«حزب الله» بتأييده وقف النار يضع سلاحه على طاولة المفاوضات

قماطي يهدد المطالبين بنزعه بقطع اليد ويربط حصريته بإنهاء الاحتلال

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» بتأييده وقف النار يضع سلاحه على طاولة المفاوضات

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

التهديد الناري الذي أطلقه نائب رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» محمود قماطي بقطع كل يد تمتد إلى سلاح المقاومة، لا يستهدف، كما يقول مصدر مقرب من «الثنائي الشيعي»، الرسائل الإيجابية بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وقيادة الحزب حول حصرية السلاح بيد الدولة؛ تمهيداً لبدء الحوار الموعود بينهما لوضع آلية لتطبيقه، بمقدار ما أنه توخى «رفع معنويات بيئته بتوجيه رسالة للذين يزايدون على الرئيس ويرفعون سقوفهم السياسية وصولاً لمطالبتهم بتحديد جدول زمني لنزع سلاح الحزب، حتى لو اضطرت الدولة لاستخدام القوة»، ويقصد به حزب «القوات اللبنانية» ومن يدور في فلكه.

ويقول المصدر إن قماطي لم يكن مضطراً لإطلاق تهديده من دون ضوابط، ما أساء تقدير معظم القوى السياسية لما يقصده، ما دفعه لاحقاً إلى التوضيح بأن المستهدف هم من يشنون عليه الحملات ويطالبون بنزع سلاحه، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن قماطي ينطق بتهديده، بلسان الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم؛ كونه أقرب المقربين منه، وبالتالي لا حاجة للتعميم في تهديده من دون أن يرفقه، عندما أطلقه، بتسمية الجهة السياسية المقصودة لقطع الطريق على من أدرج تهديده في خانة انقلابه على استعداده للبحث في حصرية السلاح بيد الدولة.

سياسة خطوة بخطوة

ويؤكد أن توضيح قماطي لموقفه كان ضرورياً، لئلا يساء فهمه بأن المقصود مجلس الوزراء الذي استمع في جلسته إلى شروحات قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول انتشار الوحدات العسكرية في جنوب الليطاني، وتحديداً في المنطقة التي انسحبت منها إسرائيل، والجهود التي تقوم بها لتفكيك ما تبقى من منشآت عسكرية وبنى تحتية لـ«حزب الله» الذي يبدي كل تعاون لتسهيل مهمة الجيش، رغم التزامه بوقف النار فيما تتمرد إسرائيل على تطبيقه.

ومع أن الرئيس عون يتّبع سياسة «خطوة بخطوة» في التحضير لحواره الموعود مع الحزب، فإن مصادر سياسية مواكبة للأجواء الدولية تؤكد أنه لا مفر من التوصل إلى اتفاق يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة مهما طال الزمن، وأن عون يتمهّل في إعطاء فرصة للحزب ليعيد النظر في حساباته ويراجع مواقفه، في ضوء سوء تقديره لرد فعل إسرائيل على إسناده لغزة، من دون أن يهمل ضرورة الوصول إلى تفاهم، كونه يشكل الممر الإلزامي، إلى جانب تحقيق الإصلاحات المالية لحصول لبنان على مساعدات لإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل.

وتدعو المصادر الحزب إلى الكف عن المكابرة والإنكار لواقع حال الوضع في جنوب لبنان، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن مجرد موافقة الحزب على وقف النار وامتناعه الرد على الخروق الإسرائيلية، وتجاوبه من دون شروط مع الجيش، وهو ينتشر بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «اليونيفيل» في جنوب الليطاني تمهيداً لتطبيق القرار «1701»، يعني حكماً أنه وافق على أن يُدرج سلاحه على طاولة المفاوضات بوصف ذلك مدخلاً للبحث في حصريته بيد الدولة.

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

حوار ثنائي

وتؤكد المصادر نفسها أنه لم يعد أمام الحزب من خيارات سوى الانخراط في حوار ثنائي مع الدولة للتوصل إلى مقاربة موحدة تحت سقف حصريتها للسلاح، وتقول إنه لم يعد في وسع قيادته أن تتصرف على أنها ما زالت الرقم الصعب في الإقليم، ليس بسبب تراجع محور الممانعة فحسب، وإنما لأن أذرع الحزب في المنطقة هي الآن في حالة انكفاء عن التدخل في شؤون الدول العربية، وهذا ما ينطبق بشكل أساسي على الحزب بقطع خطوط الإمداد العسكري واللوجيستي التي تسمح له بإعادة بناء قدراته القتالية، ولضيق المساحات الجغرافية التي تتيح لوحداته العسكرية التحرك أو التموضع كما كان عليه قبل إسناده لغزة.

