اضطرابات أمنية في الساحل السوري إثر شائعات بعودة ماهر الأسد

«إدارة العمليات» ترسل مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى اللاذقية

الحملة الأمنية في اللاذقية 25 يناير 2025 (سانا)
الحملة الأمنية في اللاذقية 25 يناير 2025 (سانا)
TT

اضطرابات أمنية في الساحل السوري إثر شائعات بعودة ماهر الأسد

الحملة الأمنية في اللاذقية 25 يناير 2025 (سانا)
الحملة الأمنية في اللاذقية 25 يناير 2025 (سانا)

عمت موجة من القلق والاضطرابات مناطق الساحل السوري وريف حمص، ليل الجمعة ـ السبت، بعد تنفيذ هجمات على حواجز تابعة لقوى الأمن العام في اللاذقية، على خلفية انتشار شائعات حول عودة ماهر الأسد إلى الساحل وانسحاب قوات إدارة العمليات من المنطقة.

وتزامن ذلك مع تصاعد التوترات في ريف حمص الغربي إثر بلاغات عن ارتكاب قوى الأمن انتهاكات بحق المدنيين في قرية مريمين ذات الغالبية المرشدية أثناء حملة تمشيط تقوم بها إدارة العمليات وقوى الأمن العام لجمع السلاح في ريف حمص الغربي.

وبعد نفي رسمي للشائعات في الساحل واحتواء التوتر في حمص، تابعت إدارة العمليات العسكرية بالمشاركة مع قوى الأمن العام حملة تمشيط واسعة، يوم السبت، في ريف اللاذقية وريف حمص، فيما شهدت مدينة حمص عقد اجتماعات أهلية لتعزيز السلم الأهلي.

وانتشرت شائعات عن انسحاب الفصائل العسكرية التابعة لإدارة العمليات من اللاذقية وطرطوس، وتحرك للطيران الروسي مع عودة ماهر الأسد إلى الساحل السوري، ضمن صفقة إقليمية ـ دولية، ما أشاع الفوضى والاضطراب، وخرج مسلحون من فلول النظام السابق في بعض قرى طرطوس ورفعوا أعلام النظام السابق وصور بشار وماهر الأسد وسط إطلاق نار كثيف، معلنين بدء المعركة.

وأدت هذه الأحداث إلى بث الخوف في أوساط المدنيين، لا سيما في الأرياف البعيدة عن العاصمة، واتهم مكتب العلاقات الصحافية في وزارة الإعلام «جهات مرتبطة بمرتكبي الجرائم ضد الشعب السوري من رموز النظام السابق، بالتعاون مع بعض الإعلاميين الحربيين»، دون أن يسميهم.

وأضاف المكتب أن الهدف من هذه الإشاعات هو «إثارة النعرات الطائفية ونشر الشائعات، بهدف خلق الفوضى والتشويش الإعلامي عبر صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت بعد سقوط النظام، وتمت متابعتها بشكل دقيق».

اللاذقية

جانب من حملة إدارة العمليات في اللاذقية 25 يناير (سانا)

وفي محافظة اللاذقية، دفعت إدارة العمليات بمزيد من التعزيزات العسكرية وبدأت بحملة أمنية واسعة، بعد نفي مديرية الأمن العام انسحاب قواتها من عدة مواقع في المحافظة. وصرح مدير الأمن العام في اللاذقية لـ«سانا» بأن بعض العناصر الخارجة عن القانون: «استغلت تلك الأنباء لتنفيذ أعمال إجرامية باستهداف مواقع تابعة لوزارة الداخلية».

وأكد أن تلك المحاولات فشلت وأسفرت عن تحييد ثلاثة من المهاجمين، فيما تستمر عمليات ملاحقة «المجرمين الفارّين».

كما فرضت إدارة الأمن العام حظراً للتجوال في مدينة جبلة، وصادرت سيارة وأسلحة من المهاجمين الذين استهدفوا أيضاً حاجز المزيرعة بريف اللاذقية.

