نازحون سوريون يعودون إلى مناطقهم... ينصبون خيماً على أنقاض منازلهم

«العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات»

عارف شمطان داخل بيته المدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
عارف شمطان داخل بيته المدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
TT

نازحون سوريون يعودون إلى مناطقهم... ينصبون خيماً على أنقاض منازلهم

عارف شمطان داخل بيته المدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
عارف شمطان داخل بيته المدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

بعدما قاسى حياة النزوح لنحو 14 عاماً، عاد عارف شمطان إلى قريته المدمرة، في شمال غربي سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، مفضّلاً خيار العيش في خيمة على أطلال منزله المدمّر، بدلاً من البقاء مشرداً في المخيمات.

عاد شمطان، البالغ 73 عاماً، بلهفة مع ابنه إلى قريته الحواش، الواقعة عند أطراف محافظة حماة، متفقداً ما تبقّى من منزله وأرضه الزراعية للمرة الأولى منذ نزوحه على وقع المعارك إلى مخيّم عشوائي، قرب الحدود مع تركيا.

صورة جوية تظهر مقتنيات أشخاص في بيت مدمر بقرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وبعدما تمكّن من تأمين بعض احتياجاته، قرر قبل نحو شهرين مغادرة المخيم مع عائلته وأحفاده للاستقرار في خيمة متواضعة، نصبها قرب منزله، الذي تصدّعت جدرانه، وبات من دون سقف. وبدأ زرع بستانه بالقمح والخضار.

يقول الرجل، وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله، محتسياً كوباً من الشاي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أشعر بالراحة هنا، ولو على الركام... العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات» التي بقي فيها منذ عام 2011.

في قريته، التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري السابق، وشكَّلت خطّ مواجهة مع محافظة إدلب، التي كانت معقلاً للفصائل المعارضة، اختفت معالم الحياة تماماً. ولم يبقَ من المنازل إلا هياكل متداعية موزعة بين حقول زراعية شاسعة.

طفلان يلعبان في بيت مدمر بقرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

ورغم انعدام مقومات الحياة والبنى التحتية الخدمية، وعجزه عن إعادة بناء منزله لنقص الإمكانات المادية، يقول شمطان بينما تجمّع حوله أحفاده الصغار: «لا يمكننا البقاء في المخيمات وأماكن النزوح»، حتى لو كانت «القرية كلها مدمرة... لا أبواب فيها ولا نوافذ، والحياة معدمة».

ويضيف: «قررنا أن ننصب خيمة، ونعيش فيها إلى حين أن تُفرج، ونحن ننتظر من المنظمات والدولة أن تساعدنا»؛ إذ إن «المعيشة قاسية والخدمات غير مؤمنة».

لا خدمات ولا مدارس

في عام 2019، حين اشتدّ قصف الجيش السوري السابق على القرية، غادر المختار عبد الغفور الخطيب (72 عاماً) على عجل مع زوجته وأولاده، ليستقر في مخيم قريب من الحدود مع تركيا.

أطفال داخل خيمة في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وبعد إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عاد الخطيب على عجل أيضاً. يقول: «كنت أود فقط الوصول إلى بيتي. ومن شدّة فرحتي (...) عدت ووضعت خيمة مهترئة، المهم أن أعيش في قريتي».

ويكمل الرجل: «يود الناس كلهم أن يعودوا، لكنّ كثيرين لا يملكون حتى أجرة سيارة» للعودة، في بلد يعيش تسعون في المائة من سكانه تحت خط الفقر.

ويضيف بينما افترش الأرض في خيمة متواضعة قرب بقايا بيته: «لا شيء هنا، لا مدارس، ولا مستوصفات، لا مياه ولا كهرباء»، ما يمنع كثيرين من العودة كذلك. لكنه يأمل «أن تبدأ إعادة الإعمار، ويعود الناس جميعاً، وتفتح المدارس والمستوصفات» أبوابها.

وشرّد النزاع الذي بدأ عام 2011، بعد قمع السلطات احتجاجات شعبية اندلعت ضدّ حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. ولجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى مخيمات في إدلب ومحيطها.

صورة جوية تظهر البيوت المدمرة في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وبعد إطاحة الأسد، عاد 1.87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، إلى مناطقهم الأصلية، حسب المنظمة الدولية للهجرة، التي أشارت إلى أن «نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يُشكل التحدي الأبرز» أمام عودتهم.

ولا يزال نحو 6.6 مليون شخص نازحين داخلياً، وفق المصدر ذاته.

