لبنان يشترط وقف الخروق الإسرائيلية لإنجاح مهمة «مجموعات العمل»

لأنه يرفض التفاوض تحت النار لتطبيق الـ«1701»

جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان يشترط وقف الخروق الإسرائيلية لإنجاح مهمة «مجموعات العمل»

جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

إطلاق المجموعات الثلاث التي دعت لتشكيلها نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغن أورتاغوس، والمخصصة لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، والانسحاب من الجنوب، وتحديد الحدود الدولية بين البلدين على أن تشمل النقاط الـ13 الواقعة على الخط الأزرق، لا تزال تصطدم بمواصلة إسرائيل خرق وقف النار، وعدم التقيُّد بالاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية.

وعلمت «الشرق الأوسط» -من مصادر لبنانية- أن تشكيل هذه المجموعات نوقش في الاجتماع الرئاسي الذي بدأ بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وانضم إليهما لاحقاً رئيس الحكومة نواف سلام، وعُقد قبل الإفطار الرمضاني الذي أقامه عون.

وأكدت المصادر أنه لا مشكلة لدى لبنان في تشكيل المجموعات الثلاث على قاعدة اعتماد الخيار الدبلوماسي لتوفير الحلول لها، وقالت إن المشكلة «تقع على عاتق إسرائيل التي تتمادى في استباحتها للأجواء اللبنانية، ومواصلتها خرق وقف النار، وعدم احترامها الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة في هذا الخصوص، والذي مددته إسرائيل لمرتين وقوبل باعتراض لبناني».

وكشفت أن «الموقف اللبناني واضح بامتناعه عن الدخول في مفاوضات دبلوماسية مع إسرائيل، التي تتوخَّى منها التوصل لتطبيع العلاقات بين البلدين». وقالت إنه «لم يسبق لواشنطن أن تداولت هذا الموضوع مع المسؤولين اللبنانيين، لأنها تدرك سلفاً أنه لا مجال لانخراط لبنان فيها».

وشددت على أن الرؤساء (الجمهورية والبرلمان والحكومة) على تفاهم باعتماد آلية للتفاوض مع إسرائيل، برعاية قيادة القوات الدولية الموقتة (يونيفيل)، وبإشراف هيئة الرقابة الدولية المولجة بتطبيق الاتفاق (الأخير بين لبنان وإسرائيل)، تتقاطع إلى حد كبير مع الآلية التي اتُّبعت لترسيم الحدود البحرية بين البلدين».

وقالت إن المجموعات تتشكل من ضباط لبنانيين يمكنهم الاستعانة بخبراء وقانونيين، ويعود التقدير في هذا الشأن إلى قيادة الجيش ولرئيس الجمهورية، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وذلك على غرار ما حصل طوال فترات التفاوض لدى ترسيم الحدود البحرية.

ونقلت المصادر عن الرئيس بري، أثناء اجتماعه بعون وسلام قوله، إنه «لا اعتراض على تشكيل مجموعات العمل، لكن هل يُمكن أن تباشر اجتماعاتها تحت النار بمواصلة إسرائيل خروقها للبنان، وقصفها مناطق لبنانية تقع خارج جنوب الليطاني، وهي تستمر في ملاحقة مَن تشتبه بانتمائهم لـ(حزب الله) بالمسيّرات؟». وسأل بري: «كيف يمكن لهذه المجموعات أن تباشر اجتماعاتها ما دامت إسرائيل تواصل خرقها لوقف النار؟ وهل يُعقل أن تستمر في ابتزازها للبنان الذي التزم -من جانب واحد- بتطبيق الاتفاق الذي رعته واشنطن وباريس؟ وكيف يمكن الانتقال بجنوب لبنان إلى مرحلة جديدة، فيما لا تنقطع إسرائيل عن تهديداتها».

وفي هذا السياق، سأل مصدر مقرب «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») عن الأسباب التي تمنع واشنطن من الضغط على إسرائيل، وإلزامها بالانسحاب من الجنوب، مع أنها تُبدي تفهماً لوجهة النظر اللبنانية، وتتعهد بمواصلة مساعيها لإقناعها بتقديم التسهيلات لتطبيق القرار «1701»، كونه الناظم الوحيد لإنهاء حالة الحرب ووقف النزاعات جنوباً.