وترى أن الحزب عندما وافق على وقف النار وتطبيق القرار «1701» بوقوفه خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، يعني أن رهانه على تحريره لم يعد قائماً، وأن تمسكه بسلاحه يأتي في سياق مخاطبته لبيئته بعد أن انفك عنه حلفاؤه احتجاجاً على تفرّده بقرار السلم والحرب بإسناده لغزة، ولم يبق من حليف له سوى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأقدر على التواصل مع المجتمعين الدولي والداخلي في آن معاً بغية تغليب الخيار الدبلوماسي على الحل العسكري الذي تصر عليه إسرائيل، ظناً منها بأنها تفرض شروطها على لبنان في مقابل انسحابها من الجنوب.

فإصرار الحزب على تمديد البحث في حصرية السلاح بيد الدولة، لا يعني أن رهانه على عامل الوقت يمكن أن يؤدي، كما تقول المصادر، إلى سحبه من التداول، وإن كان يربطه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، وهذا ما يضع الولايات المتحدة الأميركية أمام تعهدها بإلزام إسرائيل بالانسحاب وإطلاق الأسرى اللبنانيين، ما يسهّل الانصراف إلى تثبيت الحدود الدولية بين البلدين تطبيقاً لما نصت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة بينهما عام 1949.

وعليه يبقى على الحزب ألا يربط التوصل لاتفاق يتعلق بحصرية السلاح بالمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، لأنه لا مصلحة له في الرهان عليها ما دام أن المجتمع الدولي يضع سحب سلاحه أولوية لبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بدءاً بتطبيق القرار «1701»، وهذا يتطلب منه أن يتوجه إلى بيئته بخطاب سياسي يأخذ بعين الاعتبار التحولات في المنطقة، ودخول لبنان في مرحلة جديدة تتطلب من قيادة الحزب الخروج تدريجياً من حالة الإرباك؛ تحضيراً للانخراط في مشروع الدولة.


مقالات ذات صلة

الحرب الإيرانية - الإسرائيلية تعرقل الموسم السياحي في لبنان

الاقتصاد لافتة على طريق «مطار بيروت الدولي» تروج للسياحة في لبنان (أ.ب)

الحرب الإيرانية - الإسرائيلية تعرقل الموسم السياحي في لبنان

أطاحت الحربُ الإيرانية - الإسرائيلية كلَّ الجهود التي تُبذل منذ أسابيع لضمان موسم سياحي غير مسبوق منذ سنوات في لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال عرض عسكري عام 2023 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان يتحصّن لتحييده عن الحرب ويستعين بالأميركي برّاك للجم إسرائيل

تحييد لبنان عن الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل يتصدر جدول أعمال المرحلة السياسية الراهنة، ويحظى برعاية الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي ركاب عالقون في مطار بيروت بعد إلغاء رحلاتهم الجوية (د.ب.أ)

مطار بيروت يعمل ضمن «جدول طارئ»

بدأ مطار رفيق الحريري في بيروت العمل ضمن «جدول طارئ» لتخطي الأزمة التي ترتبت على إلغاء عدد من شركات الطيران العربية والعالمية رحلاتها إلى لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ملصق بمخيم «شاتيلا» للاجئين الفلسطينيين في بيروت يظهر أحد مقاتلي «حماس»... (أ.ف.ب)

ما علاقة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بالسلاح الفلسطيني في لبنان؟

الجهات الفلسطينية المعنية في لبنان لم تُبلّغ حتى الساعة بأي تعليمات بخصوص تسليم السلاح الموجود في أي مخيم خلال الأيام المقبلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)

إجراءات أمنية - استخبارية للجيش اللبناني لمنع هجمات «تزج البلاد في الحرب»

في وقت يسود الترقب في لبنان من أي تداعيات للمواجهات بين طهران وتل أبيب، لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية عند الحدود الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

خروج أول دفعة من نازحي «الهول» نحو حلب بالتعاون بين الحكومة والإدارة الذاتية

قافلة الأمل تنقل نازحين من مخيم الهول نحو ريف مدينة حلب السبت (الشرق الأوسط)
قافلة الأمل تنقل نازحين من مخيم الهول نحو ريف مدينة حلب السبت (الشرق الأوسط)
TT

خروج أول دفعة من نازحي «الهول» نحو حلب بالتعاون بين الحكومة والإدارة الذاتية

قافلة الأمل تنقل نازحين من مخيم الهول نحو ريف مدينة حلب السبت (الشرق الأوسط)
قافلة الأمل تنقل نازحين من مخيم الهول نحو ريف مدينة حلب السبت (الشرق الأوسط)

غادرت عشرات العوائل مخيم الهول الواقع شمال شرقي سوريا واتجهت نحو مناطقها الأصلية في محافظة حلب، ضمن ما أطلق عليه «قافلة الأمل»، في أول دفعة من نوعها منذ تأسيس هذا المخيم قرب مدينة الحسكة قبل سنوات.

وجاءت هذه الخطوة بعد التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الانتقالية والإدارة الذاتية على آلية مشتركة لإخراج جميع العائلات السورية من المخيم، وذلك عقب اجتماع بين مسؤولي الحكومة والإدارة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منتصف الشهر الماضي.

