تنامي جرائم القتل منذ مطلع العام يرعب اللبنانيين

تتنوع دوافعها بين السرقة والثأر

حاجز لقوى الأمن الداخلي في أحد شوارع بيروت ليلة رأس السنة (موقع قوى الأمن)
حاجز لقوى الأمن الداخلي في أحد شوارع بيروت ليلة رأس السنة (موقع قوى الأمن)
TT

تنامي جرائم القتل منذ مطلع العام يرعب اللبنانيين

حاجز لقوى الأمن الداخلي في أحد شوارع بيروت ليلة رأس السنة (موقع قوى الأمن)
حاجز لقوى الأمن الداخلي في أحد شوارع بيروت ليلة رأس السنة (موقع قوى الأمن)

يشهد لبنان ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الجرائم على أنواعها، لكنّ ظاهرة القتل بوضح النهار التي يذهب ضحيتها مدنيون أبرياء، بدأت تثير مخاوف الناس الذين يطالبون الدولة بحماية مواطنيها وفرض سلطة القانون على الجميع.

وشكّلت جريمة القتل المروّعة التي شهدتها منطقة فاريا في جبل لبنان، الأحد، الصورة الأكثر قساوة ورعباً عمّا بلغه حال المجتمع اللبناني، إذ أقدم الشاب ج. شمعون على دهس الفتى خليل خليل (17 عاماً) بسبب خلاف على أفضلية المرور. وأظهرت وقائع الجريمة أن القاتل طارد المغدور الذي كان يقود سيارته إلى أمام الفندق الذي يملكه والد الأخير، وعندما وصل وترجل المغدور من سيارته وحاول الاحتماء بأهله، سارع الجاني إلى دهسه مرات عدة حتى فارق الحياة.

ولم يفلح صراخ شقيقة الضحية واستغاثتها في إنقاذ حياة شقيقها وردع القاتل عن جريمته. ولاحقاً أوقفت الأجهزة الأمنية ج. شمعون ووالدته التي كانت إلى جانبه ورفيقيه أيضاً.

قلق متنامٍ

ما حصل في فاريا تحوّل إلى كابوس لدى كثير من اللبنانيين الذين ينتابهم القلق على أبنائهم من تعرّضهم لفاجعة مماثلة، خصوصاً أن جريمة فاريا قد لا تكون خاتمة هذه المآسي، فهي حلقة ضمن سلسلة طويلة ومتواصلة، بدأت قبل ثلاثة أسابيع، عندما أقدم شخص مجهول ليل 15 يناير (كانون الثاني) الماضي على قتل جورج روكز صاحب معرض لبيع السيارات في منطقة ضبيّة (شرق بيروت) بإطلاق عدة رصاصات على صدره ومن ثم سرقة سيارة مرسيدس من نوع «جي كلاس» ليقدّمها القاتل هدية إلى عشيقته. وتمكن القاتل بالفعل من سرقة السيارة بعد ارتكاب جريمته قبل أن تعتقله الأجهزة الأمنية في اليوم التالي.

وصباح 27 يناير الماضي، عثر على جثة إميل حديفة مكبلاً ومرمياً في دورة المياه داخل محطة الوقود التي يملكها في منطقة مزرعة يشوع (جبل لبنان). وبيّنت التحقيقات أن أربعة سوريين من عمّال المحطة هم الذين ارتكبوا الجريمة وفرّوا إلى سوريا قبل العثور على جثة ضحيتهم.

كما طالت الجرائم نائب مطران طائفة الأرمن الأرثوذكس في لبنان الأرشمندريت كوجانيان (40 عاماً)، المُكلف بإدارة شؤون الطائفة في زحلة وعنجر (شرق لبنان)، إذ عثر صباح السبت في الأول من فبراير (شباط) الحالي على جثته داخل منزله في بصاليم (جبل لبنان)، بعدما فُقد الاتصال به الجمعة. وحضرت الأجهزة الأمنية إلى المكان، وبدأت التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة، حيث أفيد بأن دافعها السرقة. وتحوم الشبهات حول تورط عمال سوريين في الجريمة.

