الكرملين: «القيادة السورية» ستدعى للمشاركة في «القمة الروسية العربية الأولى»

بوغدانوف أعلن أن التحضيرات قاربت على الانتهاء لعقد القمة الخريفية

رجل على دراجة هوائية يعبر عربة خضراوات ومبنى مدمراً في حلب من فترة الحرب التي كانت القوات الروسية طرفاً فيها (رويترز)
رجل على دراجة هوائية يعبر عربة خضراوات ومبنى مدمراً في حلب من فترة الحرب التي كانت القوات الروسية طرفاً فيها (رويترز)
TT

الكرملين: «القيادة السورية» ستدعى للمشاركة في «القمة الروسية العربية الأولى»

رجل على دراجة هوائية يعبر عربة خضراوات ومبنى مدمراً في حلب من فترة الحرب التي كانت القوات الروسية طرفاً فيها (رويترز)
رجل على دراجة هوائية يعبر عربة خضراوات ومبنى مدمراً في حلب من فترة الحرب التي كانت القوات الروسية طرفاً فيها (رويترز)

أكّد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن بلاده سوف توجّه دعوة إلى السلطات السورية للمشاركة في قمة «روسيا - العالم العربي» التي يجرى التحضير لعقدها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في العاصمة الروسية.

وسئل الناطق الرئاسي، خلال إفادة صحافية يومية، الثلاثاء، عن إمكانية دعوة السلطات السورية لحضور القمة الروسية العربية الأولى، فقال إنه «بالتأكيد سيتم توجيه دعوات كهذه».

وكان لافتاً أن بيسكوف كرّر خلال حديثه الإشارة إلى دعوة «السلطات السورية»، متجنباً الحديث مباشرة عن أن الدعوة لحضور القمة سوف توجه إلى الرئيس أحمد الشرع. ونقلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية الصيغة ذاتها، علماً بأن الدعوات لحضور القمة توجّه مباشرة إلى قادة البلدان المشاركة.

في سياق متصل، قال بيسكوف، إن روسيا «تحافظ على علاقاتها مع القيادة السورية الحالية»، وأوضح: «سنواصل القيام بذلك. لدينا مصالحنا الخاصة في سوريا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي 20 يونيو (رويترز)

وفي وقت سابق، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه «تم توجيه رسائل باسم الرئيس الروسي إلى جميع قادة دول جامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة، للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى». وبدوره، أفاد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بأن التحضيرات قاربت على الانتهاء لعقد القمة الخريفية، و«أعربت جميع الدول تقريباً عن رغبتها في المشاركة». وزاد أن بلاده تُحافظ على اتصالات مع الجانب السوري بشأن القضايا المتعلقة بتشغيل القواعد العسكرية الروسية.

نساء علويات يُجهّزن خيمةً مؤقتة في ساحات قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية غرب سوريا 20 مارس حيث لجأت عائلات علوية إلى هناك بعد هجماتٍ دامية على قراهم (رويترز)

اللافت أن موسكو كرّرت خلال الفترة الماضية، تطلعها لتطبيع العلاقات مع دمشق في إطار «المحافظة على المصالح الروسية» وهو أمر تحدث عنه وزير الخارجية، سيرغي لافروف أخيراً، بشكل مباشر عندما أعلن توجيه دعوة لنظيره السوري أسعد الشيباني لزيارة العاصمة الروسية.

وكشف لافروف أن الدعوة الروسية وجّهت بناء على نصيحة تركية. موضحاً أن الجانب التركي «قدّم اقتراحاً كريماً باستضافة الشيباني وبحث كل الملفات معه» وزاد: «بناء على الاقتراح الكريم من صديقي هاكان فيدان بعد المباحثات التي أجريناها، الآن لدى الوزير السوري دعوة لزيارة موسكو».

اللافت أن هذه الدعوة جاءت بعد أن كان لافروف قد شنّ هجوماً لاذعاً على دمشق، واتهمها بالتغاضي عن «عمليات التطهير العرقي والديني الجماعية التي تنفذها الجماعات المتطرفة في سوريا». كما كان لافتاً أن لافروف ربط انتقاداته لأداء السلطات السورية بـ«التغاضي الغربي»، وفسّر بعض المحللين في موسكو ذلك بأن موسكو راقبت بشكل حثيث تطور العلاقات السورية الغربية، وخصوصاً بعد زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى فرنسا، وبعد لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض.

