مدير الأحوال المدنية في سوريا: قريبا إلغاء الجنسية الممنوحة لمن قاتل مع الأسد

قال لـ«الشرق الأوسط» إنها لن تشمل الحالات التي اكتسبت الجنسية وفق الشروط القانونية

سوريون وفلسطينيون يُفطرون معاً في مخيم اليرموك بدمشق الثلاثاء (إ.ب.أ)
سوريون وفلسطينيون يُفطرون معاً في مخيم اليرموك بدمشق الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT
20

مدير الأحوال المدنية في سوريا: قريبا إلغاء الجنسية الممنوحة لمن قاتل مع الأسد

سوريون وفلسطينيون يُفطرون معاً في مخيم اليرموك بدمشق الثلاثاء (إ.ب.أ)
سوريون وفلسطينيون يُفطرون معاً في مخيم اليرموك بدمشق الثلاثاء (إ.ب.أ)

أكد المدير العام لمديرية الأحوال المدنية في سوريا، عبد الله عبد الله، أن الإدارة السورية الجديدة ستبدأ قريباً بإجراءات «إلغاء الجنسية السورية» التي منحها رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، «لمقاتلين» إيرانيين وعرب وأجانب، قاتلوا معه خلال سنوات الأزمة السورية.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال عبد الله، إن «الأسد ومواليه رفعوا شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وفعلاً حرقوا البلد، ومن بين ما حرقوه شبكة المعلومات التي جرى تخريبها، ونحن حالياً في طور إعادة تأهيلها وتجهيزها وترتيبها ودمج الشبكات بعضها مع بعض حتى تستوعب كل الأعمال التي تقوم بها الشؤون المدنية».

المدير العام لمديرية الأحوال المدنية في سوريا عبد الله عبد الله (الشرق الأوسط)
المدير العام لمديرية الأحوال المدنية في سوريا عبد الله عبد الله (الشرق الأوسط)

وشدد عبد الله على أن «كل شخص جرى تجنيسه بهدف سياسي أو عسكري، أي بسبب قتاله إلى جانب نظام الأسد، سيتم إلغاء الجنسية الممنوحة له، وفي الأيام القريبة وبمجرد اكتمال تأهيل الشبكة، سيتم البدء بهذه الإجراءات التي هي أول إجراءاتنا». ونوه إلى أنه لا يمكن حالياً إعطاء رقم حقيقي عن المجنسين بسبب المشاركة في الحرب أو دعم النظام خلالها «لأننا نقوم بإعادة تأهيل الشبكة». موضحاً أن العملية لن تشمل الحالات التي اكتسبت الجنسية وفق الشروط القانونية التي وضعتها الدولة، فعلى سبيل المثال هناك امرأة سورية تزوجت من رجل غير سوري ولم يقاتل مع الأسد، فمن الطبيعي أن يأخذ أولادُها وزوجُها الجنسية.

أرشيفية لعناصر حركة «النجباء» التي تنشط في شرق سوريا خلال عرض عسكري في بغداد
أرشيفية لعناصر حركة «النجباء» التي تنشط في شرق سوريا خلال عرض عسكري في بغداد

وسألت «الشرق الأوسط» عن مصير هؤلاء المقاتلين بعد سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، فأجاب عبد الله: «أغلبهم هرب خارج سوريا، والأرجح باتجاه العراق».

منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 بين جيش الأسد وفصائل المعارضة المسلحة، تدخلت إيران إلى جانبه وجلبت عشرات آلاف المقاتلين من إيرانيين وعراقيين وأفغان وباكستانيين، ومن «حزب الله» وعملوا تحت قيادة خبراء عسكريين إيرانيين من «الحرس الثوري».

وكان الباحث في منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية (USAK)، علي حسين باكير، قد نشر أواخر عام 2014، ، بحثاً بعنوان: «كيف يتلاعب الأسد بالمعطيات الديمغرافية في سوريا؟... تجنيس الشيعة»، ذكر فيه أن «التقارير المتوافرة تشير إلى أنّ نظام الأسد قام منذ توليه السلطة في عام 2000 بمنح الجنسيّة السوريّة لآلاف الشيعة (البعض يقصر الرقم على 20 ألفاً والبعض يرفعه إلى 740 ألفاً حتى اليوم)، خصوصاً من الإيرانيين والعراقيين. وقد سهّل من ذلك، وجود قرار سياسي، وازدياد نفوذ إيران في سوريا».

