بغداد للبحث عن بدائل الطاقة بعد عقوبات ضد إيران

دعوة التحالف الحاكم لمناقشة «تداعيات خارجية وداخلية»

الحكومة العراقية تقول إنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني (رويترز)
الحكومة العراقية تقول إنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني (رويترز)
TT

بغداد للبحث عن بدائل الطاقة بعد عقوبات ضد إيران

الحكومة العراقية تقول إنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني (رويترز)
الحكومة العراقية تقول إنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني (رويترز)

دعا كل من رئيسي الحكومة والبرلمان في العراق الائتلاف الحاكم إلى اجتماع لمناقشة تداعيات خارجية وداخلية، على خلفية عقوبات أميركية على إيران، تطول العراق.

وفُهم من المذكرة التي وقَّعها الرئيس الأميركي، الأربعاء، وشملت عقوبات مشددة على النفط الإيراني وأنشطة اقتصادية مشبوهة في المنطقة، أن العراق لن يتمكن من استيراد الغاز من طهران، الذي كان ضرورياً لتشغيل محطات كهربائية في البلاد.

وقال كل من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، إنهما وجّها دعوة لائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم، والذي يضم قوى شيعية وكردية وسنية، لبحث تداعيات داخلية وخارجية، خلال اجتماع من المنتظر أن يعقد السبت المقبل.

البحث عن «بدائل»

ولم تشر الدعوة صراحة إلى أن العقوبات الأميركية ستكون ضمن أجندة الاجتماع، إلا أن مسؤولاً في الحكومة العراقية أكد أن بغداد تعمل على «تنويع مصادر الطاقة»، في إطار «أي متغيرات إقليمية ودولية».

وقال فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الحكومة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العراق يؤكد مجدداً التزامه بسيادته الوطنية واستقلال قراره السياسي والاقتصادي، وسيمضي قدماً في تحقيق مصالحه الاستراتيجية عبر التعاون مع جميع الشركاء الدوليين والإقليميين، بما يخدم استقرار العراق والمنطقة ككل».

وأضاف علاء الدين أن «العراق سيتعامل وفقاً لهذه السياسة مع التأكيد على أهمية حماية اقتصاده الوطني وضمان استمرار تلبية احتياجاته الأساسية، لا سيما في مجالي الطاقة والتبادل التجاري».

وتعليقاً على العقوبات الأميركية، أكد علاء الدين أن «الحكومة العراقية تعمل بشكل مستمر على تنويع مصادر الطاقة وتعزيز البنية التحتية للغاز والكهرباء، بما يحقق استقلالية تدريجية ويقلل من التأثيرات الناجمة عن أي متغيرات في البيئة الإقليمية والدولية».

وأوضح المستشار الحكومي أن «العراق سوف يواصل جهوده الدبلوماسية لإيجاد حلول بناءة تُسهم في تخفيف التوترات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، انطلاقاً من دوره الفاعل في ترسيخ أسس الحوار والتعاون بين جميع الأطراف».

وكان ترمب قد وجّه بـ«اتخاذ خطوات فورية، بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات الأخرى ذات الصلة، لضمان عدم استخدام إيران النظام المالي العراقي للتهرب من العقوبات أو التحايل عليها، وعدم استخدام دول في الخليج العربي نقطة شحن للتهرب من العقوبات».

وركزت عقوبات ترمب على «فرض أقصى قدر من الضغط على الحكومة الإيرانية، وحرمانها من كل السبل التي تؤدي إلى امتلاك سلاح نووي، والتصدي لنفوذها الخبيث»، كما ورد في المذكرة.

وتقضي العقوبات بضغط صادرات إيران من النفط إلى الصفر؛ «بما في ذلك صادرات الخام الإيراني إلى الصين، ومراجعة أي ترخيص عام أو أي إرشادات أخرى توفر لإيران أو أي من وكلائها أي درجة من الإغاثة الاقتصادية أو المالية؛ بغرض تعديلها أو إلغائها، وتعديل أو إلغاء الإعفاءات من العقوبات».

السوداني مستضيفاً اجتماعاً لتحالف «إدارة الدولة» في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

تداعيات العقوبات

ورأى إحسان الشمري، وهو أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة بغداد، أن «توقيع ترمب على المذكرة الرئاسية باستعادة الضغوط القصوى على إيران ينطوي على إشارات أولية إلى مقاربة ترمب تجاه العراق، خصوصاً أن هناك مصطلحات تم استخدامها في هذه المذكرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر حيال العراق».

وقال الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المذكرة تضمنت عبارات عن التدخل الإيراني في بعض دول المنطقة أو من خلال أذرعها، بالتالي فإن العراق معني أكثر من غيره في ضوء المتغيرات الراهنة»، ولفت الباحث العراقي إلى أن «الحديث عن (تحييد الشبكات الإرهابية) كما ورد في المذكرة يضع جميع الفصائل العراقية في دائرة الضوء الأميركي».

وإلى جانب ملف السلاح خارج الدولة، فإن الشمري يحذّر من تداعيات العقوبات الأميركية على طهران في قطاع الطاقة، ويضع السلطات في مأزق كبير نتيجة الفشل في تحسين منشآت الكهرباء خلال العقدين الماضيين، إلى جانب التأخر في ربط المنظومة الوطنية مع دول الخليج العربي».

وتوقع الشمري تداعيات أخرى تشمل القطاع المالي والمصارف إلى جانب ميليشيات متورطة تورطت بخطف أميركيين في العراق خلال السنوات الماضية.

