رياض منصور لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع غالبية أممية ساحقة لمخرجات مؤتمر «حل الدولتين»

مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة قال إن «الفيل الكبير» في العالم هو قضية بلاده

المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

رياض منصور لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع غالبية أممية ساحقة لمخرجات مؤتمر «حل الدولتين»

المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة على مشروع قرار قدمته فرنسا وبريطانيا ورعته عشرات الدول الأخرى، للمصادقة على مخرجات «المؤتمر الدولي الرفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وحل الدولتين»، الذي سيتوج باجتماع على مستوى القمة في 22 سبتمبر (أيلول) الحالي ضمن أعمال الدورة السنوية الـ80 للجمعية العامة في نيويورك.

وتوقع المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن يحصل مشروع القرار على غالبية ساحقة في تصويت الجمعية العامة، التي ستعبر عن «عميق امتنانها» لكل من المملكة العربية السعودية وفرنسا لـ«اضطلاعهما بمسؤولياتهما بوصفهما رئيسين مشاركين للمؤتمر، ولصياغتهما بالاشتراك مع رؤساء مجموعات العمل (إعلان نيويورك في شأن تسوية قضية فلسطين سلمياً وتنفيذ حل الدولتين)»، معلنة تأييدها لهذا الإعلان.

ويشير مشروع القرار في ديباجته إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تسعى إلى «تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط» بما في ذلك عبر اعتماد «وثيقة ختامية عملية المنحى لرسم مسار عاجل لا رجعة فيه نحو تسوية قضية فلسطين سلمياً وتنفيذ حل الدولتين».

وقال السفير منصور لـ«الشرق الأوسط» إن مؤتمر حل الدولتين على مستوى القمة «لن يتأثر» بقرار إدارة الرئيس دونالد ترمب الخاص بعدم منح أو إلغاء تأشيرات دخول أعضاء الوفد الفلسطيني للحيلولة دون مشاركته في أعمال الدورة السنوية للأمم المتحدة، علماً أن «رغبتنا لا تزال تتمثل في أن حقنا - وانسجاماً مع اتفاقية المقر - في أن تلتزم الولايات المتحدة، بعدّها دولة المقر، بتسهيل كل أعمال الوفود للمشاركة في أعمال الجمعية العامة والأمم المتحدة بشكل عام»، مشيراً إلى ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والدائرة القانونية في الأمم المتحدة لجهة أن قرار المنع الأميركي بحق الوفد الفلسطيني «مخالف للقسم 11 من اتفاقية المقر».

وأكد أن الخطوات الأميركية التي «تشكل انتهاكاً لاتفاقية المقر، ولا سيما القسم 11 منها» أدت إلى «نتائج عكسية. فالتعاطف متزايد معنا، وبعض من كانوا مترددين سيحسمون أمرهم لصالح خطوات عملية سيقدمون عليها، من ضمنها الاعتراف بدولة فلسطين». وأشار إلى دول مثل الدنمارك واليونان اللتين صارتا أقرب من أي وقت مضى إلى الاعتراف بدولة فلسطين.

فلسطين حاضرة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة خلال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

وقال منصور أيضاً إن «الفيل الكبير في العالم هو مسألة فلسطين التي ستكون حاضرة في كل زخم يمكن للإنسان أن يفكر فيه في دورة الجمعية العامة هذه السنة». بل إن «هذه الدورة هي دورة فلسطين بكل مربعاتها ومكعباتها وكينونتها»، متوقعاً أن تتطابق كلمات زعماء العالم مع ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر حل الدولتين والملحق التابع له، وهي أن «المهمة الأولى للعالم هي أن تتوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة»، والانطلاق من «ضرورة وقف هذا العدوان ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية» للفلسطينيين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشدد على أن الوفد الفلسطيني بقيادة الرئيس عباس «سيكون حاضراً في أعمال الجمعية العامة» سواء شخصياً إذا تراجعت واشنطن عن قرارها المجحف بحق الفلسطينيين، أو عبر الوسائل الأخرى المتاحة لأنه «يستطيع أن يخاطب الجمعية العامة مباشرة بطرق أخرى، كما حصل في مناسبات شبيهة، وآخرها عندما خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعية العامة قبل سنتين» بسبب ظروف الحرب مع روسيا.

