نخب عراقية تطالب بـ«حل الكيانات المسلحة»

100 مثقف وأكاديمي يطلقون مبادرة لـ«إصلاح المسارات السياسية»

عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض في بغداد سبتمبر 2024 (رويترز)
عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض في بغداد سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

نخب عراقية تطالب بـ«حل الكيانات المسلحة»

عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض في بغداد سبتمبر 2024 (رويترز)
عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض في بغداد سبتمبر 2024 (رويترز)

طالب أكثر من 100 شخصية ثقافية وأكاديمية من تيارات مختلفة بـ«حل الكيانات المسلحة» في العراق، في إطار مبادرة لإصلاح المسارات السياسية والقضائية من دون «دوافع انتخابية»، في إشارة إلى الاقتراع العام المقرر في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

وتحدّث بيان صادر عن مؤتمر مبادرة «عراقيون» الذي عُقد في بغداد السبت، عما وصفه بـ«اللحظة الحاسمة من تاريخ البلاد، وما آلت إليه أوضاعه نتيجة للسياسات العشوائية والمواقف الارتجالية والمصالح الفئوية لجميع القوى السياسية».

وتطرّق أصحاب المبادرة إلى «الظروف الراهنة التي تتعرّض لها المنطقة، والخشية من تأثير تداعياتها في العراق»، مشيرين إلى «الأخطار الناجمة وتعاظم الظواهر السلبية التي قد تقرّب البلاد من حافة الهاوية».

ويعتقد هؤلاء أن أحد مظاهر تلك الأخطار ناجم عن «سيطرة قوى مسلحة على مفاصل الدولة، وتفشّي الفساد بشكل غير مسبوق، وتراجع مستوى الحريات، وتهميش الإرادة الشعبية على مدى أكثر من عقدَيْن».

أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

«مصير العراق»

وقال أصحاب المبادرة الذين ينحدرون من خلفيات قومية وإثنية متعددة: «نعلن تمسّكنا بالعراق، واستلهام هويتنا العراقية الحضارية الجامعة لقيم التسامح والمحبة والإخاء بين أفراد ومكونات العراق، ونؤكد رفضنا التام للعبث بمصير وطن أثخنته الحروب والفساد والخيبات»، مؤكدين: «الوقوف بحزم أمام أي محاولات داخلية أو خارجية لربط مصيره بمصائر بلدان أخرى، أو التفريط بمصالحه، أو التهاون في امتهان كرامة شعبه».

وحمّلت المبادرة المدنية جميع القوى السياسية مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد، ونبّهت إلى أن «عدم مراجعة المسيرة الماضية، والتهرّب من نقدها وإصلاحها، سيعجّل بانهيار البلد، ولا حل للإنقاذ إلا بتصحيح المسار تصحيحاً جذرياً، مهما كان مؤلماً، والبدء بالخطوات الآتية بصفتها بادرة للإصلاح».

البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)

9 خطوات للإصلاح

وضع أصحاب المبادرة 9 خطوات رئيسية، رأوا أنها «ضرورية وحاسمة لإصلاح الأمور في البلاد»، من ضمنها: «تطبيق قانون الأحزاب بشكل صارم، ومنع مشاركة أي حزب أو كيان سياسي لا يثبت تخليه عن السلاح، ولا يفصح عن مصادر تمويله».

ومن المعروف أن معظم القوى السياسية المشاركة في البرلمان والحكومة، خصوصاً الشيعية منها، لديها فصائل مسلحة، في مخالفة صريحة لقانون الأحزاب النافذ.

وشددوا في المطلب الثاني على أهمية الحريات العامة التي كفلها الدستور، وفي «مقدمتها حرية التعبير والصحافة والتنظيم دون قيد أو شرط، والالتزام الكامل بمبادئ التداول السلمي للسلطة، ورفض الاحتكام إلى العنف والاستقواء بالخارج في فرض الإرادات».

وطالبت المبادرة بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال اعتماد سياسة اقتصادية عادلة وفاعلة، والسعي إلى تقليص الطابع الاستهلاكي الذي يُهيمن على الاقتصاد العراقي.

وفي إحدى النقاط الجريئة، طالب المبادرون بـ«حل الجماعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة كافّة، التي تتحصّن خلف شعارات طائفية وآيديولوجية، والعمل على نزع السلاح من أي فرد أو مجموعة لا تنتظم في صفوف القوات المسلحة الرسمية».

