لبنان يحتاج مليار دولار للبنى التحتية وإزالة الأنقاض بعد الحرب الإسرائيليةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5114359-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B6-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8
لبنان يحتاج مليار دولار للبنى التحتية وإزالة الأنقاض بعد الحرب الإسرائيلية
مشهد يوثق الدمار الناتج عن التفجيرات الإسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
بدأ لبنان العمل الجدي على إعداد الخطط لإعادة إعمار المناطق المدمرة نتيجة الحرب الإسرائيلية، إلا إن الإشكالية الأساسية تبقى عدم توفر الأموال اللازمة بعد، وربط وصولها بتنفيذ القرارات الدولية المرتبطة بالوضع في الجنوب كما بالإصلاحات المالية والاقتصادية.
وترأس رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام، الخميس اجتماعاً خُصص للاطلاع على مشروع تقرير مسح الأضرار الناجمة عن الحرب الإسرائيلية، والخطة الأولية لتمويل مشروعات إعادة الإعمار، الذي شارك فيه وفد من «البنك الدولي» برئاسة المدير الإقليمي، جان كريستوف كاريه، وعدد من الوزراء. وقال وزير المال، ياسين جابر، بعد الاجتماع: «البنك الدولي أعد دراسة أولية لمشروع إعادة الإعمار، تتركز بشكل أساسي على البنى التحتية وإزالة الركام الموجود اليوم، خصوصاً في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع»، لافتاً إلى أن التكلفة تبلغ «نحو مليار دولار، والبنك الدولي سيقدم أولاً 250 مليون دولار، ولكن بمجرد إقرار هذا المبلغ من البنك فمن المؤكد أنه ستكون هناك مساهمات من دول أخرى، من أجل السير قدماً في المشروع».
وكان سلام أشار في وقت سابق إلى أن تقديرات البنك الدولي لخسائر لبنان نتيجة الحرب كانت قبل مدة بين 8 و9 مليارات دولار، لكنها ارتفعت إلى ما بين 10 مليارات و11 ملياراً.
51 ألف وحدة مدمرة تماماً
ويشير الباحث في شركة «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، إلى أن «عدد الوحدات السكنية المتضررة بشكل بسيط أو متوسط يبلغ 317 ألفاً، فيما يبلغ عدد تلك المتضررة بالكامل 51 ألفاً؛ بينها 9 آلاف في الضاحية الجنوبية، و1500 وحدة في البقاع، و22 ألفاً في منطقة الشريط الحدودي».
وعن تكلفة الأضرار جراء الحرب، يلفت شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «ما بين 8 و10 مليارات دولار، وهذه التكلفة لا تشمل أضرار المؤسسات الصناعية والتجارية»، مضيفاً: «أما تكلفة أضرار البنى التحتية فتقدر بـ700 مليون دولار، وتكلفة رفع الأنقاض في حدود 35 مليون دولار».
ويوضح شمس الدين: «إننا لا نزال في مرحلة رفع الأنقاض، بحيث يتولى مجلس الجنوب رفع الأنقاض في الجنوب، واتحاد بلديات الضاحية رفع الأنقاض في الضاحية الجنوبية، والهيئة العليا للإغاثة في البقاع وباقي المناطق»، مشيراً إلى أنه «جرى تأمين أموال للترميم، وقد دفع (حزب الله) بدل إيواء لمدة سنة للعائلات التي دُمرت منازلها الأساسية، وبالتالي بعد انتهاء هذه المهلة، سنكون أمام أزمة حقيقية إذا لم تبدأ إعادة الإعمار خلال الأسابيع المقبلة». وأضاف: «كما أن هناك 100 ألف شخص هُجّروا من القرى الحدودية ولم يعودوا إلى منازلهم».
صندوق لإعادة الإعمار
من جهته، يعدّ الباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور محمود جباعي أن «الرؤية أصبحت أقرب إلى الواقع في موضوع الأرقام، على الرغم من أنه لم تحدث بعد عملية مسح كامل وشامل لتحديد حجم الدمار والخسائر»، مرجحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تتراوح تكلفة الإعمار «بين 10.5 و11 مليار دولار»، مقدراً «الخسارة في الناتج المحلي بما بين 3 و3.5 مليار دولار. هذه الخسارة يمكن تعويضها مع عودة حركة النشاط الاقتصادي». ويضيف جباعي: «كما أن هناك مؤسسات وشركات أفلست وأقفلت، وهذه خسارة تتراوح بين مليار ونصف وملياري دولار».