وأكد المصدر، الذي فضَّل عدم ذكر اسمه، أن لبنان باقٍ على التزامه بالـ«1701»، ولا يرى مصلحة للتفريط به، وسحبه من التداول.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» يمتنع عن الرد على الخروق الإسرائيلية، ولن يُستدرج للدخول في مواجهة جديدة، وأن قيادته تقف حالياً خلف الدولة، وتعطي فرصة للحل الدبلوماسي. وكانت قد وافقت بلا تردد على ما تضمنه البيان الوزاري بضرورة مناقشة السياسة الدفاعية للبنان بوصفه جزءاً من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، بما يمكِّن لبنان من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن أراضيه.

جندي إسرائيلي ينزل من أعلى دبابة «ميركافا» في موقع بشمال إسرائيل على طول الحدود مع جنوب لبنان يوم 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفت إلى أن إسرائيل تصر على إقامة حزام أمني في القرى الجنوبية الحدودية، يتراوح عمقه ما بين 2 و5 كيلومترات، وشدد على ضرورة «تدخل رئيسي الجمهورية والحكومة لضبط إيقاع عدد من الوزراء وإلزامهم التقيد بالبيان الوزاري؛ لأن الضرورة الوطنية تقضي بأن يقرأ الجميع في كتاب واحد بدلاً من الاجتهاد في مقاربتهم لتطبيق الـ(1701) ونزع سلاح (حزب الله)، ما يؤدي إلى فتح ثغرة في الموقف اللبناني، وتجعله مكشوفاً أمام المجتمع الدولي وإسرائيل، التي لا تنفك عن تهديدها لبنان ما يرفع من منسوب المخاوف في تحضيرها لشن حرب جديدة عليه».

وأضاف بأن الحزب «أبدى كل تجاوب مع قيادة الجيش بإخلائه جنوب الليطاني لتمكين الوحدات العسكرية، بمؤازرة (يونيفيل)، من الانتشار حتى الحدود الدولية، لكن إسرائيل هي مَن تعطل توسيع انتشاره باحتفاظها بعدد من النقاط العسكرية الواقعة في البلدات الأمامية لأطماع سياسية وليست أمنية»، ورأى بأن «لا مصلحة للحكومة بأن يحط الخلاف بين قوى سياسية مشاركة فيها على طاولة مجلس الوزراء من خلال المزايدات الشعبوية حول سحب سلاح الحزب الذي هو شأن داخلي لا يبدو أن حله مستحيل».

وردّاً على سؤال، أوضح أن «سلاح الحزب في شمال الليطاني يبقى شأناً داخلياً، ويندرج في إطار التوافق على الاستراتيجية الدفاعية التي ستكون موضع حوار داخلي، ولا أظن أننا سنواجه مشكلة في التوصل إليها، لأن لبنان يدخل حالياً في مرحلة سياسية جديدة تتطلب من الحزب انخراطه في مشروع الدولة والتعاطي بإيجابية مع التحولات الجديدة، بعيداً عن المبالغة في تقديم مواقفه، لأن الظروف الراهنة لم تعد مواتية للعودة بالبلد إلى ما كان عليه في السابق، وبات عليه أن يعترف بأن ما حصل في الجنوب أفقده التحكم في قواعد الاشتباك، والحفاظ على قوة الردع، ولم يعد أمامه سوى التحصن وراء الدولة للدفاع عن الجنوب».


مقالات ذات صلة

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

المشرق العربي مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

باشرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، دراسة «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» الذي أقرته الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال مايكل جيه ليني والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون (رئاسة الجمهورية)

المسؤولون اللبنانيون: اعتداءات إسرائيل تعوق انتشار الجيش ومسيرة تعافي الدولة

جدد المسؤولون اللبنانيون مطالبتهم بانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها التي تعوق انتشار الجيش اللبناني وتنعكس سلباً على مسيرة تعافي الدولة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص أفراد من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لقيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

خاص « الدفاع الأعلى» اللبناني يطالب «حماس» بتسليم مطلوبين بإطلاق الصواريخ

قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» بأن تسليم المطلوبين من «حماس» المتهمين بإطلاق الصواريخ على إسرائيل سيتصدر أول اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع الذي سيعقد الجمعة.

محمد شقير (بيروت)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

مصرف لبنان المركزي: سنقترح مسوّدة أولى لخطة إعادة هيكلة المصارف

أعلن مصرف لبنان أنه سيقوم باقتراح المسوّدة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، والتي ستكون لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (وسط) يلتقط صورة مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز (يسار) والجنرال مايكل جيه ليني بعد اجتماعهم بالقصر الرئاسي في بعبدا (أ.ب)

لبنان: تعيين مايكل ليني رئيساً جديداً للجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية

أكدت الرئاسة اللبنانية، الأربعاء، تعيين مايكل ليني رئيساً جديداً للجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية خلفاً للأميركي جاسبر جيفرز.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)
مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)
TT

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)
مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

باشرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، دراسة «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» الذي أقرَّته الحكومة، وعقدت جلسة الأربعاء بحضور وزير المال ياسين جابر وغياب حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الموجود خارج البلاد، على أن يحضر الجلسة المقبلة لعرض ملاحظاته على النص المحال من الحكومة.