ولفت منصور إلى أن المشاورات الجارية مع الدول والهيئات الدولية أدت إلى «زخم هائل» متوقع في الجمعية العامة وفي مؤتمر حل الدولتين على مستوى القمة إزاء المسألة الفلسطينية «من وقف العدوان» على غزة والضفة الغربية و«الاعتراف بالدولة» و«زيادة الزخم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني ومن ثم استقلال دولة فلسطين وتجسيد حل الدولتين على الأرض»، مضيفاً: «لا نريد لهذا الزخم أن يتجزأ. نريد أن نحافظ عليه وأن نراكم عليه ليعطي المفعول المرجو لكي تبدأ رحلة الانصياع للإرادة الدولية، بما فيها إرادة محكمة العدل الدولية بأن هذا الاحتلال غير القانوني يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن».

تحولات نوعية

القائمة بأعمال المندوبة الأميركية دوروثي شيا ترفع يدها مستخدمة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع مشروع يمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (صور الأمم المتحدة)

وقال أيضاً إنه رغم أن 89 من الدول والجهات الإقليمية تبنت حتى الآن مؤتمر حل الدولتين، فإن بريطانيا وفرنسا قدمتا مشروع قرار، ونحن رعيناه مع دول أخرى، من أجل اعتماد مخرجات حل الدولتين، أي الإعلان الختامي والملحق الخاص به في 12 سبتمبر الحالي، ليصير واحداً من قرارات الأمم المتحدة. وهذا ما سيُعتمد أيضاً في قمة حل الدولتين في 22 سبتمبر، مع ما سيرافقه من إعلانات للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولفت إلى أن الدول المعترفة بدولة فلسطين يبلغ الآن 149 دولة، يضاف إليها فرنسا. وأضاف أن هناك عشر دول إضافية عبرت عن استعدادها للاعتراف بالدولة، ومن ثمّ سيصل عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية إلى 160 دولة قريباً.

وإذ لفت إلى أن «قرارات الدول في هذه المسألة أو غيرها ذات طبيعة سيادية»، استعار المعادلة الفيزيائية التي تفيد بأن «التراكمات الكمية تصل في لحظة ما إلى تحولات نوعية». وذكّر بأنه في المرة الأخيرة التي مارست فيها الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جرى الذهاب إلى الجمعية العامة تحت بند «متحدين من أجل السلام» والتصويت على القرار نفسه، فجاءت نتيجة التصويت مرتفعة للغاية لمصلحة القرار الذي يفيد بأن «دولة فلسطين تستوفي شروط العضوية الكاملة» بما في ذلك أنها «دولة محبة للسلام».


مقالات ذات صلة

بمناسبة رأس السنة... غوتيريش يدعو قادة العالم لجعل الإنسان أولوية

العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب - أرشيفية)

بمناسبة رأس السنة... غوتيريش يدعو قادة العالم لجعل الإنسان أولوية

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، قادة العالم إلى إعطاء الأولوية للإنسان والكوكب، في رسالة بمناسبة رأس السنة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت (أ.ب)

مقرر أممي يطلب فتح تحقيق في «اغتيال» مسؤولين أفغان سابقين بإيران

طالب المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأفغانستان ريتشارد بينيت بفتح تحقيق مستقل بشأن اغتيالات طالت مؤخراً في إيران عناصر سابقين في قوات الأمن الأفغانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة تشمل المصرية والسورية والعراقية.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب) play-circle

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان دينيس براون، الاثنين، عقب عودتها من الفاشر بغرب البلاد، عن حالة «صدمة» يعيشها السكان في «ظروف مُهينة».

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))
الولايات المتحدة​ سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أميركا تتعهد بتقديم مليارَي دولار لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة

تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مليارَي دولار لدعم ​الجهود الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حزب الله» مطالَب بإيداع الدولة اللبنانية سلاحه لا نزعه إسرائيلياً

جنود لبنانيون يدجققون في الهويات في منطقة مرجعيون (رويترز)
جنود لبنانيون يدجققون في الهويات في منطقة مرجعيون (رويترز)
TT

«حزب الله» مطالَب بإيداع الدولة اللبنانية سلاحه لا نزعه إسرائيلياً

جنود لبنانيون يدجققون في الهويات في منطقة مرجعيون (رويترز)
جنود لبنانيون يدجققون في الهويات في منطقة مرجعيون (رويترز)

