لليوم الثالث على التوالي يواصل أهالي الجنوب بدعوة من «حزب الله» توافدهم إلى قراهم الحدودية المحتلة، حيث يستمر الجيش اللبناني بالانتشار في البلدات التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية التي أفرجت عن 9 مواطنين كانت قد اعتقلتهم، يوم الأحد.
وتَقَدَّمَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالشكر لـ«الصليب الأحمر» الدولي على «الجهود التي بذلها لإطلاق 9 من المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية»، وطلب منه متابعة عملية الإفراج عن المعتقلين اللبنانيين التسعة الآخرين المحتجَزين في إسرائيل».
وأشار إلى «أن هذا الملف كان بنداً أساسياً في الاتصالات التي أجراها مع الجانب الأميركي خلال مرحلة البحث في الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان».
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن اللبنانيين الذين أُفْرِج عنهم، الثلاثاء، اعتقلهم الجيش الإسرائيلي، يوم الأحد، في بلدتي حولا ومركبا خلال توافد الأهالي إلى القرى الحدودية، والتسعة الذين تحدث عنهم ميقاتي هم عناصر في «حزب الله» اعتُقلوا خلال الحرب الأخيرة».
ومنذ الصباح الباكر شهدت مداخل بلدتي مارون الراس ويارون حشوداً كبيرة من الأهالي الذين تمكنوا من الدخول إلى أطرافها الغربية ظهراً برفقة الجيش اللبناني، وسجّل إلقاء درون إسرائيلية قنبلة في محيط مكان تجمع الجيش والمواطنين في البلدة، بينما كان الجيش اللبناني يتجهز عند مدخل بلدة ديرميماس تمهيداً للدخول إلى بلدة كفر كلا مع الأهالي من دون أن يتمكن من ذلك، بحسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام».
وفي حين كان الجيش الإسرائيلي يرفع سواتر ترابية بالقرب من مركز الجيش اللبناني عند المدخل الغربي لبلدة حولا، كما يقوم بجرف منازل في منطقة مرج حولا، كان الأهالي يتجمعون عند مدخل حولا مصرين على الدخول إلى بلدتهم.
هذا في وقت استمرت فيه الخروقات الإسرائيلية في الجنوب؛ حيث نفذ الجيش الإسرائيلي عملية تفجير قرب المسجد في بلدة الوزاني، حيث تجمع الأهالي عند مدخلها بعدما كان قد أعاد الجيش الإسرائيلي إقفاله، الاثنين.
الجيش الإسرائيلي يجدد تحذيره من عودة الأهالي
في غضون ذلك، جدّد الجيش الإسرائيلي تحذيراته للأهالي بعدم العودة، وتوجه المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس» قائلاً: «إلى سكان جنوب لبنان، كما تعلمون، أعاد جيش الدفاع انتشاره في الفترة الأخيرة في مواقع مختلفة من جنوب لبنان، عملاً ووفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بهدف تمكين انتشار فعال للجيش اللبناني تدريجياً، وتفكيك وإبعاد (حزب الله) الإرهابي بعناصره وبنيته التحتية، من جنوب لبنان». وأضاف: «أذكركم أنه تم تمديد فترة الاتفاق، ولا تزال قوات جيش الدفاع منتشرة ميدانياً، حيث تتم عملية الانتشار بشكل تدريجي وفي بعض القطاعات تتأجل وتحتاج إلى مزيد من الوقت، وذلك لضمان عدم تمكين (حزب الله) من إعادة ترسيخ قوته ميدانياً».
ورأى أدرعي أن «(حزب الله) كعادته يضع مصلحته الضيقة فوق مصالح الدولة اللبنانية، ويحاول من خلال أبواقه تسخين الوضع، وذلك رغم كونه السبب الرئيسي في تدمير الجنوب»، لافتاً إلى أنه «في الفترة القريبة سنبقى على هذا النهج، وسنقوم بإعلامكم حول الأماكن التي يمكن العودة إليها. لحين الوقت، نطالبكم بالانتظار، ولا تسمحوا لـ(حزب الله) بالعودة واستغلالكم في محاولة للتستر على التداعيات المدمرة لقراراته غير المسؤولة على حساب أمن دولة لبنان».
وأفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» بأن هناك 5 تلال حاكمة في الجنوب يسعى الجيش الإسرائيلي للبقاء فيها دائماً وهي: جبل بلاط وتلة اللبونة وتلة العزية وتلة العويضة وتلة الحمامص.
الأمم المتحدة: استخدام القوة المميتة ضد العائدين لجنوب لبنان انتهاك للقانون للدولي
وفي حين أعلنت وزارة الصحة أن الحصيلة النهائية للاعتداءات الإسرائيلية خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم، يوم الاثنين، بلغت قتيلين و26 مصاباً، بعدما كان قد سقط يوم الأحد 24 قتيلاً و122 جريحاً.
وبناءً على ذلك، أكدت الأمم المتحدة، أن استخدام القوة المميتة ضد المدنيين العائدين لجنوب لبنان انتهاك للقانون للدولي.
ونددت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بما وصفته باستخدام «القوة المميتة» ضد المدنيين العائدين إلى منازلهم في جنوب لبنان، مؤكدةً على أن ذلك يشكل «انتهاكاً» للقانون الدولي.
وقال المكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بمقتل 24 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 100 آخرين في الأيام الأخيرة أثناء محاولة المدنيين العودة إلى منازلهم في جنوب لبنان».
وشدد المكتب الأممي في حسابه على منصة «إكس» على ضرورة السماح للمدنيين بالعودة إلى قراهم «في ظل ظروف طوعية وكريمة وآمنة»، مضيفاً أنه يجب أن يتحول وقف إطلاق النار إلى سلام دائم ومستدام.
«حزب الله» يطلق مشروح مسح الأضرار في القرى الحدودية
والثلاثاء، أطلق عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله مسح الأضرار في قرى الحافة الحدودية، وقال فضل الله: «أهل الجنوب لن يقبلوا أن يبقى أي جندي محتل على هذه الأرض، أياً تكن الاتفاقات والقرارات»، وقال: «ما يعنينا أمر واحد، هو طرد هذا الاحتلال من هذه الأرض، وإعمار هذه القرى والبلدات، وإعادة الحياة الطبيعية إليها». وأشار إلى أن «هدف المشروع الإسرائيلي هو تدمير هذه البلدات والقرى، وجعلها منطقة عازلة، وإخراج أهلها منها، ولكن الأهل عادوا إليها، وجدد التأكيد على أن معادلة الجيش والشعب والمقاومة تكرسّت؛ لأنها ليست كلمات أو حبراً على ورق، لا سيما أن دم المقاومين ودم الجيش ودم الشعب قد امتزج على أرض الجنوب».