الكاظمي يطالب بتحقيق «شفاف» في «تسريبات وحملات تسقيط»

قال إنه لم يستخدم «خزائن الوثائق» لضرب خصومه

رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
TT

الكاظمي يطالب بتحقيق «شفاف» في «تسريبات وحملات تسقيط»

رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)

وجّه رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، رسالة مطولة إلى رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، طالبه فيها بفتح تحقيق «جديّ وشفاف» للوقوف على اتهامات طالته وشخصيات بارزة من مساعديه بمخالفات خلال توليه رئاسة الوزراء لنحو عام ونصف حتى مايو (أيار) عام 2020.

ووفق النص المتداول على منصات الإعلام المختلفة منذ مساء الثلاثاء، فإن الكاظمي بعث بالرسالة ذاتها إلى معظم الجهات والشخصيات الفاعلة في المشهد السياسي، وضمنهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مؤشر على رغبته في حث تلك الجهات على وقف ما يعدّها «حملات متعمدة لتشويه السمعة» تستهدف ولايته في الحكومة العراقية.

ماذا حدث؟

جاءت الرسالة على خلفية «تسريب» ما قيل إنها اعترافات من ضياء الموسوي، المدير السابق في جهاز المخابرات، الذي كان أحد مساعدي الكاظمي خلال رئاسته الجهاز ورئاسة الوزراء لاحقاً، تضمنت اتهامات بعمليات ابتزاز وفساد واسعة نفذها رئيس «لجنة الأمر الديواني 29» الفريق أحمد أبو رغيف. واللجنة شكلها الكاظمي لملاحقة قضايا الفساد الكبرى، لكنها انتهت بحلها مع وصول رئيس الوزراء محمد السوداني إلى السلطة وملاحقه الضباط الذين عملوا بها، وضمنهم أبو رغيف.

وعلقت مصادر قانونية على نص الاعترافات المزعومة، بالقول إنها «تخلو من تواقيع أصولية لضابط التحقيق، كما لا تتضمن تواريخ، ولم تأتِ في سياق وثيقة رسمية يمكن الاعتداد بها».

الكاظمي مصافحاً ضابط شرطة قرب منزله في «المنطقة الخضراء»... (إكس)

وتحدث الكاظمي في رسالته الموجهة إلى رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، عن «قوى سياسية بدأت وبوقت مبكر من توليه منصب رئاسة الوزراء بزرع صور مشوهة وأفكار مسمومة وروايات مدسوسة في أذهان الناس، استثمرت الفضاء السياسي والإعلامي وسيلة لخلق واقع افتراضي من الكراهية والتضليل».

ورغم عدم إشارة الكاظمي الصريحة إلى تلك القوى، فإن المعروف أن بعض قوى «الإطار التنسيقي»، التي دعمت سابقاً وصوله إلى السلطة، صارت تناصبه العداء لاحقاً، وقد اصطدم في مرحلة من ولايته مع فصائل مسلحة منضوية تحت مظلة «الإطار التنسيقي» و«هيئة الحشد الشعبي»؛ مما دفع بتلك القوى إلى تحدي سلطته ودخول «المنطقة الخضراء» وحرق صوره في مايو (أيار) 2021.

وقال الكاظمي، وفق الرسالة، إن «موجة جديدة من حملات الشيطنة والتشويه طالتني بصورة مباشرة عبر ما أطلق عليها (تسريبات)، تفتقر إلى أبسط معايير المهنية والمصداقية، وتظهر بوضوح أنها نفذت بإخراج رديء وبغرض التشهير والانتقام السياسي والتصفية المعنوية، وما تضمنت تلك التسريبات من محتوى مفبرك لا أساس له من الصحة».

وبشأن التسريبات والاعترافات المنسوبة إلى ضياء الموسوي، قال الكاظمي في رسالته إن «ما يحصل اليوم، وخصوصاً حين تخرج هذه الحملات مبنية على اعترافات مفبركة وتروج على أنها رسمية وصادرة من جهات نافذة، وبتمويل واضح المصدر، أو تتم بغطاء من مؤسسات أو فريق أو أفراد يفترض بهم الحياد والمسؤولية والأمانة الوظيفية، لا يعدّ استهدافاً لأشخاص بقدر ما هو تدمير منهجي لما تبقى من رصيد الثقة بين المواطن والدولة».