وشددت المبادرة على محاسبة جميع المتورطين في قتل المتظاهرين (حراك تشرين 2019)، ونهب المال العام، مهما كانت مواقعهم أو انتماءاتهم، وتفعيل مؤسسات الرقابة والقضاء المستقل، بما يضمن محاسبة المقصرين والفاسدين بعيداً عن أي تأثير سياسي. وفي إحدى النقاط التسع، طالبوا بـ«إشراف المجتمع الدولي والمحلي الضامن على تنقية العملية الانتخابية من عمليات التزوير والخروقات الأخرى المحتملة في الانتخابات المقبلة».

منع التفرد السياسي

بدوره، قال العضو المشارك في المبادرة، الأكاديمي سعدون محسن ضمد، إن «النخب المشاركة في المبادرة تجد أن من واجبها الأخلاقي والأساسي التقدم بأي خطوة من شأنها معالجة الاختلالات العميقة التي تواجهها البلاد».

وذكر ضمد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة شعوراً لدى غالبية العراقيين بأن البلاد لا تسير في الطريق الصحيح. أعتقد أنه يجب ألا نسمح للسياسيين بالانفراد بكل شيء، صحيح أنهم يهيمنون على مراكز القوى والنفوذ، لكن الصحيح أيضاً أن جماعات الضغط بمختلف أشكالها يمكن أن تُسهم في زحزحة المسارات الخاطئة وتعديلها».

ويتوقع ضمد أن «تنضم لاحقاً إلى المبادرة أعداد كبيرة من المثقفين والناشطين والأكاديميين؛ لتكريس ما يُشبه جماعة قوية للضغط على صُنّاع القرار، بعد سنوات من غياب المحاسبة واستشراء الفساد وسوء الإدارة».


مقالات ذات صلة

إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

شؤون إقليمية إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

رغم أن إعلان حزب «العمال» الكردستاني (pkk) حل نفسه، وإيقاف أعماله المسلحة سينهيان عملياً حرب 4 عقود مع أنقرة، فإن أصداء هذا الاتفاق تسمع وبقوة بكردستان العراق.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يطلع على الاستعدادات في مقر انعقاد القمة العربية في بغداد (رئاسة الوزراء)

انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية على المستوى الاقتصادي

مع بدء العد التنازلي لانعقاد القمة العربية، تتوالى الوفود العربية إلى العاصمة العراقية، بدءاً بوفد الجامعة العربية.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية أكراد يعبّرون عن فرحتهم بنداء زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان لحل «الحزب» ويطالبون بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

«العمال الكردستاني»... من التأسيس إلى الحلّ في نصف قرن

خاض «حزب العمال الكردستاني»، الذي حل نفسه رسمياً، وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء قريبة من الجماعة، اليوم الاثنين، معارك ضد الدولة التركية لأكثر من 4 عقود.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي مسرور بارزاني يتهم بغداد بـ«تسييس» ورقة رواتب موظفي إقليم كردستان

مسرور بارزاني يتهم بغداد بـ«تسييس» ورقة رواتب موظفي إقليم كردستان

اتهم رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، الأحد، الحكومة الاتحادية في بغداد بتسييس ورقة الرواتب.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة عربية الأسترالي غراهام أرنولد المدرب الجديد للمنتخب العراقي (رويترز)

أرنولد: هدفي قيادة العراق للمونديال

قال الأسترالي غراهام أرنولد، المدرب الجديد للمنتخب العراقي، إن هدفه التأهل إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مفوض «الأونروا»: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب

فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مفوض «الأونروا»: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب

فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)

قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني إن إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب في حربها على غزة.

وأضاف في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «ليس لديّ أدنى شك في أن هذا ما شهدناه خلال الأشهر التسعة عشر الماضية، وخاصةً خلال الشهرين الماضيين. إنها جريمة حرب. ستصدر محكمة العدل الدولية تقديرها... مما أستطيع قوله، وما نراه ونلاحظه، هو أن الغذاء والمساعدات الإنسانية تُستخدم بالفعل لتحقيق هدف سياسي، أو عسكري في سياق غزة».

