«حزب الله» يتجه لضبط علاقته مع رئيس الحكومة اللبنانية

يحصرها برئيس كتلته النيابية... وسلام متمسك بتنفيذ التزاماته

بري وسلام خلال لقائهما الأخير (الوكالة الوطنية)
بري وسلام خلال لقائهما الأخير (الوكالة الوطنية)
TT

«حزب الله» يتجه لضبط علاقته مع رئيس الحكومة اللبنانية

بري وسلام خلال لقائهما الأخير (الوكالة الوطنية)
بري وسلام خلال لقائهما الأخير (الوكالة الوطنية)

يتجّه «حزب الله» إلى ضبط العلاقة مع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، بعد توترات شهدتها خلال الأسبوعين الأخيرين على خلفية مواقف سلام من حصرية السلاح بيد الدولة؛ إذ تراجعت الحملة الإعلامية ضد سلام بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري، الاثنين، في حين كشفت مصادر نيابية في الحزب، عن أن التواصل المباشر مع سلام سيتولاه رئيس كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد.

وبدأ التوتر السياسي يخرج إلى العلن في الأسبوع الماضي، بفعل تباين واضح في مقاربة الملفات السيادية، وفي مقدمها قضية سلاح الحزب. ورغم حرص سلام على التأكيد العلني بالتزامه الحرفي بالبيان الوزاري، ونفيه أي ربط بين إعادة إعمار الجنوب وملف السلاح، تكثفت «رسائل الانزعاج» من جانب الحزب، وظهرت في مواقف كشفت عن تباين بين الطرفين، قبل أن يبدأ بالتلاشي إثر لقاء سلام وبري.

خطاب «غير متوازن»؟

وقال مصدر في «الوفاء للمقاومة» لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقة مع رئيس الحكومة «محكومة بقنوات اتصال مباشرة، وتحديداً بين رئيس كتلتنا (رعد) ورئيس الحكومة، ولا يتم التعاطي فيها عبر الإعلام أو المنابر». وأضاف: «نحن لسنا في موقع الدخول في سجالات علنية أو ترويج لمواقف غير منسوبة رسمياً إلينا، خصوصاً عندما تتعلق بقضايا وطنية كبرى».

رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

ويقول مطلعون على العلاقة بين الطرفين، إن الحزب يأخذ على سلام أنه منذ توليه رئاسة الحكومة «يتحدث بخطاب لا يضع في الحسبان التوازنات الداخلية والحساسية التي تتطلب مقاربة هادئة»، وأن الحزب كرر في تصريحاته العلنية رفضه أن تُستخدم ملفات بحجم السلاح أو السيادة «وسيلةً لفرض أمر واقع أو استرضاء الخارج».

في المقابل، ينفي المقربون من سلام تلك الاتهامات، وأوضح رئيس الحكومة خلال لقائه مع بري، الاثنين، أن حكومته «لم تخرج عن البيان الوزاري»، وأن تصريحاته الأخيرة «لم تكن تهدف إلى الربط بين السلاح والإعمار»، بل «تندرج ضمن الالتزامات التي نالت الحكومة على أساسها الثقة». كما ينفي أن تكون هناك أي ضغوط خارجية عليه في هذا الملف.

لا مواجهة... ولا تراجع

ويؤكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس سلام لم يأتِ إلى السراي الحكومي بمشروع تحدٍ أو تصفية حسابات، بل أتى حاملاً تصوراً واضحاً حول كيفية إدارة الدولة في هذه المرحلة الدقيقة». ويضيف: «منذ اللحظة الأولى لتكليفه، التزم بما نصّ عليه الدستور، وأعلن احترامه لاتفاق الطائف والبيان الوزاري الذي نال على أساسه الثقة».

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ب)

ويتابع المصدر: «هذا البيان الوزاري ليس مجرد ورقة شكلية، بل يتضمن التزامات واضحة، أبرزها حصرية السلاح بيد الدولة، وتعزيز سلطة الجيش والقوى الأمنية على كامل الأراضي اللبنانية، ورفض أي مظلة فوق القانون. هذا هو جوهر مشروع الدولة الذي يؤمن به الرئيس سلام، ولا مجال فيه للمناورة أو الالتباس».

ويشدد المصدر على أن «الحكومة تتجه جدياً نحو تطبيق هذه الثوابت على الأرض، وليس الاكتفاء بتردادها»، مشيراً إلى ان الخطوات التنفيذية «بدأت تظهر بالفعل، من خلال تحريك ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ودعم تحرك الجيش اللبناني في بعض مناطق الجنوب». ويؤكد أن الحكومة «ليست في وارد خلق خصومات مع أي طرف داخلي، بل تحرص على التوازن الوطني. لكن هذا لا يعني تعليق تطبيق القانون أو تعطيل خطة استعادة السيادة. الرئيس سلام لا يخوض معركة شخصية، بل يقود مساراً إصلاحياً سيادياً نابعاً من تفويض نيابي وشعبي واضح».

استهداف لشخصية مستقلة

وتتعدد القراءات لأسباب التوتر، بين من يرى أنها متصلة بقضية السلاح، أو التأخير في إعادة الإعمار. ويرى السياسي والأكاديمي حارث سليمان أن «الهجمة السياسية والإعلامية التي يتعرض لها سلام لا يمكن فصلها عن مسار طويل من استهداف الشخصيات المستقلة عن منظومة المحاصصة اللبنانية، وخصوصاً تلك التي لا تدخل في بازار الترضيات والخدمات».

