قيادي في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: نأخذ تهديدات إسرائيل بكل جدية وهي تسيطر فعلياً على القطاع

باسم نعيم يقول إن المفاوضات متوقفة

فلسطيني ينظر إلى الدمار الناجم عن هجوم إسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة يوم الأربعاء (د.ب.أ)
فلسطيني ينظر إلى الدمار الناجم عن هجوم إسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة يوم الأربعاء (د.ب.أ)
TT

قيادي في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: نأخذ تهديدات إسرائيل بكل جدية وهي تسيطر فعلياً على القطاع

فلسطيني ينظر إلى الدمار الناجم عن هجوم إسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة يوم الأربعاء (د.ب.أ)
فلسطيني ينظر إلى الدمار الناجم عن هجوم إسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة يوم الأربعاء (د.ب.أ)

بينما تلوّح إسرائيل من جديد باستخدام ورقة «احتلال» قطاع غزة، بوصفها فرصة لتمرير مشاريع تخدم سياسات رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وبعض وزراء اليمين المتطرف من جهة، وللضغط على حركة «حماس» عسكرياً من جهة أخرى لمحاولة إجبارها على تقديم تنازلات بشأن مطالبها للقبول بوقف إطلاق النار وتسليم الرهائن، أكد قيادي في الحركة أنها تأخذ التهديدات الإسرائيلية «بكل جدية».

ومن المقرر أن يعرض نتنياهو، الخميس، على المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر (الكابينت) مقترحاً يتعلق باحتلال قطاع غزة، وسيطلب فيه من رئيس أركان الجيش إيال زامير، استعراض خطته المتعلقة بذلك.

ويعارض زامير خيار «الاحتلال»، ويفضل خيارات أخرى مثل تقطيع أوصال القطاع، وفرض حصار مشدد على بعض المناطق، وتنفيذ عمليات برية محدودة بحيث لا تؤثر على حياة الرهائن الإسرائيليين.

أما موقف «حماس» وكيفية تعاملها ميدانياً وسياسياً مع تحرك إسرائيل نحو احتلال القطاع، في حال اتخاذ هذا القرار وتنفيذه فعلياً، فغير معروف.

د. باسم نعيم القيادي في حركة «حماس»... (حسابه الرسمي على «فيسبوك»)

لكن باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عن قطاع غزة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن حركته تأخذ التهديدات الإسرائيلية بكل جدية؛ مشيراً في الوقت ذاته إلى أن القطاع فعلياً تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي، براً وبحراً وجواً.

وأضاف: «الاحتلال دخل كل شبر في قطاع غزة على مدار 22 شهراً، وفشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه، فماذا سيفعل أكثر من ذلك إلا مزيداً من القتل والتجويع والتدمير؟».

أوامر نزوح جديدة

وفعلياً دخلت القوات الإسرائيلية غالبية مناطق قطاع غزة منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ وهي تهدد حالياً بدخول مدينة غزة التي انسحبت جزئياً من أحيائها الشرقية منذ نحو أسبوع بعد عمليات تدمير واسعة، فيما لا يزال بعض قواتها في حي التفاح والأجزاء الشرقية والجنوبية من حيي الشجاعية والزيتون.

يأتي هذا وسط تهديدات جديدة بتوسيع العملية في بعض المناطق القريبة من تلك الأحياء بعد إصدار أوامر نزوح جديدة، فيما تردد في وسائل الإعلام العبرية أن من الخطط التي طرحها الجيش الإسرائيلي الدخول لعمق وغرب مدينة غزة، وهي مناطق مكتظة بالسكان والنازحين من شمال القطاع وشرق المدينة.

وكانت القوات الإسرائيلية قد دخلت هذه المناطق لأشهر عدة مرات، وألحقت بها دماراً واسعاً، وتهدمت أبرز معالمها الحكومية والخدماتية، ومنها مجمع الشفاء الطبي.

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار في محيط مركز طبي تابع لـ«أونروا» يؤوي نازحين بعد هجوم إسرائيلي يوم الأربعاء (رويترز)

كما تهدد إسرائيل بالعمل في مخيمات وسط القطاع، وهي التي تعرض بعض أجزائها الشرقية والجنوبية والشمالية لدخول بري محدود، في حين شهدت غالبية المناطق قصفاً جوياً ومدفعياً عن بعد.