وأضاف لازاريني: «لا أجد الكلمات الكافية لوصف البؤس، والمأساة التي يعاني منها سكان غزة. لقد مرّ أكثر من شهرين دون أي مساعدة. ينتشر الجوع، والناس منهكون، والناس جائعون... يمكننا أن نتوقع أنه في الأسابيع المقبلة إذا لم تصل أي مساعدات، فلن يموت الناس بسبب القصف، بل سيموتون بسبب نقص الغذاء. هذا هو تسليح المساعدات الإنسانية».

المفوض العام لـ«أونروا» فيليب لازاريني (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتابع متحدثاً إلى جيرمي بوين، مراسل «بي بي سي»: «انظر إلى التقارير الدورية للمنظمات الدولية التي ترصد مستوى الجوع والأمن الغذائي، أبرزها تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، وهو مشروع مشترك بين وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والحكومات لقياس ما إذا كانت المجاعة تحدث، إذ تشير بيانات إلى أن غزة على وشك المجاعة. لكنه يشير إلى أن جميع السكان، أي أكثر من مليوني شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، يعانون من انعدام أمن غذائي حاد. بمعنى آخر، هذا يعني أنهم يتضورون جوعاً بسبب الحصار الإسرائيلي».

ويقول التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن 470 ألف غزّي، أي 22 في المائة من السكان، يندرجون ضمن تصنيف يُطلق عليه «المرحلة الخامسة - الكارثة». ويُعرّفها التصنيف بأنها حالة «تعاني فيها أسرة واحدة على الأقل من كل خمس أسر من نقص حاد في الغذاء، وتواجه المجاعة، مما يؤدي إلى العوز، ومستويات حرجة للغاية من سوء التغذية الحاد، والوفاة». وعملياً، يُقدّر تصنيف المرحلة الخامسة، وهو الأكثر حدةً الذي يستخدمه التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن «71 ألف طفل، وأكثر من 17 ألف أم سيحتاجون إلى علاج عاجل من سوء التغذية الحاد».

يأتي ذلك في الوقت الذي توجد فيه آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمساعدات الطبية والإمدادات الإنسانية التي يحتاجونها على بُعد أميال قليلة، على الجانب الآخر من الحدود في مصر.

ويعد قطاع غزة من أكثر بقاع الأرض اكتظاظاً قبل الحرب. وتهدف خطة إسرائيل إلى إجبار أكبر عدد ممكن من سكانها على اللجوء إلى منطقة صغيرة جنوباً، بالقرب من أنقاض مدينة رفح، التي دُمرت بالكامل تقريباً.

وقبل ذلك، يُقدّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن 70 في المائة من غزة أصبحت فعلياً محظورة على الفلسطينيين. وتسعى إسرائيل إلى تركهم في منطقة أصغر. وترفض الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الرائدة المزاعم الإسرائيلية بأن «حماس» تسرق وتسيطر على الغذاء الذي يدخل غزة. وقد رفضوا التعاون مع خطة أعدتها إسرائيل والولايات المتحدة، والتي ستستخدم شركات أمن خاصة، بحماية القوات الإسرائيلية، لتوزيع الحصص الغذائية الأساسية، وفق «بي بي سي».

ورداً على سؤال ما إذا كان الحصار، بالإضافة إلى عام ونصف من الحرب والدمار، يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وهو الاتهام الذي وجهته جنوب أفريقيا ودول أخرى إلى إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، رد لازاريني: «بكل المقاييس، الدمار هائل. عدد القتلى هائل، وبالتأكيد أقل من تقديره. لقد شهدنا أيضاً تدميراً ممنهجاً لمدرسة ومركز صحي. كان الناس في حالة فوضى دائمة داخل غزة، يتحركون باستمرار. لذا، لا شك أننا نتحدث عن فظائع جسيمة. هل هي إبادة جماعية؟ قد تنتهي إلى إبادة جماعية. هناك العديد من العوامل التي قد تتجه نحو هذا الاتجاه».

أهالي الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أقاربهم إثر هجمات إسرائيلية استهدفت فلسطينيين يقيمون في منازل وخيام مؤقتة ينعونهم في مدينة غزة (د.ب.أ)

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس صرّح في الشهر الماضي بأن الحصار «أداة ضغط رئيسة» لضمان النصر على (حماس) وإطلاق سراح جميع الرهائن. ووافقه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الرأي. وكتب: «إن وقف المساعدات الإنسانية هو من أدوات الضغط الرئيسة على (حماس). إن إعادة المساعدات إلى غزة قبل أن تركع (حماس) وتطلق سراح جميع رهائننا سيكون خطأً تاريخياً».