وعن حجم الدمار، يقول جباعي: «أشد المناطق تعرضاً للدمار هي نحو 40 بلدة عند الحافة الأمامية، أما حجم الدمار فيتساوى تقريباً في الضاحية الجنوبية، وصور، والنبطية، ومناطق البقاع».
ويرى جباعي ألا فدرة «لا لجهة أو لدولة واحدة على القيام وحدها بإعادة الإعمار»، عادّاً أن ذلك «يتطلب إنشاء صندوق لإعادة الإعمار من خارج الموازنة، وهذا ما أشارت إليه الحكومة الحالية في بيانها الوزاري. هذا الصندوق قوامه الدعم الخارجي، لكن ضخ الأموال فيه بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية وسياسية، أي إن لبنان يفترض أن يستكمل تطبيق القرار (1701) بكل مندرجاته لإعطاء ثقة للمجتمعين العربي والدولي مع انطلاق عملية إعادة الإعمار، كما يفترض إنشاء لجنة مشتركة بين الدول المانحة والدولة اللبنانية للتأكد من الشفافية المطلقة في طريقة صرف الأموال».
ويقر جباعي بأن «عملية إعادة الإعمار لن تكون سهلة؛ لأن المبلغ المطلوب كبير، كما أن هناك في المنطقة بلدين آخرين مدمرين؛ هما: سوريا حيث تصل تكلفة الإعمار فيها إلى مئات مليارات الدولارات، وغزة حيث تفوق التكلفة 55 ملياراً».
أكد المسؤول الأميركي الرفيع السابق آموس هوكستين، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن الاتفاق ممكن على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، كاشفاً جوانب من وساطته بينهما.
اتُّخذت كل الاستعدادات ليكتمل عقد المجالس البلدية والاختيارية السبت في 24 مايو (أيار) لإنجاز المرحلة الأخيرة من السباق البلدي في محافظتي الجنوب والنبطية.
هوكستين لـ«الشرق الأوسط»: ترسيم الحدود البريّة بين لبنان وإسرائيل «في متناول اليد»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5146114-%D9%87%D9%88%D9%83%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
هوكستين لـ«الشرق الأوسط»: ترسيم الحدود البريّة بين لبنان وإسرائيل «في متناول اليد»
آموس هوكستين خلال الحوار مع «الشرق الأوسط» (أ.ب)
رأى المسؤول الأميركي الرفيع السابق، آموس هوكستين، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن اتفاق الحدود البحرية الذي توسط فيه بين لبنان وإسرائيل عام 2022 واتفاق وقف العمليات العدائية بين إسرائيل و«حزب الله» في نهاية 2024 يظهران أن ترسيم الحدود البريّة «في متناول اليد»، لأن الاختلافات بين الطرفين «ضئيلة للغاية»، كاشفاً أنه «جرى إحراز تقدم كبير» في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود، وهناك «حلول خلاقة» مثبتة بـ«سجلات وبروتوكولات» تتيح الاتفاق، إذا وُجِدت «الإرادة السياسية».
ونبَّه هوكستين إلى أن «(حزب الله) ليس سوى ذراع لإيران»، التي «تحاول فرض إرادتها السياسية على لبنان». وأقر بأن «هناك ما يدعو للقلق» بشأن سوريا، اليوم، معتبراً أن اجتماع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، «كان تطوراً إيجابياً» يمكن أن يفيد لبنان.
وشرح هوكستين، في الحوار الحصري مع «الشرق الأوسط»، أن اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل كان «فريداً، لأننا عملنا عليه لأكثر من 10 سنين. حاول مبعوثون متعددون (4 أو 5 على ما أعتقد) التوصل إلى اتفاق، لكنهم جميعاً فشلوا. وكنت أحدهم. عملت عليه عامي 2014 و2015، ولم أنجح فيه بنفسي»، معتبراً أن «الفشل قبل سنوات هو ما مكَّنني من النجاح عام 2022». وأضاف أنه أدرك أن «مجرد جهد دبلوماسي من أجل خط ترسيم لن ينجح. كان لا بد من اتفاق أكثر تعقيداً وشمولاً»، بسبب «خطر لم يدركه كثيرون، هو أننا لو لم نتوصل إلى اتفاق، لربما انتهى بنا المطاف في صراع؛ صراع ساخن أو حتى حرب على الموارد». ولكن جرى التوصل إلى «ما وصفه نائب رئيس مجلس النواب، إلياس أبو صعب، بأنه (حل رابح للجميع. حصل لبنان على ما يحتاج إليه بشدة. وحصلت إسرائيل على ما تحتاج إليه بشدة)».