«قتل البَشَر وتدمير الحَجَر»

وقال قيادي في حركة «حماس» من داخل قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت إسرائيل تريد الدخول براً وتحتل قطاع غزة في هذه الفترة، فماذا كانت تفعل من قبل؟!»، معتبراً هذا دليلاً على فشل العمل العسكري طوال فترة الحرب، وهو ما يناقض تصريحات نتنياهو الذي تحدث عن قرب حسم المعركة وتحقيق النصر المطلق، على حد قوله.

وأضاف القيادي، الذي فضَّل عدم الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية: «نحن لا نتعامل مع تهديدات وسيناريوهات الاحتلال من خلال ما يريد رسمه في الإعلام، ونأخذ تلك التهديدات على محمل الجد، لكننا نعمل وفق ظروف الميدان وما يُفرض فيه عليه من حرب ومعركة ما زالت الحركة تقودها وتواصلها بما لديها من إمكانات، ووفق ما تحدده الظروف الميدانية».

فلسطينيات ينتحبن خلال تشييع قتلى من منتظري المساعدات في مدينة غزة يوم الأربعاء (رويترز)

وتابع: «إذا أرادوها معركة مفتوحة لسنوات، فنحن لها، وجنودنا في الميدان حاضرون. وإن أرادوا المفاوضات والاتفاق، فنحن أيضاً منفتحون ونريد تجنيب شعبنا ويلات هذه الحرب الإجرامية».

وواصل حديثه قائلاً: «الاحتلال لا يفعل شيئاً في غزة سوى قتل البَشَر وتدمير الحَجَر، ويسعى بكل قوة لأن تكون غزة مجردة من كل معاني الحياة».

مفاوضات متوقفة

تأتي التهديدات الإسرائيلية باحتلال القطاع وسط توقعات بأنها جزء من عملية تكتيكية يقودها نتنياهو داخلياً محاولةً لإرضاء وزراء اليمين المتطرف من جانب، وخارجياً لنقل رسائل إلى «حماس» والفصائل الفلسطينية لإعادتها المفاوضات وتحريكها من جديد.

ويقول باسم نعيم، وهو أحد قادة «حماس» المنخرطين في ملف مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة: «حتى الآن لا يوجد تواصل لاستئناف المفاوضات، وكل ما نسمعه هي التهديدات الإسرائيلية بالتصعيد».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «حماس» سلَّمت ردها منذ أسبوعين للوسطاء، ولا تزال تنتظر من الاحتلال الإسرائيلي رداً رسمياً عبر الوسطاء على موقفها؛ لافتاً إلى أن حركته «أبلغت الوسطاء بعدم جدوى التفاوض في ظل المجاعة والموت الذي يفرضه الاحتلال على شعبنا في قطاع غزة».

وتؤكد مصادر من «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى لـ«الشرق الأوسط أن الاتصالات مع الوسطاء لم تنقطع، ولكنها تخلو حتى الآن من «أي اختراق حقيقي» يتيح استئناف المفاوضات.

ووفقاً للمصادر، فإن الموقف الأميركي الداعم لموقف حكومة نتنياهو هو ما يُعقّد المشهد، ويمنع أي فرصة لتقدم فعلي تجاه التوصل إلى أي اتفاق، الأمر الذي يفرض تساؤلات حقيقية حول النيات الأميركية والإسرائيلية تجاه الوصول إلى اتفاق وصفقة لتبادل الأسرى رغم ما يردده الطرفان في وسائل الإعلام وعبر تصريحات مسؤولين في الجانبين من أنهما معنيَّين بإعادة المحتجزين في غزة.

واقع معقَّد

وعلى الأرض، طلبت إسرائيل، الأربعاء، من سكان مناطق في غرب خان يونس، جنوب القطاع، وفي جنوب مدينة غزة مثل حي الزيتون وأجزاء من حي الصبرة، إخلاءها والنزوح منها.

