أجواء لبنان ساحة لقدرات الهجوم والدفاع بين إسرائيل وإيران

13 نوعاً من الصواريخ الباليستية تتصدى لها 5 منظومات اعتراضية

صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)
صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)
TT

أجواء لبنان ساحة لقدرات الهجوم والدفاع بين إسرائيل وإيران

صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)
صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)

ضرب اللبنانيون موعداً يومياً مع الاشتباك الصاروخي الإيراني - الإسرائيلي في سماء لبنان الذي بات ساحة جوية لتصادم الصواريخ، وذلك بسبب الموقع الجغرافي للبلاد الذي يفرض على الصواريخ بدء مسار الهبوط باتجاه حيفا وتل أبيب، ويفرض على أنظمة الدفاع الجوي اعتراضها على الحدود مع لبنان في الجنوب وشرق البلاد.

ويشاهد اللبنانيون بشكل متغيّر منذ ليل الجمعة الماضي، أشكالاً متعددة من المقذوفات تلتقي مع بعضها قرب الحدود الجوية مع لبنان، أو تسير بشكل قافلة فوق الأراضي اللبنانية، أو تتصادم في الأجواء اللبنانية، أو تسير بأشكال منحرفة، حسبما تظهر النيران المنبعثة منها في الأجواء. وتنقسم تلك المقذوفات إلى صواريخ ومسيرات إيرانية من جهة، وصواريخ دفاع جوي إسرائيلية من الجهة الأخرى، وتتوزع مواقع إطلاق الأخيرة من البحر المتوسط غرباً، أو من هضبة الجولان شرقاً، أو من وسط وشمال إسرائيل من الجهة الجنوبية للبنان.

منظومة القبة الحديدية تعترض صواريخ إيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

ويشير الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد، إلى أن الإيرانيين «يستخدمون نحو 13 نوعاً من الصواريخ والمقذوفات في عمليات الإطلاق الدورية منذ يوم الجمعة الماضي»، في مقابل 5 منظومات دفاعية إسرائيلية تعمل على عدة ارتفاعات، موضحاً أن كلاً منها «يطير في مسارات وارتفاعات مختلفة؛ إذ يسير بعضها على ارتفاعات محددة، أو يناور بعضها الآخر في الارتفاعات، بينما يخرق بعضها أيضاً الغلاف الجوي»، وذلك بهدف «مرور بعضها من منظومات الاعتراض الجوي، ليصل صاروخان أو ثلاثة صواريخ في النهاية إلى أهداف محددة».

ويؤكد أسعد أن اللبنانيين يشاهدون الصواريخ «لأنها تكون قد أنهت رحلتها، وبدأت بمسارها الانحداري باتجاه الأهداف، ما يعني أنها هبطت من الطبقات الجوية التي تحلق فيها، وتبدأ بالسقوط، لذلك يشاهدها اللبنانيون أكثر من سواهم، مثل العراقيين مثلاً أو السوريين في شمال وشرق سوريا؛ لأنها تكون قد حلقت على ارتفاعات شاهقة».

فوق سوريا ولبنان والعراق

وتتحدث التقديرات عن أن مسارات الصواريخ الإيرانية، تسلك مسارات شبيهة بتلك التي تسلها الطائرات الإسرائيلية في رحلتها باتجاه إيران، أي أنها تسلك الأجواء اللبنانية والسورية والعراقية، وتدخل من غرب إيران، وهي نفسها رحلة الصواريخ الإيرانية، وذلك بهدف تجاوز منظومات الدفاع الجوي في بلدات توجد فيها تلك المنظومات، مثل الأردن على سبيل المثال لا الحصر، كما لتخطي العوائق القانونية؛ إذ تفرض بعض البلدان حظراً للطيران في أجوائها، لكن هذا الجانب القانوني لا يمكن تنفيذه إلا في حال وُجدت على أراضيها أنظمة اعتراضية للصواريخ والطائرات الحربية، وهو أمر غير متاح في لبنان وسوريا والعراق.

صواريخ باليستية

وفيما يندر مشاهدة المسيرات بالعين المجردة إلا حين اعتراضها، يشاهد اللبنانيون في الجنوب، وبمستوى أقل في بيروت والبقاع وجبل لبنان، المقذوفات الإيرانية، ويقول أسعد إن مشاهدتها تتم «لأنها تكون قد وصلت إلى مراحلها النهاية في لحظات السقوط»، مشيراً إلى أن ما نشاهده «هو الصواريخ المتوسطة المدى، لأنها تسير على ارتفاعات تتيح مشاهدتها ليلاً»، بينما الصواريخ التي تحلق على ارتفاعات عالية «فلا يمكن مشاهدتها إلا في لحظات السقوط، أو لحظات اعتراضها من قبل منظومات الدفاع الجوي، وعندها يمكن مشاهدة شكل مختلف للانفجار مثل نجمة أو نيزك تنفجر»، لافتاً إلى أن الصواريخ التي تحلق في طبقات جوية عالية «يتم استهدافها بمنومات (ثاد) أو (حيتس)».