ميليشيا «زينبيون» عناصرها من باكستان وقاتلت في سوريا مع نظام الأسد تحت راية إيران
ميليشيا «زينبيون» عناصرها من باكستان وقاتلت في سوريا مع نظام الأسد تحت راية إيران

وأعلن الأسد في عام 2015، أن «سوريا لمن يدافع عنها بغضّ النظر عن جنسيته»، وهو كان يعني بذلك مقاتلي «زينبيون» و«فاطميون» والميليشيات العراقية و«حزب الله». وهناك عدة أسباب وراء قرار الأسد، أحدها محاولته «صنع قاعدة قتالية من تلك الميليشيات للدفاع عن حكمه». والسبب الآخر، «فسح المجال أمام الإيرانيين لشراء العقارات في دمشق، وكما رأينا أن عمليات شراء عدد كبير جداً من العقارات قام بها الإيرانيون».

إلغاء خانة الأحوال المدنية

اتَّبع الأسد «خطة كبيرة وخطيرة» لتجنيس الأشخاص، كي لا يبدوا واضحين داخل المجتمع السوري، وفقاً لعبد الله، الذي أوضح أن أبرز ما تضمنته هذه الخطة محاولته في عام 2023، إلغاء «رقم الخانة» من البيانات الرسمية في السجل المدني، والذي يعد أمراً «مهماً جداً بالنسبة إلى السوريين»؛ «رقم الخانة، أو رقم القيد» هو رقم عائلة السوري ضمن المدينة أو البلدة التي ينحدر منها، إذ إن لكل عائلة رقم (خانة) يحمله الجد الأول ويعطى لكل مواليد عائلة هذا الجد، وتدل أرقام الخانات على عدد العائلات الأصلية الموجودة في أي مكان.

«على سبيل المثال»، يوضح المسؤول المدني أن «كل الأشخاص الموجودين في الخانة رقم 3 هم أقارب، وأي إدخال أشخاص جدد على الخانات أو أي إضافة لخانات جديدة يصبح مكشوفاً». وتابع: «في منطقة المالكي بدمشق مثلاً، الخانات تبدأ من الرقم واحد حتى 560، فإذا أُضيفت الخانة 561، سيُكشَف الأمر».

مديرية الأحوال المدنية في سوريا
مديرية الأحوال المدنية في سوريا

وذكر عبد الله أن الهدف من إلغاء «رقم الخانة» أن يصبح كل مواطن رقماً (الرقم الوطني المكتوب في بطاقته الشخصية) فقط، وكل السوريين عبارة عن أرقام، وبهذه الحالة لا أحد يعرف من يدخل إلى السجلات المدنية في البلدات والمدن السورية.

صُدم الأسد برفض القانونيين إلغاء «رقم الخانة»، الذي تجري العودة إليه لحصر الإرث والأقارب والعلاقات الزوجية، وهناك وظائف أخرى له، مثل تحديد مُحْرم المرأة في أثناء أداء فريضة الحج، وهذا الأمر يتم التأكد منه من خلال الخانات.

وذكر عبد الله أن الأسد «لم يستطع إلغاء (رقم الخانة) في ظل الرأي القانوني الذي نشأ في البلاد، إضافةً إلى التعجيل بسقوطه قبل أن يكمل مخططه»، واستدرك بالقول: «هو لم يكن يبالي برأي القانونيين بقدر ما كان يهتم بتثبيت حكمه مهما حصل، حتى لو خُربت الأنساب».

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني
أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني

اللبنانيون أولاً

اللبنانيون هم الجنسية التي احتلت المرتبة الأولى ضمن من جنَّسهم نظام الأسد، مشيراً إلى أن تجنيس هؤلاء بدأ قبل انطلاق الأزمة السورية، واستمر خلالها.

ويأتي العراقيون في المرتبة الثانية، وكان تجنيسهم يهدف إلى أن يكونوا امتداداً لوجودهم في العراق، بينما جنَّس الإيرانيين كي يسهِّل عليهم شراء العقارات، وفق عبد الله، الذي أشار إلى أنه كان يتم أيضاً منح الجنسية لمرتزقة إيران من أفغان وباكستانيين، مكافأة لهم على قتالهم في سوريا.

