لبنان يحتاج مليار دولار للبنى التحتية وإزالة الأنقاض بعد الحرب الإسرائيلية

الخسائر الإجمالية تتجاوز 10 مليارات

مشهد يوثق الدمار الناتج عن التفجيرات الإسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
مشهد يوثق الدمار الناتج عن التفجيرات الإسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان يحتاج مليار دولار للبنى التحتية وإزالة الأنقاض بعد الحرب الإسرائيلية

مشهد يوثق الدمار الناتج عن التفجيرات الإسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
مشهد يوثق الدمار الناتج عن التفجيرات الإسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

بدأ لبنان العمل الجدي على إعداد الخطط لإعادة إعمار المناطق المدمرة نتيجة الحرب الإسرائيلية، إلا إن الإشكالية الأساسية تبقى عدم توفر الأموال اللازمة بعد، وربط وصولها بتنفيذ القرارات الدولية المرتبطة بالوضع في الجنوب كما بالإصلاحات المالية والاقتصادية.

وترأس رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام، الخميس اجتماعاً خُصص للاطلاع على مشروع تقرير مسح الأضرار الناجمة عن الحرب الإسرائيلية، والخطة الأولية لتمويل مشروعات إعادة الإعمار، الذي شارك فيه وفد من «البنك الدولي» برئاسة المدير الإقليمي، جان كريستوف كاريه، وعدد من الوزراء. وقال وزير المال، ياسين جابر، بعد الاجتماع: «البنك الدولي أعد دراسة أولية لمشروع إعادة الإعمار، تتركز بشكل أساسي على البنى التحتية وإزالة الركام الموجود اليوم، خصوصاً في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع»، لافتاً إلى أن التكلفة تبلغ «نحو مليار دولار، والبنك الدولي سيقدم أولاً 250 مليون دولار، ولكن بمجرد إقرار هذا المبلغ من البنك فمن المؤكد أنه ستكون هناك مساهمات من دول أخرى، من أجل السير قدماً في المشروع».

وكان سلام أشار في وقت سابق إلى أن تقديرات البنك الدولي لخسائر لبنان نتيجة الحرب كانت قبل مدة بين 8 و9 مليارات دولار، لكنها ارتفعت إلى ما بين 10 مليارات و11 ملياراً.

51 ألف وحدة مدمرة تماماً

ويشير الباحث في شركة «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، إلى أن «عدد الوحدات السكنية المتضررة بشكل بسيط أو متوسط يبلغ 317 ألفاً، فيما يبلغ عدد تلك المتضررة بالكامل 51 ألفاً؛ بينها 9 آلاف في الضاحية الجنوبية، و1500 وحدة في البقاع، و22 ألفاً في منطقة الشريط الحدودي».

وعن تكلفة الأضرار جراء الحرب، يلفت شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «ما بين 8 و10 مليارات دولار، وهذه التكلفة لا تشمل أضرار المؤسسات الصناعية والتجارية»، مضيفاً: «أما تكلفة أضرار البنى التحتية فتقدر بـ700 مليون دولار، وتكلفة رفع الأنقاض في حدود 35 مليون دولار».

ويوضح شمس الدين: «إننا لا نزال في مرحلة رفع الأنقاض، بحيث يتولى مجلس الجنوب رفع الأنقاض في الجنوب، واتحاد بلديات الضاحية رفع الأنقاض في الضاحية الجنوبية، والهيئة العليا للإغاثة في البقاع وباقي المناطق»، مشيراً إلى أنه «جرى تأمين أموال للترميم، وقد دفع (حزب الله) بدل إيواء لمدة سنة للعائلات التي دُمرت منازلها الأساسية، وبالتالي بعد انتهاء هذه المهلة، سنكون أمام أزمة حقيقية إذا لم تبدأ إعادة الإعمار خلال الأسابيع المقبلة». وأضاف: «كما أن هناك 100 ألف شخص هُجّروا من القرى الحدودية ولم يعودوا إلى منازلهم».

صندوق لإعادة الإعمار

من جهته، يعدّ الباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور محمود جباعي أن «الرؤية أصبحت أقرب إلى الواقع في موضوع الأرقام، على الرغم من أنه لم تحدث بعد عملية مسح كامل وشامل لتحديد حجم الدمار والخسائر»، مرجحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تتراوح تكلفة الإعمار «بين 10.5 و11 مليار دولار»، مقدراً «الخسارة في الناتج المحلي بما بين 3 و3.5 مليار دولار. هذه الخسارة يمكن تعويضها مع عودة حركة النشاط الاقتصادي». ويضيف جباعي: «كما أن هناك مؤسسات وشركات أفلست وأقفلت، وهذه خسارة تتراوح بين مليار ونصف وملياري دولار».

وعن حجم الدمار، يقول جباعي: «أشد المناطق تعرضاً للدمار هي نحو 40 بلدة عند الحافة الأمامية، أما حجم الدمار فيتساوى تقريباً في الضاحية الجنوبية، وصور، والنبطية، ومناطق البقاع».