الرئيس الفرنسي لدى استقباله الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع في باريس (أ.ف.ب)

وترى موسكو وفقاً لمحللين، أن نجاح دمشق في تسريع وتيرة تطبيع العلاقات على المستويين الإقليمي والدولي، من شأنه أن يضعف موقفها في المفاوضات المباشرة مع دمشق لتحديد مصير الوجود العسكري في سوريا ومستقبل العلاقات بين الطرفين، خصوصاً على خلفية أن الغرب يطالب دمشق بتقليص الوجود العسكري الروسي في سوريا، وعدم تطبيع العلاقات مع موسكو بشكل كامل.

وقال مصدر روسي، الثلاثاء، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الطبيعي أن تراقب موسكو بحذر التحركات حول سوريا من جانب الغرب، خصوصاً في إطار الحديث الجاري حالياً عن احتمال ضمّ دمشق إلى مسار تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية».

وزاد المصدر أن موسكو تحافظ على اتصالات بشكل متواصل مع القيادة السورية، لكنه أقرّ بأن «عملية بناء علاقات جديدة بين دمشق وموسكو تسير ببطء»، ملاحظاً أنه من المهم أن «قنوات الاتصال تعمل ولم تتوقف».

صور نشرتها الوكالة الرسمية السورية لمناورات مشتركة في قاعدة طرطوس البحرية على الساحل السوري في أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)

اللافت في هذا الإطار أن اللهجة الروسية بدت فاترة للغاية عند الحديث عن أي تقدم في العلاقات السورية الغربية، وهو أمر بدا واضحاً في تعليق بيسكوف، الثلاثاء، على قرار الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا، فاكتفى بإشارة مقتضبة إلى أن «هذا شأن سيادي أميركي». علماً بأن موسكو كانت في وقت سابق تضع مطلب رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا بين الأولويات الملحة المطروحة على أجندة أي حوارات مع الغرب حول سوريا.

في السياق نفسه، كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قد حصر أخيراً أجندة النقاش الروسي السوري في ملفين فقط، هما مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وملف «المشكلات الإنسانية» التي نجمت عن لجوء أعداد من المواطنين السوريين إلى قاعدة «حميميم» في مارس (آذار) الماضي.

وقال الدبلوماسي الروسي إن بلاده «تتوقع من السلطات السورية احترام مصالح روسيا»، في إشارة إلى النقاش الدائر بين الطرفين حول مصير الاتفاقات المبرمة بشأن الوجود العسكري الروسي على الأراضي السورية.

صور ممزقة للرئيس السوري السابق بشار الأسد مُعلقة على لافتة جسر طريق سريع في اللاذقية (رويترز)

وكانت موسكو قد أعلنت بعد إطاحة النظام السابق في سوريا أنها تجري حواراً مع دمشق عبر قنوات دبلوماسية وعسكرية، لوضع أسس جديدة للعلاقة مع دمشق. وفي يناير (كانون الثاني)، قام ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بزيارة إلى دمشق كانت الأولى لمسؤول روسي بعد إطاحة الأسد. وأعلن الدبلوماسي الروسي المخضرم بعد جولة حوار مع القيادة السورية، أنه أجرى «محادثات بنّاءة وإيجابية». وعكست نتائج الزيارة أنها نجحت في «كسر الجليد» بين الطرفين، وأطلقت مسار التفاوض حول ترتيب جديد للعلاقة بينهما.

وقدّمت دمشق عدة مطالب إلى القيادة الروسية، من بينها المساعدة في تطبيق مبدأ «العدالة الانتقالية» عبر رفع الغطاء عن رموز النظام السابق، وإعادة الأموال المنهوبة التي تقول تقارير إن موسكو نفت صحة أنه تم تهريبها إلى روسيا في وقت سابق.

وأبدت دمشق استعداداً لمناقشة أسس جديدة للوجود العسكري الروسي في قاعدتي «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية.

من جهتها، أكّدت موسكو استعدادها للعب دور إيجابي نشط في ملف الحوار السوري الداخلي، وترتيب الوضع في المرحلة الانتقالية، واستخدام دورها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي للمساهمة في رفع العقوبات المفروضة على دمشق. كما تحدثت موسكو عن استعدادها للمساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية السورية، وألمحت إلى احتمال إعفاء دمشق من الديون المستحقة لموسكو، في إطار مساعدة السلطات الجديدة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية.