ومع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأميركية، تعوّل السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة الإعمار، التي قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.

«تغيّر كل شيء»

بعدما نزحت مراراً خلال السنوات الأخيرة، عادت سعاد عثمان (47 عاماً) مع بناتها الثلاث، وابنها، إلى قريتها الحواش منذ نحو أسبوع.

وتقول المرأة، التي تؤمّن قوتها اليومي من أعمال يدوية توفر لها أجراً بسيطاً: «تغيّر كل شيء، البيوت تدمرت، ولم يبقَ شيء في مكانه».

سعاد عثمان (47 عاماً) تسير خارج بيت مدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

ومع أن سقف منزلها انهار وتصدعت جدرانه، لكنها اختارت العودة إليه. على جدار متهالك، كدّست المرأة فرشاً ووسائد للنوم على خزانة قديمة. في العراء، وضعت سريراً صغيراً قرب لوحين شمسيين، لا يحميه شيء سوى بطانيات علّقت على حبل غسيل.

في الجوار، وعلى ركام منزلها، أقامت المرأة موقداً لتطهو عليه الطعام.

تقول: «استدنت ثمانين دولاراً ثمن بطارية» لتوفير الإضاءة مع غياب شبكات الكهرباء.

وتشرح السيدة، التي فقدت زوجها خلال الحرب: «نعرف أن المكان هنا مليء بالأفاعي والحشرات. لا يمكننا أن نعيش من دون ضوء في الليل».

سعاد عثمان (47 عاماً) تسير خارج بيت مدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

قرب قرية قاح، المحاذية للحدود التركية في محافظة إدلب المجاورة، يخلو أحد المخيمات تدريجياً من قاطنيه في الأشهر الأخيرة. وتظهر صور جوية التقطها مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» عشرات الخيم التي بقيت فقط جدرانها المبنية من حجارة الطوب.

ويوضح جلال العمر (37 عاماً) المسؤول عن جزء من المخيم المتهالك، إن نحو مائة عائلة غادرت المخيم إلى قريته التريمسة في ريف حماة، لكن نحو 700 عائلة أخرى لم تتمكن من العودة جرّاء ضعف إمكاناتها المادية.

ويتحدث عن غياب البنى التحتية الضرورية، على غرار إمدادات المياه والأفران. ويوضح «لشراء الخبز، يتوجّه الناس إلى مدينة محردة التي تبعد 15 كيلومتراً أو إلى سقيلبية» المجاورة.

ويقول: «لا يرغب الناس في البقاء بالمخيمات، يريدون العودة إلى قراهم، لكن فقدان أبسط مقومات الحياة من بنى تحتية وشبكات كهرباء وصرف صحي... يمنعها من العودة... يسألني كثيرون لماذا لم تعد؟ لا منزل لديَّ، وأنتظر فرصة لتأمين مكان يؤوني في القرية».


مقالات ذات صلة

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

المشرق العربي رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت) في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».


إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تسعى إسرائيل قبيل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع مساعي الوسطاء، خصوصاً الولايات المتحدة، للانتقال إليها في أقرب فرصة ممكنة، إلى تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، والتي تُقدر بنحو 53 في المائة من المساحة العامة للقطاع.

وينص وقف إطلاق النار في مرحلته الثانية، حال نُفّذ وفق الاتصالات المتسارعة في الأيام الأخيرة، على انسحاب آخر للقوات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة، مع الحفاظ على بقائها في مناطق أخرى قد تصل إلى نحو ما مساحته 20 في المائة من مساحة القطاع.

وخلال ساعات ليل ونهار السبت، لم تنفك القوات الإسرائيلية باستخدام الطائرات الحربية تارةً، ومن خلال العربات المفخخة تارةً أخرى، بقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية، سواء داخل الخط الأصفر المشار إليه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بوصفه خط انسحاب أولياً، أو على جانبه من داخل المناطق الخاضعة لسيطرة حركة «حماس».

أطفال يستعدون للدخول إلى صفوفهم في مدرسة للأونروا تعيش فيها عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ولوحِظ خلال الأيام الثلاثة الماضية تكثيف الغارات الجوية وعمليات النسف، حتى داخل مدينة رفح التي تُسيطر عليها القوات الإسرائيلية منذ أكثر من عام ونصف العام، وكذلك شرق مدينتَي خان يونس وغزة. كما امتدت هذه العملية، من مساء الجمعة حتى ظهر السبت، إلى مناطق واقعة شرق وشمال جباليا وبيت لاهيا شمالَ قطاع غزة. وتسببت إحدى عمليات النسف في منطقة زايد ببيت لاهيا، ليلاً، في وقوع انفجار ضخم سُمِع دويه في جميع أنحاء قطاع غزة، ووصل صداه حتى جنوب تل أبيب.