الأمن الاستباقي

ولبنان ليس حالة فريدة بالطبع، إذ إن هذه الجرائم موجودة في بلدان مختلفة، لكن ارتفاعها بات يبعث على القلق بين اللبنانيين. ورأى مصدر أمني لبناني أن «هذا النوع من الجرائم لا يعالج بإجراءات أمنية استباقية». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمن الوقائي دائماً ما يسجّل نجاحاً في الجرائم ذات الطابع الأمني والإرهابي من خلال مراقبة وتعقّب للشبكات، لكن في الجرائم العادية والخلافات الشخصية يصعب معرفتها مسبقاً»، مشيراً إلى أن «الوضع الاجتماعي والأزمات المالية والاقتصادية يلعبان دوراً أساسياً في جرائم السرقة، إلّا أن البعض يتخذ من ظاهرة السرقة وسيلة للكسب وجمع الأموال وليس من أجل الحاجة، ولا يتردد في ارتكاب جريمة قتل حتى ينجو بنفسه أو يمنع الضحية من كشف هويته، كما حصل مع جريمة قتل صاحب محطة الوقود أو صاحب معرض السيارات». ولا يخفي المصدر أن «تراجع عدد الدوريات والوجود الأمني على الأرض قد يشكل عاملاً مشجعاً للجاني بأنه قادر على ارتكاب جريمته والفرار، لكن هذا التراجع ليس سبباً مباشراً للتشجيع على الجريمة».

عناصر من الشرطة اللبنانية في مهمة انتشار الشهر الماضي (موقع قوى الأمن)

التفلت من القانون

وقتل مسلحون ملثمون ليل الاثنين 21 يناير الماضي، مسؤول «حزب الله» في البقاع الغربي الشيخ محمد حمادي، بست رصاصات أطلقت عليه أثناء مغادرته منزله في بلدة مشغرة، وفرّوا إلى جهة مجهولة. ورجّحت معلومات أن الجريمة «حصلت بدافع الثأر الشخصي».

ورأت الدكتورة فريال عبد الله حلاوي، الأستاذة المحاضرة والمستشارة في تطوير الذات، أن «هناك أسباباً كثيرة وراء هذه الجرائم، التي تأتي بعد أيام على خروج لبنان من الحرب، يضاف إليها أسباب اقتصادية واجتماعية ناتجة عن المآسي والضغوط النفسية المتأتية عن الحرب».

وقالت حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن في مرحلة انتقالية، بين اللادولة التي لم يكن فيها رئيس للجمهورية وتشكيل الدولة من خلال انتخاب رئيس للبلاد والبدء بتشكيل الحكومة، لذلك نشهد تفلتاً في الجريمة وعدم الالتزام بالقوانين وعدم الخوف من العقوبات، وهذا مرده إلى فترة تحلل الدولة».

وشددت الدكتورة حلاوي على أن «الجريمة التي ذهب ضحيتها الشاب خليل خليل تفوق التصور، خصوصاً أنها ارتكبت بوحشية وساديّة، بحيث ظلّ القاتل يدهس الضحية أمام أهله حتى فارق الحياة»، مشيرة إلى أن «شخصية الشاب الجاني إما أنها غير سويّة، وإما ارتكبها تحت تأثير تناوله المخدرات». وأضافت: «إذا صحّت المعلومات بأن والدة الجاني كانت برفقته فهذا أمر غير مفهوم، إذ كان يفترض بها أن تمنع ولدها أو أن توقف السيارة بأي وسيلة، لأن شخصية الأم مرتبطة بصورة الأم بالعاطفة والقانون والقواعد الإنسانية، ولا أحد يمكن أن يتخيّل أن تشارك أم ولدها في جريمة قتل شاب عمره لا يتعدّى 17 عاماً التجأ إلى أهله ليحتمي بهم من تهديدات الجاني ومطاردته له».

إجراءات صارمة

وكاد خادم رعية مار أنطونيوس البدواني للموارنة الخوري إيلي بشعلاني يخسر حياته صباح الأحد الماضي، خلال عودته من بيروت إلى منزله في منطقة المريجات (جبل لبنان)، حين طاردته سيارة من نوع «جيب شيروكي» سوداء اللون وحاولت قطع الطريق أمامه، إلّا أنه تمكن من التخلص منها، إلّا أن السيارة نفسها عادت وتوقفت أمام منزل الخوري وترجل منها شخص مسلّح وفتح النار على منزله الذي أصيب بعدة طلقات، ثم لاذ بالفرار.

