تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

فيدان: القضاء على الوحدات الكردية «مسألة وقت»

فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على ضرورة ضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة، ورفض الانتهاكات الإسرائيلية هناك. وعكست مباحثات تركية - أردنية، ضمت وزيري الخارجية والدفاع ورئيسي مخابرات البلدين، بمقر «الخارجية» التركية في أنقرة، الاثنين، اتفاقاً بشأن دعم الإدارة السورية الجديدة في مرحلة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وتسهيل الحياة اليومية للمواطنين.

وجاءت المباحثات وسط تصعيد تركي حاد ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق في شرق حلب، بعد ساعات من الهدوء الحذر. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، في ختام المباحثات، إنه تمت مناقشة مكافحة الإرهاب مع الأردن، بالإضافة إلى التطورات في سوريا والأراضي الفلسطينية والعراق والمنطقة بشكل عام.

وأضاف أنه منذ اليوم الأول لسقوط بشار الأسد كان لدى بلاده تنسيق مع الأردن، وأن العمل مستمر كذلك من أجل إنهاء الكارثة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة. وتابع أن الاستقرار في سوريا مهم، وكذلك تقديم الدعم للإدارة الجديدة، وأن تركيا والأردن متفقتان فيما يخص استقرار سوريا وإعادة إعمارها ووحدتها واستقلالها، حيث جرى الاتفاق على وضع خريطة طريق لتقديم الدعم للشعب السوري بالتنسيق مع السوريين.

وأشار فيدان إلى أنه ستكون هناك اجتماعات مقبلة بين تركيا والعراق والأردن وسوريا ولبنان، من أجل مناقشة الأوضاع، مضيفاً: «نحن في تضامن تام مع الأردن ونبذل جهوداً كبيرة من أجل وقف العدوان في غزة».

دعم الإدارة السورية

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال المؤتمر الصحافي (الخارجية التركية)

بدوره، قال الصفدي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إن أمن سوريا واستقرارها من أمن المنطقة واستقرارها، ورسالة الأردن وتركيا واضحة في دعم الشعب السوري وإرادته، وفي إعادة بناء وطنه على الأسس التي تضمن بناء مستقبل يشارك كل السوريين في صياغته. وذكر الصفدي أن اللقاء في أنقرة جاء لتنسيق الجهود التي نبذلها من أجل الشعبين السوري والفلسطيني، مضيفاً أن وتيرة التعاون بين الأردن وتركيا ستزيد في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة هذه الفترة.

وأضاف أن الجانبين بحثا كيفية الدعم الحقيقي للإدارة الجديدة بسوريا، والتنسيق في توفير الخدمات الأساسية، وسبل توفير الكهرباء لسوريا، حتى يحصل المواطن السوري على حقه بالعيش الآمن في بلده. ولفت الصفدي إلى أن الأردن سيزيد من وتيرة التعاون مع تركيا لتقديم الدعم للشعب السوري، ولمواجهة التحديات في المنطقة، وكذلك ننسق مع العراق من أجل بلورة آليات مشتركة تنعكس إيجاباً على كل المنطقة.

وشدد على أن مواقف الدول العربية واحدة في دعم استقرار وبناء سوريا على الأسس التي تضمن للشعب السوري تلبية طموحاته، وجدد رفض الأردن العدوان الإسرائيلي الجديد على الأرض السورية الذي يعد خرقاً واضحاً للقانون الدولي وللسيادة السورية.

جانب من المباحثات التركية - الأردنية في وزارة الخارجية التركية بأنقرة الاثنين (الخارجية التركية)

وعقدت في وزارة الخارجية التركية بأنقرة، الاثنين، مباحثات تركية - أردنية شارك فيها من الجانب التركي وزيرا الخارجية والدفاع التركيان، هاكان فيدان ويشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، ومن الجانب الأردني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، تناولت إلى جانب العلاقات بين البلدين الشقيقين، التطورات الإقليمية، خصوصاً القضية الفلسطينية وجهود وقف العدوان، وفي مقدمتها التطورات في سوريا والتعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وقضية اللاجئين، والعدوان الإسرائيلي على غزة في إطار التنسيق والتشاور المستمرين بين البلدين.

ملف الأكراد

وخلال المؤتمر الصحافي، قال فيدان إن القضاء على «وحدات حماية الشعب» الكردية بات «مسألة وقت»، وأن أنقرة لن توافق على أي سياسة تسمح للوحدات الكردية بالحفاظ على وجودها في سوريا. وأكد فيدان أن بلاده لن تسمح بتمرير أي أجندات غربية قائمة على دعم تنظيم «بي كي كي» بذريعة مكافحة «داعش». وأضاف: «إمبراطورية العنف التي أسسها (تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي)، عبر استغلال المشاعر النبيلة لإخواننا الأكراد شارفت على الانهيار»، قائلاً: «الإخوة في العراق يغضون الطرف عن الاحتلال في سنجار لماذا يحدث هذا؟ لا نعرف، ربما سيختفي بعد فترة».