قرية مريمين

وحول وقوع انتهاكات في قرية مريمين أثناء الحملة الأمنية في ريف حمص الغربي قبل أيام، قال المكتب الإعلامي في محافظة حمص إن «مجموعة إجرامية انتحلت صفة أمنية وقامت بارتكاب تجاوزات بحق الأهالي». وأكد في بيان أنه «سيتم التعامل بحزم مع هؤلاء وفق القوانين النافذة. وذلك بعد إدانة ما شهدته قرية مريمين من إساءة للمعتقدات والمقدسات الدينية وانتهاكات، والتي حصلت عقب انسحاب القوات الأمنية».

وشدد المكتب على الالتزام «بإعادة الحقوق إلى أصحابها وتعويض جميع المتضررين عن الخسائر التي لحقت بهم جراء التجاوزات». كما قام محافظ حمص، عبد الرحمن الأعمى، بزيارة إلى القرية ولقاء الأهالي ومتابعة القضية. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن المحافظ تشديده على «اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الأمن والاستقرار، والاستماع لمطالب الأهالي والعمل على معالجتها بالتنسيق مع الجهات المختصة»، وتم إلقاء القبض على عدد من المشتبه بهم وتحويلهم إلى القضاء المختص.

وكانت منصات سورية أفادت بوقوع سلسلة من الاعتداءات والانتهاكات ووثقت «مجموعة السلم الأهلي» مقتل 13 شخصاً في ظروف مختلفة أثناء الحملة الأمنية في ريف حمص الغربي. وقالت منصات إن بعض الجهات العسكرية استخدمت أساليب غير قانونية خلال الحملة الأمنية، منها احتجاز ذوي المطلوبين للضغط عليهم من أجل تسليم أنفسهم، مشيرة إلى أن الانتهاكات شملت كذلك الاعتقالات التعسفية والاعتداءات الجسدية.

قبائل المنابهة

لقاء حمص بين عبد الإله الملحم شيخ عموم قبائل المنابهة في عنزة و"التشاوري المسيحي الوطني" (الشرق الأوسط)

وفي هذا الصدد، عقد عبد الإله الملحم، شيخ عموم قبائل المنابهة في عنزة، اجتماعاً مع اللقاء التشاوري المسيحي بمشاركة شخصيات اجتماعية ودينية تمثل مختلف الأطياف في المحافظة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يقوم بسلسلة جولات في ريف المحافظة ويلتقي كافة المكونات، وينقل رسائل تهدف إلى تعزيز السلم الأهلي، وإعادة تفعيل الروابط الاجتماعية والإنسانية التاريخية بين مكونات المجتمع السوري، وإحاطة الإدارة الجديدة بتلك اللقاءات.

وأكد على أن المكونات السورية متعايشة منذ مئات السنين، وقبل أن يصنفها نظام البعث البائد ضمن إطار الأقليات، قائلاً: «الآن انتصرت ثورتنا وأخفق المشروع الذي كان يهدد أمن المنطقة والدول العربية. كما ولى زمن حزب البعث دون رجعة، ونحن كسوريين نحترم الأخوة والإنسانية والجيرة، وننبذ الطائفية التي خلفها النظام البائد، وعلينا أن نتعاون لنصل بسوريا إلى بر الأمان».

وحول الانتهاكات التي تشهدها مناطق عدة في ريف حمص والساحل لفت الملحم إلى «دور سلبي يلعبه الإعلام في بث الشائعات والفوضى». وبشأن المخاوف لدى المكونات التي التقاها، قال إن هناك مخاوف من احتمال ألا تفي الإدارة الجديدة بتعهداتها وتطميناتها، موضحاً أن «المسيحيين لديهم مخاوف تتعلق بحرياتهم وعاداتهم، وهي تختلف عن مخاوف الطوائف التي ورط النظام عدداً من أبنائها في جرائمه، لذلك طلبنا منهم عدم الانجرار وراء المجرمين من أبنائهم، لا سيما الذين يبثون بيانات تثير النعرات».

وأشار إلى أن قوى الأمن اعتقلت نحو 600 شخص من الطائفة العلوية خلال الفترة الماضية، وبعد التحقيق معهم تم إطلاق سراحهم، وقال: «يجب بسط سلطة القانون لمنع الانتقامات الثأرية. أنا أخي قُتل وأعرف القاتل، ولم آخذ بالثأر، بل سأقدم القاتل للقضاء». وأضاف أن «المكونات المتخوفة يجب عليها التريث ومنح فرصة للإدارة الجديدة حتى تثبت مصداقيتها، وهي لغاية الآن أظهرت مسؤولية وطنية عالية، في إدارة البلاد».

