رئيسة الوفد الكردي لـ«الشرق الأوسط»: طرحنا في اجتماع دمشق المشاركة بالبرلمان والتحفظ على الإعلان الدستوري

القيادية الكردية فوزة يوسف كبيرة مفاوضي وفد الإدارة الذاتية لدمشق (الشرق الأوسط)
القيادية الكردية فوزة يوسف كبيرة مفاوضي وفد الإدارة الذاتية لدمشق (الشرق الأوسط)
TT

رئيسة الوفد الكردي لـ«الشرق الأوسط»: طرحنا في اجتماع دمشق المشاركة بالبرلمان والتحفظ على الإعلان الدستوري

القيادية الكردية فوزة يوسف كبيرة مفاوضي وفد الإدارة الذاتية لدمشق (الشرق الأوسط)
القيادية الكردية فوزة يوسف كبيرة مفاوضي وفد الإدارة الذاتية لدمشق (الشرق الأوسط)

عُقد في العاصمة السورية، دمشق، بداية الشهر الحالي اجتماعٌ وُصف بالتاريخي بعدما طال انتظاره، ضم مسؤولين من الحكومة السورية ووفداً من «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» برئاسة كبيرة المفاوضين فوزة يوسف، وجرى خلاله بحث تشكيل لجان فرعية لتطبيق الاتفاق، الذي وقَّعه الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، مع القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، برعاية أميركية، وبإيجاد أرضية مشتركة للمفاوضات لحل القضايا الخلافية.

وأكدت القيادية الكردية فوزة يوسف، وهي من الرئاسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات كانت إيجابية وعُقدت بعلم ودعم من التحالف الدولي والولايات المتحدة وقوى إقليمية، وذكرت أنه تقرر تشكيل اللجان الفرعية بعد عطلة عيد الأضحى.

وقالت يوسف: «كان هناك توافق بين الجانبين بتشكيل لجان متخصصة في جميع المجالات تحت إشراف اللجنة المركزية، لوجود قضايا وملفات عدّة في حاجة إلى اختصاصين من كلا الطرفين؛ للوصول إلى رؤية مشتركة لدمج الإدارة الذاتية» في هياكل الدولة السورية.

أحمد الشرع ومظلوم عبدي يوقّعان على الاتفاق بين الحكومة و«قسد» في مارس الماضي بدمشق (أرشيفية - سانا)

تباين تجاه عملية الدمج

نص الاتفاق، الذي وقَّعه الشرع وعبدي في مارس (آذار) الماضي، على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة الجديدة، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز، ومن بين اللجان المزمع تشكيلها «لجنة إدارية» لبحث كيفية دمج مؤسسات الإدارة والعاملين فيها في هياكل الدولة ودوائرها، ولجنة ثانية تعليمية لإلحاق الطلبة والمدارس والمجمعات التربوية في وزارة التربية والتعليم والاعتراف بشهاداتها ومراحلها، ولجنة متخصصة في الأمن والقوات العسكرية وطريقة دمج هذه القوات في هياكل وزارتي الدفاع والداخلية، ولجان أخرى ستحدد لاحقاً بحسب الحاجة.

وتتوزع مناطق الإدارة الذاتية على 4 محافظات سورية تقع شمال شرقي البلاد، هي: ريف حلب الشرقي، وريف دير الزور الشمالي والشرقي، ومركز مدينة الرقة والطبقة، إلى جانب محافظة الحسكة ومدينة القامشلي تديرها 7 مجالس محلية مدنية.

جانب من الاجتماع التاريخي الذي ضمَّ وفداً رسمياً من الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا (متداول)

وعن مصير هذه المؤسسات والعاملين فيها، أوضحت القيادية الكردية أن هذه الهياكل ستقود المرحلة الانتقالية خلال عملية الدمج. وقالت: «من الواضح أن فهمنا للدمج والتكامل يختلف عن منظور دمشق؛ فالحكومة تفهم مسألة الدمج بإلغاء الإدارة الذاتية وحل قواتها العسكرية، بينما نحن نرى أن التكامل يعني أن تواصل مؤسساتنا الحالية عملها وأنشطتها لقيادة هذه المرحلة وتصبح مستقبلاً جزءاً من الدولة».

