تجمّع مدني لأبناء جنوب لبنان للضغط باتجاه العودة للحدود مع إسرائيل

ينفون تسييسه... ويُعلن اليوم تحت شعار «عودة... أمان... إعمار»

لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)
لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)
TT

تجمّع مدني لأبناء جنوب لبنان للضغط باتجاه العودة للحدود مع إسرائيل

لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)
لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)

تعلن فعاليات وأهالي بلدات لبنانية حدودية مع إسرائيل، الأحد، عن «تجمع أبناء البلدات الجنوبية الحدودية»؛ بهدف تحقيق العودة الآمنة للناس والبدء بإعمار ما دمرته إسرائيل، في ظل تعثّر المفاوضات الدبلوماسية التي تتيح لهم العودة بعد 9 أشهر على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.

ويأتي الإعلان، وهو الأول من نوعه منذ نهاية الحرب، في ظل انقسام داخلي على تسليم سلاح «حزب الله»، وإقرار ورقة الموفد الأميركي توماس براك التي تشترط تنفيذ «حصرية السلاح» قبل انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار.

تأسيس التجمّع

وتحت شعار «عودة، أمان، إعمار» دعت فعاليات وبعض الأهالي من قرى الحافة الأمامية لأجل تأسيس «تجمع أبناء البلدات الجنوبية الحدودية»؛ بهدف تحقيق العودة الآمنة للناس والبدء بإعمار ما دمرته إسرائيل وتأمين حقوق العائدين، وكذلك مساعدة النازحين في شتى أمور حياتهم إلى حين العودة النهائية إلى قراهم.

لبنانيان يسيران خارج منزلهما المتضرر جراء القصف الإسرائيلي على بلدة حولا بجنوب البلاد (د.ب.أ)

ويقول طارق مزرعاني، وهو أحد الداعين إلى تأسيس التجمع: «نحن تجمع مستقل ليس له أيّ علاقة بالأحزاب وغير سياسي، هدفنا الحصول على مطالب أهالي الشريط الحدودي والنازحين منهم».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تتضمن مطالبنا، تأمين عودة الناس وإعادة الإعمار ودفع التعويضات، وكذلك التركيز على الهموم المعيشية اليومية للنازحين؛ ككلفة إيجارات المنازل ومتطلبات الحياة للعائدين».

منسيون منذ عامين

ومزرعاني، هو من أبناء بلدة حولا (جنوب لبنان) والذي أجبرته الحرب الإسرائيلية على خوض تجربة النزوح، يعتبر أن هذا التجمع يشكّل فرصة للإضاءة على أحوال الناس، والمخاطر الجمّة التي تعيشها جراء الاستهدافات شبه اليومية في القرى الحدودية.

ويتابع: «هي صرخة للتفكير بالناس المنسيين منذ أكثر من عامين، بعد أن خسروا كل شيء، أراضيهم وأملاكهم ومساكنهم ومؤسساتهم»، لذا «أردنا تحريك هذا الملف من خلال خلق تجمع يضم أفراداً من كل قرى الشريط الحدودي، على أمل إحداث تغيير هناك»، حسبما يقول.

ويضيف: «منفتحون على كل الناس والجهات السياسية، ونطلب من كل المعنيين وبكل إيجابية، مساعدتنا في ظل هذا الوضع المزري».

قوات إسرائيلية في بلدة حولا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وعن آليات التحرك يقول مزرعاني: «سنعمل بشتى الوسائل القانونية، سنطرق كلّ أبواب المعنيين ونزور كافة المراجع الرسمية وغير الرسمية وخاصة نواب المنطقة والإدارات الرسمية، للتعريف بالتجمع».

ولكن، ماذا في حال فشلت هذه التحركات ولم تثمر شيئاً، خصوصاً أن المسألة معقدة وأبعد بكثير من رفع الصوت عالياً؟ يقول مزرعاني: «المسألة لن تقتصر على زيارات، وإنما ستأخذ أشكالاً مختلفة من التعبير، كتنفيذ وقفات احتجاجية في الساحات العامة، وتقديم اقتراحات قوانين، وتنسيق زيارات ميدانية للصحافيين للحديث أكثر عن هذه القرى المنسية وغيرها من الأمور».

