«إعادة العقارات» تثير صراعاً بين الأكراد والعرب في كركوك

السوداني أمر بتشكيل لجنة تحقيقية لحل الأزمة

صور نشرها ناشطون أكراد لمحاولة جنود إنزال مزارع من جراره الزراعي في ضواحي كركوك
صور نشرها ناشطون أكراد لمحاولة جنود إنزال مزارع من جراره الزراعي في ضواحي كركوك
TT

«إعادة العقارات» تثير صراعاً بين الأكراد والعرب في كركوك

صور نشرها ناشطون أكراد لمحاولة جنود إنزال مزارع من جراره الزراعي في ضواحي كركوك
صور نشرها ناشطون أكراد لمحاولة جنود إنزال مزارع من جراره الزراعي في ضواحي كركوك

أثار تشريع قانون «إعادة العقارات» التي صادرها نظام صدام حسين من المواطنين الأكراد، والذي أقره البرلمان الاتحادي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الحساسيات القديمة - الجديدة بين المكونين الكردي والعربي في محافظة كركوك.

وغالباً ما تفجرت الحساسيات بين الجانبين خلال العقدين الماضيين لأسباب مختلفة، سياسية واقتصادية وحزبية، لكنها هذه المرة ارتبطت بقضية الأراضي الزراعية التي أقر قانون العقارات إعادتها للمواطنين الأكراد وبعض التركمان، بعد أن صادرها منهم نظام الرئيس الراحل صدام حسين خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، ومنحها للمواطنين العرب، ومعظمهم ينتمون إلى عشائر شمر والعبيد، وهي «سياسة تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي» بحسب مصادر كردية.

وتؤكد المصادر أن حجم الأراضي المستعادة وفق القانون الجديد يقدر بنحو 350 ألف كيلومتر مربع في محافظة كركوك وحدها، فضلاً عن أراضٍ أخرى أقل حجماً في محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى.

وأثيرت الأزمة الجديدة بعدما حاول فلاحون أكراد من منطقتي شناغة وسركران استعادة أراضيهم والبدء بزراعتها بعد إقرار قانون العقارات وسريان مفعوله، الأمر الذي دفع قوات الجيش إلى منعهم؛ ما أدى إلى حدوث بعض الاحتكاكات بين الطرفين دون وقوع إصابات.

وأظهر «فيديو» مصور عناصر الجيش وهم يقومون بسحب أحد الفلاحين الذي كان يقود جراراً زراعياً، ورفض الاستجابة لطلب عناصر الجيش بالنزول منه.

بغداد تتدخل

واستجابة لحالة التوتر بين الجيش وأصحاب الأراضي من المواطنين الأكراد، والخشية من تطورها، خصوصاً في ظل الحديث عن رغبة الأكراد بالتظاهر لتنفيذ بنود القانون واستعادة أراضيهم، أمر رئيس الوزراء العراقي، الاثنين، بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ظروف التوتر بين الجيش والمواطنين.

وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان، الثلاثاء، إن «القائد العام للقوات المسلحة وجه قيادة العمليات المشتركة بتشكيل لجنة تحقيقية عالية ممثلة من كل الأطراف للتحقيق في ملابسات الحادث الذي حصل في أطراف كركوك على إثر منع مزارعين من ممارسة أعمالهم».

وأضافت أن «القائد العام أوعز بإرسال وكيل وزير العدل إلى محافظة كركوك لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن أراضي الاهتمام المشتركة بين المناطق الاتحادية وإقليم كردستان».

وأهاب البيان بالقوات الأمنية من الجيش والداخلية والبيشمركة والحشد والوكالات الأمنية والاستخبارية «الالتزام بالقوانين والتوجيهات، وضبط النفس العالي والتصرف بحكمة».

وفي وقت لاحق، أكد محافظ كركوك ريبوار طه مصطفى وصول لجنة رئيس الوزراء إلى كركوك. وقال لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن «اللجنة عقدت اجتماعاً موسعاً حضره نائب قائد العمليات اللواء عبد الرزاق النعيمي ومدير عام الأراضي وقائد الفرقة الثامنة ورؤساء الوحدات الإدارية ومدير زراعة كركوك وعقارات الدولة وديوان الرقابة المالية».

وأضاف أنها «تدرس وضع حلول لمشكلة الأراضي في كركوك على ضوء إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، والعمل لحل المشكلات، وإدارة المحافظة ستعمل بكل جهد مع اللجنة لإيجاد الحلول المناسبة للجميع».

غضب كردي

أدت عملية منع المواطنين الأكراد من قبل قوات الجيش إلى غضب واسع داخل إقليم كردستان، اشتركت فيه معظم القوى السياسية الكردية، بما فيها تلك المتنافسة والمتخاصمة في محافظة كركوك.