فلسطينيون يهرعون إلى موقع إسقاط مساعدات جواً في النصيرات وسط قطاع غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من أن بعض المناطق المطلوب إخلاؤها يقع في خان يونس بالقرب من مواصي المحافظة، وأن جزءاً منها يقع في قلب منطقة مجمع ناصر الطبي الذي طُلب عدم إخلائه، فقد طالب الجيش الإسرائيلي سكان أحياء جنوب مدينة غزة بالنزوح إلى المواصي التي يصفها بأنها منطقة إنسانية، رغم الاستهداف المتكرر فيها للفلسطينيين وخيامهم.

يأتي هذا وسط ظروف ميدانية وإنسانية صعبة يعيشها قطاع غزة، وتتفاقم فيها المعاناة مع استمرار سقوط الضحايا الذين ترتفع أعدادهم يومياً، خصوصاً في صفوف منتظري المساعدات.

وتزداد كذلك أعداد المتوفين نتيجة المجاعة وسوء التغذية المتفشيَين. وسجلت وزارة الصحة في غزة، في آخر 24 ساعة (من ظهيرة الثلاثاء إلى الأربعاء) 5 حالات وفاة، ليرتفع العدد إلى 193 منهم 96 طفلاً منذ بداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فلسطيني يحمل دلوَي ماء فيما ينتظر آخرون لتعبئة بعض المياه بمدينة غزة وسط شح حاد يوم الأربعاء (رويترز)

وسجلت الوزارة مقتل 138 وإصابة 771 فلسطينياً خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، مما رفع حصيلة الحرب منذ بدايتها إلى 61158 قتيلاً، و151442مصاباً، من بينهم 9654 قُتلوا منذ فجر الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي بعد استئناف إسرائيل الحرب على غزة في أعقاب وقف إطلاق نار مؤقت استمر شهرين.

كما سُجل وصول 87 قتيلاً و570 مصاباً إلى مستشفيات القطاع في آخر 24 ساعة، من بين منتظري المساعدات، ليرتفع إجمالي الضحايا في صفوفهم منذ نهاية مايو (أيار) الماضي إلى 1655 قتيلاً و11800 جريح.


مقالات ذات صلة

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز) play-circle

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أصدقاء وأقارب للفلسطيني الراحل محمد الجرو يحملون جثمانه خلال جنازته داخل دير البلح يوم 9 ديسمبر 2025 بعد استشهاده في غارة جوية إسرائيلية (أ.ف.ب) play-circle

«حماس»: لا حديث عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل التزام إسرائيل ببنود الأولى

أكد قيادي في حركة «حماس» أن الحركة تشترط وقف الخروقات الإسرائيلية قبل بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي يوجِّه سلاحه خلال عملية عسكرية في بلدة قلقيلية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

استطلاع: غالبية الإسرائيليين يتوقعون حرباً خلال العام المقبل

أظهر استطلاع جديد أن غالبية الإسرائيليين يخشون انخراط بلادهم في حرب جديدة خلال العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «حماس» تؤمّن منطقة بمدينة غزة يبحث فيها فريق مصري برفقة أفراد من «الصليب الأحمر» عن جثة آخر رهينة إسرائيلي يوم الاثنين (أ.ف.ب)

اتفاق غزة... الأنظار معلقة على المرحلة الثانية

في مساعٍ حثيثة للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تجري محادثات «أكثر جدية» للتمهيد لمرحلة مفاوضات غير مباشرة متقدمة.

محمد محمود (القاهرة) «الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون يسيرون أمام المباني المدمرة في حي تل الهوى بالجزء الجنوبي من مدينة غزة (أ.ف.ب)

«تفاصيل إسرائيلية» جديدة تهدد تقدم «اتفاق غزة»

أحاديث إسرائيلية جديدة بشأن رسم خط حدودي جديد وشكل مغاير لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتقاطع مع تقديرات بقرب الانتقال للمرحلة الثانية.

محمد محمود (القاهرة )

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
TT

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)

ألقت قوى الأمن الداخلي في اللاذقية القبض على العميد الطيار فائق أيوب مياسة الذي كان عضواً في اللجنة العسكرية لدى النظام البائد، التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة ضد الشعب السوري الأعزل.