أثارت مواقف الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، برفضه نزع سلاحه واتهامه السلطة اللبنانية بنزعه لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، مجموعة من التساؤلات، أبرزها التوقيت الذي اختاره على مشارف انعقاد القمة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الذي يحاول إقناعه بتوسعة الحرب ضد «الحزب» بذريعة استعادته قدراته العسكرية، وما إذا كان يتوخى من مواقفه إسناد إيران سياسياً بتمريره رسالة إلى البيت الأبيض في ضوء تلميح أميركي إلى معاودة المفاوضات مع طهران.فمواقف قاسم ترخي بتداعياتها على الداخل، وتتزامن مع اقتراب اجتماع لجنة الـ«ميكانيزم» لتقييم المرحلة الأولى من انتشار الجيش في جنوب نهر الليطاني، وعدم استكماله حتى الحدود الدولية مع إسرائيل؛ بسبب احتلالها عدداً من التلال الحدودية، واستعداد مجلس الوزراء للانعقاد في نهاية الأسبوع الأول من العام المقبل في جلسة تخصّص للوقوف على تقرير قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، بشأن ما أُنجز في جنوب النهر تطبيقاً للمرحلة الأولى.وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن انتشار الجيش في المرحلة الثانية، من شمال النهر حتى «الأولي»، يتوقف على تقييم مجلس الوزراء لتقرير هيكل. وأكدت أن لبنان لم يكفَّ عن مطالبة الولايات المتحدة، بصفتها الدولة الراعية - إلى جانب فرنسا - اتفاق وقف الأعمال العدائية، بتنفيذها ما كانت تعهدت به من تطبيق تلازم الخطوات قبل أن تتراجع عن موقفها لرفض نتنياهو التجاوب.ولفتت المصادر إلى أن إعلان رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، عن التحضير للانتقال للمرحلة الثانية من دون تحديد موعد زمني لتنفيذها، يعود القرار فيه إلى مجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه هيكل. وقالت إنه بموقفه يهدف إلى تمرير رسالة إلى ترمب وهو يستعد للقاء نتنياهو يؤكد فيها التزام لبنان بالمراحل لتطبيق حصرية السلاح، وأن تسهيل انتشار الجيش لهذه الغاية يتطلب الضغط على إسرائيل لإلزامها اتخاذ خطوات من الاتفاق الذي نص على وقف الأعمال العدائية.ورأت أن استبعاد رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، شبح الحرب عن لبنان لم يأت من فراغ، وإنما جاء تتويجاً للاتصالات التي يجريها، وأولها بالإدارة الأميركية؛ مما يعني أن لديه رهاناً بتدخل ترمب لدى نتنياهو لمنعه من جنوحه نحو توسيع الحرب.

جنود لبنانيون قرب سيارة استهدفتها مسيّرة غسرائيلية في الجنوب (إ.ب.أ)

لكن المصادر سألت: «لماذا لم يتريث قاسم ريثما تنتهي القمة الأميركية - الإسرائيلية ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه بدلاً من حرقه المراحل برفعه سقفه السياسي، متهماً السلطة بالعمل لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل لمطالبتها بحصر سلاح (حزب الله)؟ وهل استبق مواقفه هذه بإعلام عون بما لديه من مخاوف وهواجس عبر حواره المتقطع مع رئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد الذي يُفترض، في غياب التواصل المباشر، أن يحيط الموفد الرئاسي، العميد المتقاعد أندريه رحال، بما يدعوه إلى القلق؟».كما سألت قاسم عن «المقصود من كلامه بأنه لن يعطي شيئاً بعد الآن؟ وهل يريد ثمناً سياسياً ليقدم مزيداً من العطاءات، مع أن ما قدمه، وتحديداً في جنوب الليطاني، أدى إلى وقف إطلاق النار ولو من جانب لبنان، وهذا ما ألحّ عليه (الحزب) ووافق على مندرجاته بتفويضه حليفه رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الذي توصل إليه مع الوسيط الأميركي في حينها آموس هوكستين من دون أن يبدي (الحزب) ما ينم عن عدم رضاه؟ وهل يريد أن يحاكم السلطة على النيات باتهامها بالعمل لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة، مع أن المطلوب منه إيداع الدولة سلاحه انسجاماً مع تأييده القرارات الدولية الخاصة بلبنان، إضافة إلى (اتفاق الطائف)، وأن أحداً لم يطالبه بنزعه لمصلحتهما؟».بدورها، قالت مصادر سياسية في معرض ردها على اتهامات قاسم بأن الدولة، وفق ما لديها من معلومات، «لم تطلب منه تسليم سلاحه لإسرائيل والولايات المتحدة، بقدر ما أن المطلوب من (الحزب) إيداع الدولة ما تبقى منه لتحصين موقفها في المفاوضات التي تتجاوز الـ(ميكانيزم) إلى واشنطن؛ لأنها كانت تعهدت بإلزام تل أبيب تطبيق وقف الأعمال العدائية بإسقاط ما تتذرع به لتوسعة الحرب بحجة استعادة (الحزب) قدراته العسكرية»، وأكدت أن «(الحزب) بتسليمه سلاحه للدولة يكون قد أوفى بتأييده تطبيق القرار (1701) الذي كان يفترض أن ينفّذ في أعقاب انسحاب إسرائيل من الجنوب في أيار (مايو) 2000 استكمالاً لجمع السلاح غير الشرعي».وسألت: «كيف يوفق (الحزب) بين احتفاظه بسلاحه وتأييده (1701) الذي ينص على بسط سلطة الدولة على كل أراضيها، معطوفاً على القرار (1559) الذي نص على نزع سلاح المجموعات المسلحة، والقرار (1680) المتعلق بضبط الحدود اللبنانية - السورية وترسيمها براً وبحراً لوقف أعمال التهريب».