ورأى أن الاتفاق البحري يوضح حقيقة إمكان التوصل إلى اتفاق لبناني - إسرائيلي على الحدود البريّة، متمنياً «لو كان لدي وقت أطول في العمل»، لأنه «في اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان، أدرجنا بنداً ينص على بدء محادثات بشأن الحدود البرية، بهدف التوصل إلى اتفاق سريع» لا يزال «في متناول اليد»؛ إذ إن «هناك حلولاً للخلافات بين الطرفين. سيتعين عليهما إجراء بعض التعديلات والتنازلات، والأهم من ذلك، أن يكونا مستعدين للإبداع. الأمر ممكن... ممكن جداً. الاختلافات في هذه المرحلة ضئيلة للغاية، وليست ذات أهمية كبيرة».
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفقة السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون ورئيس لجنة وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز (أرشيفية - إ.ب.أ)
نجا من الحرب
هوكستين الذي عمل على ملف لبنان في أكثر من إدارة أميركية، بالإضافة إلى تواصله مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، وغيره من المسؤولين اللبنانيين الكبار، وبينهم شخصيات معارضة، لفت إلى أن التراسل مع «حزب الله» وأمينه العام، حسن نصر الله، كان «أكثر تعقيداً» لأنه «لم يكن لدي محاور واحد فقط مع (حزب الله). كما تعلم، كان الناس يسألون دائماً: هل تقومون بدبلوماسية مكوكية بين إسرائيل ولبنان؟ وكنت أجيب: حسناً، الخطوة الأولى هي القيام بدبلوماسية مكوكية بين لبنان ولبنان. ثم أذهب إلى إسرائيل وأجري دبلوماسية مكوكية بين مختلف الأطراف هناك أيضاً».
ونبه إلى أن «الواقع عام 2022 مختلف تماماً عن اليوم. عامذاك، كان لـ(حزب الله) سيطرة على النظام السياسي في لبنان بطريقة لم يعد يمتلكها، ولله الحمد، وهذا ما جعل الأمور صعبة».
وكشف أنه كان يسأل المسؤولين اللبنانيين: «هل تريدون صراعاً أم ازدهاراً؟ هل تريدون صراعاً أم استقراراً؟ هل تريدون صراعاً أم فرصة لتجديد بلدكم؟ في كل مرة تطرح فيها هذا السؤال على الناس، يختارون الأمل والمستقبل والاستقرار والازدهار على الصراع». ولاحظ أن اتفاق الحدود البحرية «نجا من الحرب. لم يكن هناك قتال تقريباً في البحر، ولم تُطلق أي صواريخ تقريباً في عرض البحر. أعتقد أن هذا يمكن أن يكون نموذجاً لحل مشكلة الحدود البرية».
لا بنود سريّة
ورداً على سؤال عن التسريبات لبعض الوثائق السرية، قال هوكستين: «أتذكر وجود عدة نسخ من الاتفاق والعديد من الوثائق المسربة، بعضها لم أطلع عليه من قبل في الواقع (...) ربما كانت من صنع الذكاء الاصطناعي، من يدري؟ في بعض الأحيان، كانت تُسرَّب أوراق نقاش قديمة من أشهر مضت، وثائق قرر أحدهم تسريبها في النهاية. في نهاية المطاف، لا أعتقد أن هناك أي شيء في الاتفاقات مع أي من الطرفين لم يُناقَش علناً. فالجمهور يعلم كل ما يهمه. على حد علمي، لا توجد صفقات خفية أو بنود سرية».
جنود من الجيش اللبناني فوق دباباتهم المتوقفة على طول طريق في بلدة الناقورة الساحلية بجنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - أ.ف.ب)
وشدَّد على أن «التفاهم الذي جرى التوصل إليه في وقف النار يتطلب انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وأن تتولى القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية السيطرة العملياتية الكاملة على منطقة جنوب الليطاني، وصولاً إلى الحدود. كما يتطلب من (حزب الله) نزع سلاحه والانسحاب من تلك المنطقة (...). مطلوب منهم الانسحاب إلى شمال منطقة الليطاني - وليس فقط خط الليطاني، بل منطقة الليطاني الأوسع، وهو أمر مختلف بعض الشيء».