وفي مارس (آذار) الماضي، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة إلى نظيره السوري، أحمد الشرع، حملت أهمية خاصة في مضمونها وتوقيتها. خصوصاً على خلفية التطورات التي شهدتها مناطق الساحل السوري، والتحديات المتزايدة التي تواجهها القيادة السورية، في إطار جهود تعزيز الاستقرار الداخلي، وتطوير الانفتاح على المحيطين الإقليمي والدولي.

وأعلن الكرملين أن بوتين شدّد في رسالته على استعداد بلاده لتطوير التعاون مع السلطات السورية في كل المجالات.


مقالات ذات صلة

سوريا تنضم رسمياً لـ«التحالف الدولي لمكافحة داعش»

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع لحظة وصوله إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين (إ.ب.أ)

سوريا تنضم رسمياً لـ«التحالف الدولي لمكافحة داعش»

أعلن البيت الأبيض أن سورياً انضمت رسمياً إلى «التحالف الدولي ضد داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض 10 نوفمبر 2025 (الرئاسة السورية)

تجديد تعليق العقوبات على سوريا تزامناً مع اجتماع الشرع وترمب

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس (الاثنين)، تعليق فرض العقوبات بموجب قانون قيصر على سوريا جزئياً لمدة 180 يوماً.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي المقر الرئيسي لوزارة الخزانة الأميركية (أرشيفية - رويترز)

واشنطن تجدد تعليق بعض العقوبات على سوريا تزامناً مع اجتماع الشرع وترمب

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة بموجب «قانون قيصر» على سوريا ويستثني بعض المعاملات التي تشمل روسيا وإيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي سيارة شرطة تابعة للحكومة السورية الجديدة (أ.ف.ب)

مسلحون يستهدفون مواقع لقوى الأمن الداخلي في السويداء

قالت قناة «الإخبارية» التلفزيونية السورية، الاثنين، إن «العصابات الخارجة عن القانون» استهدفت مواقع لقوى الأمن الداخلي ومدنيين يعملون على قطف الزيتون.

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن 10 نوفمبر (الرئاسة السورية)

ترمب عن لقائه مع الرئيس السوري: أنا على وفاق مع الشرع

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه على وفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع، معرباً عن ثقته في أنه سيتمكن من أداء مهام منصبه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن ) «الشرق الأوسط» (الرياض)

شبح «الثلث المعطّل» يطل على برلمان العراق السادس

موظف انتخابي يلتقط صورة بطاقة هوية لامرأة عراقية نازحة لدى وصولها للتصويت في مخيم ديبكة شمالي العراق (أ.ف.ب)
موظف انتخابي يلتقط صورة بطاقة هوية لامرأة عراقية نازحة لدى وصولها للتصويت في مخيم ديبكة شمالي العراق (أ.ف.ب)
TT

شبح «الثلث المعطّل» يطل على برلمان العراق السادس

موظف انتخابي يلتقط صورة بطاقة هوية لامرأة عراقية نازحة لدى وصولها للتصويت في مخيم ديبكة شمالي العراق (أ.ف.ب)
موظف انتخابي يلتقط صورة بطاقة هوية لامرأة عراقية نازحة لدى وصولها للتصويت في مخيم ديبكة شمالي العراق (أ.ف.ب)

أثار جدل متجدد حول ما يُعرف بـ«الثلث المعطّل» نقاشاً واسعاً بين الخبراء في العراق، مع إجراء الانتخابات التشريعية، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا المفهوم إلى إطالة أمد تشكيل الحكومة الجديدة.

و«الثلث المعطّل» مصطلح سياسي يشير إلى امتلاك كتلة برلمانيةٍ ما أكثر من ثلث المقاعد؛ ما يمنحها القدرة على تعطيل جلسات أو قرارات تتطلب أغلبية الثلثين، مثل انتخاب رئيس الجمهورية.

ويقول خبراء قانونيون إن «الثلث المعطّل» لا يستند إلى نص في الدستور العراقي أو في قوانين الانتخابات، وإن استخدامه يعود إلى عام 2021، عندما حاول التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، بالتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، تشكيل حكومة أغلبية سياسية.