ونقلت وكالة «سانا» الرسمية، عن قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، أن وحدات مديرية الأمن الداخلي في منطقة الحفة، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، نفذت عملية أمنية نوعية، بعد رصد وتتبع دقيق استمر عدة أيام، أسفرت عن إلقاء القبض على العميد الركن الطيار فائق أيوب مياسة المتحدر من قرية لقماني في ريف اللاذقية.

وأشار الأحمد إلى أن مياسة تدرج في المناصب العسكرية، حيث تخرج برتبة ملازم طيار، وعمل في مطار حماة العسكري عام 1982، وعُيّن قائد أركان للواء 63 في مطار تفتناز العسكري بداية الثورة السورية، وتولى مهام تحديد بنك الأهداف بالاشتراك مع غرفتي العمليات الجوية والبرية، الواقعتين في معسكر المسطومة بريف إدلب، لتستهدف تلك المواقع لاحقاً بالطيران المروحي.

برميل أسقطه النظام السوري في بلدة إنخل في درعا جنوب سوريا (أرشيف - رويترز)

وأقر مياسة خلال التحقيقات الأولية بأنه كان عضواً في اللجنة العسكرية التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة، كما تولّى مسؤولية تحديد عدد من المواقع في مختلف المحافظات؛ لاستهدافها بالبراميل المتفجرة والألغام البحرية.

وأكد قائد الأمن الداخلي باللاذقية الالتزام ببذل قصارى الجهد لسوق كل مجرم تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة؛ لضمان محاسبته وفقاً للقانون.

وتأتي هذه العملية في إطار جهود وزارة الداخلية والجهات المعنية في ملاحقة ومحاسبة مسؤولي النظام البائد المتورطين بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق الشعب السوري، انطلاقاً من تطبيق العدالة الانتقالية، وضمان حقوق الضحايا وأسرهم، وعدم إفلات أي مجرم من المساءلة.


تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة، سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة الاحتلال (شرق الخط الأصفر)، والمواقع التي تعمل فيها حركة «حماس» (غرب الخط).

ووفق مصادر ميدانية في الفصائل الفلسطينية في غزة، فإن إسرائيل تسابق الزمن قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، عبر تثبيت حقائق ميدانية جديدة على الأرض عبر نسف المنازل وتسوية الأراضي بما يسمح لها بكشف المنطقة التي تريد أن تصبح منطقة عازلة جديدة في القطاع.

وتتوافق تلك التطورات الميدانية، مع تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الأحد الماضي، من داخل قطاع غزة خلال تفقده قواته، إذ قال إن «الخط الأصفر يشكل خط حدود جديداً، وخط دفاع متقدماً للمستوطنات، وخط هجوم».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

لكن القيادي في «حماس» حسام بدران، رأى أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي «تكشف بوضوح عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار»، ومشيراً إلى أن «مواصلة هدم منازل الفلسطينيين داخل الخط الأصفر تمثل امتداداً للأعمال العسكرية التي كان يفترض أن تتوقف منذ اليوم الأول للاتفاق».

وأكد بدران، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء، أن الحركة تشترط وقف الخروقات الإسرائيلية قبل بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع دعوتها الوسطاء للضغط على إسرائيل.

السيطرة على شارع صلاح الدين

وشرح أحد المصادر من الفصائل لـ«الشرق الأوسط» أن ما تم رصده مؤخراً بشأن نطاق العمل الإسرائيلي في مواقع مختلفة من القطاع بات يؤكد أن «المخطط الحقيقي هو السيطرة على مسافة تقارب 3 كيلومترات من حدود مستوطنات غلاف غزة ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وحتى شارع صلاح الدين الرئيس، وتحديداً قبالة خان يونس، ومدينة غزة وصولاً إلى حدود جباليا وبيت لاهيا».

وشارع صلاح الدين طريق حيوي ورئيسي، ويمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، وكانت مسألة السيطرة عليه ذات أهمية عسكرية كبرى خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، وركزت التحركات الإسرائيلية على قطعه بمحاور مختلفة.