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم (رويترز)

ولفتت إلى أنه «كان حريٌّ بقاسم بدل اتهامه السلطة، أن يسحب وزيريه من الحكومة؛ لأنه ليس من المستحسن أن يتعايش الأضداد تحت سقف واحد، مع أنه باتهامه يناقض نفسه بموافقته على البيان الوزاري، وتحديداً ما يتعلق باحتكار الدولة السلاح، وانقلابه لاحقاً على الحكومة». وقالت إنه «بمواقفه التصعيدية يحشر حزبه، قبل الآخرين، ويحرج السلطة. وإلا فما هو تفسيره لموقف سابق طمأن به المستوطنات في شمال فلسطين بأنه لا خطر عليها، وأن سلاحه للدفاع عن النفس وليس لأغراض قتالية أو هجومية، وبالتالي فأين سيصرف استعادته قدراته العسكرية؟ وألَم يكن في غنى عن توفير الذرائع لنتنياهو؟».وقالت إن لبنان يدفع فاتورة «لا تقدر تكاليفها بثمن؛ سواء أكانت مادية أم بشرية، وجاءت نتيجة تفرّد (الحزب) بإسناده غزة. والحكومة تعمل على محو آثار ما خلفه العدوان على لبنان، وهي تسعى جاهدة لتقديم أوراق اعتمادها للمجتمعَين الدولي والعربي لإدراج لبنان في لائحتَي اهتمامهما المشروط بأولوية حصر السلاح، وأنه لا إعمار للقرى المدمرة من دون تسليمه بحصريته دون شروط، وهذا ما يشكل عائقاً أمام استعجال انعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش».وأكدت المصادر أن الاجتماع التحضيري للمؤتمر، الذي كان عُقد في باريس، حدد موعداً مبدئياً لانعقاده في فبراير (شباط) المقبل، «لكنه ربط مكان وزمان انعقاده بحصرية السلاح بيد الدولة. وماذا يمنع قاسم من وقوفه خلفها بدلاً من إضاعته الفرصة، بتوفير الدعم المطلوب لتقوية موقفها في التفاوض مع واشنطن؛ لأن مزايدته الشعبوية بحثاً عن ثمن سياسي لن تُصرف محلياً ولا خارجياً، ولن يتأمن إلا من خلال الدولة أساساً لعودة الاستقرار للجنوب بالتزامها مسبقاً دفترَ الشروط الدولي والعربي للضغط على إسرائيل للانسحاب منه؟ وهل تكمن مصلحته في دخوله بمواجهة مع الحكومة وخصومِه؛ هي أشبه بمغامرة سياسية؟ ولن يسترضي بيئته ولا المزاج الشيعي في حال تأخر الإعمار بغياب توفير المساعدات الموعود بها لبنان في مقابل إدراجه حصرية السلاح بنداً أول على جدول أعمال الدولة».


تسوية حسمت رئاسة البرلمان العراقي في جلسة «انسيابية»

نواب يحضرون الجلسة الأولى للبرلمان السادس في بغداد (أ.ف.ب)
نواب يحضرون الجلسة الأولى للبرلمان السادس في بغداد (أ.ف.ب)
TT

تسوية حسمت رئاسة البرلمان العراقي في جلسة «انسيابية»

نواب يحضرون الجلسة الأولى للبرلمان السادس في بغداد (أ.ف.ب)
نواب يحضرون الجلسة الأولى للبرلمان السادس في بغداد (أ.ف.ب)

طويت واحدة من أكبر العقد السياسية في العراق، مع انتخاب مجلس النواب، الاثنين، النائب هيبت حمد عباس الحلبوسي رئيساً للبرلمان للدورة السادسة، بعد تسوية وصفت بالسلسة، مهدت لها انسحابات مدروسة، وتفاهمات سياسية جرت في الكواليس، وحظيت بتأييد قوى شيعية، وكردية، وفق مصادر سياسية تحدثت لـ«الشرق الأوسط».