ويشير الباحث القانوني سيف السعدي إلى أن هذا المفهوم «ابتُكر سياسياً من قبل قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي لمنع تمرير انتخاب رئيس الجمهورية آنذاك، وبالتالي تعطيل تكليف رئيس الوزراء»، مضيفاً أن «هذا الأسلوب لا ينسجم مع أحكام الدستور التي تحدد آليات واضحة لتشكيل الحكومة».

من جانبه، يقول الخبير القانوني علي التميمي إن «الدستور العراقي لا يتضمن أي إشارة إلى (الثلث المعطّل)، وإنما هي ممارسة سياسية تظهر عند اختيار رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء»، موضحاً أن انتخاب رئيس الجمهورية يتطلب تصويت ثلثَي أعضاء مجلس النواب؛ أي ما لا يقل عن 220 نائباً، وفي حال غياب هذا النصاب لا يمكن المضي بعملية الانتخاب، مما يؤدي إلى تعطّل تشكيل الحكومة.

وأضاف التميمي أن «(الثلث المعطّل) يعكس خلافات سياسية أكثر مما يعبر عن قاعدة دستورية»، مشيراً إلى أن «تحقيق نصاب الثلثين يتطلب توافقاً بين عدة كتل برلمانية».

وأوضح أن «المحكمة الاتحادية سبق أن أصدرت قراراً استثنائياً بهذا الشأن، لكن الأصل الدستوري هو انعقاد الجلسة بالأغلبية المطلقة (النصف زائد واحد)، ومن الممكن طلب تفسير جديد من المحكمة لإزالة الغموض حول هذه المسألة».

ضابط عراقي ينظر إلى بطاقته الانتخابية قبل الإدلاء بصوته في التصويت الخاص للانتخابات بالبصرة جنوبي العراق (أ.ف.ب)

آليات تشكيل الحكومة

وفي ما يتعلق بآليات تشكيل الحكومة، أوضح التميمي أن العملية تبدأ بإعلان النتائج النهائية للانتخابات، تليها مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائجها، ثم يدعو رئيس الجمهورية الجديد مجلس النواب للانعقاد.

وتدار الجلسة الأولى من قبل أكبر الأعضاء سناً، حيث يُنتخب رئيس البرلمان ونائباه بالأغلبية المطلقة، ثم يُنتخب رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين، وفي حال عدم حصول أي مرشح على هذه النسبة تُجرى جولة ثانية يُنتخب فيها من يحصل على أعلى الأصوات.

وبعد انتخاب رئيس الجمهورية، يكلف الرئيس مرشح الكتلة البرلمانية التي هي أكثر عدداً بتشكيل الحكومة، وفق «المادة 76» من الدستور.

وتظل مسألة تحديد «الكتلة الكبرى» محل جدل؛ إذ فسرت المحكمة الاتحادية هذا المفهوم بقرارين صدرا عامَي 2010 و2018؛ أحدهما يخص الكتلة الفائزة في الانتخابات، والآخر يخص الكتلة التي تتشكل داخل البرلمان.

وأبدى رئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي مخاوف من تعقّد المشهد السياسي بعد الانتخابات المقبلة، محذراً من أن تشكيل الحكومة الجديدة قد يواجه صعوبات بسبب استمرار الخلافات الداخلية والتجاذبات الإقليمية، إضافة إلى احتمال بروز مفهوم «الثلث المعطّل» مجدداً.

ويرى مراقبون أن استخدام هذا المفهوم قد يؤدي إلى إطالة أمد المفاوضات حول تشكيل الحكومة؛ ما يعني بقاء الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في وضع تصريف الأعمال، وهو ما لا تفضّله بعض قوى «الإطار التنسيقي».

في المقابل، يعوّل السوداني على بناء تحالفات واسعة تتيح له تسريع تشكيل الحكومة المقبلة في حال فوزه بالانتخابات، لكن تعدد الأقطاب داخل المنظومة الشيعية يعوق هذه الطموحات.


