انتخابات زحلة المحلية: معركة مسيحية بامتياز والعين على الصوت الشيعي

«القوات» بمواجهة «الكتائب» و«تحالفات المدينة»... و«لا اتفاق سياسي مع التيار»

رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في لقاء سابق للمعارضة (أرشيفية)
رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في لقاء سابق للمعارضة (أرشيفية)
TT

انتخابات زحلة المحلية: معركة مسيحية بامتياز والعين على الصوت الشيعي

رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في لقاء سابق للمعارضة (أرشيفية)
رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في لقاء سابق للمعارضة (أرشيفية)

تأخذ معركة الانتخابات البلدية في مدينة زحلة في البقاع اللبناني طابعاً سياسياً مسيحياً بامتياز، على خلاف معظم البلدات في محافظة البقاع، التي تخوض الأحد هذا الاستحقاق في المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية في لبنان.

وتتنافس في زحلة بشكل أساسي لائحتان؛ الأولى «قلب زحلة»، محسوبة بشكل كامل على حزب «القوات» اللبنانية التي تعدّ أن «الحلفاء والخصوم اجتمعوا لمواجهتها»، على حدّ تعبير النائب عن القضاء في كتلة حزب «القوات اللبنانية» جورج عقيص. بمواجهة لائحة «رؤية وقرار»، وتضم حزب «الكتائب» اللبنانية، التي رفض رئيسها النائب سامي الجميل وصفها بالمعركة السياسية، إضافة إلى «الكتلة الشعبية» برئاسة ميريام سكاف، ورئيس البلدية الحالي أسعد زغيب، والنائب ميشال ضاهر، والنائبين السابقين سيزار المعلوف ونقولا فتوش، و«الوطنيين الأحرار» و«تجمع زحلة» (المغتربون من زحلة).

وأتى تحالف معظم الأطراف في زحلة في مواجهة «القوات»، بعدما كانت الأخيرة على وشك التحالف مع «الكتلة الشعبية»، قبل أن تتعثّر المشاورات بينهما، فيما تتجه الأنظار نحو «الصوت الشيعي» بشكل أساسي، ما من شأنه أن يغير في موازين النتيجة، إضافة إلى الصوت السني والأقليات. كما يبقى توجّه «التيار الوطني الحرّ» في المعركة غير واضح حتى بعد ظهر السبت.

وبعدما كانت المعلومات قد أشارت مساء الجمعة إلى مفاوضات بين «التيار» و«القوات»، أكّدت الأخيرة أنه لا تحالف أو تفاهم سياسي مع «التيار» في انتخابات زحلة، مرحبةً في الوقت عينه بأي دعم للائحة من قبله، والأمر نفسه بالنسبة إلى لائحة «رؤية وقرار»، التي رفضت فتح قناة تواصل، مع النائب جبران باسيل، تحت المبدأ نفسه، «لا تفاهم سياسي»، بحسب ما أكّدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، متحدثة عن مفاجآت قد تظهر في اللحظات الأخيرة وفي النتيجة النهائية.

وفيما تعدّ مصادر في «القوات» أن «معركة زحلة على المنخار» (غير محسومة لأي طرف)، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» يمارس ضغوطاً كبيرة على «التيار» لعدم دعم لائحة «القوات»، بعدما بذل جهوداً لعدم تأليف لائحة ثالثة، من شأنها أن تريح «القوات»، وبالتالي بات هدفه الأساس «التصويت ضدّ لائحتها».

وعن إمكانية الاتفاق مع «التيار»، تقول المصادر: «لا شيء مستحيل بالسياسة، إنما حتى الساعة (بعد ظهر السبت) الأمر مستبعد».

وكانت هيئة زحلة في «الوطني الحر» أصدرت بياناً متوجهة إلى مناصريها، داعية إياهم إلى «التحلّي بالحكمة والصبر إلى حين صدور القرار بشأن الانتخابات».

مع العلم، أن مجلس بلدية زحلة الحالي، المؤلف من 21 عضواً، يسيطر عليه منذ سنوات تحالف «القوات» و«التيار الوطني الحرّ» و«الكتائب» برئاسة أسعد زغيب.