نازحات سوريات يتحدرن من ريف محافظة حلب أمام إدارة مخيم الهول لإكمال عمليات الخروج (الشرق الأوسط)

وسيرت إدارة مخيم الهول بعد ظهر (السبت) أول دفعة من نوعها ضمت 178 شخصاً يتوزعون على 42 عائلة، عادوا إلى مناطقهم في محافظة حلب، ضمن برنامج العودة الطوعية، تحت إشراف وحماية أمنية من مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبالتعاون مع «المركز السوري للأبحاث والدراسات»، و«وحدة دعم الاستقرار» في حلب.

يُذكر أن مخيم الهول يعد أكبر المخيمات في سوريا على الإطلاق، وغالبيته من النساء والأطفال بواقع 90 في المائة من قاطنيه. ومنذ أعوام أطلقت الكردية الذاتية آلية لإعادة من يرغب منهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال شرقي البلاد، ويمثل الاتفاق الجديد مع دمشق أول تنسيق رسمي بين السلطات الكردية والحكومة السورية لإعادة النازحين إلى مناطق تحت سيطرة الإدارة الجديدة في سوريا.

مديرة مخيم الهول جيهان حنان خلال مؤتمر صحافي بعد إجلاء نازحين سوريين إلى ريف مدينة حلب (الشرق الأوسط)

تقول مديرة مخيم الهول، جيهان حنان، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن العائلات التي تم نقلها كانت «حالات إنسانية» وبعضها كان يشكو من الأمراض المزمنة، مشيرة إلى أنه تم تأمين حافلات مجانية وسيارات إسعاف أثناء عمليات النقل، «حرصاً على رغبة كل السوريين القاطنين في مخيم الهول الذين نزحوا نتيجة الصراعات الداخلية، فقد تمَّ اتخاذ قرار رسمي بالسماح بعودتهم إلى حلب»، دون تعرضهم لأي ضغوط أو إكراه أثناء وجودهم في المخيم وحتى تاريخ مغادرتهم» وفق تعبيرها.

وحذرت مؤسسات حقوقية ومنظمات إنسانية محلية ودولية، سابقاً، من سوء ظروف المعيشة وانتشار العنف وتفاقم الأزمات داخل هذا المخيم، الذي يضم نحو 36 ألف شخص، ويضم قسماً خاصاً بزوجات وأطفال مسلحي تنظيم «داعش»، وكذلك أنصاره، إلى جانب لاجئين عراقيين ومواطني دول غربية وعربية. ومع ذلك لم يكن سابقاً هناك أي اتفاق بين الحكومة والإدارة الذاتية على إعادتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة السورية.

نازحة سورية من ريف حلب تحمل معها قطتها بينما تستعد لإكمال عمليات الخروج أمام إدارة مخيم الهول (الشرق الأوسط)

وأوضحت الإدارية الكردية أن وجود تنسيق عالٍ بين دمشق و«الإدارة»، بإشراف من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين؛ أسهم بشكل ملحوظ في إعادة قسم كبير من النازحين المتحدرين من مدينة دير الزور، وهذه أول دفعة من حلب، وهناك جهود لإخراج المزيد من العائلات، مضيفة: «نحن مع العودة الطوعية لأي نازح».

يستعد المعتقلون المفرج عنهم لمغادرة مخيم الهول الذي يديره الأكراد في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا 3 سبتمبر 2023 والعودة إلى منازلهم في الرقة (أ.ف.ب)

وكان وفد رسمي من الحكومة السورية قد زار مخيم الهول الواقع بريف الحسكة الشرقي في 24 مايو (أيار) الماضي، رفقة قوات التحالف الدولي، في أول زيارة رسمية لوفد حكومي بقصد بحث أوضاع السوريين القاطنين داخل المخيم. وقد ضم الوفد ممثلين عن وزارة الداخلية والخارجية وجهاز الاستخبارات، إلى جانب مسؤولين معنيين بملف مكافحة الإرهاب، وعقدوا اجتماعات مع مسؤولي «الإدارة» وبحثوا سبل إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية.

جيهان حنان أشارت إلى أن المخيم «سيظل تحت الإدارة الحالية مع التركيز على التعاون مع دمشق من أجل إعادة كل النازحين». وأعربت عن ثقتها في تعاون جميع الجهات لخدمة كل من يرغب بالعودة الطوعية إلى منطقته التي نزح منها؛ مشددة على أن «(الإدارة) تضع الملف الإنساني فوق أي اعتبارات سياسية بعيداً عن التجاذبات والمفاوضات».

الشرع وقَّع مع عبدي في مارس اتفاقية لدمج «قسد» في الجيش السوري (إ.ب.أ)

تجدر الإشارة إلى أن هذه التحركات تأتي في إطار الاتفاق الذي عقده رئيس المرحلة الانتقالية وقتها أحمد الشرع مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، في مارس (آذار) الماضي، يقضي بدمج هذه الإدارة ومؤسساتها وقواتها العسكرية والأمنية في هياكل الدولة السورية وإدارة المعابر الحدودية، إلى جانب تفكيك المخيمات في مناطقها.