وتعمد إسرائيل إلى تدمير ما تبقى من مبانٍ ومنازل في تلك المناطق، بهدف حرمان سكانها من العودة إليها بعد الانسحاب منها، في عملية تدمير ممنهجة، انتهجتها بشكل كبير خلال الحرب التي استمرت عامين على قطاع غزة.

ووفقاً لمصادر ميدانية تحدّثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ بعمليات القصف والنسف للمنازل والمباني داخل مناطق سيطرتها، بل عملت على استخدام العربات المفخخة، وإدخالها إلى مناطق غرب الخط الأصفر -مناطق سيطرة «حماس»- وذلك تحت نار القصف المدفعي، وإطلاق النار من المسيرات، لتصل إلى مناطق سكنية بهدف تدميرها بشكل كامل.

وأوضحت أن ذلك تزامن أيضاً مع عمليات توغّل ازدادت حدّتُها في الأيام الأخيرة، ولا سيما شرق مدينة غزة، وتحديداً في حييّ الشجاعية والتفاح. وأشارت إلى أن الآليات الإسرائيلية توغّلت مسافة لا تقل عن 350 متراً خلف الخط الأصفر، واقتربت من شارع صلاح الدين الرئيسي عند الحيَّين، ما يعني أنها باتت تفرض سيطرة شبه كاملة عليهما.

خيم النازحين وسط الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي جواً وبراً في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)

وأشارت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كررت المشهد ذاته صباح السبت في خان يونس، بعدما تقدّمت إلى أجزاء من حي الشيخ ناصر وأقامت سواتر ترابية، فيما قامت طائرات مسيّرة بإطلاق النار في مختلف الاتجاهات وعلى أي هدف متحرك. وبعد انسحاب القوات تبيّن أن الهدف من إقامة السواتر الترابية كان تمهيد الطريق لآليات هندسية لتنفيذ عمليات حفر في حي الفرا المجاور.

وقالت المصادر إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تعمل على توسيع سيطرتها في قطاع غزة، من خلال تقديم المكعبات الأسمنتية الصفراء، المشار إليها بالخط الأصفر، من خلال التقدم جزئياً من حين إلى آخر داخل بعض المناطق.

وتزامنت هذه التطورات مع قتل القوات الإسرائيلية 4 فلسطينيين، في حادثتين منفصلتين شمال القطاع، كما أصابت آخرين في مناطق أخرى.

ووفق مصادر طبية، فقد قُتل شابّان في إطلاق نار شرق جباليا البلد، فيما قُتل اثنان آخران وأصيب 3 في إطلاق نار ببلدة العطاطرة شمال غربي بيت لاهيا. كما أُعلن عن وفاة خامس متأثراً بجروحه بعد أن استهدفته طائرة مسيّرة، مساء الجمعة، بإطلاق النار عليه وعلى نجله، وهما يعملان في جهاز الدفاع المدني بغزة.

وأصيب عدد من الفلسطينيين بإطلاق نار في مناطق متفرقة، بينهم غزي بجروح خطيرة إثر قصف مدفعي استهدف محيط شارع صلاح الدين قبالة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، في حين أصيب آخر بإطلاق نار من مسيرات شرق خان يونس.

وبذلك يكون قد قُتل ما لا يقل عن 370 فلسطينياً، وأصيب أكثر من 960 منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما قتل 70357 منذ السابع من أكتوبر 2023.


الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة جنوب سوريا يدخلنا في مكان خطر

الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
TT

الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة جنوب سوريا يدخلنا في مكان خطر

الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)

اعتبر الرئيس السوري أحمد الشرع أن سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، فيما تواصل الدولة العبرية تنفيذ عمليات عسكرية في المنطقة، أسفر آخرها عن مقتل 13 شخصاً، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الشرع خلال مشاركته في حوار خلال منتدى الدوحة: «سوريا أصرت على احترام اتفاق 1974، وهو اتفاق صمد أكثر من خمسين سنة، هو بشكل أو بآخر كان اتفاقاً ناجحاً، فالعبث في هذا الاتفاق... وهو يحصل على إجماع دولي وإجماع مجلس الأمن، والبحث عن اتفاقات أخرى مثل منطقة عازلة... أعتقد أن هذا ربما يدخلنا في مكان خطر».