العلاقة بين بيروت وطهران تأخذ مساراً تصحيحياً

سعيد: نناقش حلّ «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان»

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد الإيراني برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني فبراير الماضي (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد الإيراني برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني فبراير الماضي (رئاسة الجمهورية)
TT

العلاقة بين بيروت وطهران تأخذ مساراً تصحيحياً

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد الإيراني برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني فبراير الماضي (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد الإيراني برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني فبراير الماضي (رئاسة الجمهورية)

تأخذ العلاقات اللبنانية - الإيرانية مساراً مختلفاً عما كانت عليه طوال السنوات الماضية، فهي تسير على الطريق الصحيحة المفترضة للعلاقة بين الدول، بعدما كانت طهران تمسك بالقرار اللبناني عبر «حزب الله»، وهو ما كان يصفه البعض في بيروت بـ«الاحتلال الإيراني».

وبدأت هذه التبدلات تظهر في طريقة التعامل اللبناني مع المسؤولين الإيرانيين خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث برز كلام واضح من قبل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رفض فيه موقف رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، لجهة قوله إن طهران مستعدةٌ للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701»، عادّاً ذلك «تدخلاً فاضحاً في الشأن اللبناني، ومحاولة لتكريس وصاية مرفوضة على لبنان».

ومع التبدل الذي طرأ على النفوذ الإيراني في المنطقة، ومن خلفه على دور «حزب الله» في لبنان، بدأت هذه التغيرات تظهر تباعاً، وبشكل أوضح وأكبر صراحة، كان آخرها المواقف الصادرة من قبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، واتخاذ الحكومة قراراً بمنع هبوط طائرة إيرانية في «مطار رفيق الحريري الدولي»، رغم كل الضغوط السياسية والشعبية التي حاول «حزب الله» أن يمارسها.

وفي بداية العهد الجديد وتشكيل الحكومة، كانت «الرسائل السيادية» مباشرة في خطاب قسم رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، وفي البيان الوزاري لحكومة نواف سلام، ليجدد كلاهما التأكيد عليها أمام الوفد الإيراني الذي زار بيروت الشهر الماضي للمشاركة في تشييع الأمين العام الأسبق لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

وقال عون أمام الوفد: «لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه»، مشدداً على «ضرورة احترام سيادته وعدم تدخل الدول في شؤونه الداخلية» في رسالة واضحة إلى من يمثله الوفد، الذي سمع كلاماً مشابهاً في الإطار نفسه من سلام، الذي أكد أيضاً أن «سلامة أمن المطار والمسافرين هي الاعتبار الأساسي الذي يرعى تسيير الرحلات من (مطار رفيق الحريري) في بيروت وإليه، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية».

وفي كلمته خلال القمة العربية الطارئة، بعث عون أيضاً برسائل عدة بقوله إن «لبنان تعلم من معاناته ألا يكون مستباحاً لحروب الآخرين، وألا يكون ممراً لسياسات النفوذ الخارجية، ولا مستقراً لوصايات أو هيمنات، ولا يسمح لبعضه بالاستقواء بالخارج».

وفي حين وصفت وزارة الخارجية الإيرانية، قبل أيام، العلاقة بين بيروت وطهران بـ«الجيدة»، مشيرة إلى أنها «تعالج الملفات الثنائية بانفتاح وعبر الحوار»، ومن ثم قول مستشار المرشد الإيراني، قبل يومين أيضاً، إن «(حزب الله) سيواصل مسيرة المقاومة»، يتحدث رئيس «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان»، النائب السابق فارس سعيد، عن تراجع ملحوظ لنفوذ طهران، وعن جرأة لدى المسؤولين اللبنانيين في مواجهة طهران، وهو ما جعله يطرح فكرة حل «المجلس» الذي أُسس عام 2022 رافعاً الصوت لكف يد إيران عن لبنان.

ويقول سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «طرحت فكرة حل (المجلس) للنقاش، وهو الذي أنشأناه عندما كانت غالبية القوى السياسية في لبنان تتعاطى مع النظام الإيراني أو تتجاهل وجوده حتى لا تصطدم معه»، مضيفاً: «واليوم أعتقد، وبكل تواضع، أننا أصبنا الهدف، وبالتالي بما أن احتلال القرارات الوطنية، من لبنان إلى سوريا والعراق... وغيرها، بات على طريق الزوال، فأنا أشجع إعلان حل (المجلس الوطني)؛ لأن ذلك سيكون إشارة وطنية سياسية إيجابية للرأي العام اللبناني».

«دولة لدولة»

ومع تأكيده أن «لبنان الرسمي والشعبي يريد أن تبقى العلاقات بين البلدين من دولة إلى دولة، وألا يكون لبنان ورقة أو ساحة تستخدمها طهران من أجل مصالح شخصية وتحسين شروطها التفاوضية مع الولايات المتحدة، كما جرت العادة طوال السنوات الماضية»، فإنه يقول: «يشعر اللبنانيون اليوم، خصوصاً المسؤولين، بأن هناك تراجعاً ملحوظاً للنفوذ الإيراني في المنطقة بعد الحرب على لبنان وغزة، وبعد اغتيال الأمين العام لـ(حزب الله) نصر الله، واتفاق وقف النار، وانهيار النظام السوري... وهذا ما تجلّى عبر جرأة لافتة في تعاطي المسؤولين اللبنانيين مع الموفدين الإيرانيين، وخير مثال على ذلك ما حدث بمنع هبوط الطائرة الإيرانية قبل أسابيع تفادياً لتعرض لبنان والمطار لعقوبات أو اعتداء إسرائيلي، علماً بأنه قبل أشهر قليلة لم يكن أحد في لبنان يجرؤ على اتخاذ قرار مماثل».

«أكثر رسمية»

وفي حين يتجنّب المحلل السياسي، المقرب من «حزب الله»، الدكتور قاسم قصير، الحديث عما كانت عليه العلاقة بين لبنان وإيران في السابق، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقة اليوم بين بيروت وطهران هي علاقة بين بلدين، وهناك علاقات دبلوماسية واقتصادية وسفارات، إضافة إلى الاتفاقيات الثنائية، وهناك جالية إيرانية كبيرة في لبنان، ويوجد آلاف الطلاب ورجال الدين اللبنانيين في إيران».

وفي رد على سؤال عما إذا كانت العلاقة اختلفت عما كانت عليه في السابق، اكتفى بالقول: «نعم؛ الأمور تتجه نحو مزيد من العلاقات الرسمية، مع الحفاظ على العلاقات الشعبية».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.