اجتماع الرياض… تقدير للدور السعودي ومطالبة الإدارة السورية بخريطة طريق

3 خبراء سوريين يعتبرون الكرة في ملعب الحكومة المؤقتة

مشاركة واسعة من الدول والمنظمات في الاجتماع الموسَّع بشأن سوريا (الخارجية السعودية)
مشاركة واسعة من الدول والمنظمات في الاجتماع الموسَّع بشأن سوريا (الخارجية السعودية)
TT

اجتماع الرياض… تقدير للدور السعودي ومطالبة الإدارة السورية بخريطة طريق

مشاركة واسعة من الدول والمنظمات في الاجتماع الموسَّع بشأن سوريا (الخارجية السعودية)
مشاركة واسعة من الدول والمنظمات في الاجتماع الموسَّع بشأن سوريا (الخارجية السعودية)

استقبل السوريون بإيجابية مخرجات الاجتماع الوزاري العربي الموسَّع بشأن سوريا، الأحد، في العاصمة الرياض، وتصريحات وزير الخارجية السعودي، وبتقدير لدور المملكة وتشديد الأمير فيصل بن فرحان بعد انتهاء الاجتماع، على ضرورة رفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة على سوريا؛ لأن عدم رفعها «سيعرقل طموحات الشعب السوري».

«الشرق الأوسط» تحدثت لثلاثة خبراء في الشأن السوري لرصد انطباعاتهم عن مخرجات اجتماع الرياض، وما يمكن أن يبنى عليها تالياً.

التعافي المبكر

الدكتور هشام مروة، رجل القانون الذي واكب مراحل الثورة السورية ضد نظام الأسد منذ مارس (آذار) 2011، وكان عنصراً أساسياً في تشكيل «المجلس الوطني السوري» و«الائتلاف الوطني السوري» المعارضَين لنظام الأسد، يستهل حديثه بـ«الشكر الجزيل لدعوة الأشقاء السعوديين إلى هذا الاجتماع، وكذلك الشكر لمن حضر من الأشقاء والأصدقاء».

ويلفت إلى أن المؤتمر كان على ثلاثة مستويات، الأول عربي برسالة مهمة أن سورية الآن مع حاضنتها العربية وليست خارجها، والثاني هو اللقاء العربي متضمناً سورية مع الأتراك، في لفت الانتباه إلى تقدير العرب والأوروبيين للدور التركي الداعم للشعب السوري، والثالث مع أعضاء من الاتحاد الأوروبي، ألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة.

يتابع الدكتور مروة: «اللافت في الإحاطة الإعلامية لوزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، التركيز على أهمية عملية إنعاش سورية ودعمها لتكون قادرة على القيام بالدور المطلوب منها في سوريا وفي المحيطين الإقليمي والدولي، وتركيزه على أن مستقبل سورية يقرره السوريون.

وكذلك توجُّه المشاركين على أهمية وعدالة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وليس على الأفراد الذين كانوا مع نظام الأسد وأعوانه في الجرائم ضد الشعب السوري».

وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني يحضر اجتماعاً بشأن سوريا في الرياض الأحد (رويترز)

يلفت الدكتور مروة أيضاً، إلى أن الإشارات الإيجابية من الإدارة الجديدة، تدفع باتجاه تسريع رفع العقوبات عن سوريا وليس عن المجرمين من النظام البائد. «ولعل هذا الاجتماع كان فرصة لاجتماع وزير خارجية الإدارة الجديدة، أسعد الشيباني، مع بعض وزراء الخارجية الذين لم يتم الاجتماع بهم بعد».

واعتبر مروة أن اجتماع الرياض حول سوريا، الأحد، خطوة مهمة ومتقدمة وإيجابية ومحل تقدير من كل السوريين، سيكون له أكبر الأثر في التعافي المبكر لسوريا، وسرعة استعادة دورها العربي والإقليمي والدولي، والأداء المتوازن على مستوى العلاقات مع دول الجوار.