وجاء انتخاب الحلبوسي في جلسة افتتاحية اتسمت بالهدوء، والانسيابية، لتشكل أول اختبار فعلي للتوازنات التي أفرزتها الانتخابات التشريعية التي جرت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، وسط توقعات بانعكاس هذا التفاهم على مسار تشكيل الحكومة المقبلة.

وحصل الحلبوسي، القيادي في حزب «تقدم»، على 208 أصوات من أصل 309 نواب شاركوا في التصويت، متقدماً بفارق كبير على منافسه سالم العيساوي الذي نال 66 صوتاً، في حين خرج المرشح الثالث عامر عبد الجبار من السباق مبكراً. وأدار الجلسة النائب الأكبر سناً عامر الفايز.

هيبت الحلبوسي (وسط) أصبح رئيساً للبرلمان العراقي بعد انتخابه في الجلسة الافتتاحية يوم 29 ديسمبر 2025 (أ.ب)

تسوية البيت السني

بحسب مصادر مطلعة، فإن الحسم السريع لمنصب رئاسة البرلمان كان ثمرة اتفاق داخلي بين القوى السنية، عقب إعلان رئيس تحالف «العزم» مثنى السامرائي انسحابه من الترشح خلال الجلسة الأولى.

وأشارت المصادر إلى أن الانسحاب جاء بعد تفاهم على إعادة توزيع المناصب الوزارية، والاستحقاقات بين القوى السنية المشاركة في العملية السياسية، بما يضمن تمثيلاً متوازناً لها في الحكومة المقبلة.

وقبل بدء الانتخاب، أعلن السامرائي انسحابه من الترشح لرئاسة البرلمان، مؤكداً دعمه لمرشح المجلس الوطني «الإطار السني» هيبت الحلبوسي، وذلك خلال انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان بحضور 292 نائباً، وثمّن رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي موقف السامرائي موجهاً الحديث له في كلمة أمام النواب قائلاً: «أنت من القيادات السياسية التي نعتز بها».

وأكدت المصادر أن هذا الاتفاق حظي بدعم غير معلن من قوى شيعية فاعلة، وافقت على الخيارات السنية المتعلقة برئاسة البرلمان وبحصة المكون السني في السلطة التنفيذية، في إطار تفاهم أشمل يهدف إلى تسريع تشكيل الحكومة، وتجنب سيناريوهات الانسداد السياسي التي شهدها العراق في دورات سابقة.

وكان المجلس السياسي الوطني، الذي يضم أبرز القوى السنية، قد عقد اجتماعاً في منزل خميس الخنجر مساء الأحد، انتهى دون إعلان رسمي عن اتفاق، ما عكس حينها وجود تباينات.

غير أن الساعات اللاحقة شهدت تقاطعاً في المواقف، تُرجم عملياً بانسحاب السامرائي ودعم ترشيح الحلبوسي بوصفه ممثل الأغلبية السنية.

فايز عامر (في الوسط) أقدم أعضاء البرلمان يترأس جلسة انتخاب رئيس البرلمان بينما يحضر النواب المنتخبون حديثاً الجلسة الأولى للمجلس في بغداد (أ.ف.ب)

تثبيت التوازنات

يُنظر إلى انتخاب هيبت الحلبوسي على أنه تثبيت لدور القوى السنية داخل المؤسسة التشريعية، وإعادة إنتاج لقيادة البرلمان من داخل حزب «تقدم»، الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

ويعد هيبت الحلبوسي، البالغ من العمر 45 عاماً من الوجوه البرلمانية البارزة منذ عام 2018، وسبق له أن ترأس لجنة النفط والطاقة، ما منحه حضوراً في ملفات اقتصادية حساسة.

ويأتي هذا التطور في ظل نظام المحاصصة المعتمد في العراق منذ عام 2005، والذي يخصص رئاسة الحكومة للمكون الشيعي، ورئاسة البرلمان للمكون السني، ورئاسة الجمهورية للمكون الكردي.

وبعد انتخاب رئيس البرلمان، باشر المجلس إجراءات اختيار نائبيه، وفقاً للعرف السياسي يمنح أحد المنصبين لشيعي، والآخر لكردي.