وشددت الدكتورة فريال حلاوي على «ضرورة أن تأخذ الدولة بزمام المبادرة وأن يتشدد القضاء في فرض العقوبة بحق المرتكبين». ودعت إلى «اتخاذ إجراءات صارمة ورادعة بحقّ الجناة الذين يجري توقيفهم، بالإضافة إلى فرض هيبة الدولة على الأرض حتى لا يشعر هواة القتل أنهم قادرون على ارتكاب جرائمهم ومطمئنون إلى قدرتهم على الإفلات من التوقيف، وبالتالي على الدولة أن تحزم أمرها وتفرض هيبتها وتثبت أنها قادرة على حماية مواطنيها وكل المقيمين على أراضيها».


مقالات ذات صلة

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

خاص عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز» سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

بينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام الرئيس السوري أحمد الشرع في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (السبت)

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

قال وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، إن «صندوق النقد الدولي» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة وفرض ضرائب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
TT

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أن بدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في قطاع غزة، يتطلب انسحاب إسرائيل من القطاع، وتسليم «حماس» والفصائل سلاحها للسلطة الفلسطينية.

وقال عباس -خلال اتصال هاتفي مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس- إن أولويته الآن هي تطبيق خطة ترمب من أجل وقف الحرب، ووقف نزيف الدم، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع التهجير القسري.

واعتبر عباس أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة «والتي تقوم على تسليم سلاح (حماس) والفصائل للدولة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، بما يفتح الطريق أمام دخول اللجنة الإدارية الفلسطينية والشرطة الفلسطينية، ونشر قوة الاستقرار الأولية، والانطلاق في عملية إعادة الإعمار بشكل منظَّم وفعَّال».

وأكد عباس ضرورة اتخاذ خطوات موازية في الضفة الغربية «لوقف تقويض حل الدولتين»، تشمل «وقف عنف المستوطنين، ووقف التوسع الاستيطاني وسياسة الضم، والإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، لما لذلك من تأثير بالغ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وقدرة الحكومة الفلسطينية على القيام بالتزاماتها تجاه المواطنين».

وأعاد عباس إدانة هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقال إن على «حماس» إنهاء حكمها وتسليم سلاحها.

المستشار الألماني فريدريك ميرتس يصعد إلى الطائرة متوجهاً إلى الأردن ثم إسرائيل السبت (د.ب.أ)

وأكد التزام فلسطين بالاعتراف بدولة إسرائيل، والالتزام بحل الدولتين: «لتعيش دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام».

وتطرق عباس إلى الخطوات التي أخذتها السلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات، وشمل ذلك تحديث المناهج المدرسية وفق معايير اليونيسكو، وإنشاء نظام رعاية اجتماعية موحد، وإلغاء قانون دفعات الأسرى، والاستعداد للذهاب إلى الانتخابات العامة فور انتهاء الحرب وتوفر الظروف الملائمة لذلك.

وبرنامج الإصلاح الذي تحدث عنه عباس هو جزء من التزامات «السلطة» لتهيئة نفسها من أجل حكم غزة في نهاية خطة ترمب.

ويفترض أن تشكل «السلطة» لجنة إدارية وقوات شرطة فلسطينية، خلال المرحلة الثانية التي ترفض إسرائيل الانتقال إليها قبل الحصول على آخر جثة.

دعوة ألمانية للإصلاح

وكان المستشار الألماني قد دعا في الاتصال الهاتفي الرئيس الفلسطيني إلى إجراء «إصلاحات ضرورية وعاجلة» في «السلطة»، حتى تتمكن من «أداء دور بنَّاء في نظام ما بعد الحرب»، وفق ما أفاد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان كورنيليوس. كما أكد دعم ألمانيا لخطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للسلام في غزة، و«رحَّب بموقف السلطة الفلسطينية المتعاون» تجاه الاتفاق، حسب المتحدث.

وجاءت مكالمة ميرتس مع عباس قبل ساعات من مغادرة المستشار برلين، اليوم (السبت)، في زيارة إلى إسرائيل. وفي اتصاله مع محمود عباس، جدد المستشار موقف برلين من ناحية أن حل الدولتين لا يزال السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين؛ حسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية.

رفات الرهينة الأخيرة

أبلغت إسرائيل الوسطاء بأن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تعرفان كيفية الوصول إلى رفات الرقيب ران غفيلي، وهو رفات آخر إسرائيلي كان محتجزاً في قطاع غزة.

