«الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل جديدة من اتفاق غزة مع بدء وضع اللمسات الأخيرة

«حماس» تساهلت في إطلاق 11 جندياً فعدّت إسرائيل أنها حقّقت إنجازاً مهماً

TT

«الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل جديدة من اتفاق غزة مع بدء وضع اللمسات الأخيرة

فلسطينيات يبكين رضيعاً قُتل بقصف إسرائيلي في مستشفى «شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيات يبكين رضيعاً قُتل بقصف إسرائيلي في مستشفى «شهداء الأقصى» بدير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

بدأت الأطراف المشاركة في مفاوضات العاصمة القطرية الدوحة، وضع اللمسات الأخيرة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى بين حركة «حماس» وإسرائيل، وسط تصاعد للقصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع.

ويُرجح أن يتمّ، اليوم (الثلاثاء)، إعلان التوصل إلى اتفاق، ما لم يطرأ أي عقبات أو شروط إسرائيلية جديدة، وفقاً للكثير من المصادر، على أن يبدأ سريان الاتفاق في حال الوصول إليه بعد 48 ساعة.

أقارب أسرى لدى «حماس» وناشطون يعتصمون أمام البرلمان الإسرائيلي في القدس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وكشفت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المرحلة الأولى من الاتفاق ستكون لمدة 60 يوماً، وسيكون هناك، وفق التوافق الأخير حتى الليلة الماضية (بعد منتصف الاثنين - الثلاثاء)، انسحاب للقوات الإسرائيلية البرية من محوري نتساريم وفيلادلفيا بصورة تدريجية.

وأوضحت المصادر المطلعة على المفاوضات في الدوحة، أن بدء الانسحاب من محور نتساريم سيكون فورياً، خصوصاً في الجزء الغربي منه المطل على شارع الرشيد البحري، للسماح للنازحين بالعودة، في حين سيبدأ الانسحاب من محور فيلادلفيا تدريجياً بعد 40 إلى 50 يوماً منذ اللحظة التي تبدأ فيها المرحلة الأولى.

وبيّنت أنه سيُسمح بعودة النازحين المشاة بدءاً من اليوم السابع لوقف إطلاق النار، دون أي عمليات تفتيش، في حين سيتم فحص المركبات التي تعود من جنوب قطاع غزة إلى شماله، عبر جهاز فحص «X ray» الذي سيتم تشغيله من قِبل شركات مصرية - قطرية، وتتم إدارته ومراقبته من قِبل عدة جهات، بما فيها إسرائيل، بهدف منع نقل أي أسلحة.

فلسطينيون يعاينون مكاناً استُهدف بقصف إسرائيلي بدير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وكشفت المصادر عن أنه تم التوافق الليلة الماضية على آلية إعادة انتشار القوات الإسرائيلية، حيث سيُسمح بوجودها على الحدود بأبعاد متفاوتة تصل إلى 700 متر، خصوصاً في المناطق الواقعة شمال قطاع غزة.

وبيّنت أنه بعد 40 يوماً سيبدأ الانسحاب التدريجي من جميع مناطق قطاع غزة، تمهيداً لبدء المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية التي سيتم في نهايتها الانسحاب من آخر متر من قطاع غزة، وفق تعبير المصادر.

وأوضحت أن المقاومة الفلسطينية ستُسلّم النساء والأطفال وكبار السن مقابل الإفراج عن ألف أسير من سكان قطاع غزة، ممن اعتُقلوا خلال الحرب الحالية، شريطة ألا يكونوا ممن شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ولفتت إلى أنه سيتم في المرحلة الأولى الإفراج أيضاً عن 200 أسير من المحكوميات العالية، مع إمكانية زيادة العدد قليلاً، في حال تأكد أن هناك أسرى أحياء أكبر من الأموات، الذين سيجري كشف مصيرهم في الأيام الأولى من المرحلة الأولى بعد التواصل مع بعض المجموعات الآسرة.