بالتوازي مع ذلك، عزز «الإطار التنسيقي» موقعه داخل البرلمان عبر تقديم تواقيع الكتلة النيابية الأكبر رسمياً إلى رئيس البرلمان المنتخب، في خطوة تؤشر إلى المضي قدماً نحو استحقاق تسمية رئيس الوزراء. وأكد نواب في الإطار أن إعلان الكتلة الأكبر جاء بعد استكمال انتخاب رئاسة المجلس ونائبيه، تمهيداً لبدء المسار الدستوري لتشكيل الحكومة.

في المقابل، فتح الموقف الكردي نقاشاً موازياً، بعدما دعا رئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني إلى تغيير آلية انتخاب رئيس الجمهورية، بما يضمن تمثيلاً حقيقياً لشعب كردستان، معتبراً أن المنصب يجب ألا يُتعامل معه على أنه حصة حصرية لطرف بعينه، وهو ما ينذر بجولة تفاوض جديدة داخل البيت الكردي.

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

ويواجه البرلمان الجديد استحقاقات دستورية ضاغطة، إذ ينص الدستور على انتخاب رئيس للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من الجلسة الأولى، يعقبها تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة خلال خمسة عشر يوماً، على أن تُعرض التشكيلة الوزارية خلال ثلاثين يوماً أخرى.

وفي بلد اعتاد على التشرذم السياسي وطول فترات التوافق، يبدو أن التسوية السنية السنية التي أنتجت انتخاب رئيس البرلمان، بدعم شيعي ضمني، قد تشكل نموذجاً لتفاهمات أوسع، إذا ما كُتب لها الاستمرار، في مرحلة يراهن فيها العراقيون على استقرار سياسي يوازي الاستقرار الأمني النسبي الذي تشهده البلاد.

تاريخ من الانسداد

شهد العراق في أكثر من دورة تشريعية عمليات انتخاب متعثرة لرئاسات السلطات الدستورية، عكست عمق الانقسامات السياسية، وهشاشة التوافقات بين المكونات، وغالباً ما تحولت هذه الاستحقاقات إلى بوابة انسداد سياسي طويل.

في دورة 2010، استمرت الخلافات أشهراً بعد الانتخابات التي تصدرها ائتلاف «العراقية» بزعامة إياد علاوي، قبل أن تنتهي بتسوية سياسية معقدة عُرفت باتفاق أربيل، أعادت نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة رغم عدم فوزه بالمرتبة الأولى، فيما تأخر انتخاب رئيس مجلس النواب وتشكيل الحكومة نحو تسعة أشهر.

أما دورة 2014، فقد جرت الانتخابات في ظل أجواء أمنية بالغة التعقيد مع تمدد تنظيم «داعش»، ورغم انتخاب سليم الجبوري رئيساً لمجلس النواب في الجلسة الأولى، فإن تشكيل الحكومة واجه عراقيل كبيرة بسبب الخلاف على الولاية الثالثة لنوري المالكي، قبل أن يُحسم الأمر بتكليف حيدر العبادي بعد أسابيع من التجاذبات الداخلية، والضغوط الدولية.

وفي دورة 2018، برز التعثر بشكل أوضح، إذ فشل البرلمان الجديد في انتخاب رئيس له في جلسته الأولى بسبب انقسام القوى السنية، ما اضطره إلى عقد جلسة لاحقة جرى فيها انتخاب محمد الحلبوسي بعد تفاهمات متأخرة. كما امتدت المفاوضات أشهراً لاختيار رئيس الوزراء، قبل أن يتم تكليف عادل عبد المهدي باعتبار أنه مرشح تسوية بين كتل متنافسة.

غير أن أكثر حالات الانسداد وضوحاً سجلت في دورة 2021، حين دخل العراق في أزمة سياسية استمرت قرابة عام كامل، نتيجة الخلاف الحاد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي. وفشل البرلمان في أكثر من جلسة في انتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين، ما عطل استكمال الاستحقاقات الدستورية، قبل أن تنتهي الأزمة بتشكيل حكومة محمد شياع السوداني بعد انسحاب نواب التيار الصدري، وإعادة رسم موازين القوى داخل البرلمان.


«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
TT

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)
المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية يُتوقّع أن تكون على جدول محادثات الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة في وقت لاحق.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام»، الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة، في بيان مصوّر، إن «شعبنا يدافع عن نفسه، ولن يتخلى عن سلاحه طالما بقي الاحتلال، ولن يستسلم ولو قاتل بأظافره».