شارع صلاح الدين في قطاع غزة

وذكر المصدر أن مدينتي رفح (أقصى جنوب غزة) وبيت حانون (أقصى الشمال)، محتلتان بالكامل، وفي حال انسحبت إسرائيل منهما، فإنها ستتركهما مدمرتين تماماً، وتواصل حالياً الإجهاز على ما تبقى فيهما.

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية تهدف من خلال الاستهدافات المتكررة يومياً دون توقف، سواء بالتقدم براً أم عمليات القصف الجوي والمدفعي والنسف وغيرها، إشعار السكان الذين يحاولون العودة بالقرب من الخط الأصفر، بعدم قدرتهم على البقاء في تلك المناطق وأن حياتهم ستبقى في خطر دائم، وأنهم يجب أن يبقوا في عمق المناطق الغربية للقطاع من دون أن يتقدموا أكثر من ذلك.

منطقة عازلة أعمق

وقبيل الحرب الأخيرة، كانت المنطقة العازلة بين مستوطنات غلاف غزة والقطاع تصل إلى نحو 300 متر فقط من السياج، وفي بعض المناطق تكون أقل في ظل اعتماد القوات الإسرائيلية على أدوات تكنولوجية لكشف أي خطر، الأمر الذي أسهم، وفق بعض التقديرات، في تمكين «حماس» من الهجوم المباغت في السابع من أكتوبر.

وحسب المصادر، تسعى القوات الإسرائيلية حالياً إلى تثبيت سيطرتها الأمنية داخل قطاع غزة، من خلال إظهار قدرتها على توسيع المنطقة العازلة لتصل إلى مسافة شاسعة عبر استخدام وسائل تكنولوجية، وبما «يسمح لها لاحقاً بتثبيت قواعد إطلاق نار جديدة والتعامل مع أي هدف يتحرك في تلك المناطق، وبما يحرم السكان من العودة إليها لاحقاً حتى لو انسحبت إلى مساحات أخرى».

وقال مصدر إن «إسرائيل ستسيطر على تلك المنطقة العازلة الجديدة نارياً عن بُعد، وقد تقوم بعمليات مباغتة عبر قوات خاصة تنصب كمائن فيها، أو من خلال عمليات توغل برية من حين إلى آخر بالتقدم والتراجع كما تفعل حالياً بهدف إشعار السكان بعدم وجود أي أمان بوجودهم في تلك المناطق».

تمركزات استراتجية جديدة

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية حالياً لا تتمركز عند الخط الأصفر تماماً، وهي في حالة حركة مستمرة، تارةً بالتقدم إلى خارجه وتوسيع سيطرتها، وأخرى عبر التراجع إلى مناطق بعيدة أو من خلال التنقل من مكان إلى آخر بما يسمح لها بتجريف مساحات جديدة، أو وضع عربات مفخخة ثم تفجيرها بتلك المناطق.

وأشار أحد المصادر، وهو في منطقة قريبة من وسط قطاع غزة إلى أن القوات الإسرائيلية تحافظ على مسافات معينة في وسط القطاع «ولم تتقدم فيها بشكل كبير حتى الآن، وتحافظ على وجودها عند الخط الأصفر بنسب متفاوتة»، مرجحاً «حفاظها على قوة نارية عند الضرورة».

جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

وقال المصدر إن القوات الإسرائيلية تلجأ إلى استحداث مواقع عسكرية في مناطق استراتيجية ذات طبيعة جغرافية مرتفعة لكشف مساحات كبيرة، كما هي الحال في جبل الصوراني شرق حي التفاح لكشف مناطق واسعة من الحي ومناطق قرب جباليا (شمال غزة)، إلى جانب تلة المنطار التي تكشف حيي الشجاعية والزيتون.

وكشفت المصادر أن القوات الإسرائيلية استحدثت، الأحد الماضي، موقعاً استراتيجياً جديداً على تبة الظهرة، بمنطقة معن شرق خان يونس (جنوب القطاع) يكشف غالبية المدينة بما فيها أجزاء من غربها، ما يظهر سيطرتها الأمنية على غالبية هذه المناطق.