وذكرت المصادر أنه تم بدء وضع أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم.

وبشأن معبر رفح، أكدت المصادر المطلعة أنه ستتم إعادة فتحه تدريجياً، بدءاً من السماح للمرضى والجرحى والحالات الإنسانية بالسفر بشكل أساسي، مع ضمان حرية الحركة من دون اعتقال أي من المسافرين أو استهدافهم من قِبل القوات الإسرائيلية التي ستتمركز عند محور فيلادلفيا.

أقارب أسرى لدى «حماس» وناشطون يعتصمون أمام البرلمان الإسرائيلي في القدس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأشارت المصادر إلى أن الخلافات التي ظهرت حتى ظهر الاثنين، كانت متعلقة بخلافات حول الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل الـ11 أسيراً إسرائيلياً، وهم من الجنود الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى ولا تنطبق عليهم شروط «إنسانية»، والذين تمت إضافتهم لتسهيل مهمة الوصول إلى اتفاق، إلى جانب قضية الانسحاب من بعض الأماكن، والمنطقة العازلة التي تريدها القوات الإسرائيلية، مبينة أنه تم حل الخلافات بشأنها، وهذا ما يقرّب من التوصل لاتفاق اليوم.

وقالت المصادر إن إسرائيل عدّت وضع 11 أسيراً من الجنود ضمن المرحلة الأولى بمثابة كسر للجمود، لافتة إلى أنه إنجاز مهم لها، ولذلك أصبحت حينها الأمور أكثر تقارباً، ووضعت المقاومة، حينها، حكومة بنيامين نتنياهو تحت الضغط، الأمر الذي عجّل المفاوضات.

فلسطينيون يعاينون مكاناً استُهدف بقصف إسرائيلي بدير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وبيّنت أن المقاومة رفضت أن يكون ثمن هؤلاء الأسرى الجدد أن تتم معاملتهم بمعاملة المرضى وكبار السن نفسها، حتى رضخت إسرائيل لذلك وزادت عدد الأسرى من ذوي المحكوميات المؤبدة، الذين سيُفرج عنهم خلال المرحلة الأولى، والذين سيتم إبعاد غالبيتهم إلى خارج فلسطين.

وتؤكد مصادر إسرائيلية قرب التوصل إلى اتفاق، مؤكدة أن إسرائيل لها حق العودة إلى القتال، وهو ما توضحه مصادر «الشرق الأوسط» أن هذا مرتبط بالإخلال بشروط الاتفاق من أي طرف.

ويواجه نتنياهو صعوبات في مواجهة اليمين المتطرف داخل حكومته، الذي يرفض الصفقة ويهدد بحل الحكومة، إلا أن أحزاب المعارضة أعلنت جهوزيتها لتوفير شبكة أمان له مقابل إتمام الصفقة.

مبانٍ مدمرة في شمال غزة جرّاء القصف الإسرائيلي الاثنين (رويترز)

تصعيد القصف

ومنذ بدء تسارع الأخبار حول الصفقة، صعّدت إسرائيل من عمليات القصف على مناطق متفرقة من القطاع، خصوصاً في شماله، في حين ركزت على استهداف خيام النازحين في دير البلح وخان يونس، مما أدى إلى مقتل بعضهم.

وبدت الفرحة على وجوه الغزيين مع قرب إعلان التوصل لاتفاق، وسُمعت الأغاني والأهازيج والتصفيقات من خيام النازحين ومراكز الإيواء فرحاً بأخبار الاتفاق المرتقب.

وقالت فاتن ياسين، النازحة من مخيم الشاطئ إلى مواصي خان يونس: «كنا بنستنى (ننتظر) اليوم هذا كثير... بدنا نرجع إلى بيوتنا ومناطقنا... بكفي قتل ودمار».