ويلفت عضو «الائتلاف»، إلى انعكاس هذا الدعم العربي والدولي على الداخل السوري ونجاح «المؤتمر الوطني السوري» المتوقع قريباً في دمشق، الذي يجري التحضير له بشكل حثيث، وسيضم مكونات وأطياف الشعب السوري، ويتوقع أن يتمخض عن حل الفصائل وجمع سلاحها وإدماجها في الجيش الوطني السوري، والعمل على ملء الفراغ الدستوري والتحضير للمرحلة الانتقالية وتكليف حكومة تمثل كل السوريين، بين يدي انتخابات شفافة ونزيهة نيابية ورئاسية.

متطوعون من الشباب الصغار يرسمون جدارية ترمز إلى السلام على جدار في ضواحي دمشق (أ.ب)

عملية انتقالية شاملة

معتصم السيوفي، مدير منظمة «اليوم التالي»، وهي منظمة مستقلة تعنى بدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا. يرى أن مخرجات اجتماع الرياض «جيدة ومهمة»، خصوصاً أنها صادرة عن مجموعة من الدول العربية والغربية الأساسية التي تلعب دوراً أساسياً في الوضع السوري. فهناك احتضان لسوريا وترحيب بالإدارة الجديدة وعروض لتقديم الدعم والمشورة.

يتابع: من الواضح أنه بإغفال ذكر القرار الدولي 2254 في البيان الختامي والنص على «احترام سيادة سوريا واستقلالها وتقديم الدعم والمشورة»، أن هناك تجاوباً مع طلبات الإدارة الحالية التي عبَّرت على لسان قائدها أن الواقع تجاوز القرار الأممي 2254، «وما رشح عن حساسية هذه القيادة لما بدا أنها ضغوط أو شكل من أشكال الوصاية من الخارج».

ما هو إيجابي أيضاً، يتابع السيوفي، النص بوضوح في بيان اجتماع الرياض، عن توقعات واضحة ومحددة بـ«عملية انتقالية شاملة» لمختلف شرائح المجتمع السوري السياسية والاجتماعية، تؤمّن حقوق وأمن جميع السوريين وسلامة سوريا وعروبتها ووحدتها. أيضاً الوعد بالعمل على تنسيق الجهود من أجل السير برفع العقوبات وتقديم الدعم الإنساني المطلوب لشعبها.

بالنظر لكل هذه العوامل الإيجابية، يرى مدير منظمة «اليوم التالي»، أن الطرف السوري، وبالتحديد الإدارة الحالية، مطالبة بـ«تقديم خريطة طريق للمرحلة الانتقالية بشكل علني وواضح ومحدد وشامل لكل شرائح المجتمع السوري». إذ حتى الآن، ليس لدينا خطة واضحة للانتقال بالتزامن مع رفض القرار 2254. فما هو البديل الذي تراه الإدارة مناسباً؟

ويوضح تساؤله بتفصيل أكثر، أن الإدارة، على سبيل المثال لا الحصر، تولت كل سلطات الدولة وتعيد تشكيل المؤسسات العسكرية والأمنية وتقوم بتعيينات قضائية، وليس لدينا إلى الآن تصور واضح عن المرحلة الانتقالية وعن المستقبل. «الكرة الآن في ملعب الإدارة، وهذا الغموض أصبح من الضروري إزالته بسرعة».

امرأة ضمن مجتمعين أمام سجن في دمشق غداة سقوط الأسد أملاً بجلاء مصير ذويهم المفقودين (أ.ف.ب)

ويلفت معتصم السيوفي، إلى الكثير من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الجديدة، ينظر إليها بإيجابية عالية على مستوى محاولات ضمان الأمن والسلم الأهلي، (رغم وجود خروق مثيرة للقلق)، كذلك محاولة تشغيل عجلات الدولة، لكن هناك بعض الإجراءات والقرارات والتعيينات في المناصب العسكرية والإدارية والأمنية، تحتاج إلى وفاق وطني قبل السير بها، وهو غير متوفر بالكامل في المرحلة الراهنة. هناك ملفات مثل قضية الكشف عن مصير المفقودين لم يتم اتخاذ أي خطوات باتجاهها. بكلام آخر نحتاج إلى خطة للمرحلة الانتقالية تؤمّن وفاقاً وطنياً وتستجيب لمطالب السوريين وتوقعات الدول الداعمة لسوريا، ثم نحتاج إلى مسار للحوار الوطني حول كل القضايا الشائكة وصولاً للحالة الدائمة المستقرة.

ينهي السيوفي كلامه بالقول: «الكرة الآن في ملعب الإدارة الحالية».