وتسمح هذه المرتفعات العالية، للقوات الإسرائيلية بكشف أي تحركات، وإطلاق النار يومياً تجاه أقرب نقاط ممكنة خاصةً عند شارع صلاح الدين الذي تخطط تلك القوات ليكون بداية المنطقة العازلة بالنسبة لها، كما تشرح المصادر.

ترمب يضغط

وأظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عزمه على المضي قدماً في المرحلة الثانية من خطته في قطاع غزة، بما قد يشمل تنفيذ إسرائيل انسحابا ثانياً محتملاً، بحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وذلك على الرغم من محاولة إسرائيل جعل الخط الأصفر الحالي حدوداً جديدة لغزة.

وقال المحلل العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل إن «ترمب يعتزم إجبار الأطراف على الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي قد تشمل انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من القطاع».

ويقدر هارئيل أن ترمب سيضغط نحو اتفاق ينشر بموجبه الجيش الإسرائيلي قواته على مقربة من الحدود في مساحة أقل، لكنه لأكد ان ذلك سيكون رهن بنتائج لقاء ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو نهاية الشهر الحالي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست بالقدس يوم 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وقالت مصادر عسكرية لـ«هيئة البث الإسرائيلي» (كان) إن الجيش سيبقى متمركزاً على امتداد هذا الخط خلال المرحلة الثانية أيضاً، مع قدرة مراقبة وسيطرة نارية على عموم القطاع دون العودة إلى إدارة شؤون سكانه.

وبحسب المصادر، فإن الانتشار الجديد يحقق لإسرائيل تفوقاً ميدانياً دون تحمل أعباء مدنية تتعلق بالغذاء والمياه والدواء والخدمات الصحية. ووصف مصدر عسكري هذه الصيغة بأنها «إنجاز عملياتي كبير».

لكن التقييم في إسرائيل بحسب محادثات ورسائل أميركية نُقلت إلى تل أبيب أن ترمب لن يوافق على ذلك، وسيطلب من الجيش تنفيذ انسحاب ثاني بحسب خطته.

وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية، أن ترمب بدأ فعلاً بزيادة الضغط للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة. وبحسب القناة فإن نتنياهو الذي سيلتقي ترمب سيكون أمام اختبار بعدما عقد زامير مهمته. وأضافت: «عرض زامير احتياجات إسرائيل الأمنية قبل التقدم في الاتفاق، ووضع رئيس الوزراء نتنياهو في مأزق مع الرئيس ترمب».


3 قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
TT

3 قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)

ذكرت قناة «الإخبارية السورية» التلفزيونية مساء اليوم الثلاثاء أن قذائف «مجهولة المصدر» سقطت في محيط مطار المزة في العاصمة دمشق، من دون أن تسفر عن أي إصابات.

إلى ذلك، كشف مصدر عسكري للوكالة السورية عن «استهداف محيط مطار المزة العسكري بدمشق بـ3 قذائف دون وقوع إصابات أو أضرار مادية». وأوضحت الوكالة: «الجهات المختصة انتشرت في محيط مطار المزة العسكري وبدأت التحقيقات لتحديد مصدر القذائف».

وذكرت «رويترز» في نوفمبر (تشرين الثاني) أن الولايات المتحدة تعتزم تأسيس وجود عسكري في قاعدة جوية بدمشق للمساعدة في تهيئة الظروف لاتفاقية أمنية تتوسط فيه بين سوريا وإسرائيل.

وتقع القاعدة الجوية عند مدخل أجزاء من جنوب سوريا يُتوقع أن تشكل منطقة منزوعة السلاح في إطار اتفاقية عدم اعتداء مستقبلي بين إسرائيل وسوريا.

ونقلت «سانا» في ذلك الوقت عن مصدر في وزارة الخارجية السورية نفيه ما ورد في تقرير «رويترز»، قائلا «لا صحة لما نشرته وكالة رويترز عن القواعد الأميركية في سوريا».

وتتوسط الولايات المتحدة بين سوريا وإسرائيل لخفض التوتر والتوصل إلى اتفاقية أمنية تأمل دمشق أن يفضي إلى التراجع عن عمليات الاستيلاء التي نفذتها إسرائيل على أراضيها في الآونة الأخيرة.