الحكومة أمام تحدي معالجة أسباب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية

لجنة قانونية تعمل على 3 مهام منها استعادة الثقة بالقطاع المصرفي وإعادة أموال المودعين

الرئيس اللبناني جوزيف عون مترئساً اجتماعاً للحكومة الجديدة بالقصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت يوم 11 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مترئساً اجتماعاً للحكومة الجديدة بالقصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت يوم 11 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
TT
20

الحكومة أمام تحدي معالجة أسباب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية

الرئيس اللبناني جوزيف عون مترئساً اجتماعاً للحكومة الجديدة بالقصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت يوم 11 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مترئساً اجتماعاً للحكومة الجديدة بالقصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت يوم 11 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وضعت الحكومة اللبنانية الجديدة نفسها أمام تحدّي معالجة الأسباب التي أدت إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، بقرار اتخذته مجموعة العمل المالي (FATF)؛ حيث شكّل وزير العدل اللبناني، عادل نصّار، لجنة قانونية كلّفها «تنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من وزارة العدل، وفق الخطة الموضوعة من قبل المجموعة الدولية، لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية». وطلب منها «رفع تقريرها إليه في مهلة 45 يوماً من تاريخ تبلغها هذا القرار، من دون أن يترتّب على وزارة العدل أي نفقة جراء هذه المهمة».

وتتألف اللجنة من المحامي كريم ضاهر رئيساً، والأعضاء: القاضية رنا عاكوم، القاضي السابق جان طنوس، المحاميَيْن لارا سعادة ومحمد مغبط والسيّد محمد الفحيلي. وأكد مصدر متابع لمهمتها لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة لديها 3 مهام أساسية. الأولى: اقتراح تعديلات على القوانين التي يطلب صندوق النقد الدولي إصلاحها، المتعلقة بالشفافية المالية بما يخصّ الشركات والأفراد. والثانية: مراقبة عمل المؤسسات المالية غير القانونية مثل «القرض الحسن» على سبيل المثال، وإلزامها باتباع الإجراءات المالية القانونية. والثالثة: وضع إطار قانوني لحلّ أزمة «اقتصاد الكاش»، وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وإعادة أموال المودعين.

وشدَّد المصدر على أن «عمل اللجنة يُعدّ الخطوة الأولى لوضع الأطر القانونية التي تخرج لبنان من اللائحة الرمادية وتؤسس لأرضيّة قانونية ثابتة تجنّبه الانزلاق مرة جديدة في أزمات مماثلة».

وكانت مجموعة العمل المالي (FATF) أعلنت، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، إدراج لبنان رسمياً على اللائحة الرمادية، بسبب ما سمته «ضعف الإجراءات التي تتبعها الحكومة اللبنانية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».

ورأى الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور محمود جباعي، أن «مبادرة وزير العدل لتشكيل هذه اللجنة القانونية تُعدّ الخطوة الأولى في المسار القانوني الصحيح، لكنّها غير كافية من دون مواكبتها بإجراءات إصلاحية فاعلة».

وأكد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخروج من معضلة إدراج لبنان على اللائحة الرمادية تحتاج إلى خطوات مرتبطة بالإصلاحات الواجب اعتمادها، التي تحدّث عنها قرار المجموعة المالية الدولية. ومن ضمنها الشق القانوني، الذي أعطى مهلة حتى شهر يناير (كانون الثاني) 2026 لمعالجة هذه المشكلات».

وشدَّد على أن «مشكلة لبنان حالياً لا تكمن في الانهيار المالي والاقتصادي فحسب، بل في التهرُّب الجمركي وعمليات التهريب غير الشرعي والفساد المالي والاقتصاد النقدي، التي تعمّق هذه المشكلة وتعلق الأفق أمام الحل».

مقر جمعية مصارف لبنان في بيروت (رويترز)
مقر جمعية مصارف لبنان في بيروت (رويترز)

وعجزت حكومة تصريف الأعمال السابقة عن القيام بالإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، تجنُّباً لوضع لبنان على اللائحة الرمادية، بسبب الأزمات السياسية، ومن ثمّ الحرب الإسرائيلية على لبنان، لكنّ حكومة الرئيس نواف سلام تعهَّدت، في بيانها الوزاري الذي نالت على أساسه ثقة المجلس النيابي، بوضع برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي لمعالجة التعثر المالي والمديونية العامة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكَّن من تسيير العجلة الاقتصادية، وفق أفضل المعايير الدولية والحفاظ على حقوق المودعين.