انتخابات العراق: مشاركة واسعة في أكثر المدن تضرراً من «داعش»

امرأة على كرسي متحرك بعد تصويتها في الانتخابات  في بغداد (رويترز)
امرأة على كرسي متحرك بعد تصويتها في الانتخابات في بغداد (رويترز)
TT

انتخابات العراق: مشاركة واسعة في أكثر المدن تضرراً من «داعش»

امرأة على كرسي متحرك بعد تصويتها في الانتخابات  في بغداد (رويترز)
امرأة على كرسي متحرك بعد تصويتها في الانتخابات في بغداد (رويترز)

بينما شهدت المدن العراقية الأكثر تضرراً من «داعش» مشاركة واسعة في التصويت بالانتخابات التشريعية، أكد عضو الفريق الإعلامي في المفوضية العليا للانتخابات، حسن هادي، الثلاثاء، أن المفوضية كانت مستعدة بشكل كامل ليوم التصويت العام، مشيراً إلى أن إقبال الناخبين عادة ما يكون منخفضاً خلال الساعات الأولى من اليوم، متوقعاً ارتفاعه لاحقاً مع مرور الوقت.

وأوضح أن عملية توزيع بطاقات الناخب مستمرة حتى الآن، مع وجود فرق في مراكز التسجيل لتوزيع البطاقات حتى ساعات انتهاء التصويت، داعياً جميع المواطنين الذين لم يستلموا بطاقاتهم بعد إلى التوجه إلى هذه المراكز لاستلامها وضمان حقهم في الإدلاء بأصواتهم.

رجل يصوت في مركز اقتراع في البصرة (رويترز)

من جهة أخرى، شهدت مناطق جنوب وغرب مدينة الموصل والجانب الأيمن من المدينة القديمة، إقبالاً واسعاً على الانتخابات، في حين لا يزال الجانب الأيسر من المدينة يسجل نسب مشاركة منخفضة بعد ساعتين من بدء الاقتراع، بحسب ما أفادت شبكة 964 المحلية.

ويعد الجانب الأيمن من الموصل الأكثر تضرراً ودماراً خلال معارك تحرير المدينة ضد تنظيم «داعش» بين عامي 2014 و2017، لكنه استعاد عافيته خلال السنوات الماضية، مع عودة السكان النازحين، بحسب منظمات دولية ومحلية.

سيدة تصوت في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في الموصل (رويترز)

ويحق لنحو 1.99 مليون ناخب في عموم مدن محافظة نينوى الإدلاء بأصواتهم في 378 مركز اقتراع موزعة على 3861 محطة انتخابية، ضمن الدورة البرلمانية السادسة.

مفوضية الانتخابات تنفي استبعاد مرشحين

بالإضافة إلى ذلك، نفت المفوضية العليا للانتخابات، اليوم، صحة أخبار متداولة حول استبعاد عدد من المرشحين من الانتخابات البرلمانية الجارية، مؤكدة أن هذه «الأنباء عارية عن الصحة وتهدف إلى تضليل الرأي العام».

وقالت المفوضية في بيان صحافي: «تداولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين أخباراً غير صحيحة تزعم أن المفوضية قامت باستبعاد عدد من المرشحين، نود التأكيد أن هذه الأخبار عارية عن الصحة تماماً، ولا تمت للحقيقة بصلة».

سيدة تصوت في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في كركوك (رويترز)

ودعت المفوضية جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى «استحصال المعلومات من مصادرها الرسمية فقط، وتوخي الدقة قبل نشر أو تداول أي خبر»، مشيرة إلى أن «آخر قرار استبعاد كان الأسبوع الماضي، ولا توجد أي قرارات استبعاد حتى يوم الاقتراع العام».


شبكة مراقبة: الأمن العراقي اعتقل متورطين بشراء بطاقات ناخبين

موظفون من «مفوضية الانتخابات» العراقية يفرزون أوراق الاقتراع بعد يوم التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية ببغداد (إ.ب.أ)
موظفون من «مفوضية الانتخابات» العراقية يفرزون أوراق الاقتراع بعد يوم التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية ببغداد (إ.ب.أ)
TT

شبكة مراقبة: الأمن العراقي اعتقل متورطين بشراء بطاقات ناخبين

موظفون من «مفوضية الانتخابات» العراقية يفرزون أوراق الاقتراع بعد يوم التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية ببغداد (إ.ب.أ)
موظفون من «مفوضية الانتخابات» العراقية يفرزون أوراق الاقتراع بعد يوم التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية ببغداد (إ.ب.أ)

قال رئيس منظمة «عين» لمراقبة الانتخابات في العراق، سعد البطاط، إن شبكات المراقبة المحلية رصدت أكثر من 1700 خرق خلال الحملات الدعائية الخاصة بالانتخابات البرلمانية الحالية، مشيراً إلى أن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» تعاملت بجدية مع كثير من تلك المخالفات، وأنها اتخذت إجراءات عقابية بحق مرشحين خالفوا القواعد.