كانت السلطات العراقية أحالت في أبريل (نيسان) 2023، ضياء الموسوي إلى القضاء بوصفه أحد المتهمين الرئيسيين في سرقة الأمانات الضريبية المعروفة إعلامياً بـ«سرقة القرن».

وفي اتهام صريح لجهات رسمية وإن لم يسمها، ذكر الكاظمي أن «أخطر ما في الأمر أن تسخر أدوات الدولة لخدمة أجندات انتقامية أو نزعات فردية لا تعبأ بمصلحة الوطن ولا بمستقبل مؤسساته، فتتجاوز كل حدود اللياقات والأعراف والقيم الإنسانية والإسلامية والعربية لمصلحة تنافس سياسي لا يجب أن يتخطى حدود أبواب المنازل وسمعة الأعراض، فكيف إذا كان قائماً على فبركات وأكاذيب».

واشتكى الكاظمي من «مسلسل يتكرر يومياً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث ينشط المأجورون في تشويه صورة أي مخالف لهم، وكائناً من كان، عبر اختلاق الأكاذيب والفبركات».

جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

حملات ضد الكاظمي

رغم عدم اشتراك الكاظمي في الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإنه ما زال يتعرض لحملات انتقاد و«تشويه» واسعة، في حين تعتقد مصادر مقربة أن تلك الحملات لا تبتعد كثيراً عن قوى في «الإطار التنسيقي».

لكن الكاظمي لم يغفل عن تذكير خصومه بـ«خزائن الوثائق» التي يملكها في حال رغب في الرد على حملات التشهير ضده، وقال: «لقد كان بمقدوري وأنا مَن عرفت دهاليز السلطة والإعلام وأدواتها، أن ألجأ إلى الأساليب ذاتها طوال سنوات المسؤولية، أو أن أفتح خزائن من الوثائق والأسرار، أو أن أستخدم أوراقاً تمكنني من الرد وبقسوة، وتعزز صورتي وحماية سمعتي وضرب خصومي».

وطلب الكاظمي من رئيس الجمهورية «فتح تحقيق جدي وشفاف يكشف الحقيقة أمام العراقيين ويحدد المسؤوليات بدقة». وقال إن «ما يبث اليوم يطال أسماء كثيرة من أبناء الدولة، موظفين ومسؤولين، لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا يؤدون واجبهم الوظيفي والوطني، فإذا بهم يجدون أنفسهم وقوداً في حملات تسقيط سياسي لا ترحم».

وخلص الكاظمي إلى أن «استمرار هذه الحملات بهذه الصيغة المنفلتة سيقود البلاد إلى هاوية أخلاقية وسياسية خطيرة، وأخشى إذا استمرت الأمور بهذا الشكل، أن نصل إلى لحظة لا تنفع فيها البيانات ولا الوساطات، بل سندفع جميعاً كعراقيين ثمن العبث الممنهج الذي يراد له أن يصبح سلوكاً عاماً».


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض ببغداد في سبتمبر 2024 (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات متكررة من مشاركة الفصائل الموالية لإيران في الحكومة العراقية المقبلة

«واشنطن لن تترك العراق غنيمة بيد إيران؛ لأنه جزء من خريطة الشرق الأوسط الجديد، ويشكل قاعدة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة والسلام وليس الحرب».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقعوا على بيان لإعلانهم الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان العراقي الجديد (واع)

تعليق مؤقت لمفاوضات اختيار مرشح رئاسة الحكومة العراقية

تصل الأخبار والتسريبات الصادرة عن كواليس «الإطار التنسيقي» بشأن «اللجنة الخاصة» لاختيار رئيس الوزراء المقبل إلى حد التضارب والتقاطع في معظم الأحيان.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد شعار البنك المركزي العراقي (وكالة الأنباء العراقية)

المركزي العراقي: لا نؤيد تغييراً أو رفعاً لسعر الصرف

أكد البنك المركزي العراقي الخميس عدم وجود أي نية لتغيير سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.