بينما قال الخريج الجامعي أحمد فرج، من سكان حي الدرج بمدينة غزة: «الجميع هنا يترقب أن يتوقف نزيف الدم، وأن يتوقف القصف الإسرائيلي، ويعود لنا الأمن والأمان... ما أن تتوقف الحرب فسنبدأ حرباً أخرى، لكنها ستكون هينة مقارنة بالقتل الذي نتعرّض له على مدار الساعة».


مقالات ذات صلة

عندما قال ترمب لنتنياهو: أريدك رجلاً

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - أ.ب)

عندما قال ترمب لنتنياهو: أريدك رجلاً

الاتفاق الذي يتبلور حول الصفقة بين إسرائيل و«حماس» هو نفسه الذي كان مطروحاً ومقبولاً في شهر مايو (أيار) الماضي. فلماذا فشل في حينه، وها هو ينجح اليوم؟

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

تحليل إخباري 8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إسرائيلي يشارك باحتجاج قرب مكتب نتنياهو بالقدس للمطالبة بالعمل على تحرير الأسرى الثلاثاء (رويترز)

نتنياهو يستطيع تمرير«اتفاق غزة» ولو عارضه بن غفير وسموتريتش

تمرير صفقة اتفاق غزة سيكون سهلاً على بنيامين نتنياهو عبر حكومته، ولا توجد أخطار تهددها، بل سيكون لها تأييد شعبي واسع.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مبانٍ مدمرة بسبب الحرب في شمال قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:28

اتفاق إنهاء الحرب في غزة «أقرب من أي وقت مضى»

أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، الاثنين، أن التوصل إلى اتفاق لوقف النار والإفراج عن الرهائن في غزة أصبح قريباً، وقد يحصل ذلك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)

قادة عسكريون إسرائيليون يحذرون من خطر هجوم مثل «7 أكتوبر»

الجيش الإسرائيلي واعٍ لهذا الخطر، وليس فقط في الجنوب بل أيضاً على بقية الحدود الإسرائيلية، في الشمال وفي الضفة الغربية وحتى على الحدود مع سوريا والأردن.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يواصل الضغط على إسرائيل بعد الهدنة التي يبدو أنها وشيكة في قطاع غزة، حتى تقبل بقيام دولة فلسطينية.

وأضاف مصطفى، قبل مؤتمر في أوسلو: «وقف إطلاق النار الذي نتحدث عنه... جاء في المقام الأول بسبب الضغوط الدولية؛ لذا فإن الضغوط تؤتي ثمارها».

وذكر أنه لا يمكن القبول بعملية الفصل بين غزة والضفة الغربية، مشدداً أيضاً على أنه لا يمكن ترك القطاع لـ«حالة الفراغ».

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

وأضاف رئيس الوزراء، في كلمة ألقاها خلال اجتماع التحالف الدولي لدعم حل الدولتين بالعاصمة النرويجية أوسلو، وبثَّها التلفزيون الفلسطيني، أن «حكومته مستعدة لتولي المسؤولية في قطاع غزة، بعد وقف إطلاق النار».

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي التي تؤوي عدداً من النازحين وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تأتي تصريحات مصطفى وسط ترقّب للإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل مفاوضات جارية حول التفاصيل النهائية. وقالت شبكة «سي بي إس» الأميركية، أمس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا مبدئياً، في المحادثات الجارية بالدوحة، على مسوَّدة اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجَزين.

أطفال وأهالٍ فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

من جانبه، قال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، مستضيف الاجتماع، إن «وقف إطلاق النار هو الشرط المسبق للسلام، لكنه ليس السلام».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى المُضي قدماً الآن نحو حل الدولتين. وبما أن إحدى الدولتين موجودة، وهي إسرائيل، فنحن بحاجة إلى بناء الدولة الأخرى، وهي فلسطين».

واعترفت النرويج، إلى جانب إسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا، بدولة فلسطين في شهر مايو (أيار) 2024، الأمر الذي أثار غضب السلطات الإسرائيلية.