ظريف في بغداد

بالتزامن مع العقوبات الأميركية، بدأ نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف زيارة إلى العراق، وبحث مع الرئيس العراقي العلاقات بين البلدين وفق بيان رئاسي، الخميس.

وقال الرئيس عبد اللطيف رشيد، إن «سياسة العراق الخارجية تستند إلى مصالح شعبنا ورؤيته للأمن والاستقرار في المنطقة»، لكنه أشار إلى «أهمية اعتماد الحوار البنّاء والمنتج في حل القضايا والأزمات التي تواجه دول المنطقة».

من جانبه، أكد نائب الرئيس الإيراني عمق العلاقات العراقية - الإيرانية، و«الأواصر الدينية والجغرافية والاجتماعية والتاريخية التي تربط الشعبين الجارين».

كما أكد ظريف «الدور المهم للبلدين في تثبيت دعائم السلام والاستقرار عربياً وإقليمياً»، مجدداً دعم بلاده للعراق في الدفاع عن أمنه وحماية سيادته واستقلاله.


مقالات ذات صلة

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

المشرق العربي جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، السفير دانيال روبنستاين، الأحد، «أهمية دور العراق المحوري بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عبد المهدي خلال كلمة له في مؤتمر اليمن (مواقع التواصل)

تحليل إخباري ما «مضمون» زيارة عادل عبد المهدي اليمن؟

ما زال الظهور الأخير لرئيس وزراء العراق الأسبق، عادل عبد المهدي، في اليمن رفقة بعض القيادات الحوثية يثير مزيداً من التكهنات والجدل بشأن طبيعة الزيارة وأهدافها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (إعلام البرلمان)

العراق: شعبية السوداني ودخول الصدر يربكان خطط القوى السياسية للانتخابات البرلمانية المقبلة

مع أن موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، في نسختها السادسة، لا يزال بعيداً نسبياً (نهاية السنة الحالية)، فإن الاستعدادات لها بدأت مبكراً...

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

حثّ مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، إقليم كردستان على الإسراع بتشكيل الحكومة واستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (رويترز)

وزير خارجية العراق: لسنا جزءاً من «محور المقاومة»

بعد يوم واحد من إعلان المرشد الإيراني علي خامنئي أن بلاده لا تملك وكلاء في المنطقة، أعلن وزير الخارجية العراقي أن بغداد ليست جزءاً مما يُعرف بـ«محور المقاومة».

حمزة مصطفى (بغداد)

730 قتيلاً منذ استئناف الضربات الإسرائيلية على غزة

فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لـ«حماس» الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لـ«حماس» الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
TT

730 قتيلاً منذ استئناف الضربات الإسرائيلية على غزة

فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لـ«حماس» الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لـ«حماس» الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الاثنين، أن 730 فلسطينياً قتلوا منذ استئناف الضربات الإسرائيلية فجر الثلاثاء الماضي على قطاع غزة، مؤكدة أن 61 قتيلاً نقلوا إلى المستشفيات خلال أربع وعشرين ساعة حتى صباح الاثنين.

وقالت الوزارة في بيان «ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 730 شهيدا، و1367 إصابة»، منذ فجر الثلاثاء في 18 مارس (آذار) الحال، مشيرة إلى أنه نقل إلى مستشفيات قطاع غزة «61 شهيداً منهم 4 انتشلوا من تحت الأنقاض، خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية».

وأكدت الوزارة أن عددا من الضحايا «لايزالون تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».
وتابعت الوزارة أن عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بلغ 50 ألفاً و82 قتيلاً، في حين بلغ عدد المصابين 113 ألفاً و408.

ونشرت الوزارة قائمة مفصلة بأسماء 15613 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال الحرب في قطاع غزة.

في سياق متصل، قالت ألمانيا، اليوم، إنها «قلقة للغاية» من معلومات تفيد بوقوع «كثير» من الضحايا المدنيين في قطاع غزة، منذ استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع الفلسطيني. وقال كريشتيان فاغنر، الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية: «الأمر مُقلق للغاية؛ لأن ذلك لا يسمح بالإفراج عن آخِر الرهائن في غزة، وقد تكون لهذا الوضع أيضاً تداعيات تجعل الوضع الإنساني كارثياً مجدداً في المخيمات»، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى السماح مجدداً بدخول المساعدات الإنسانية غزة.

وبعد هدنة هشّة استمرت شهرين، استأنفت إسرائيل، الثلاثاء الماضي، قصفها العنيف للقطاع، وباشرت، يوم الأربعاء، عمليات برية جديدة للضغط على حركة «حماس» لتفرج عن الرهائن المتبقّين.

وأعادت الغارات غير المسبوقة من حيث الكثافة والنطاق منذ سَريان الهدنة، إلى سكان القطاع ذكريات الأيام الأولى من الحرب التي ألحقت به دماراً هائلاً وأزمة إنسانية كارثية.

وأسهم اتفاق وقف إطلاق النار في تحقيق هدوء نسبي، والإفراج عن رهائن إسرائيليين ومعتقلين فلسطينيين، ودخول مساعدات إنسانية إضافية القطاع، وامتدّت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستة أسابيع، جرى خلالها الإفراج عن 33 رهينة؛ بينهم ثماني جثث، في مقابل أكثر من 1800 معتقل فلسطيني.

ولا يزال 58 رهينة، من أصل 251 خُطفوا خلال هجوم «حماس»، محتجَزين في غزة؛ بينهم 34 أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا.

وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص، على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.