حملات حزبية تعطل برلمان العراق قبل أشهر من الانتخابات

تفكك التحالف الشيعي - الكردي كسر التوافق السياسي

البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)
البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)
TT

حملات حزبية تعطل برلمان العراق قبل أشهر من الانتخابات

البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)
البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)

يقترب البرلمان العراقي من نهاية عمره الدستوري مع بدء الاستعدادات للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بينما يشهد أداء المؤسسة التشريعية تراجعاً ملحوظاً في ظل تأجيل قوانين مهمة تحتاج إلى توافق سياسي.

وانتهت يوم السبت الماضي العطلة البرلمانية الأخيرة، وكان من المفترض أن تُستأنف الجلسات، إلا أن نشاط النواب بدا منخفضاً بشكل واضح في ظل انشغالهم وأحزابهم بالحملات الانتخابية المبكرة، بحسب مراقبين، وصحافيين.

ويستعد معظم أعضاء البرلمان الحالي، البالغ عددهم 329 نائباً، لخوض الانتخابات المقبلة مع تصاعد حركة التنقلات بين القوائم والأحزاب، في حين ينخرط آلاف المرشحين الآخرين من خارج البرلمان الحالي في حملات للتنافس على مقاعد الدورة القادمة، في وقت تُعد هذه الدورة من أكثرها تعثراً منذ بدء الحياة البرلمانية في العراق عام 2005 بعد إقرار أول دستور دائم للبلاد.

وبحسب جدول الأعمال الذي أعدته الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، فإن الفقرات المدرجة تتعلق بمشاريع قوانين غير جدلية، أبرزها: «التصويت على مقترح قانون نقابة المبرمجين العراقيين، والتصويت على مشروع قانون الصحة النفسية، والتصويت على مشروع قانون الحماية من أضرار التبغ، والقراءة الأولى لمقترح قانون اتحاد المستشفيات الخاصة في العراق، وتقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمقترح قانون التعديل الأول لقانون الهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية».

وتضمن جدول الأعمال أيضاً «تقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمقترح قانون التعديل الثالث لقانون تعويض المتضررين الذين فقدوا أجزاءً من أجسادهم جراء ممارسات النظام البائد رقم (5) لسنة 2009، بالإضافة إلى تقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمشروع قانون انضمام جمهورية العراق إلى اتفاقية تعديل اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية».

كتل البرلمان العراقي تواجه صعوبات في تشريع قوانين أساسية (موقع البرلمان)

برلمان بنصف رأس

البرلمان الحالي، الذي يوشك أن ينهي دورته بجملة إحباطات كما يصفها طيف من المراقبين، فشل في تشريع مشاريع قوانين أساسية مؤجلة منذ أول دورة برلمانية عام 2005، مثل قانون النفط والغاز، ومجلس الاتحاد، وغيرهما من القوانين التي تحتاج إلى توافق سياسي، أو تمريرها ضمن ما يُعرف بـ«السلة الواحدة»، كما حصل في الدورة الحالية مع قوانين مثل: الأحوال الشخصية، والعفو العام، واستعادة العقارات، والتي مررت بصفقة واحدة بين أحزاب شيعية وسنية وكردية.

لكن هذه الدورة، وعلى خلاف سابقاتها، عانت من إشكاليات سياسية أثرت بشكل مباشر على مسار عملها، خاصة في تشريع القوانين المهمة. فبعد عدة أشهر من بداية الدورة، تمت إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بتهمة التزوير، بناءً على شكوى تقدم بها أحد النواب. وبموجب قرار المحكمة الاتحادية العليا، تم إنهاء عضويته، وهو ما اعتُبر سابقة خطيرة في الحياة البرلمانية العراقية.

وكان الحلبوسي قد شغل منصب رئاسة البرلمان لدورتين، بدأت الأولى عام 2018، بينما لم تُستكمل الثانية. ورغم أن مقدم الشكوى كان نائباً سنياً، فإن القرار فُسر من قبل قوى سنية عديدة –حتى تلك التي تختلف مع الحلبوسي– على أنه استهداف للعرب السنة. وتكرس هذا الانطباع مع غياب الإرادة السياسية لانتخاب بديل له رغم كثرة المرشحين السنة.

وبدا لاحقاً أن إرادة شيعية، قادها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، دفعت لاختيار القيادي السني محمود المشهداني بديلاً للحلبوسي. وكان المشهداني قد تولى رئاسة البرلمان سابقاً مرتين، واستقال عام 2008، ليعود إلى المنصب عام 2024، بعد نحو عام من شغور المنصب، حيث كان المجلس يُدار مؤقتاً من قبل النائب الأول محسن المندلاوي.

رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي (د.ب.أ)

البديل المفقود

منذ عام 2003، أسس التحالف الشيعي–الكردي لعرف «التوافق السياسي»، وهو ما تحول لاحقاً إلى مرادف للمحاصصة الطائفية والعرقية. وكان يتم إعداد الاتفاقات والتفاهمات خارج قاعة البرلمان، ثم تُعرض داخلها للتصويت. لكن تفكك هذا التحالف التاريخي انعكس سلباً على العمل البرلماني، خصوصاً في هذه الدورة.

وبدأت آثار غياب التوافق تظهر حتى في الجلسات الإجرائية. وبدأ «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، أحد أكبر الأحزاب الكردية، يلوّح بالانسحاب من العملية السياسية، واحتمال عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، ما يهدد بمزيد من التدهور في شرعية العملية الانتخابية.

وفي ظل استمرار غياب هذا التوافق، بات المشهد داخل البرلمان العراقي يوصف بعبارة: «النصاب مختل داخل القاعة، لكنه مكتمل في الكافتيريا»، حيث يتجمع النواب المختلفون سياسياً على طاولات متقابلة لشرب الشاي، دون التمكن من عقد جلسة رسمية، أو تمرير أي قانون مفصلي.


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.