وبصرف النظر عن تفاصيل الانتهاكات الحالية، رأى هوكستين أن «وقف النار سينجح إذا تحقق الأمران»، موضحاً أنه «لهذا السبب أنشئت آلية للجيش الأميركي ليكون له وجود كبير، للمساعدة في دعم القوات المسلحة اللبنانية بالانتشار والتدريب والمعدات والبنية التحتية، حتى تتمكن من ترسيخ مواقعها في المنطقة والحفاظ عليها».
أين الحدود؟
وفي ظل النقاشات العلنية لبنانياً حيال ضرورة التمسك بخط الهدنة لعام 1949 مع إسرائيل، قال هوكستين إن «الخط الأزرق هو الحاكم حالياً، لكنه ليس حدوداً»، كاشفاً أنه «جرى إحراز تقدُّم كبير» في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، معترفاً في الوقت ذاته بوجود «بعض القضايا الصعبة». لكن «الحلول الخلاقة التي طرحناها موجودة، والحل ممكن، إذا رغب الطرفان في ذلك. أعتقد أنني وضعتهما في مكان يسمح لهما بالوصول إليه». أضاف: «لا أريد الخوض في جدال علني مع أي شخص. ما سأقوله هو أنّ الذي يحتاج إلى المعرفة يدرك تماماً التقدّم المحرَز في المناقشات. هناك سجلات وبروتوكولات لتلك المحادثات. يمكننا التوصل إلى اتفاق، ولكن يجب أن تكون هناك إرادة سياسية».
المبعوث الأميركي آموس هوكستين يتحدث للصحافيين في السراي الحكومي ببيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
ورأى أن «جزءاً من التحدي يكمن في تعاملنا مع إرث الاتفاقات الفرنسية والبريطانية القديمة؛ قرارات اتخذها أشخاص لم يكونوا موجودين في المنطقة قط، واعتبروها مجرد تمرين أكاديمي على خريطة، مع جبال وأنهار، لم يعد كثير منها موجوداً أو تغير بمرور الوقت. أضف إلى ذلك 5 أو 6 حروب، وتغيرات سكانية، ونمو مدن وقرى، وتغير موارد مائية، لتصبح الصورة أكثر تعقيداً. نعم، هناك خط الهدنة لعام 1949، والخط الأزرق، والخط البنفسجي، والخط الأخضر، وخط عام 1923. وربما خط من عام 1725 بين راعيَيْن في المنطقة!».
وأشار إلى أن «المفتاح ليس التمسُّك بالخطوط التاريخية، بل السؤال: ما الواقع الآن؟ لقد قبل كلا الجانبين الخط الأزرق بوصفه خط عمل حالياً، ولكنه ليس حدوداً معترفاً بها».
فرصة للبنان
ولم يشأ هوكستين الخوض في نهج إدارة الرئيس ترمب تجاه لبنان، لكنه أشار إلى أن لبنان لديه الآن رئيس ورئيس وزراء وحكومة، ومن المقرر إجراء انتخابات نيابية خلال عام تقريباً، ليقول إن «لبنان يمر بأكثر لحظاته تفاؤلاً منذ أوائل سبعينات القرن الماضي. رحل المحتلون، إلى حد كبير. هناك حكومة جديدة والتزام حقيقي بالإصلاح». وأضاف: «هذه لحظة تغيير إقليمي كبير، انظر إلى سوريا، على سبيل المثال لدى لبنان الآن فرصة لإعادة صياغة مستقبله. لكن لا يمكن تحقيق ذلك من خلال تعديلات تدريجية، مثل: (سنكون أفضل قليلاً من العام الماضي). لا، يجب أن يكون التغيير جذرياً».
وأكد أن «هناك إمكانات هائلة في لبنان. إذا استطاع البلد استعادة الفرص الاقتصادية وفرص العمل من خلال إصلاحات اقتصادية وقانونية جادة، فقد يكون المستقبل مشرقاً للغاية». وزاد أن «(حزب الله) لم يعد قادراً على الهيمنة على السياسة كما كان في السابق. ولنكن واضحين: (حزب الله) ليس سوى ذراع لإيران، دولة أجنبية تحاول فرض إرادتها السياسية على لبنان»، مؤكداً أنه «لا ينبغي لإسرائيل ولا لسوريا ولا لأي جهة أخرى أن تفرض إرادتها العسكرية. هذه لحظة لبنان لاتخاذ قراراته بنفسه. والسؤال الحقيقي: ما الذي يريد لبنان فعله لضمان ألا يشعر شبابه بالحاجة إلى المغادرة بحثاً عن فرص؟ بدلاً من ذلك، ينبغي أن يتمكنوا من البحث عن هذه الفرص نفسها وإيجادها داخل لبنان والمساعدة في إعادة بنائه». ورأى أن «مستوى الأمل والحماس والفرصة التي أراها الآن في لبنان لم أشهدها في الأعوام الـ30 الماضية. ربما كانت هناك لحظة وجيزة في التسعينات، بعد (اتفاق الطائف)، أثناء إعادة إعمار بيروت، مع رفيق الحريري وآخرين. لكن هذا يبدو مختلفاً. الأمر حقاً في أيدي الشعب اللبناني، وليس إدارة ترمب، ولا إدارة بايدن، ولا أي قوة أجنبية».
