أحداث الساحل السوري الدامية تطغى على أجندة اجتماع دول جوار سوريا في عمان

مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط» تحدثت عن احتمال مغادرة القوات الأميركية قواعدها في مناطق «قسد» ومخاوف من عودة «داعش»

صورة تذكارية خلال اجتماع  في عمان الأحد للدول المجاورة لسوريا (الخارجية الأردنية)
صورة تذكارية خلال اجتماع في عمان الأحد للدول المجاورة لسوريا (الخارجية الأردنية)
TT

أحداث الساحل السوري الدامية تطغى على أجندة اجتماع دول جوار سوريا في عمان

صورة تذكارية خلال اجتماع  في عمان الأحد للدول المجاورة لسوريا (الخارجية الأردنية)
صورة تذكارية خلال اجتماع في عمان الأحد للدول المجاورة لسوريا (الخارجية الأردنية)

طغت الأحداث الجارية في الساحل السوري على أجندة اجتماع دول جوار سوريا الذي استضافته عمان، الأحد، لبحث آليات التعاون في مجالات محاربة الإرهاب، وتهريب المخدرات والسلاح، ومواجهة التحديات المشتركة الأخرى.

الاجتماع الذي عُقد بحضور وزراء الخارجية ووزراء الدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومديري أجهزة المخابرات في الأردن، وتركيا، وسوريا، والعراق، ولبنان؛ تمخض عن توافق الدول الحاضرة على تكثيف جهود مواجهة الإرهاب، ومواجهة خطر عودة تنظيم «داعش» في ظل التطورات الجارية.

ورغم ما أكدته مصادر «الشرق الأوسط»، السبت، من أن عمان ستركز على ملفات الأمن والسيطرة في الجنوب السوري إلى جانب ملفي الطاقة والمياه، فإن جهود مكافحة الإرهاب وعصابات تهريب المخدرات على رأس الأولويات التي ناقشها الاجتماع. غير أن الجانب الأمني والعسكري سيظل أولوية متقدمة بعد الاعتداءات الإسرائيلية على مناطق جنوب سوريا، وسعي إسرائيل لفرض وضع عسكري قائم ودائم في مناطق غرب درعا.

ممثلون رفيعو المستوى يحضرون في عمّان الأحد اجتماعاً بشأن سوريا مع دول الجوار (إ.ب.أ)

ويهدف الاجتماع إلى بحث سبل إسناد الشعب السوري الشقيق في جهوده إعادة بناء وطنه على الأسس التي تضمن وحدته وسيادته وأمنه واستقراره، وتخلصه من الإرهاب، وتضمن ظروف العودة الطوعية للاجئين، وتحفظ حقوق جميع أبنائه. فقد سبق الإعلان عن موعد الاجتماع بيان أردني، أكد «وقوف (الجانب الأردني) مع الجمهورية العربية السورية وأمنها واستقرارها ووحدتها وسيادتها»، في وقت أدانت فيه «الخارجية» الأردنية «كل المحاولات، والمجموعات، والتدخلات الخارجية، التي تستهدف أمن سوريا الشقيقة وسلمها ومؤسساتها الأمنية، وتحاول دفع سوريا نحو الفوضى والفتنة والصراع»؛ في إشارة واضحة لتدخلات إيران في سوريا وسعيها لنشر الفوضى تحت عناوين طائفية.

حسابات أردنية

للأردن مخاوف مشروعة من عودة الفوضى في الجنوب السوري. ويتعامل مع سلة تهديدات، في ظل تزايد الخطر الإسرائيلي واعتداءاته المستمرة على مناطق غرب درعا، في ظل مساعي تل أبيب لفرض خطط توسعية عبر احتلال مزيد من الأراضي السورية.

ويأتي هذا التطور في ظل متابعات أمنية استخباراتية لتحركات خلايا إرهابية تحاول استعادة نشاطها مؤخراً تنتمي لتنظيم «داعش»، في حين أن الإدارة السورية الجديدة لا تزال غير قادرة على فرض كامل سيطرتها على الأراضي السورية، كما أن موقف الطائفة الدرزية المتأرجح وأثره على انقسام الطائفة بات قلقاً أردنياً، في حين أن مجموعات من الجنوب السوري محسوبة على الأردن تتطلب دعماً بعد استعادة قنوات الاتصال لحيويتها.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره الأردني أيمن الصفدي يحضران مؤتمراً صحافياً بعد اجتماع وفود الجوار السوري في عمان الأحد (رويترز)