بين المعركة «السيادية» و«السياسية»

وفيما تأخذ المواجهة بعداً مسيحياً مع ارتفاع حدة المواقف، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل مناصري «القوات»، التي تعدّها «معركة التغيير»، أكّد رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل أن «المعركة في زحلة ليست سياسية، والنتيجة ستكون سيادية».

وقال الجميل، في حديث تلفزيوني: «الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) أعطى حرية الاختيار لمناصريه في الانتخابات البلدية لأنه لم يدعم أحداً، والمرشح الشيعي الموجود على لائحتنا هو نفسه الذي كان على اللائحة التي شُكّلت مع (القوات) سابقاً، وهو مستقل لا علاقة له بالثنائي، وموجود في المجلس البلدي الحالي»، موضحاً: «الفرقاء معنا على اللائحة هم (الأحرار)، و(التجمع الزحلاوي) رمز المقاومة اللبنانية بوجه الاحتلال السوري، والنائب ميشال الضاهر، وهم فرقاء سياديون».

وعن سبب عدم التحالف مع «القوات اللبنانية»، قال الجميل: «طموحنا كان التحالف مع (القوات) منذ اليوم الأول، ولكن (القوات) فضّلت التحالف مع ميريام سكاف بدايةً، ثم عادا واختلفا في ما بينهما. في هذا الوقت، كنا قد تحالفنا والتزمنا مع أسعد زغيب، وباتت لدينا لائحة متضامنة، عملنا من أجل التوافق مع (القوات)، ولكن الخطأ لم يكن من جانبنا، وهم يدركون ذلك. وبناء على ذلك، قمنا بتحالفاتنا، واتفقنا على الأسماء، ولم نعد قادرين على التوافق في زحلة».

في المقابل، وصف النائب جورج عقيص المعركة الانتخابية في زحلة بـ«معركة سياسية بامتياز، وليست مجرد خلاف بلدي». وقال في حديث إذاعي: «أردنا التغيير في النهج البلدي، إلا أن المفاوضات لم تنجح مع الحلفاء، فاصطفّ الحلفاء والخصوم في لائحة واحدة لمواجهة (القوات)».

ونبّه عقيص إلى «عاملين يهددان نزاهة الانتخابات؛ أوّلهما المال الانتخابي لشراء الأصوات»، مطالباً «الأجهزة الأمنية بالتنبه إلى هذا الموضوع، والعامل الثاني هو الصوت الشيعي الموجود في اللائحة المنافسة، الذي يُراد منه كسر إرادة الزحليين والحدّ من توسّع (القوات) في المناطق المسيحية»، معرباً عن «ثقته بوعي أبناء زحلة، الذين سيدركون هذا التدخل الفجّ، وسيُسقطونه عبر صناديق الاقتراع بقول (لا) واضحة لتشويه الإرادة الشعبية».

مع العلم أنه وفق لوائح الشطب الجديدة لعام 2025، يبلغ عدد ناخبي الدائرة الانتخابية لمدينة زحلة والجوار 88 ألف ناخب في زحلة المدينة وتعنايل، مع أحياء زحلة الكرمة، وزحلة وادي العرايش، والتويتي، والكرك. ويتوزعون على الشكل الآتي: كاثوليك 33 ألفاً، موارنة 26 ألفاً، أرثوذوكس 13 ألفاً، شيعة 7 آلاف، أرمن سريان 4 آلاف، سنّة 3 آلاف، 1500 أرمن ومختلط.


مقالات ذات صلة

انتقاد لبناني لمواقف «حزب الله» من حصرية السلاح

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام (أرشيفية - رويترز)

انتقاد لبناني لمواقف «حزب الله» من حصرية السلاح

يقف لبنان أمام لحظة تاريخية تستدعي من «حزب الله» الانتظام سياسياً تحت جناح الرؤساء الثلاثة بانتظار أن يتسلموا رد الموفد الأميركي توم براك.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي صورة تظهر جانباً من سجن رومية في لبنان (رويترز - أرشيفية)

احتجاز عنصري أمن خلال تمرد في سجن أميون بشمال لبنان

شهد سجن في شمال لبنان، الاثنين، حالة تمرد تطورت إلى احتجاز سجناء لعنصرين من القوى الأمنية كرهائن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
رياضة عربية الأنصار بطلاً للدوري اللبناني بفوز ثمين على التضامن صور (وسائل إعلام لبنانية)

«الدوري اللبناني»: الأنصار يحسم اللقب الـ15 في تاريخه

ضمن الأنصار لقب الدوري اللبناني لكرة القدم للمرة الخامسة عشرة في تاريخه، إثر تغلبه على التضامن صور 2-0.

