ما إن بدأت التجهيزات من قبل «حماس» في ساعات الصباح الباكر من يوم السبت، للإفراج عن 4 مختطفات إسرائيليات، حتى بدأ النازحون الغزيون الموجودون في جنوب قطاع غزة بالتوافد إلى أقرب نقطة من جنوب محور نتساريم للتجهز للعودة إلى مناطق سكنهم شمالاً.
وعلى الرغم من تحمس هؤلاء النازحين بالعودة سريعاً، فإنهم صدموا بواقع اشتراطات إسرائيلية جديدة تتعلق بالإفراج عن مختطفة تدعى أربيل يهود، الأمر الذي أبقى القوات الإسرائيلية منتشرة في محور نتساريم من دون انسحاب، الأمر الذي يمنع عودة النازحين، في حين وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس»، كانت قد أكدت في أكثر من مرة أن العودة مقررة الأحد وليست السبت، داعيةً المواطنين للالتزام بذلك.
وقال الشاب أحمد أبو ريالة، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والنازح إلى خان يونس جنوب القطاع، إنه منذ ساعة مبكرة من صباح السبت غادر خيمة عائلته وهو يحمل حقيبته التي وضع فيها بعض مستلزماته الشخصية، وكان يشعر بحماس لم يشعر به منذ ما يزيد على 15 شهراً وهو عمر الحرب. أضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أثناء وجوده قرب تبة النويري غرب مخيم النصيرات بالقرب من محور نتساريم، أنه رغم أن منزل عائلته متضرر بشكل بليغ ولا يصلح للسكن، فإنه متحمس جداً من أجل أن يعود إلى منطقة سكنه التي يشعر بالاشتياق لها.
وتابع: «بدي أحط خيمة جنب بيتنا وأعيش بكرامتي، بس ما بدي أضل في المواصي وأشعر بالمذلة واحنا عايشين على شاطئ البحر في البرد والحر اللي اجتمعوا علينا وزادوا من معاناتنا».
ولوحظ أن من احتشدوا بشكل أساسي قرب محور نتساريم من جانبه الجنوبي قرب مخيم النصيرات، هم الشبان وبعض القاصرين، فيما توافدت مركبات على شارع صلاح الدين بالقرب من مخيم البريج على أمل أن يسمح للمركبات بالتنقل إلى شمال القطاع بعد تفتيشها، وكانت غالبيتها تحمل عوائل بأكملها وبرفقتهم أمتعة وغيرها.
وتوافد السكان بمركباتهم في محاولة لحجز مكان لهم قبل فتح محور نتساريم بشقه الشرقي لعملية التفتيش المرتقبة لهم، على عكس ما سيجري من المحور الغربي بالسماح فقط للمشاة دون تفتيش.
وقال المواطن زياد الأشقر إنه جاء بمركبته مع والديه وشقيقاته للعودة إلى منزلهم في حي النصر بمدينة غزة، مشيراً إلى أنه ينتظر السماح لهم بالعودة إلى شمال القطاع بعد 13 شهراً من التهجير القسري بفعل الحرب.
وأضاف: «نحن نعد كل دقيقة تمر ونحن ننتظر هنا منذ ساعات الصباح... جلبنا طعامنا معنا وكنا نتوقع أن ذلك سيتأخر، لكننا سننتظر السماح لنا بالعودة حتى ولو طال ذلك قليلاً؛ لأنه في الحقيقة يستحق، فنحن بحالة اشتياق لا توصف للعودة إلى منازلنا وما تبقى منها رغم كل الدمار في شمال القطاع».
وحتى الساعة الخامسة بتوقيت فلسطين (السادسة بتوقيت السعودية)، لم تنسحب الدبابات الإسرائيلية من محور نتساريم، وأطلقت نيرانها تجاه المواطنين المحتشدين قربه، فيما أعلن عن مقتل غزي وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة نقلوا على إثرها لمستشفى العودة بالنصيرات.
وقالت المواطنة نبيلة المدهون، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال القطاع والنازحة إلى دير البلح، إنها جاءت مع أبنائها وبناتها البالغ عددهم 8 برفقة شقيقها الذي يملك مركبة، منذ الساعة السادسة صباحاً (السابعة بتوقيت مكة)، بهدف أن تحجز دوراً في طابور طويل امتد على طول طريق صلاح الدين من مدخل مخيم البريج إلى مدخل دير البلح (مسافة نحو كيلو ونصف الكيلو متر). أضافت: «بعد كل هذا الوقت الصعب من الانتظار سمعنا الأخبار السلبية حول شروط إسرائيلية جديدة»، معربةً عن أملها في أن تحل هذه الأزمات بما يسمح للنازحين بالعودة. وقالت: «بدنا نرجع لبيوتنا... زهقنا من الحياة في الخيام أو بعيداً عن المكان اللي عشنا وتربينا فيه لسنوات طويلة».