قُتل «3 عناصر من قوى الأمن الداخلي، وآخر من المسلحين المحليين، فيما أصيب مدنيون؛ بينهم نساء وأطفال» جراء اشتباكات تشهدها مدينة الصنمين في ريف محافظة درعا الشمالي، بين قوات الأمن ومجموعة مسلحة «مرتبطة بالأمن العسكري السابق».
ووصلت «تعزيزات عسكرية» صباحاً إلى المدينة «لمداهمة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون»، وفق ما نقلت صفحة المحافظة عن المسؤول في الأمن الداخلي، عبد الرزاق الخطيب، الذي صرح: «ما زالت الاشتباكات حتى الآن على أشدها في بعض الأبنية بالحي الجنوبي الغربي للمدينة». وأفاد بإصابة أحد عناصر الأمن بجروح جراء «إطلاق نار مباشر» الثلاثاء على أحد الحواجز التي أقيمت في المدينة.
ونقلت الصفحة الرسمية لمحافظة درعا على قناة «تلغرام»، عن مصدر في الأمن الداخلي قوله إن قوات الأمن «تواصل العمليات العسكرية لتطهير المنطقة من العناصر المسلحة» الأربعاء.
ومنذ سيطرة السلطات الجديدة على الحكم في دمشق يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، تسجَّل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق، ويتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للحكم السابق بالوقوف خلفها. وتنفذ السلطات حملات أمنية تقول إنها تستهدف «فلول النظام» السابق، وتتخللها اعتقالات. ويشكل فرض الأمن وضبطه في عموم سوريا أحد أبرز التحديات التي تواجه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بعد نزاع مدمر بدأ عام 2011 وتشعبت أطرافه.
وذكر «تجمع أحرار حوران» أن الاشتباكات تدور بين عناصر من الأمن الداخلي ووزارة الدفاع من جهة؛ ومجموعة «محسن الهيمد» التي كانت تعمل سابقاً لمصلحة شعبة الأمن العسكري في زمن نظام بشار الأسد، إضافة إلى عناصر من تنظيم «داعش». وقد وُجهت لها اتهامات بتنفيذ عشرات عمليات الاغتيال في الصنمين.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها صفحات على «فيسبوك»، تعنى بأخبار محافظة درعا، جانباً من اشتباكات عنيفة تدور في المدينة بين عناصر الأمن الداخلي ووزارة الدفاع، ومجموعة «محسن الهيمد».
ويُظهر أحد المقاطع تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار وسط أحياء المدينة، حيث تسمع أصوات الرصاص والانفجارات بوضوح، في ظل توتر أمني كبير تشهده المنطقة، بينما يُظهر مقطع آخر مشاركة دبابات وعربات مثبتة عليها رشاشات ثقيلة في الاشتباكات.
وذكر موقع «درعا24» أن عناصر الأمن الداخلي ووزارة الدفاع بدأوا عملية اقتحام لمواقع تمركز مجموعة «الهيمد»، إضافة إلى مداهمة منازل تابعة لهم في ريف الصنمين الغربي. وأسفرت الاشتباكات، وفقاً للموقع، عن مقتل 3 من عناصر الأمن، وإصابة عنصرين آخرين، وعدد من المدنيين، بينهم طفلة وسيدة، دون توفر معلومات بشأن سقوط قتلى أو جرحى من مجموعة «الهيمد».
ونقل عن مصدر في الأمن الداخلي أن «العملية الأمنية ضد مجموعة (الهيمد) ستستمر حتى إتمامها بشكل كامل»، مؤكداً أن قوات وزارة الدفاع والأمن الداخلي تواصل عملياتها بحذر لتفادي إصابة مدنيين ولضمان أمنهم.

مصادر محلية في ريف درعا أوضحت أن مسلحي مجموعة «الهيمد» قالوا منذ الأسبوع الأول لسقوط نظام الأسد إنهم «سوف يسوون أوضاعهم، ولكن ذلك بقي مجرد كلام دون تنفيذ». وأضافت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»: «يعدّون أنفسهم فوق القانون، فقد استمرت هذه العصابة في التمرد على الدولة وارتكاب أبشع الجرائم من قتل للأبرياء، وتشليح، وسرقة، وخطف بغرض الفدية، وتجارة وترويج للمخدرات»، موضحة أن الحملة «طالب بها الأهالي منذ سقوط نظام الأسد؛ للتخلص من هذه العصابات التي ترعب وتروع الناس باستمرار، وتبث الفساد وتدمر المجتمع».

ووفق مصادر متابعة في ريف درعا، فإن «أعداد المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون التي لا تزال موجودة في بعض مناطق المحافظة، قليلة، ولكنها في الوقت نفسه تتسبب في حالة من الفلتان الأمني والرعب للسكان، والحكومة مصرة على بسط الأمن والاستقرار في أرجاء المحافظة كافة». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء ليسوا فصائل، هم عصابات، فمعظم الفصائل العسكرية المسلحة وافقت على الاندماج في وزارة الدفاع».
وكان جهاز الأمن الداخلي أطلق في 20 فبراير (شباط) الماضي حملة تستهدف فلول نظام الأسد البائد، وتجار المخدرات والأسلحة، إضافة إلى سحب السلاح المنتشر في بلدتَي الحارة ونمر، شمال درعا، وذلك بهدف ضبط الأوضاع الأمنية وبسط الأمن والاستقرار في محافظة درعا.