وفيما نجحت عمان في إعادة تأهيل البنية التحتية لإيصال الكهرباء حتى حدودها الشمالية، فإنها في انتظار إعادة تأهيل شبكة الكهرباء في المناطق السورية، ما يمكن من تصدير الطاقة الفائضة في الشبكات الأردنية. بحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من شركات الكهرباء في المملكة، يبقى ملف المياه ومخاوف سيطرة أطراف معادية على مصادر المياه في الجنوب السوري، تؤرق صناع القرار في مجال استمرار العجز المائي في البلاد. في وقت تطلب عمان من دمشق التزاماً بالحصص المتفق عليها التي تقدر بنحو 100 مليون متر مكعب.

مخططات إسرائيلية تهدد الجوار

لا تحضر إسرائيل اجتماعات الأزمات لدول الجوار، ولا ترتبط تل أبيب بعلاقات دبلوماسية إلا بعمان وأنقرة، وفي معادلة الحسابات الأردنية فإن إسرائيل هي جزء من أزمة سوريا ما بعد الأسد.

وقد دخلت تل أبيب عسكرياً إلى مناطق من الجنوب السوري، ومع اختبارات النيات الإسرائيلية فإن تل أبيب لا تدخل أرضاً وتخرج منها؛ ما يعني توسيع نطاق الاحتلال لأراضٍ سورية.

والجنوب السوري هو حدود مشتركة مع الأردن وفلسطين المحتلة، ويأتي مسلسل الاعتداءات في ظل تنامي نفوذ حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو على حساب نفوذ المؤسسات الأمنية في إسرائيل، وغض الطرف من قِبل الإدارة الأميركية على التعليق بشأن سوريا بعد هروب الأسد وتسلم الشرع للسلطة.

مؤتمر صحافي لوزراء خارجية سوريا وتركيا والأردن والعراق ولبنان بعد اجتماع دول جوار سوريا في عمّان الأحد (رويترز)

الوجود العسكري الإسرائيلي في الجنوب السوري يهدف إلى تحقيق أهداف تتعلق بتقسيم سوريا، خصوصاً في ظل الأوراق التي تملكها تل أبيب، فهي في الشمال تملك علاقات مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). ولضمان سلامة الاتصال، فإن الولايات المتحدة الأميركية هي قناة الاتصال الخلفية بين الفاعلين في الشمال السوري، باستثناء الدور التركي المعادي لنفوذ كُرد سوريا في مناطقهم الشمالية.

 

وتحدثت مصادر أردنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بأن معلومات تتحدث عن احتمالات مغادرة القوات الأميركية لقواعدها في مناطق من الشمال السوري، والتزامها البقاء في قاعدة التنف المحاذية للحدود الأردنية السورية العراقية. وهذا الخطر يتصل باحتجاز آلاف العناصر من تنظيم «داعش»، ومدى قدرة «قسد» على منع هؤلاء من إعادة تنظيم صفوفهم وانطلاق عملياتهم ضد دول جوار سوريا بعد عودة مشاهد الفوضى في الداخل السوري نفسه.

وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني (وسط) يحضر اجتماعاً رفيع المستوى بشأن سوريا مع دول الجوار في عمان (إ.ب.أ)

كما أن إسرائيل تهدد مصالح تركيا والعراق والأردن، في حال استكملت متطلبات خطتها في تقسيم سوريا، ومحاصرة الإدارة السورية في نفوذ لا يتجاوز حدود إقامتها.

وأمام ذلك، فقد عُقدت اجتماعات أردنية تركية في العقبة وأنقرة، ومؤخراً في عمان تحت عنوان «التنسيق الأمني» فيما يتعلق بمواجهة خطر عودة تنظيم «داعش» إلى نشاطه وانطلاق عملياته على أكثر من جبهة.

وأكثر ما يهدد المصالح الأردنية، هو ما يمكن أن يضطرها إلى التدخل العسكري في مناطق جنوب سوريا لحماية مصالحها من خارج الحدود، وتأمين مراكز دفاعية متقدمة لصد أي خطر. ولعل هذا الطرح مدعوم برغبة الشرع التي تحدث عنها خلال زيارته الأولى إلى عمان في 26 فبراير (شباط) الماضي، ولقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مباحثات ثنائية مغلقة تبعتها مباحثات موسعة بحضور الوفدين الرسميين.