وتُجرى في العراق، الثلاثاء، الانتخابات البرلمانية السادسة منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، بمشاركة تحالفات سياسية متعددة، وسط دعوات لتأمين نزاهة الاقتراع وتعزيز ثقة الناخبين بالعملية الديمقراطية.

موظفون انتخابيون يفرزون أوراق الاقتراع بأحد مراكز التصويت الخاص لأفراد القوات الأمنية العراقية في الانتخابات البرلمانية (د.ب.أ)

وقال البطاط لـ«الشرق الأوسط» إن «شبكات المراقبة الوطنية تتابع جميع مراحل العملية الانتخابية، من تحديث سجل الناخبين، وتسجيل الكيانات السياسية، مروراً بالحملات الدعائية، وصولاً إلى يومي الاقتراع الخاص والعام، وإعلان النتائج والطعون، وحتى المصادقة النهائية عليها».

وأضاف أن «المنظمات الرقابية تصدر في ختام العملية تقريراً شاملاً باسم (تحالف الشبكات الوطنية لمراقبة الانتخابات)، يتضمن تقييماً مهنياً لمجريات العملية والمخالفات التي رُصدت».

وأشار البطاط إلى أن العلاقة بالمفوضية «جيدة»، موضحاً أن «(المفوضية) تأخذ باهتمام الملاحظات التي تقدمها شبكات المراقبة، والدليل تنفيذها عقوبات بحق عدد كبير من المرشحين الذين خالفوا الضوابط، وبعضهم استُبعد، خصوصاً أولئك الذين أطلقوا خطابات كراهية أو تحريض طائفي».

شراء أصوات... واعتداءات

أوضح رئيس منظمة «عين» أن أبرز التجاوزات التي رُصدت «تشمل استغلال مؤسسات الدولة في الدعاية الانتخابية، والدعاية المبكرة، والاعتداء على حملات المرشحين المنافسين، وخطابات الكراهية، فضلاً عن عمليات شراء الأصوات وبطاقات الناخبين، والاعتداءات الجسدية».

وأضاف أن «أغلب المخالفات تُرتكب من قبل المرشحين أو رؤساء القوائم أو أنصارهم»، مؤكداً أن «(المفوضية) فرضت غرامات على كثير من المخالفين».

وفي ما يتعلق بالتحديات التي تواجه عمل المنظمات الرقابية، قال البطاط إن «ضعف التمويل يمثل التحدي الأبرز، إذ يؤدي إلى تقليص عدد المراقبين، مما يضاعف الجهد المطلوب من المتطوعين والمراقبين الميدانيين».

أحد أفراد الأمن العراقي يؤمّن مركزاً انتخابياً خلال يوم التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية (د.ب.أ)

«النزاهة والشفافية»

بشأن إجراءات «المفوضية» في هذه الدورة، قال البطاط إن «(المفوضية) اتخذت إجراءات ممتازة لتعزيز النزاهة والشفافية، من بينها استخدام أجهزة جديدة وتقنيات حديثة، مثل تصوير وجه الناخب، واعتماد البطاقة البايومترية، والبصمة، مما يمنح المراقبين والناخبين شعوراً بالاطمئنان».

وعمّا يتردد عن شراء البطاقات الانتخابية، أشار البطاط إلى أن «هناك بالفعل حديثاً واسعاً عن المال السياسي وشراء البطاقات، وقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عدد من المتورطين في هذه الممارسات وأحالتهم إلى القضاء، كما استبعدت (المفوضية) بعضهم من قوائم المرشحين».

وبشأن أداء مراقبي الكيانات السياسية، قال البطاط إن «معظمهم في الواقع يمثل جمهور المرشح أو الحزب، وغالباً ما يكونون جزءاً من قاعدته الانتخابية».

وأكد أن منظمات المراقبة المحلية تعمل بالتنسيق مع منظمات دولية خلال يومي الاقتراع، «لمتابعة أي انتهاكات أو ضغوط على الناخبين، وإعداد تقارير مفصلة تُنشر بعد انتهاء عملية التصويت».

وتُعدّ الانتخابات الحالية اختباراً جديداً لقدرة العراق على إجراء اقتراع نزيه وشفاف في ظل أجواء سياسية وأمنية معقدة، ووسط مراقبة محلية ودولية واسعة النطاق.