مقام السيدة زينب جنوب شرقي دمشق ترفرف عليه رايات حمراء بعدما سيطر الإيرانيون عليه واشتروا عدداً كبيراً من العقارات في المنطقة المحيطة (الشرق الأوسط)
مقام السيدة زينب جنوب شرقي دمشق ترفرف عليه رايات حمراء بعدما سيطر الإيرانيون عليه واشتروا عدداً كبيراً من العقارات في المنطقة المحيطة (الشرق الأوسط)

كان خبير اقتصادي تحدث إلى «الشرق الأوسط» سابقاً قد قال إن إيران سيطرت على سوق العقارات عبر شبكة من المؤسسات وتجار العقارات والبنوك الإيرانية المرتبطة بـ«الحرس الثوري»، قدمت تسهيلات ومنحت قروضاً كبيرة للراغبين في شراء العقارات في سوريا، فتملّك إيرانيون ومقاولون ورجال أعمال وعناصر الميليشيات آلاف المنازل والعقارات في أكثر المناطق حيوية من العاصمة السورية؛ سواء في دمشق القديمة؛ أو في الوسط التجاري.

وهناك مساحات واسعة خلف مشفى «الرازي» في حي المزّة الراقي، تملّكوها لإطلاق مشاريع أبراج سكنية. هذا بالإضافة إلى تملكهم أراضي وعقارات في ريف دمشق، وآلاف العقارات في محافظات حمص ودير الزور وحلب، بهدف تنفيذ خطط طهران الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد، بعد تهجيرها السوريين من مناطقهم وتوطين مواطنيها ومرتزقتها مكانهم.


مقالات ذات صلة

محللون: الاتفاق السوري - اللبناني في السعودية تصحيح للمسار السياسي

تحليل إخباري أكد الجانبان السوري واللبناني خلال «اجتماع جدة» على الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين (وزارة الدفاع السعودية)

محللون: الاتفاق السوري - اللبناني في السعودية تصحيح للمسار السياسي

أكد محللون سياسيون أن الاتفاق السوري - اللبناني برعاية سعودية يمثل تصحيحاً للمسار السياسي ومتغيراته التي تطال البلدين

جبير الأنصاري (الرياض)
المشرق العربي مقر «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» في لاهاي بهولندا (رويترز)

مصادر: السماح بدخول مفتشي أسلحة كيميائية لـ«مواقع سورية من عهد الأسد»

قالت مصادر، الجمعة، إن سلطات تصريف الأعمال في سوريا اصطحبت مفتشي أسلحة كيميائية إلى مواقع إنتاج وتخزين لم يزرها أحد من قبل، تعود إلى عهد الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أسلحة وأموال قالت وزارة الداخلية إنها عثرت عليها في دمشق القديمة (وزارة الداخلية)

الأمن السوري يلاحق خلايا «حزب الله» في دمشق وريفها

شنت قوى الأمن العام السوري حملة أمنية في مواقع ذات غالبية شيعية في دمشق القديمة ومنطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق.

سعاد جروس (دمشق)
خاص أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)

خاص أكراد سوريا مستاؤون من دمشق لإقصائهم عن تشكيل الحكومة الانتقالية

برز الاستياء واضحاً لدى أكراد سوريا جراء استثنائهم من المشاورات لتأليف الحكومة الانتقالية التي ستعلنها دمشق خلال ساعات

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في اتصال هاتفي مع نظيره السوري أحمد الشرع، الجمعة، ضرورة التنسيق بين البلدين لمعالجة موضوع الحدود المشتركة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسيرات استطلاع إسرائيلية تحلّق فوق بيروت وضواحيها

رجال الإطفاء يعملون في موقع الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
رجال الإطفاء يعملون في موقع الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT
20

مسيرات استطلاع إسرائيلية تحلّق فوق بيروت وضواحيها

رجال الإطفاء يعملون في موقع الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
رجال الإطفاء يعملون في موقع الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم (السبت)، بأن الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي حلق على علو منخفض جدّاً فوق العاصمة بيروت وضواحيها وفوق بشامون وعرمون وخلدة والشويفات والجوار.

وتعيش الضاحية الجنوبية، اليوم (السبت)، هدوءاً حذراً بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفتها يوم أمس للمرّة الأولى بعد اتفاق وقف النار.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أمس (الجمعة)، أنه هاجم بنية تحتية لتخزين طائرات مسيرة تابعة لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد أن وجه تحذيرا عاجلا للسكان المتواجدين في الضاحية وخاصة في حي الحدث، بإخلاء عدة منازل.