«الشرق الأوسط» (جونية )
المشرق العربي الموفد الأميركي توم براك (رويترز)

لبنان ينتظر الموقف الأميركي من ردّه... ومطالبات بخطوات سريعة لحصر السلاح

لا يزال لبنان يترقّب الرد الأميركي على الردّ اللبناني «المزدوج» على ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقائه كلمة في احتفال الحزب بمناسبة ذكرى «عاشوراء» (إ.ب.أ)

«حزب الله» يستعد لحراك سياسي داخلي وورشة استراتيجية جديدة

يستعد «حزب الله» قريباً، وكما أعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، لإطلاق حراك سياسي داخلي بالتوازي مع «ورشة استراتيجية جديدة» ناشطة داخل الحزب.

بولا أسطيح (بيروت)

انتقاد لبناني لمواقف «حزب الله» من حصرية السلاح

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام (أرشيفية - رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام (أرشيفية - رويترز)
TT

انتقاد لبناني لمواقف «حزب الله» من حصرية السلاح

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام (أرشيفية - رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام (أرشيفية - رويترز)

قال مصدر وزاري لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن البلاد تقف أمام لحظة تاريخية تستدعي من «حزب الله» الانتظام سياسياً تحت جناح الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون، ونبيه بري، ونواف سلام، بانتظار أن يتسلموا من توم برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، ردّه على جوابهم على الأفكار التي طرحها لمساعدة لبنان في وضع آلية تطبيقية لاتفاق وقف النار مع إسرائيل، بدلاً من أن يتمايز عنهم بإصدار مواقف لا تخدم وحدة الموقف اللبناني، ويوفر الذرائع لإسرائيل لمواصلة اعتداءاتها.

لاحظ المصدر أن «حزب الله» ارتكب، منذ أن أودع الرؤساء الثلاثة برّاك ردّهم على أفكاره، مجموعة من الهفوات هو في غنى عنها. توقف المصدر عند قول العضو في المجلس السياسي للحزب، الوزير السابق محمود قماطي، إن «حزب الله» استعاد بناء قدراته العسكرية، عادّاً أن هذا يوفر الذرائع لأطراف محلية ودولية للمطالبة بنزع سلاحه ويسمح لإسرائيل باستغلاله لمواصلة عدوانها بحجة أنها تمنعه من استعادة بنيته العسكرية.

وسأل المصدر الوزاري: أين تكمن مصلحة الحزب وراء ما قاله قماطي؟ وهل كان مضطراً للتشويش على جواب الرؤساء الثلاثة على أفكار برّاك. وتضمن جواب الرؤساء التزامهم بحصرية السلاح بيد الدولة، ومطالبتهم واشنطن بتوفير الضمانات بدءاً بتثبيت وقف النار في مقابل استعدادهم للبحث بكل ما ورد في الاتفاق الذي وضعته الولايات المتحدة، بالشراكة مع فرنسا، علماً بأن لبنان التزم بهذا الاتفاق بخلاف إسرائيل.

كما سأل المصدر: هل ما صرّح به قماطي يسهم في تحصين الموقف اللبناني، أم أنه يعطي الذريعة لإسرائيل لتواصل اعتداءاتها؟ كيف سيرد الرؤساء الثلاثة على ما قاله وهو الذي كان قد هدد سابقاً بقطع اليد التي تمتد إلى سلاح الحزب؟

حصرية السلاح

وتوقّف المصدر الوزاري أمام التوقيت الذي اختاره قماطي، عندما قال إن الحزب بدأ يستعيد قدراته العسكرية، وألحقه نائب المسؤول عن منطقة البقاع في الحزب الشيخ فيصل شكر بموقف أشد قساوة، وجاء بمثابة تهديد مباشر بـ«نزع أرواح» الذين يطالبون بنزع سلاح الحزب. وسأل المصدر: ألا يشكل ذلك التفافاً على تأييد الرؤساء الثلاثة لحصرية السلاح التزاماً منهم بخطاب القسم وبالبيان الوزاري لحكومة نواف سلام التي يتمثل فيها الحزب بوزيرين ولم يسبق لهما أن تحفّظا على حصرية السلاح؟