ووفقاً لأخبار القناة «12» سافر وفد برئاسة غال هيرش، المسؤول الحكومي عن ملف المحتجزين، إلى القاهرة يوم الخميس، وطالب الوسطاء باتخاذ إجراءات لضمان استعادة جثة غفيلي.

وصرح مصدر إسرائيلي بأن المحادثات في العاصمة المصرية تناولت أيضاً المرحلة الثانية من خطة ترمب للسلام في غزة.

وأفادت التقارير بأن الوسطاء أشاروا للوفد الإسرائيلي إلى أن «حماس» تبدي اهتماماً بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، وتريد الانتقال إلى المرحلة التالية، بما في ذلك نزع سلاح غزة ونزع سلاحها.

وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن كثيراً من القضايا ما زالت عالقة، ولا يوجد حولها اتفاق أو خطة واضحة، بما في ذلك الانتقال إلى المرحلة الثانية.

واتهم المصدر إسرائيل بمحاولة إبقاء الوضع في قطاع غزة على ما هو عليه. وأضاف: «إنهم يريدون غزة مقسَّمة، ويحاولون إطالة أمد هذا الوضع، على الرغم من الإعلانات الكثيرة حول الانتقال إلى المرحلة الثانية».

أطفال فلسطينيون من عائلات نازحة يتجمعون في ساحة مدرسة دير البلح المشتركة التابعة لوكالة «الأونروا» غرب دير البلح وسط قطاع غزة لتلقي بعض الدروس (أ.ف.ب)

وحسب تقارير سابقة، يفترض أن يعلن ترمب الانتقال إلى المرحلة الثانية، قبل أعياد الميلاد، بعد اجتماع مرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال له ترمب في آخر مكالمة إنه يتوقع منه أن يكون «شريكاً أفضل» في ملف غزة.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من أجزاء من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

مشعل: نرفض الوصاية

رئيس حركة «حماس» في الخارج، خالد مشغل، أعلن السبت رفض حركته كل أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزة، مشدداً على أن الفلسطينيين هم من يحكمون أنفسهم.

وقال مشعل في كلمة له خلال مؤتمر «العهد للقدس: نحو تجديد إرادة الأمة في مواجهة التصفية والإبادة» الذي انعقد في مدينة إسطنبول، إن على الأمة أن تقرر تحرير القدس، وأن تسخِّر كل الجهود والإمكانات من أجل غزة وضمان وقف الحرب عليها، رافضاً «كل أشكال الوصاية والانتداب للاحتلال على غزة والضفة وعامة فلسطين» ومشدداً على أن «الفلسطيني هو من يحكم نفسه، ومن يقرر لنفسه، فلا وصاية ولا انتداب ولا إعادة احتلال، فشعبنا لا يحتاج لا إلى حماية ولا إلى وصاية، ويتطلع إلى الاستقلال لا إلى الانتداب، فهذه أرضنا ووطننا وهذا مصيرنا، ونحن من نقرر».

وطالب مشعل «بحماية مشروع المقاومة وسلاح المقاومة»، ورفض احتكار القرار فيما يخص القضية، وقال إنه يجب بناء وحدة وطنية وشراكة «في ميدان النضال والسياسة والقرار».


مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قالت قناة «الأقصى» الفلسطينية إن 7 أشخاص لقوا حتفهم بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

ولم تذكر القناة أي تفاصيل أخرى على الفور.

وفي وقت سابق اليوم، أفادت إذاعة «صوت فلسطين» بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال غربي قطاع غزة.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق دبابة متمركزة بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

على الصعيد الآخر، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن قواته أطلقت النار على عدد من الأشخاص قال إنهم «اجتازوا الخط الأصفر وشكلوا تهديداً فورياً عليها»، مشيراً إلى أن القوات قتلت ثلاثة «لإزالة التهديد».

ومنذ بدء وقف إطلاق النار الهش، أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن الأحياء وعددهم 20، وسلمت 27 جثة مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل وسجين فلسطيني لدى إسرائيل.

ورغم تراجع وتيرة العنف، تواصل إسرائيل قصف غزة وتدمير ما تقول إنه بنية تحتية تابعة لـ«حماس». وتتبادل الحركة وإسرائيل الاتهامات بانتهاك الاتفاق.


التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».