صاروخ اعتراضي إسرائيلي يحاول اعتراض مقذوف إيراني فوق إسرائيل (إ.ب.أ)

خلال الأيام الماضية، شاهد اللبنانيون في الجنوب تحديداً، أشكالاً من الصواريخ التي تسير على شكل قافلة في لحظات الهبوط من الجو باتجاه أهداف في إسرائيل. وتحدثت تقديرات عن أن تلك المقذوفات «ينفصل رأسها الحربي إلى جزأين أو أربعة أو ستة، لحظة تعرضها لصواريخ اعتراضية غالباً ما تستهدف الكتلة الأكبر في الصاروخ وهي الجسم الحامل للرأس»، وعليه «يظهر كأن الصواريخ تسير في قافلة، لكنها في الواقع هي صاروخ واحد ينقسم رأسه إلى أجزاء».

ويشكك أسعد بهذه الفرضية، ويقول إنه «لا دليل على امتلاك إيران هذه التكنولوجيا»، موضحاً أن التي ظهرت في الصور «هي صواريخ باليستية حاملة لرأس واحد، وجرى إطلاقها من منصة إطلاق واحدة، فتسير ضمن مسار واحد، وتظهر على مقربة من بعضها وتهبط بنفس الطريقة». ويشير إلى أن الترسانة التي أطلقها الإيرانيون «تؤكد أن طهران لم تحصل على تكنولوجيا صواريخ متطورة مثل تلك الموجودة عند روسيا، والتي ظهر بعضها في استهداف ضخم لأوكرانيا قبل أسبوعين، وظهر أن الصاروخ يمتلك وسائل دفاعية مثل البلونات الحرارية لتضليل الدفاعات الجوية».

مسارات ملتوية

وفي مقابل المقذوفات الإيرانية، تتنوع أشكال المقذوفات الإسرائيلية التي تطلقها منظومات الدفاع الجوي، والتي يشاهدها اللبنانيون. فثمة صواريخ تتبع مسارات ملتوية ودائرية وتلتف على الأهداف، ويعتقد أنها صواريخ القبة الحديدية التي تلاحق الطائرات المسيرة، ويستند هذا التقدير إلى أن الصواريخ تحلق على مرتفعات غير شاهقة.

أيضاً، تظهر صواريخ اعتراضية تلاحق الصواريخ، وتسير بشكل مستقيم على ارتفاعات عالية، وتحدث انفجارات أكبر في السماء لدى اصطدامها بالمقذوفات الإيرانية.

ويقول أسعد إن ما نشاهده بالغالب «هو المنظومات الاعتراضية القائمة على الصواريخ؛ لأنها تنفجر، وخصوصاً القبة الحدودية التي تتعامل مع المقذوفات على ارتفاعات منخفضة، وصواريخ (مقلاع داود) التي تتعامل مع مقذوفات أبعد وتحلق على ارتفاعات متوسطة»، أما صواريخ المنزمات التي تتعامل مع الأهداف البعيدة في الطبقات العالية مثل «ثاد» و«آرو» و«حيتس»، فإنه يصعب مشاهدتها بالعين المجردة، كون الاعتراض يتم من بعيد. أما منظومات الاعتراض التي تعتمد الصواريخ، مثل «الليزر»، فيستحيل مشاهدتها.

اعتراض من البحر

ويشاهد اللبنانيون الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية تنطلق من شمال إسرائيل من الغرب، ويشير أسعد إلى أن البوارج الإسرائيلية والأميركية في البحر المتوسط، تشارك في مهام اعتراض الصواريخ الإيرانية، لذلك تتم مشاهدتها تنطلق من الغرب لاعتراض المقذوفات فوق البقاع في شرق لبنان.

وسقطت خلال الأيام الماضية عدة صواريخ اعتراضية فوق الأراضي اللبنانية. وكانت قيادة الجيش اللبناني حذرت المواطنين، الجمعة، من سقوط بقايا صواريخ اعتراضية، ودعتهم لعدم الاقتراب منها.