وفي هذا الإطار، دعا جباعي الدولة إلى «تنفيذ ما تلتزم به أمام المجتمع الدولي»، مشيراً إلى أن «مصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية تقوم بواجبها للحدّ من ظاهرة (الاقتصاد النقدي)، عبر محاولة سحب الأموال النقدية من السوق، والتأكد من مصادر الأموال التي تمرّ عبرها».

وقال جباعي: «للأسف، فإن الجهة الوحيدة التي لا تقوم بدورها كاملاً هي الدولة، لجهة عدم ضبط الحدود ومكافحة التهريب، وأيضاً مسألة التهرُّب الجمركي»، مثنياً على «الخطوة التي قام بها وزير المال (ياسين جابر) حديثاً بتزويد نقاط الجمارك بأجهزة كشف متطورة لمراقبة حركة البضائع بدقّة».


مقالات ذات صلة

لبنان يربط نزع سلاح «حزب الله» بانسحاب إسرائيل

المشرق العربي شعار «لن نترك السلاح» كتبه مناصرون لـ«حزب الله» على ركام مسجد مدمر بغارات إسرائيلية في بلدة رامية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

لبنان يربط نزع سلاح «حزب الله» بانسحاب إسرائيل

في ظل مطالبة أميركية للبنان بضرورة معالجة ملف سلاح «حزب الله» بسرعة، قال مصدر وزاري لبناني لـ«الشرق الأوسط»، إن انسحاب إسرائيل من الجنوب سيسمح بفتح ملف.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون علمه خلال عودتهم لمدينة صور في نهاية نوفمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يتهم «حزب الله» بترميم موقع عسكري في الضاحية

اتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بإعادة إنشاء موقع عسكري تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني فايز رسامني (يمين الصورة)... (الوكالة الوطنية)

وزير الأشغال اللبناني ينفي استخدام «حزب الله» مرفأ بيروت

بدّد وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني، فايز رسامني، المخاوف من استخدام مرفأ بيروت لتهريب الأسلحة إلى الداخل اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري دورية لقوات «يونيفيل» في بلدة كفركلا الحدودية جنوب لبنان 6 أبريل الجاري (أ.ف.ب)

تحليل إخباري لبنان يربط معالجة ملف سلاح «حزب الله» بانسحاب إسرائيل من الجنوب

يربط لبنان الشروع في معالجة ملف سلاح «حزب الله» بانسحاب إسرائيل من النقاط التي يحتلها جيشها في الجنوب، وإعادة الأسرى.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ناخبة لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

اقتراح «اللائحة المقفلة» يتقدم في انتخابات بلدية بيروت

لا توحي الأجواء السائدة في شوارع بيروت بوجود حماسة للمشاركة في انتخاب مجلسها البلدي، في ظل تشديد على حماية المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تتخبط في «أزمة» رئيس «الشاباك»

فلسطيني عالق تحت أنقاض مبنى دمرته ضربة إسرائيلية في حي الشجاعية بمدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطيني عالق تحت أنقاض مبنى دمرته ضربة إسرائيلية في حي الشجاعية بمدينة غزة أمس (رويترز)
TT
20

إسرائيل تتخبط في «أزمة» رئيس «الشاباك»

فلسطيني عالق تحت أنقاض مبنى دمرته ضربة إسرائيلية في حي الشجاعية بمدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطيني عالق تحت أنقاض مبنى دمرته ضربة إسرائيلية في حي الشجاعية بمدينة غزة أمس (رويترز)

يستمر تخبط إسرائيل داخلياً نتيجة أزمة رئيس جهاز الشاباك، إذ إن القرار الذي أصدرته المحكمة العليا، بمنع الحكومة من إقالة رئيس الجهاز، رونين بار، لم ينه الأزمة المتفاقمة بل مهّد لأزمات أخرى، مع بوادر تمرد في الحكومة ضد قرار المحكمة وعدم الانصياع له، وهي خطوة خطيرة لم يتم حسمها من قِبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يحاكم في قضايا مختلفة، ولديه مشاكل لا تحصى مع القضاء والأمن والنيابة.

ووسط هذا التخبط، ارتكبت إسرائيل مجزرة جديدة، إذ أسفرت غارة، قال جيشها إنها استهدفت قيادياً كبيراً في «حركة حماس»، عن مقتل 35 شخصاً على الأقل. ولم تؤكد «حماس»، أو أي من المصادر في غزة، مقتل أي قيادي كبير في الحركة خلال الغارة.

وفي الضفة الغربية، وسَّعت إسرائيل عملية «السور الواقي» ضد المخيمات الفلسطينية إلى نابلس.