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني (وسط) يزور المدينة القديمة في دمشق الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

مشروع مارشال

الدكتور أسامة قاضي، خبير اقتصادي، رأى في اجتماع الرياض أهمية بالغة لمستقبل سوريا السياسي والاقتصادي، فهو يؤكد دورها العربي وعودتها لأشقائها بعد أن اختطفها نظام الأسد المخلوع إلى المستنقع الإيراني استمراراً لنهج أبيه الذي وقف مع إيران ضد العراق سابقاً. كذلك، يمهد هذا الاحتضان العربي مع الأصدقاء من الغرب على تعهدهم بمستقبل اقتصادي سوري واعد، «سِمته الحكم الرشيد وضمانة حرية وكرامة المواطن السوري».

يضيف قاضي، كنت طالبت عبر الإعلام من الشقيقة الكبرى المملكة الدعوة لمؤتمر مثل مشروع «مارشال للتعافي الأوربي» بعد الحرب العالمية الثانية، وطالبت بتسميته «مشروع سلمان للتعافي السوري»؛ كي يساهم كل السوريين والأشقاء والأصدقاء الغربيين في إعمار سوريا التي شوهتها اقتصادياً عشر خطط خمسية فاشلة لحكومات البعث والعبث على مدار خمسين سنة، إضافة إلى 14 عاماً من تدمير بنيتها التحتية الهشة، فضلاً عن الفساد والهدر والتسلط، لدرجة أن سوريا قبل يوم الجلاء الفعلي 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، هي في وضع أسوأ من يوم تأسيس الكيان السوري 1920.

المساعدات امتدادٌ للجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها السعودية للشعب السوري (الشرق الأوسط)

ويختم الدكتور أسامة قاضي بالقول، إن مؤتمر الرياض الذي حضرته 17 دولة هو تمهيد لمؤتمر التعافي المقترح «الذي أعتقد أن تحضره أكثر من 60 دولة كما فعلنا قبل تغير المزاج الدولي في (مؤتمر أصدقاء الشعب السوري لإعمار وتنمية سوريا الجديدة) عام 2012، الذي عقد 4 مؤتمرات في أبوظبي ودبي وبرلين وكوريا الجنوبية عام 2013. مشدداً على أن «الشعب السوري يتطلع للدور الأخوي والعروبي للشقيقة السعودية، بحضورها ووزنها العربي والدولي لقيادة نهضة سوريا الجديدة».


مقالات ذات صلة

استهداف إسرائيلي للسلطة الجديدة في سوريا

المشرق العربي  الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة (سانا)

استهداف إسرائيلي للسلطة الجديدة في سوريا

قُتل 3 أشخاص جراء قصف للجيش الإسرائيلي في قرية غدير البستان التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب غربي سوريا، مستهدفاً قوات الإدارة الجديدة للمرة الأولى، حسبما أفادت

«الشرق الأوسط» (دمشق - أنقرة)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها منطلقاً لتهديد جيرانها والبدء بعملية سياسية بلا تفرقة بين أبنائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي ونظيره التركي ترأسا جولة المشاورات في أنقرة الأربعاء (واس)

مشاورات سعودية - تركية لتعزيز التعاون الثنائي

بحثت جولة المشاورات السياسية الثانية بين وزارتي الخارجية السعودية والتركية سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (أنقرة)
خاص امرأة تعبر أمام قوات الأمن السورية أثناء تفتيش شوارع دمّر قرب دمشق خلال عملية لمصادرة الأسلحة ومطاردة المسلحين (إ.ف.ب)

خاص حملات أمنية في دمشق وحماة واجتماعات تصالحية بالساحل

شهدت اللاذقية اليوم الأربعاء عقد لقاءات مصالحة بين شخصيات علوية ومحافظي طرطوس واللاذقية وريفها ومديري الإدارة السياسية في الإدارة السورية الجديدة بمدن الساحل.

سعاد جروس (دمشق)
خاص أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

خاص المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

تُقدر أعداد «المفقودين والمعتقلين تعسفياً» في سوريا منذ عام 2011 وحتى نهاية العام الماضي، بنحو 136614 شخصاً وفق ما توثق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان».

سعاد جروس (دمشق)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.