وأصدر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني بياناً غاضباً، يوم الاثنين، وصف فيه عملية منع المزارعين الأكراد من العودة إلى أراضيهم بالممارسات «الشوفينية».

وقال برزاني في بيانه: إن «مشاهد إيذاء فلاح كردي والممارسات المجحفة بمنع المزارعين الأكراد من العودة إلى أراضيهم تعيد إلى الأذهان صور القصف الكيميائي والإبادة الجماعية التي تعرض لها أبناء شعبنا خلال القرن الماضي».

وأضاف أن «هذه التصرفات تمثل سلوكاً شوفينياً وانعدام الضمير، وهي جرائم تُرتكب بحق الفلاحين الأكراد الأبرياء في محافظة كركوك، الذين ليس لهم أي ذنب سوى أنهم أكراد وأصحاب الأرض الأصليون».

وأصدرت كتلة «الاتحاد الوطني» الكردستاني في برلمان إقليم كردستان بياناً أعلنت فيه دعمها «الصريح والواضح» للفلاحين وأصحاب الأراضي.

وقالت الكتلة: إن «لدى الفلاحين الأصليين في المنطقة تجربة مريرة مع تدخلات الجيش، وبدلاً من الأمن والاستقرار، أصبح الجيش مصدراً لقمعهم وتهجيرهم».

وشددت الكتلة على «ضرورة الإسراع في إبعاد الجيش وجميع القوات المسلحة غير المرتبطة بقوات الداخلية من كركوك ومناطق المادة 140». ورأت أن «استخدام الجيش وهذا السلوك تجاه الفلاحين الأصليين في المنطقة خطوة خطيرة، واستمرار هذه الانتهاكات يهدد مستقبل التعايش السلمي».

وزار وفد من الكتل الكردستانية في البرلمان الاتحادي، يوم الثلاثاء، قرية شناغة في محافظة كركوك، وأعرب عن إدانته لـ«اعتداء» مجموعة من أفراد الجيش العراقي على المزارعين الأكراد، ومنعهم من العمل في أراضيهم.


مقالات ذات صلة

هل تدفع التحولات الإقليمية شيعة العراق إلى إحياء فكرة الأقاليم؟

تحليل إخباري مسؤولون وقادة أحزاب عراقية خلال حفل (أرشيفية - إكس)

هل تدفع التحولات الإقليمية شيعة العراق إلى إحياء فكرة الأقاليم؟

حتى قبل بضعة أشهر ماضية كان الحديث عن قصة الأقاليم غير وارد في فضاء الأحزاب والفصائل الشيعية

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام العراق بحماية مستشاري التحالف الدولي الذين يوجدون على أراضيه.

تنسيق بين بغداد وواشنطن لمواجهة التطورات «المقلقة» في المنطقة

أجرى وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيت، مباحثات هاتفية مطولة، ليل الأحد، مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.

حمزة مصطفى (بغداد)
الخليج رصد 7 ملايين قرص مخدر مخبأة في شحنة ألعاب وطاولات كي (واس)

تنسيق سعودي ـــ عراقي يحبط شحنة مخدرات

أعلن المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، العقيد طلال بن عبد المحسن بن شلهوب، أمس، أنه بناءً على معلومات قدمتها وزارة الداخلية السعودية ممثلة في المديرية.

فاضل النشمي (بغداد ) «الشرق الأوسط» (الرياض )
المشرق العربي أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب الـ«أمفيتامين» المعروفة باسم «الكبتاغون» في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب)

القبض على مجموعة تهرب الأسلحة المتنوعة و100 ألف حبة كبتاغون بدير الزور

تمكنت إدارة الأمن العام وفرع مكافحة المخدرات بمحافظة دير الزور السورية من إلقاء القبض على مجموعة متورطة في تهريب الأسلحة والكبتاغون.

«الشرق الأوسط» (دمشق-لندن)
المشرق العربي نصب الشهداء في حلبجة

الرئيس العراقي يطلب الإسراع بتحويل حلبجة إلى المحافظة الـ19

طلب رئيس الجمهورية العراقية، عبد اللطيف رشيد، الأحد، من الجهات المعنية الإسراع بتحويل مدينة حلبجة في إقليم كردستان إلى المحافظة رقم 19 في البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

إسرائيل تشن سلسلة غارات على شرق لبنان وجنوبه

تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على لبنان كما شوهد من حدود إسرائيل مع لبنان في 5 مايو 2024 (رويترز - أرشيفية)
تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على لبنان كما شوهد من حدود إسرائيل مع لبنان في 5 مايو 2024 (رويترز - أرشيفية)
TT

إسرائيل تشن سلسلة غارات على شرق لبنان وجنوبه

تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على لبنان كما شوهد من حدود إسرائيل مع لبنان في 5 مايو 2024 (رويترز - أرشيفية)
تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على لبنان كما شوهد من حدود إسرائيل مع لبنان في 5 مايو 2024 (رويترز - أرشيفية)

أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، الاثنين، بأن سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت حمى لبايا في البقاع الغربي (شرق لبنان)، وتوزعت على 4 غارات من مسيرات حربية، وخامسة نفذتها طائرة حربية معادية من نوع «إف-16» من دون الإبلاغ عن إصابات.

