجه نحو الإيجابية».

وكانت الوكالة قد نقلت عن بري تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها و«لا تأجيل ولا تمديد».

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو (أيار) من العام المقبل.