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، نعيم قاسم، إن الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل كان يجب أن يكون له استعدادات وهو ما لم يكن متوافراً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الموفد الأميركي إلى لبنان توماس براك (رويترز)

الراعي ينقل عن عون: زيارة براك إلى بيروت «ممتازة جداً»

نقل البطريرك الماروني بشارة الراعي عن الرئيس اللبناني جوزيف عون، قوله إن زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان توماس براك، «ممتازة جداً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون مجتمعاً مع المبعوث الأميركي توم براك (رئاسة الجمهورية)

النقاش بشأن صلاحية البتّ في «الورقة الأميركية» يرافق محادثات براك

فتحت المحادثات التي يجريها المسؤولون اللبنانيون بشأن «الورقة الأميركية» باباً للسجال والانتقادات من قبل بعض الأفرقاء في لبنان.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي توم برّاك خلال لقائه رئيس الحكومة نواف سلام يوم الاثنين (أ.ب)

برّاك يضع لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق وقف إطلاق النار

يقف لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وهذا ما تصدّر لقاءات رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة بالمبعوث الأميركي توم برّاك في بيروت.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك خلال لقائه مع رئيس البرلمان نبيه بري الاثنين (د.ب.أ)

تحليل إخباري مراوحة أمنية على حدود لبنان وإسرائيل بغياب الضمانات الأميركية

لم توقف الإشادة الأميركية، بالرد اللبناني على ورقة واشنطن حيال ملف حصرية السلاح، التوترات الميدانية والملاحقة الإسرائيلية لعناصر في «حزب الله».

نذير رضا (بيروت)

اجتماع بين الشرع وقائد «قسد» في دمشق بحضور برّاك

الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)
TT

اجتماع بين الشرع وقائد «قسد» في دمشق بحضور برّاك

الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

بدأ في دمشق قبل قليلن اجتماع بين الرئيس السوري أحمد الشرع ووفد كردي برئاسة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وبحضور المبعوث الأميركي توم برّاك.

ويأتي الاجتماع بعد أربعة أشهر من توقيع اتفاق وقّعه الشرع مع عبدي في 10 مارس (آذار)، برعاية اميركية، عدة بنود، نصّ أبرزها على «دمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية، والمطار، وحقول النفط والغاز».

لكن الإدارة الذاتية وجهت لاحقاً انتقادات إلى السلطة على خلفية الإعلان الدستوري، ثم تشكيل حكومة قالت إنها لا تعكس التنوع. وطالبت القوى الكردية الشهر الماضي بدولة «ديمقراطية لامركزية»، ردت عليها دمشق بتأكيد رفضها «محاولات فرض واقع تقسيمي» في البلاد.

وقال مصدر كردي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، من دون الكشف عن هويته، إن «وفداً كردياً يرأسه قائد قوات سوريا الديمقراطية توجه الأربعاء إلى دمشق برفقة ممثلين عن التحالف الدولي، حيث يعقد في هذه الأثناء لقاء مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بحضور المبعوث الأميركي توم براك».

وأوضح المصدر المواكب لجدول أعمال الاجتماع أن المباحثات تتضمن «مناقشة أربعة ملفات رئيسة، أولها شكل الدولة السورية، وشكل العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة في دمشق، بالإضافة إلى ملفي الاقتصاد والقوة العسكرية».

وينتقد الأكراد الذين عانوا لعقود قبل اندلاع النزاع من التهميش والإقصاء، سعي السلطة الجديدة إلى تكريس مركزية القرار، وإقصاء مكونات رئيسة من إدارة المرحلة الانتقالية.

وفي مقابلة تلفزيونية نهاية مايو (أيار)، أكد عبدي: «نحن ملتزمون بما اتفقنا عليه مع دمشق، ونعمل حالياً على تنفيذ هذه الاتفاقية من خلال لجان تطبيقية». لكنه شدد على التمسك بـ«سوريا لامركزية، يعيش فيها المكونات جميعها بكامل حقوقها وألا يتم إقصاء أحد».

ورغم إعلان الشرع حل الفصائل العسكرية المسلحة كافة بُعيد وصوله إلى دمشق، يتمسك الأكراد المدعومون أميركياً بالحفاظ على قوتهم العسكرية المنظمة التي أثبتت فاعلية في قتال «تنظيم داعش» حتى دحره من آخر معاقله عام 2019.

وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز التي تحتاج دمشق إلى مواردها. وتدير مخيمات ومراكز اعتقال تضم مقاتلين من «تنظيم داعش»، بينهم آلاف الأجانب.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني حذّر في وقت سابق من أن «المماطلة» في تنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع الإدارة الذاتية «ستطيل أمد الفوضى» في البلاد.