ولفت إلى أن ما صدر عن قماطي وشكر لا يخدم استعداد الحزب، بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، للقيام بحراك سياسي يشمل القوى السياسية والحزبية التي هي على خلاف معه، ويتطلع من خلال ذلك لتطبيع علاقته ولو من موقع الاختلاف.

بري غير مرتاح لتهديدات «حزب الله»

وأكد المصدر أن لا مصلحة للحزب بأن يتمايز عن حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يكن مرتاحاً، كما تقول مصادر نيابية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، للتهديد الذي أطلقه الشيخ شكر، ولا لما يحصل في الجنوب باعتراض قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (اليونيفيل) ومنعها من القيام بتسيير دورياتها من دون مواكبة من الجيش اللبناني.

فالرئيس بري بقراءته في كتاب واحد مع رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام في ردهم الموحد على برّاك، يدرك حجم الأخطار المحدقة بالبلد، ويصر على عدم الدخول في خلاف مع «حزب الله» ليكون في وسعه أن يمون عليه للانخراط في مشروع الدولة على قاعدة التزامه بحصرية السلاح، في مقابل توفير الضمانات الأميركية لإلزام إسرائيل بوقف النار والانسحاب من جنوب لبنان على مراحل، تطبيقاً للقرار «1701»، حسبما تقول المصادر ذاتها.

وتضيف المصادر أن إصرار بري على إحاطته لـ«حزب الله» وعدم تركه وحيداً، يتطلب من الأخير خفض منسوب التوتر الذي يتحكم بخطابه السياسي، ويتطلب منه أيضاً الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لتحرير الجنوب، بدلاً من أن يستبق الجلسة النيابية المخصصة لمناقشة الحكومة ومساءلتها عما قامت به منذ تشكيلها، بتقديمه مجموعة من «الخدمات المجانية»، بالمفهوم السياسي للكلمة، لخصومه تشكل مادة دسمة لهم لحشره في الزاوية.

انخراط الحزب في المناقشات

وفي هذا السياق، رأى المصدر الوزاري أن «حزب الله» كان شارك في إعداد جواب الرؤساء الثلاثة بتواصله مع بري ومواكبته للمناقشات التي دارت في داخل اللجنة التي شُكّلت لإعداد الرد اللبناني. وقال إنه لا مصلحة للحزب للرهان على شراء الوقت وتهديده، من حين لآخر، بنفاد صبره واستعداده للرد على الخروق الإسرائيلية، ما دام أن قيادته ما زالت في مرحلة إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية وتقييمها للأسباب التي أدت إلى اغتيال إسرائيل أبرز قادته من سياسيين وعسكريين.

وأكد المصدر أن عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان والحزب على السواء الذي يُفترض به التخلي عن مكابرته، آخذاً بالتحولات التي شهدتها المنطقة ولبنان وكانت وراء التبدل في ميزان القوى بتراجع نفوذ محور الممانعة، واضطرار إيران للانكفاء للداخل دفاعاً عن النظام. وقال إنه لا خيار أمام الحزب سوى اللحاق بركب مشروع الدولة، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن برّاك بتحذيره لبنان بأن عدم تحركه في الوقت المناسب سيعود به إلى «بلاد الشام»، أراد به الضغط على الحكومة وحثها على حسم موقفها بتأييدها مجتمعة لحصرية السلاح كون ذلك ممراً إلزامياً لإنقاذه، على أساس أن عامل الوقت ليس لمصلحتها، وأن الفرصة المتاحة لها لإخراج البلاد من التأزم ليست مفتوحة، وبالتالي لا بد من الكف عن مراعاة الحزب بدلاً من أن يكون خاضعاً لمصلحة أكثرية اللبنانيين التي تحمّله مسؤولية الدمار الذي حل بلبنان بتفرّده بإسناد غزة من دون العودة إلى الدولة صاحبة قرار السلم والحرب.