وتُعرَّف الإبادة الجماعية بأنها تدمير جماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية، كلياً، أو جزئياً. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، وهي هيئة مستقلة، مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق بتهم ارتكاب جرائم حرب، وهي تهم يرفضانها. وقد قُتل قادة «حماس» الثلاثة الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية على يد إسرائيل، وهم: رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، والقائد الأعلى لكتائب القسام المعروف باسم محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية.

وتابع لازاريني أنه «في السنوات القادمة سندرك كم كنا مخطئين... كنا على الجانب الخطأ من التاريخ. لقد سمحنا، تحت أنظارنا، بارتكاب فظاعة هائلة».

امرأة فلسطينية تحتضن جثة طفل ملفوفة في نعش ملطخ بالدماء قُتل في غارات إسرائيلية على مبنى في جباليا (د.ب.أ)

وقال إن الرد الإسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) كان «غير متناسب، يكاد يؤدي إلى إبادة شعب بأكمله في وطنه... أعتقد أن هناك مسؤولية جماعية على عاتق المجتمع الدولي، والمستوى، والسلبية، واللامبالاة المُظهرة حتى الآن، وغياب العمل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي. أعني، إنه أمرٌ فظيعٌ للغاية، لا سيما في بلداننا التي قلنا فيها: لن يتكرر هذا أبداً».

صراع يومي من أجل البقاء

وفي سياق متصل، قال باسكال هوندت، نائب مدير العمليات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن المدنيين في غزة يواجهون «صراعاً يومياً ضارياً للبقاء على قيد الحياة في مواجهة مخاطر الأعمال العدائية، والتعامل مع النزوح المستمر، وتحمل عواقب حرمانهم من المساعدات الإنسانية العاجلة». وأضاف هوندت لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «يجب ألا -ولا يمكن- يُسمح لهذا الوضع بالتفاقم أكثر».

ولكن قد يتفاقم الوضع إذا واصلت إسرائيل انزلاقها إلى حرب أعمق استؤنفت في 18 مارس (آذار) عندما خرقت وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين بسلسلة غارات جوية مكثفة. وكانت إسرائيل قد أغلقت بالفعل أبواب غزة. ومنذ بداية مارس، إذ منعت جميع شحنات المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

وأدت العودة إلى الحرب إلى القضاء على أي فرصة للانتقال إلى المرحلة الثانية المقترحة من وقف إطلاق النار، والتي اتفقت فيها إسرائيل و«حماس» على أن تنتهي بإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من غزة. وكان ذلك غير مقبول لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والمتطرفين الدينيين القوميين المتشددين الذين ما زالوا على رأس السلطة.

فلسطينيون نازحون يمرون أمام مدرسة تابعة للأونروا تُعدّ مأوىً للنازحين من منازلهم في الأراضي الفلسطينية المحاصرة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

وأفادت «بي بي سي» بأن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية يريدون استبدال مستوطنين يهود بفلسطينيي غزة. وهددوا بإسقاط حكومة نتنياهو إذا لم يعد إلى الحرب، ونهاية مسيرة نتنياهو السياسية ستجلب «يوم الحساب» لدوره في فشل تل أبيب في منع هجمات «حماس» القاتلة في 7 أكتوبر 2023. وقد تُجبره أيضاً على إنهاء محاكمته المطولة بتهم الفساد.

ويُعِد رئيس الوزراء نتنياهو الآن لهجوم «مكثف» جديد على غزة في الأيام التي تلي انتهاء جولة الرئيس دونالد ترمب في المنطقة، ويتضمن الهجوم خطة لتهجير أعداد هائلة من المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى موجات من القصف المدفعي، والغارات الجوية، والموت، وفق تقرير «بي بي سي».

وأفادت «بي بي سي»: «التهجير الذي يعني أن العائلات ليس لديها سوى بضع دقائق للفرار لإنقاذ حياتها، من منطقة قد تُقصف فوراً إلى أخرى قد تُقصف لاحقاً. لقد فعل مئات الآلاف ذلك مراراً وتكراراً منذ بدء الحرب».