اللقاء التشاوري المسيحي

من جانبه، قال وائل العجي، أحد أعضاء اللقاء التشاوري المسيحي إن اللقاء مع شيخ عموم قبائل المنابهة في عنزة، كان «إيجابياً جداً، وشاركت فيه مختلف الفعاليات السورية المسيحية، لا سيما في ريفي حمص وحماة»، مؤكداً عدم حصول انتهاكات تذكر في المناطق المسيحية سوى بعض التجاوزات التي تم احتواؤها. وقال إن أغلب التوترات والانتهاكات التي تحصل في مناطق تركز العلويين مردها «مخلفات سياسات النظام السابق في فصل الأحياء طائفياً».


مقالات ذات صلة

مشاركة مصر بمؤتمر باريس لـ«دعم دمشق»... خطوات متتالية «تقلص الجمود»

تحليل إخباري وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطى خلال لقائه مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو في باريس (الخارجية المصرية)

مشاركة مصر بمؤتمر باريس لـ«دعم دمشق»... خطوات متتالية «تقلص الجمود»

خطوات متتالية بين القاهرة ودمشق تدفع نحو «تقليص الجمود» الذي انتاب العلاقات، عقب سقوط نظام بشار الأسد، كان أحدثها مشاركة وزير الخارجية المصري في اجتماع باريس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)

التطورات على الحدود الشرقيّة تفرض يقظة أمنية لبنانية

ارتفع منسوب القلق في لبنان من وجود آلاف السوريين والإيرانيين الذين دخلوا بصورة غير شرعية خلال سقوط النظام السوري، وفرار كبار المسؤولين من سوريا إلى لبنان.

يوسف دياب (بيروت)
العالم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث خلال الجلسة الأسبوعية لأسئلة رئيس الوزراء في مجلس العموم بلندن 12 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

خطة بريطانية لتخفيف العقوبات على سوريا بعد سقوط الأسد

تسعى المملكة المتحدة (بريطانيا) لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا بعد فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، بموجب خطة جديدة أعلنتها الحكومة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي نساء يجلسن أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب) play-circle

أصعب مشكلة تواجه سوريا... ملايين النازحين لن يجدوا مكاناً يعودون إليه

لا يزال مستقبل سوريا غامضاً في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحدي عودة ملايين اللاجئين الذين نزحوا بسبب الحرب التي استمرَّت أكثر من عقد من الزمن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)

«حملة لاستئصال الفساد»... حكومة سوريا الجديدة تستهدف رجال أعمال الأسد

تدقق الحكومة السورية الجديدة في إمبراطوريات الشركات المملوكة لحلفاء الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حملة لاستئصال الفساد والنشاط غير القانوني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

غارات إسرائيلية على مجرى نهر الليطاني وبلدتي زبقين وياطر جنوب لبنان

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية على مجرى نهر الليطاني وبلدتي زبقين وياطر جنوب لبنان

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

قالت وسائل إعلام لبنانية إن إسرائيل شنت غارات على مجرى نهر الليطاني وبلدتي زبقين وياطر بجنوب البلاد.

وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف مواقع عسكرية تابعة لـ«حزب الله» تضم أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ بجنوب لبنان، حيث إن الأسلحة المستهدفة كانت تشكل «تهديداً» مباشراً لإسرائيل.

غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

وبموجب اتفاق الهدنة الذي توسطت فيه واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني)، مُنحت القوات الإسرائيلية مهلة 60 يوماً للانسحاب من جنوب لبنان، حيث شنت هجوماً برياً ضد مقاتلي جماعة «حزب الله» المسلحة اللبنانية منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول).

صور للدمار الذي لحق بإحدى المناطق في جنوب لبنان جراء الغارات الإسرائيلية 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وكان من المقرر أن يغادر مقاتلو «حزب الله» المنطقة وأن تنتشر القوات اللبنانية فيها خلال الفترة نفسها.