ويرى جباعي ألا فدرة «لا لجهة أو لدولة واحدة على القيام وحدها بإعادة الإعمار»، عادّاً أن ذلك «يتطلب إنشاء صندوق لإعادة الإعمار من خارج الموازنة، وهذا ما أشارت إليه الحكومة الحالية في بيانها الوزاري. هذا الصندوق قوامه الدعم الخارجي، لكن ضخ الأموال فيه بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية وسياسية، أي إن لبنان يفترض أن يستكمل تطبيق القرار (1701) بكل مندرجاته لإعطاء ثقة للمجتمعين العربي والدولي مع انطلاق عملية إعادة الإعمار، كما يفترض إنشاء لجنة مشتركة بين الدول المانحة والدولة اللبنانية للتأكد من الشفافية المطلقة في طريقة صرف الأموال».

ويقر جباعي بأن «عملية إعادة الإعمار لن تكون سهلة؛ لأن المبلغ المطلوب كبير، كما أن هناك في المنطقة بلدين آخرين مدمرين؛ هما: سوريا حيث تصل تكلفة الإعمار فيها إلى مئات مليارات الدولارات، وغزة حيث تفوق التكلفة 55 ملياراً».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء اللبناني: الحكومة بدأت العمل على خطة لإعادة الإعمار

المشرق العربي جانب من استقبال رئيس الحكومة اللبنانية وفد نقابة الصحافة (رئاسة الحكومة)

رئيس الوزراء اللبناني: الحكومة بدأت العمل على خطة لإعادة الإعمار

أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام أن «الاعتداء على الضاحية الجنوبية، والاعتداءات الإسرائيلية الأخرى، تشكّل خرقاً لترتيبات وقف الأعمال العدائية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري ترمب في البيت الأبيض عشية عيد الفصح - 16 أبريل (رويترز) play-circle

تحليل إخباري ترمب والشرق الأوسط في 100 يوم: «ريفييرا غزة» وعام حاسم مع إيران

ظهرت بصمات الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال الأيام الـ100 الأولى لعهده الثاني على ملفات عدة في المنطقة، وفقاً لأربعة خبراء أميركيين حاورتهم «الشرق الأوسط».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي النيران تتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 27 أبريل 2025 (أ.ب)

«حزب الله» يقول إن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية «اعتداء سياسي»

عدَّ الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، الاثنين، أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الأحد هي عبارة عن «اعتداء سياسي» ومن دون «مبرر».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيدة تزيل الركام في أحد المنازل المتضررة نتيجة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية يوم الأحد (رويترز) play-circle

النزوح والخوف ينخران الضاحية الجنوبية لبيروت... مجدداً

ذعر وارتباك وفوضى تعمّ المكان وزحمة سير خانقة... هكذا كانت حال سكان منطقة الغارة على الضاحية بعد الإنذار المفاجئ الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي بعد ظهر الأحد.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: العودة إلى لغة الحرب ممنوعة

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قرارٌ اتُّخذ، ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«تسجيل مفبرك» يطلق توترات طائفية في سوريا


انتشار قوات أمن سورية في دمشق أمس عقب اشتباكات طائفية خلّفت عدداً من القتلى (أ.ف.ب)
انتشار قوات أمن سورية في دمشق أمس عقب اشتباكات طائفية خلّفت عدداً من القتلى (أ.ف.ب)
TT

«تسجيل مفبرك» يطلق توترات طائفية في سوريا


انتشار قوات أمن سورية في دمشق أمس عقب اشتباكات طائفية خلّفت عدداً من القتلى (أ.ف.ب)
انتشار قوات أمن سورية في دمشق أمس عقب اشتباكات طائفية خلّفت عدداً من القتلى (أ.ف.ب)

تسبّب تسجيل صوتي مفبرك، منسوب لأحد مشايخ الدروز في سوريا، وتضمّن إساءات للإسلام، بمقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً في اشتباكات بين مسلحين من جرمانا بريف دمشق الجنوبي وأهالي بلدة مجاورة.

وشهد التحريض الطائفي في سوريا تصاعداً خطيراً خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، أدّى إلى اشتعال اشتباكات بمحيط جرمانا، استُخدمت فيها قذائف «الهاون»، وامتدت إلى مناطق يتركز فيها أبناء الطائفة الدرزية. ورصدت «الشرق الأوسط» الوضع في جرمانا، ولاحظت عودة الهدوء إلى محيطها أمس.

وقال المسؤول الإعلامي في وزارة الداخلية إن من بين القتلى اثنين من عناصر جهاز الأمن العام السوري. وشدّدت وزارة الداخلية، في بيان، على أهمية «الالتزام بالنظام العام، وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية». وقالت إنها باشرت تحقيقات مكثفة، تتعلق بالتسجيل الصوتي، وتبين من خلال التحريات الأولية أن الشخص الذي وُجه إليه الاتهام لم تثبت نسبة الصوت إليه»، وأن العمل جارٍ لتحديد «هوية صاحب الصوت ليقدَّم إلى العدالة».

وأفاد بيان صادر عن أهالي جرمانا بأن تحريضاً طائفياً «سبق هذه الجريمة»، محذراً من «الانجرار خلف دعوات الفتنة التي لا تخدم إلا أعداء سوريا ووحدتها».