أثارت الزيارة التي قام بها وفد من رجال دين دروز، من بلدة حضر السورية، إلى الجولان المحتل، الجمعة، جدلاً واسعاً بين الأوساط السورية عموماً والدرزية خصوصاً، وسط تقدير عام بأن من شأنها زيادة تعقيد المشهد جنوب سوريا، الذي يشهد تدخلاً إسرائيلياً على نطاق واسع.
وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بعبور وفد يضم نحو 60 رجل دين من الطائفة الدرزية السورية، خط الهدنة في مرتفعات الجولان المحتل إلى إسرائيل، في أول زيارة من نوعها منذ نحو خمسين عاماً.
وقالت الوكالة إن الوفد عبر في 3 حافلات رافقتها مركبات عسكرية إسرائيلية إلى بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وتوجه شمالاً لزيارة مقام النبي شعيب في بلدة جولس، بالقرب من طبريا، ولقاء الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، وفق مصدر مقرب من الوفد.
ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، لا سيما في محافظة السويداء المجاورة للقنيطرة في الجنوب.

وفي مجدل شمس، استقبل نحو 100 درزي الزوار ورحبوا بهم عبر ترديد الأغاني التراثية والتصفيق، في حين لوَّح عدد من الشباب بالرايات الدرزية باللون الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق والأبيض. وارتدى بعض الرجال الزي الأسود التقليدي، واعتمروا عمامة بيضاء تُشبه الطربوش، وتتميز بغطائها الأحمر.
وقال جمال أيوب (61 عاماً)، وهو مزارع جاء من الجليل للترحيب بعمه ضمن وفد الشيوخ، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا ننتظر لقاءهم منذ سنوات طويلة، إنها لحظة مؤثرة جداً».
وتداولت وسائل الإعلام بياناً نُسب لأهالي بلدة حضر، التي ينتمي إليها أغلب أعضاء الوفد الزائر للجولان المحتل، استنكر الزيارة، واتهم إسرائيل باستغلال «الزيارة الدينية» أداةً لزرع الانقسام في الصف الوطني، والسعي لاستخدام الطائفة الدرزية خطاً دفاعياً لتحقيق مصالحها التوسعية في الجنوب السوري.
كما أكد البيان أن أعضاء الوفد «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن انتماء أهالي وعائلات بلدة حضر (الوحيد) هو لطائفة الشعب السوري».

وحذّر الصحافي والناشط في الشأن العام في السويداء، رواد بلان، من خطورة الوضع، في ظل احتمالات قوية بأن تكون «الزيارة» مثار تدخلات ونزاعات «إذا لم يتم التعامل معها بحكمة». لأن هناك «أجندات سياسية إقليمية مختلفة» تحاول استثمار ورقة الدروز وصلات قرابتهم في بلاد الشام في الصراع الإقليمي، مؤكداً أن ما يجمع أبناء الطائفة الدرزية في بلاد الشام هو «وحدة المصير العروبي والوطني والأهلي».
وقال بلان لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة ذات طابع «ديني اجتماعي»، معرباً عن الأمل «بأن تدرك السلطة في دمشق وتتفهم طبيعة العلاقات التاريخية التي تربط دروز المنطقة وتوظيفها بشكل إيجابي»، مشيراً إلى أن مثل هذه الزيارات كانت تجري في السابق من الأراضي المحتلة وأراضي الـ48 باتجاه الأراضي السورية، لكن هذه المرة الأولى التي تتم بالعكس من الأراضي السورية إلى الأراضي المحتلة.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن مشاركة رجال دين دروز من السويداء في هذه الزيارة، لكن موقع «الراصد»، الذي يُعد من أبرز المواقع الإخبارية المحلية في السويداء، قد نقل عن مصادر دينية نفيها أن يكون بين المشاركين في الوفد رجال دين من محافظة السويداء، وأشارت المصادر إلى أن معظم الذين توجهوا إلى الجولان تربطهم علاقات قرابة من الدرجة الأولى أو الثانية بدروز الجولان.

ووفق موقع «الراصد» أثارت الزيارة «جدلاً واسعاً بين الأوساط السورية عموماً والدرزية خصوصاً»، مشيراً إلى أن دروز الجولان المحتل لا يحملون الجنسيات الإسرائيلية، بل فقط جنسيات سورية، لرفضهم التخلي عنها.
وتحتل إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية منذ 1967، واستغلت سقوط نظام بشار الأسد للتوسع وتجاوز المنطقة العازلة، مع مواصلة تدمير مواقع ومعدات القوات السورية، ومؤخراً بدأت إسرائيل الإعلان عن مساعيها للتدخل في الشأن السوري، وحض الدروز في جنوب سوريا على مناهضة السلطة الجديدة في دمشق، والمطالبة بحكم ذاتي، وعرض تقديم الحماية لهم.