وشددت على أن هذه الإدارات المحلية جزء من منظومة الحوكمة التي يديرها أبناؤها وهم يدركون جيداً مشاكلها... «بمعنى آخر نريد حماية حقوق هذه الإدارات في التطور والتنسيق مع دمشق على أساس الترتيبات الدستورية وضمان استمراريتها قانونياً وشرعياً».

وعن دمج القوات العسكرية والأمنية في وزارة الدفاع ككتلة واحدة، والاحتفاظ بخصوصيتها وتوزيعها الجغرافي، علقت يوسف بالقول: «لا يمكن مقارنة (قسد) بباقي الفصائل الثانية من حيث العدد والنوعية والأسلحة والتجربة القتالية، (قسد) درَّبتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وستشكل نواة جيش سوريا المستقبل ويجب أن يكون لها دور قيادي؛ لأنها قوات منضبطة ومنظمة، وأثبتت جدارتها في حماية مناطقها والحدود السورية على مدار أعوام».

لافتة مرورية تشير إلى مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

أضافت أن الجانب الحكومي أظهر جدية في تطبيق بنود الاتفاق واستبعاده الخيارات العسكرية والحلول الأمنية، وأكد الجانبان «على أن عدم التصادم العسكري بين قوات وزارة الدفاع وقوات (قسد) كان خياراً استراتيجياً يجب الحفاظ عليه؛ لبناء التوافقات وبناء دولة قوية ذات سيادة على كامل الأراضي السورية».

نقطة خلافية في الإطار الزمني

غير أن الاتفاق الذي أبرمه الشرع وعبدي وضع خطة زمنية بما لا يتجاوز تنفيذها نهاية العام الحالي. فماذا عن هذه الحطة الزمنية؟ تشير يوسف إلى وجود قضايا وملفات شائكة عديدة «بحاجة للمزيد من الوقت، مثلاً كيفية دمج القوات العسكرية والأمنية لأنها منتشرة في مساحة جغرافية تعادل ثلث سوريا، أما مسألة تبييض السجون وإفراغ المخيمات فهما في حاجة إلى وقت أكبر».

وذكرت أنه وبعد إعلان الشرع وعبدي عقدت الإدارة أول اجتماع في الحسكة آنذاك مع وفد الحكومة، وجرى تبادل لوجهات النظر، وكانت من بين أكثر المسائل التي في حاجة إلى حلول سريعة مسألة الامتحانات النهائية للشهادتين الإعدادية والثانوية العامة، وقد «أبدى الوفد الحكومي استعداده لحلها، لكن وحتى تاريخ اليوم وبعد مضي 3 أشهر؛ لم يصدر أي قرار رسمي لتنظيم عملية الامتحانات في مناطق الإدارة وآلاف الطلبة مستقبلهم على المحك»، على حد قول يوسف.

وفي ردها على تهم الانفصال والتقسيم لمطالبتهم باللامركزية السياسية، عدَّت يوسف أن جلوس «الإدارة الذاتية» في دمشق ووجود وفدها هناك «أكبر دليل وبرهان على التمسك بالدولة السورية».

قادة الإدارة الذاتية خلال وقفة وقراءة بيان أمام مبنى هذه الإدارة في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

وقالت: «نحن جزء من سوريا، وهذا موقف مبدئي بالنسبة لنا، واللامركزية لا تتناقض مع الوحدة، وكلنا سوريون، لكن هناك خصائص قومية لكل منطقة، مع وجود تنوع ديني وإثني»، كما توجد خصوصية ثقافية لكل منطقة «يجب أن توضع في الحسبان، والكثير من الدول المتقدمة نظامها لامركزي وهي دول قوية، حيث تم تشويه مصطلح اللامركزية وكأنه انقسام وانفصال».

وإلى جانب الملفات العسكرية والإدارية ستبحث هذه اللجان الملف الاقتصادي وتسليم حقول النفط والطاقة، حيث تبسط قوات «قسد» السيطرة على نحو 85 في المائة من الثروة النفطية، إضافة إلى 45 في المائة من حقول الغاز الطبيعي وإنتاجها، بما فيها حقول العمر والتنك بريف دير الزور شرق سوريا.

ويعد «حزب الاتحاد الديمقراطي» أحد أكبر الأحزاب الكردية التي تدير مناطق الإدارة الذاتية منذ تأسيسها سنة 2014.