ويضيف عبر «الشرق الأوسط» أن «ما يُقال عن أن السبب هو موقفه من إعادة الإعمار ليس دقيقاً؛ فالقضية أعمق بكثير»، موضحاً: «نواف سلام شخصية تمتاز بالاستقلالية، ولا يقدم التزامات أو تنازلات مقابل الدعم السياسي، وهذه سمة تُعدّ خطراً وجودياً على منظومة قائمة على الزبائنية وتقاسم النفوذ».

ويتابع سليمان: «ما لا يُقال بوضوح هو أن نواف سلام يُنظر إليه من قِبل (حزب الله) بصفته شخصاً غير مضمون في مسار سياسات المحور الإيراني، ولا ينخرط في خطابه ولا في أجندته. هذا وحده كافٍ ليكون هدفاً للحصار والإضعاف».

ويشير إلى أن المفارقة تكمن في أن «نواف سلام ورئيس الجمهورية الحالي يُفترض أنهما يمثلان خياراً عربياً واحداً، أو بالأحرى حصانان لعربة واحدة، تقودها إرادة عربية لاستعادة التوازن في لبنان. لكن ما يحصل على الأرض هو محاولة مقصودة لفصل العربة عن أحد خيولها، واستهداف سلام حصراً، بعدّه الحلقة الأضعف بنظر (الحزب)؛ كون رئيس الجمهورية يستمر لولاية ست سنوات، وبالتالي يؤجل (حزب الله) الصدام معه ربما لأواخر سِنِي عهده».

ويرى سليمان أن «نواف سلام لا يناسب الحزب، وكلما تمسك بخياراته السيادية والإصلاحية، اشتدت ضده الحملة. وهذا وحده كافٍ لقراءته بوصفه مرآةً واضحة لمآل الصراع الداخلي والخارجي حول هوية لبنان في المرحلة المقبلة، ومحاولة (حزب الله) الدائمة في البحث عن عدو».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

المشرق العربي خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله»، في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

على وقع الانقسام السياسي الحاد، يعقد مجلس النواب اللبناني، الخميس، جلسة تشريعية حسّاسة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على «إكس»)

دمشق تعلن إحباط محاولة تهريب جديدة لشحنة أسلحة إلى لبنان

أغلبية المستودعات التي بناها الحزب في الأراضي السورية غير مرئية، ومن ثم يرجح أن هناك عدداً منها لم يتم ضبطه بعد...

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)

«الداخلية السورية» تُعلن إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان

أعلنت وزارة الداخلية السورية، الأربعاء، إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
TT

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)

على وقع مخاوف من تصعيد إسرائيلي يطيح اتفاق وقف النار مع لبنان، ينعقد في باريس، اليوم (الخميس)، اجتماع رباعي يضم ممثلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، يتناول سبل دعم الجيش اللبناني والاطلاع على جهوده لنزع سلاح «حزب الله».

وتفيد مصادر فرنسية بأن باريس تشعر بخطر داهم محدق بلبنان، في ظل تهديدات إسرائيلية معلنة ومتواترة بالعودة إلى الحرب.

وتقول مصادر مطلعة في باريس إن اجتماع الخميس يندرج في إطار ثلاث أولويات رئيسية؛ أُولاها النظر في عمل آلية «الميكانيزم» المنوطة بها مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان، والنظر في تطويرها.

ويمثّل لجم التصعيد الإسرائيلي في لبنان الأولوية الثانية للاجتماع الذي يشارك فيه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل الذي سيقدم عرضاً للجهود اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة.

أما الأولوية الثالثة فتتعلق بما ستقوله الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بخصوص خطط بلادها في لبنان.


غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار
TT

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس (الأربعاء)، جميع الأطراف في اليمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وذلك بعد تقدم الانفصاليين في الجنوب، في تطور ينذر بتأجيج الحرب الأهلية المستمرة منذ عشر سنوات، بعد فترة هدوء طويلة، طبقاً لما أوردته وكالة «رويترز».

وأشار غوتيريش إلى أن عمليات المنظمة الدولية باتت غير قابلة للاستمرار في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتحديداً العاصمة اليمنية صنعاء، إلى جانب شمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية.

من ناحية ثانية، نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الشائعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.


إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق أمني مع سوريا يخدم الطرفين، لكنه قال إن أي اتفاق من هذا النوع «يجب أن يراعي الوضع بالجنوب»، في إشارة إلى رغبة تل أبيب في جعلها منطقة منزوعة السلاح.

وزعم ساعر في مقابلة مع قناة «العربية الإنجليزية»، أمس، أن تل أبيب، «ليس لها أطماع في أراضي سوريا»، مستدركاً أنها «لا تريد انطلاق أنشطة إرهابية من سوريا».

وفي الشأن اللبناني، قال ساعر إن لدى إسرائيل رغبة في «التطبيع مع لبنان»، عادّاً أن «الخلافات بسيطة، ويُمكن تجاوزها».

وتطرق وزير خارجية إسرائيل، إلى ملف غزة، زاعماً أن سلاح حركة «حماس» هو العقبة أمام الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

من جهته، قال الوسيط المقرب من الإدارة الأميركية، بشارة بحبح، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرحلة الثانية لاتفاق غزة ستبدأ الشهر المقبل.