وأبعد من ذلك يذهب مزرعاني إلى حد التشبيك مع المغتربين لتحسين واقع أهالي البلدات الحدودية، خصوصاً العائلات التي لا تزال نازحة في قرى الجوار، والذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة، منذ ما يقارب العامين.

غير مسيس

ومع أن القيمين على التجمع يؤكدون أنه غير مسيس، لكن موقع إطلاقه في النبطية، لا ينفي أن يكون مدعوماً من ثنائي «حزب الله وحركة أمل»، ويُنظر إلى تأسيس هذا التجمع بوصفه آلية ضغط مدنية على الحكومة اللبنانية، خصوصاً إذا تجاوزت تحركاتهم النداءات، باتجاه تنفيذ اعتصامات ميدانية في الأماكن العامة.

ويرى الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» الدكتور هادي مراد أن مطلب التجمع «محق»؛ إذ «لا بد من عودة كل الجنوبيين إلى قراهم في الوقت المناسب، لكن هذا الأمر يتطلب توفر الأمن والأمان من قبل الطرفين، إسرائيل والحزب».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «برأيي، إن أكبر عائق أمام هذا التجمع هو كلام (حزب الله)، الذي يُصّعد عبر أمينه العام ويقول بفتح معركة كربلائية، وبالتالي هو من يقول لهم لا حياة لكم في حال تحقق سحب للسلاح».

ويتابع: «هي صرخة محقة، ولكن يجب أن توجه إلى القياديين في الحزب كي لا يكون هناك تصعيد، وإلا فما الفائدة من العودة في حال صدق قاسم في حدوث معركة كربلائية».

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

توظيف سياسي

ويرى كثيرون أن التلويح بورقة المدنيين يشبه في أحد جوانبه توظيفات مشابهة كان اختبرها لبنان في عرقلة عمل قوات «اليونيفيل» في الجنوب، ومحطات أخرى.

وفي هذا السياق، يقول مراد: «عادة ما يعبث الحزب بأمن الناس من خلال رميهم في المقدمة وهو يقف متفرجاً في الخلف، كما فعل عند انتهاء مدة اتفاقية وقف إطلاق النار عندما خاطر ببعض الناس ووضعهم في المقدمة وللضغط على اليونيفيل من أجل الانسحاب».

ويضيف: «من المؤكد أن الحزب مستفيد من الضغط الذي يمارسه عامة الناس، بشكل أو بآخر، على اعتبار أن مطلب الحزب بإعادة الإعمار وعودة النازحين لم يسمعه أحد»، في إشارة إلى خروج الحزب من جلسة الحكومة اللبنانية عندما اتخذت القرار التنفيذي بحصر سلاحه، «ما يؤكد أن الحزب اليوم غير قادر على الضغط على الدولة لأنه أصبح خارجاً عن شرعيتها ولا أحد يحميه، وبالتالي هو المستفيد الأكبر من أي ضغط شعبي في هذا السياق».

قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مساران

وفي هذا السياق، يقول الكاتب السياسي المعارض لـ«حزب الله» الدكتور حارث سليمان إن في لبنان مسارين لا ثالث لهما، المسار الأول، يدعو إليه أمين عام الحزب نعيم قاسم، ومضمونه الاحتفاظ بالسلاح ومن ثمّ يعود الناس إلى بيوتهم وقراهم، و«هذا أمر يصعب تحقيقه»، أما المسار الثاني، بحسب ما قاله سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فهو «دبلوماسي، يقوم على أساس تسليم سلاح (حزب الله) مقابل ضمان انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ووقف الاغتيالات وضمان عودة السكان وعقد مؤتمر إعادة الإعمار وغيرها الكثير، وفق ما جاء في بنود الورقة الأميركية التي تبنتها الحكومة اللبنانية، وهذا ما يمكن أن يتحقق بالاتفاق وليس عن طريق الحرب».

وبالتالي، يؤكد سليمان أن «تحقيق عودة الناس وإعادة الإعمار قرى الحافة الأمامية، لن يكون إلا عبر المسار الدبلوماسي وليس خارجه».


مقالات ذات صلة

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.