وكشفت يوسف عن أنهم ناقشوا مع الجانب الحكومي مشاركتهم في تشكيلة البرلمان السوري الذي يتم الإعداد والتحضير له، ومن المرجح أن تبدأ المشاورات بعد عطلة العيد، كما نقل وفد الإدارة تحفظهم على الإعلان الدستوري.

أضافت: «تطرقنا إلى اللامركزية والمشاركة في البرلمان والإعلان الدستوري في بعض الأسطر، لكن الاجتماع كان الأول من نوعه؛ لذلك ناقشنا هذه الخطوط العريضة، وكانت جلسة تمهيدية وفي اجتماعات لاحقة سندخل في نقاشات معمقة».

مدخل مدينة القامشلي أحد أبرز المدن الحضرية الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية (الشرق الأوسط)

وذكرت يوسف أن وفد الإدارة نقل للجانب الحكومي التحفظ على الإعلان الدستوري «لأن الإعلان يكرّس حكماً مركزياً، وتجب إعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطات بشكل عادل، واحترام حرية العمل السياسي والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لامركزي ديمقراطي».

وختمت فوزة يوسف حديثها بالقول: «نحن مستعدون للحوار وننتظر الجانب الحكومي لتحديد موعد جديد لاستئناف المباحثات، والمباشرة في عمل اللجان».


مقالات ذات صلة

دمشق تجدّد رفضها للفدرالية وتدعو الأكراد للانضواء في الجيش

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك في القصر الرئاسي بدمشق الأربعاء (أ.ف.ب)

دمشق تجدّد رفضها للفدرالية وتدعو الأكراد للانضواء في الجيش

جدّدت الحكومة السورية، رفضها للفدرالية ودعت القوات الكردية للانضواء في الجيش، وذلك خلال اجتماع للرئيس أحمد الشرع، مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس الشرع يلتقي المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا (سانا)

وفد «الإدارة الذاتية» اجتمع مع وزراء الحكومة ورئيس المخابرات العامة بدمشق

قال مصدر كردي مشارك في الاجتماعات لـ«الشرق الأوسط» إن الأجواء كانت إيجابية، وستتبعها اجتماعات ثانية لضم رؤساء اللجان الفرعية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي يستعد آلاف اللاجئين السوريين في لبنان للعودة إلى ديارهم (رويترز)

بدء عودة السوريين من لبنان في إطار خطة تدعمها الأمم المتحدة

يستعد آلاف اللاجئين السوريين في لبنان للعودة إلى ديارهم هذا الأسبوع بموجب أول خطة مدعومة من الأمم المتحدة تقدم حوافز مالية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يرافق المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك للقاء الرئيس في دمشق الأربعاء (أ.ف.ب)

مخاوف كردية من ضغوط واشنطن على «قسد» خلال اجتماعها مع الشرع

قالت مصادر متابعة لاجتماع دمشق (الأربعاء)، إنه يعد جولة حاسمة فيما يخص علاقة «قسد» مع دمشق، وتفعيل اتفاقية 10 مارس (آذار).

سعاد جرَوس (دمشق)
أعمال السيطرة على الحريق في قرية البركة ووادي كورنكول بمنطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية (الدفاع المدني)

الدفاع المدني السوري يقترب من السيطرة على بؤر الحرائق ويستعد لمرحلة «التبريد»

الفرق تحرز تقدماً كبيراً في مكافحة الحريق المتواصل في ريف اللاذقية الشمالي منذ سبعة أيام

«الشرق الأوسط» (دمشق - لندن)

تقدّم حذر بضغط أميركي نحو «هدنة غزة»

فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

تقدّم حذر بضغط أميركي نحو «هدنة غزة»

فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

أثمرت ضغوط أميركية على إسرائيل، تقدماً حذراً نحو إعلان اتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار في غزة لمدة شهرين. وتواصلت في الدوحة، أمس، المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل، على وقع اجتماعات في واشنطن، للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن «تقدماً» حدث بعد لقاء ترمب ونتنياهو، لكنها شددت على أنه «لم يتم الحسم النهائي للخلافات». وقال نتنياهو، في مقطع دعائي بُث أمس، لمقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن «هناك احتمالاً كبيراً للتوصل إلى صفقة جزئية لوقف النار».

كذلك، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، في خطاب متلفز أمس، عن «توافر الظروف» للمضي في اتفاق يضمن الإفراج عن رهائن في غزة.