وطالب كنعان بعد الاجتماع «الحكومة باستعجال إرسال قانون الانتظام المالي المتعلق بتحديد المسؤوليات وكيفية استعادة الودائع»، مشدداً على أن «الثقة بالقطاع المصرفي تُستعاد بثقة المودعين في أن أموالهم لن تضيع كل 20 سنة، وأن تكون الممارسة وفق إصلاحات واضحة تضع رقابة فعلية على عمل المصارف، وفق قانون إصلاح المصارف المحال إلينا».

مع العلم أن مجلس الوزراء كان قد أكد في جلسة إقرار «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» أن تنفيذه يبقى معلقاً إلى حين إقرار قانون معالجة الفجوة المالية، على اعتبار أن القانون الأخير يُعتبر شرطاً ضرورياً لإعادة التوازن للانتظام المالي.

تأتي هذه الجهود في إطار تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تعهَّدت بها الحكومة، والتي يطالب بها صندوق النقد الدولي.

مصرف لبنان يوضح: لا خطة مفروضة بل مقاربة منسجمة

بالتزامن مع انعقاد الجلسة، أصدر المكتب الإعلامي لمصرف لبنان بياناً نفى فيه وجود «خطة جاهزة» لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، مؤكداً أن المؤسسة، بمن في ذلك الحاكم والمسؤولون الكبار، تعمل بالتعاون مع خبراء دوليين على وضع «مسودة أولى لخطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي».

وأوضح البيان أن هذه المسودة ستكون «قابلة للنقاش والتعديل من قبل الجهات الرسمية المعنية وصندوق النقد، مع مشاركة مستشارين ماليين دوليين ذوي خبرة في إدارة الأزمات المصرفية». وأكد أن مصرف لبنان لن يفرض «خطة واحدة»، بل يدفع باتجاه «مقاربة موحدة ومرنة» تحظى بدعم جميع الأطراف، وتشمل الدولة، والمصرف المركزي، والمصارف التجارية.

ولفت البيان إلى أن الأولوية المطلقة هي «حماية صغار المودعين، وإعادة رسملة المصارف بشكل تدريجي يمكّنها من استعادة دورها الائتماني والمساهمة في النمو الاقتصادي». كما شدد على أن مجلس النواب، لا سيما لجنَتَي المال والموازنة والإدارة والعدل، يتحمّل دوراً محورياً في مراجعة وإقرار القوانين الطارئة المرتبطة بالخطة.

وأكد البيان أن هذه القوانين ستتطلب «تنازلات وتضحيات اقتصادية من جميع الأطراف من دون استثناء»، داعياً إلى الاتفاق على «هدف واحد يتمثّل في تحقيق تعافٍ تدريجي ومستدام للاقتصاد، يستند إلى قطاع مصرفي أكثر قوة، ومصرف مركزي مستقل، وآلية واضحة وعادلة لسداد الودائع».

جعجع: لا جدوى من إعادة الهيكلة دون قانون «الانتظام المالي»

في موازاة النقاش البرلماني، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الحكومة إلى «الإسراع في إرسال مشروع قانون الانتظام المالي والفجوة المالية إلى مجلس النواب»، معتبراً أن إقرار مشروع إعادة هيكلة المصارف لن يكون مجدياً ما لم يُقرّ القانون المكمل له.

وقال جعجع في بيان: «تكتل الجمهورية القوية سيشارك بفعالية في مناقشة مشروع القانون بنداً بنداً، وسيسعى للتفاهم مع الكتل النيابية الأخرى لإقراره في أقرب وقت». لكنه شدّد على أن قانون إعادة الهيكلة لا يمكن أن يُعتمد عملياً «إلا بعد صدور قانون الانتظام المالي، ومن الأفضل أن يُرسل هذا القانون قبل انتهاء مناقشة مشروع إعادة الهيكلة، كي يتضمن التعديلات المطلوبة بموجب إعادة تنظيم النظام المالي». وأضاف: «اللبنانيون تواقون منذ سنوات للخروج من الأزمة المالية والمصرفية التي يعيشونها، ولا خطوات عملية ممكنة على هذا الصعيد قبل إقرار قانون الانتظام المالي والفجوة المالية».