عمل أورتاغوس
وإذا كان له أن يوصي نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، بأمر ما في هذه المرحلة، قال هوكستين: «أحتفظ سراً بتوصياتي لأي مسؤول سابق في إدارة ترمب، وتحديداً مع مورغان أورتاغوس». وإذ أشار إلى «علاقة جيدة لفترة طويلة، قبل وقت طويل من تولّي أيّ منا هذين المنصبين»، أفاد بأنه «سيواصل تقديم المشورة لها، إذا طلبت نصيحتي. التزامي تجاه لبنان يتجاوز أي إدارة: بايدن، ترمب، أو غيرهما. هذه فرصة سانحة للبنان، ولذلك سأواصل تقديم نصائحي وتوجيهاتي عند الحاجة».
نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس (أ.ف.ب)
وإذ أقر بأن «هناك ما يدعو إلى القلق في شأن سوريا اليوم»، رأى أن «هناك أيضاً فرصة»، معتبراً أن لقاء ترمب والشرع «كان تطوراً إيجابياً. هناك فرصة سانحة». وقال: «الشرع يقول كل ما هو صائب. ما دامت أفعاله تُطابق أقواله، فهو يستحق الدعم». وزاد أن ذلك «يشمل تأمين الحدود بين سوريا ولبنان، والتأكد من عدم عبور الأسلحة أو المقاتلين أو الإرهابيين. ويجب أن يكون للاجئين السوريين أيضاً طريق للعودة إلى وطنهم. يجب أن يتمكنوا من العودة إلى سوريا، مما يُخفف الضغوط الاقتصادية والسياسية على لبنان والدول المجاورة. لذا، نعم، هناك مخاوف. لكنني أعتقد أنه يجب علينا التركيز على هذه المخاوف والعمل على بناء مستقبل أفضل».
لبنان يستحق النضال
وعن إمكان اعتماد لبنان على أصدقائه التقليديين، مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، قال هوكستين: «لبنان بحاجة إلى تغيير عقليته. كفّوا عن التطلع إلى دول أخرى لحل مشكلاتكم. كفّوا عن البحث عن رعاة. حلّوا مشكلاتكم بأنفسكم، وعندما تفعلون ذلك، فستجدون أن التزام الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج سيزداد قوة». بل إنه «كلما سنّت الحكومة اللبنانية إصلاحات جادة، ليس فقط اقتصادية، بل قانونية أيضاً، زاد الدعم الذي ترونه. وكلما سعت جاهدة لاجتثاث الفساد واستعادة الثقة بالمؤسسات العامة، زاد استعداد المستثمرين والحلفاء للتدخل. لبنان لا يحتاج إلى صدقات، بل إلى استثمار». واستطرد أن «الاستثمار يأتي عندما يرى الناس سيادة قانون راسخة وفساداً متراجعاً. لأن هناك أمراً واحداً يتفق عليه الجميع: لبنان يمتلك رأسمال بشرياً عالميّ المستوى. الناس يدركون ذلك، لأن اللبنانيين يديرون الأمور في كل أنحاء العالم. إذا حلّ لبنان مشكلاته في الحوكمة - إذا بنى نظاماً قانونياً موثوقاً، وعزز المؤسسات، وحارب الفساد - فسيأتي الاستثمار، وسيتبعه الدعم، وستعود السياحة. يمكن للبنان أن يستعيد مكانته كدولة نابضة بالحياة، ليبرالية، وتقدمية، منفتحة على الجميع. ولا يزال البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يمكن فيه لجميع أتباع الديانات العيش بكامل الحقوق المتساوية. وهذا أمر فريد، ويستحق النضال من أجله».