ثم ذكرت الوكالة أن غارة معادية استهدفت مجرى نهر الليطاني - خراج دير ميماس في قضاء مرجعيون بجنوب لبنان.

وأفادت كذلك بتنفيذ الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة الساعة السابعة والربع من مساء اليوم غارة معادية استهدفت محيط قلعة الشقيف لجهة يحمر الشقيف في قضاء النبطية بجنوب لبنان.

ونقلت الوكالة أن غارات معادية استهدفت وادي زلايا وتلال الجبور في البقاع الغربي.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه شن غارات على مواقع عسكرية لجماعة «حزب الله» تم رصد داخلها «مخربين ووسائل قتالية تابعة له».

يأتي ذلك بعد ساعات من استهداف مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية كان على متنها شخصان في بلدة يحمر في جنوب لبنان، ما أدى إلى اندلاع النيران في حافلة صودف مرورها في المكان، إضافة إلى متجر مجاور، بحسب الوكالة.

وأعن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية في بيان، أن «حصيلة غارة العدو الإسرائيلي على بلدة يحمر ارتفعت إلى شهيدين بعد استشهاد جريح متأثراً بإصاباته البالغة، كما جُرح مواطنان آخران.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد نشر بياناً على موقع «إكس» قال فيه إن الجيش الإسرائيلي هاجم «إرهابيَيْن من (حزب الله) الإرهابي عملا عُنْصُرَيْ استطلاع، ووجّها عمليات إرهابية، في منطقة يحمر بجنوب لبنان».

وكثفت إسرائيل ضرباتها على جنوب لبنان في الأيام الأخيرة. وقُتل 4 أشخاص، الأحد، في غارات إسرائيلية على بلدات ميس الجبل وياطر وعيناثا، بحسب مصادر لبنانية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه قضى، الأحد، على عنصرين من «حزب الله» ذكر أنهما «كانا يهمّان في أعمال استطلاع وتوجيه عمليات إرهابية في منطقتي ياطر وميس الجبل».

وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش استهدف عيناثا بعدما أصابت «رصاصة طائشة من جنازة أحد عناصر (حزب الله)» الزجاج الأمامي لمركبة في بلدة أفيفيم شمال إسرائيل.

وأضاف كاتس: «لن نسمح بإطلاق النار من الأراضي اللبنانية باتجاه البلدات الشمالية، وسنرد بقوة على أي خرق لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أن طلقاً نارياً «أصاب مركبة متوقفة في منطقة أفيفيم» الحدودية مع لبنان قال إن مصدره الأراضي اللبنانية.

ورغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) بوساطة أميركية، عقب مواجهة استمرت أكثر من عام، فإن إسرائيل لا تزال تشن غارات على مناطق عدة في جنوب لبنان وشرقه.

وتقول الدولة العبرية إنها تستهدف عناصر ومنشآت للحزب، وإنها لن تسمح له بإعادة بناء قدراته بعد الحرب. ورغم انتهاء مهلة لسحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في 18 فبراير (شباط)، فإنها أبقت على وجودها في 5 نقاط استراتيجية في جنوب لبنان على امتداد الحدود؛ ما يتيح لها الإشراف على بلدات حدودية لبنانية والمناطق المقابلة في الجانب الإسرائيلي للتأكد «من عدم وجود تهديد فوري».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) أثناء قيامها بدورية على طول طريق في قرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأعلنت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، الأسبوع الماضي، عن العمل دبلوماسياً مع لبنان وإسرائيل من خلال 3 مجموعات عمل لحل الملفات العالقة بين البلدين، بينها الانسحاب من النقاط الخمس.

ولا يزال أكثر من 92 ألفاً و800 شخص نازحين في لبنان، وفق الأمم المتحدة، لا سيما في ظلّ الدمار الكبير الذي ألحقته الحرب بأجزاء واسعة من مناطق في جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية.

وقدّر البنك الدولي، الأسبوع الماضي، تكلفة إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار. وقال إن «التكلفة الاقتصادية للصراع في لبنان تقدَّر بنحو 14 مليار دولار أميركي».