مقالات ذات صلة

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

الخليج المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

عدَّ مجلس التعاون الخليجي إعادة إعمار سوريا واستقرارها «ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها»، مؤكداً استمرار دعم المبادرات التي تضعها على مسار التعافي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي جنود سوريون في قرية حوش السيد علي (أ.ب)

وزارة الصحة اللبنانية: 7 قتلى في الاشتباكات على الحدود مع سوريا

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الاثنين، مقتل سبعة أشخاص جراء أعمال العنف على حدود لبنان الشرقية مع سوريا التي اندلعت الأحد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)

مقتل شخصين في غارات إسرائيلية على محيط مدينة درعا بجنوب سوريا

استهدفت غارات إسرائيلية محيط مدينة درعا في جنوب سوريا مساء الاثنين على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

استنفار لبناني لاحتواء التصعيد على الحدود مع سوريا

استنفرت الدولة اللبنانية لاحتواء التصعيد على الحدود مع سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ممثلون يحضرون مؤتمر بروكسل التاسع «الوقوف مع سوريا: تلبية احتياجات انتقال ناجح» بمبنى «أوروبا» في بروكسل 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الدول المانحة تتعهد بتقديم مساعدات إلى سوريا بقيمة 5.8 مليار يورو في مؤتمر دولي

تعهدت الدول المانحة، بينها الاتحاد الأوروبي، الاثنين، بتقديم مساعدات إلى سوريا بقيمة 5.8 مليار يورو، وهو مبلغ أدنى من التزامها السابق بسبب عدم مساهمة أميركا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نتوقف عن القتال طالما لم تتم إعادة الرهائن

فتاة مصابة تنظر إلى جثمان شقيقها الذي قُتل في غارة إسرائيلية بالمستشفى الإندونيسي ببيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتاة مصابة تنظر إلى جثمان شقيقها الذي قُتل في غارة إسرائيلية بالمستشفى الإندونيسي ببيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نتوقف عن القتال طالما لم تتم إعادة الرهائن

فتاة مصابة تنظر إلى جثمان شقيقها الذي قُتل في غارة إسرائيلية بالمستشفى الإندونيسي ببيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتاة مصابة تنظر إلى جثمان شقيقها الذي قُتل في غارة إسرائيلية بالمستشفى الإندونيسي ببيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

رحب مسؤولون إسرائيليون بعودة الحرب على غزة، بعدما استأنفت إسرائيل غاراتها على القطاع المدمر الليلة الماضية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الثلاثاء)، إن إسرائيل ستواصل القتال في غزة «طالما لم تتم إعادة الرهائن»، وأضاف كاتس: «لن نتوقف عن القتال طالما لم تتم إعادة الرهائن إلى ديارهم، ولم تتحقق جميع أهدافنا من الحرب». وإلى جانب إطلاق سراح الرهائن المتبقين، تؤكد إسرائيل أنها تريد القضاء على حركة «حماس»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم (الثلاثاء)، أنه أصدر أمراً بإخلاء لعدد من المناطق بغزة، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي سياق متصل، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اليوم (الثلاثاء)، إن العمليات الجديدة في غزة ستأخذ شكلاً مختلفاً تماماً عما حدث حتى الآن، وفق ما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ورحّب سموتريتش باستئناف الحرب على قطاع غزة، بعد أن شنّ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية الليلية ضد أهداف تابعة لـ«حماس» في القطاع الساحلي، أسفرت حتى الآن - بحسب تقارير فلسطينية - عن مقتل 330 وإصابة المئات.

وكتب سموتريتش في حسابه على منصة «إكس»: «كما وعدنا عاد الجيش... إلى العمل بهجوم قوي على غزة بهدف تدمير (حماس)، وإعادة جميع الرهائن، وإزالة التهديد الذي يشكله قطاع غزة على المواطنين الإسرائيليين».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع قادة عسكريين (أرشيفية - مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)

وكانت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أفادت في وقت سابق اليوم (الثلاثاء)، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد اجتماعاً طارئاً للمجلس الأمني المصغر صباح اليوم. وأشارت الصحيفة إلى أنه جرى إلغاء جلسة ضمن محاكمة نتنياهو بقضايا فساد كانت مقررة اليوم، بسبب تجدد القتال في غزة.

واستأنفت إسرائيل حربها على قطاع غزة فجر اليوم، وأسفرت، بحسب وزارة الصحة في غزة، عن مقتل 330 شخصاً، حسبما أعلنت وزارة الصحة في غزة.