ولفت فيدان إلى أن تنظيم «(داعش) مثل السم بالنسبة للعالم الإسلامي، وأن أميركا وبعض الدول الأوروبية أسندت دور حراسة (داعش) إلى المنظمة الإرهابية (الوحدات الكردية)، وما قدموه تحت غطاء الكفاح ضد (داعش)، لا يتوافق مع الواقع». وقال: «نحن في وضع يسمح لنا ليس فقط بالرصد، بل سحق أي نوع من المؤامرات في المنطقة».

وأضاف أن تركيا تكافح بحساسية كبيرة للتخلص من «داعش»، الذي يعدّ مشكلة مشتركة للمجتمعات الإسلامية، داخل الحدود وخارجها، «وهذا يتطلب تعاون كثير من الدول، وقد عقدنا اجتماعات مع دول صديقة وشقيقة، وبخاصة الأردن، واستخدمنا جميع الأساليب، خصوصاً تبادل المعلومات الاستخبارية والعمليات المشتركة، ومن المهم جداً بالنسبة لنا أن (داعش) لن يظهر مرة أخرى في منطقتنا».

لقاء إردوغان والصفدي

جانب من استقبال إردوغان للصفدي (الرئاسة التركية)

بدوره، قال الصفدي، الذي التقاه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عقب مباحثات الوفدين التركي والأردني: «إننا ندعم تركيا في مواجهة الإرهاب وأي تهديدات لأمنها واستقرارها». وأضاف أن «الأردن وتركيا هما الأقدر في المنطقة على مقاربة قضاياهما، ويجب أن يكون لهما دور رئيسي في مواجهة التحديات بالمنطقة، كما أننا حريصون على أن يعيش الأكراد في سوريا حياة كريمة ومستقرة مع باقي مكونات الشعب السوري، ونرفض أن يعيد الإرهاب وجوده ومكانه في سوريا، ولا نريد حدوث اقتتال في سوريا».

في السياق، قال إردوغان إن القيادة السورية الجديدة عاقدة العزم على اجتثاث الانفصاليين (القوات الكردية) في سوريا. وأضاف إردوغان، في كلمة خلال كلمة المؤتمر الإقليمي الثامن لـ«حزب العدالة والتنمية» في طرابزون شمال تركيا، مساء الأحد، أن «آمال المنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية) تتبدد في ظل الثورة بسوريا، فالإدارة الجديدة بسوريا تظهر موقفاً حازماً للغاية في الحفاظ على وحدة أراضي البلاد وهيكلها الموحد». وتابع: «نهاية التنظيم الإرهابي اقتربت، لا خيار لأعضائه سوى تسليم أسلحتهم والتخلي عن الإرهاب وحل التنظيم، سيواجهون قبضة تركيا الحديدية».

اشتباكات منبج

وتجددت الاشتباكات والقصف المدفعي بدعم من المسيرات التركية على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق بريف منبج شرق حلب، الاثنين، بين فصائل «الجيش الوطني» الموالية لتركيا وقوات «قسد»، وسط محاولات من الفصائل لتحقيق تقدم ميداني على الأرض.

وتسعى فصائل غرفة «عملية فجر الحرية»، التي انطلقت بأوامر من تركيا لـ«الجيش الوطني السوري» الشهر الماضي، بالتزامن مع تقدم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا باتجاه دمشق، إلى فرض السيطرة على جميع المناطق التي تسيطر عليها «قسد» في شرق الفرات، بدءاً بمدينة عين العرب (كوباني)، ثم الرقة والحسكة، وذلك بعدما سيطرت على مدينتي تل رفعت ومنبج، التي لا يزال القتال دائراً على محاورها الجنوبية الغربية والشرقية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 4 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، إثر استهداف نقطة تمركزهم بالقرب من جسر قره قوزاق بطائرة مسيّرة تابعة لـ«قسد»، كما قتل أحد عناصر «قسد» جراء القصف المدفعي من جانب القوات الكردية على المحور ذاته. واستهدفت مسيّرة تركية سيارة عسكرية تابعة لـ«قسد»، ما أدى إلى إصابة سائقها بجروح خطيرة.

أفراد من «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا شرق حلب (أ.ف.ب)

وتجدد القصف من جانب القوات التركية والفصائل الموالية لها بعد ساعات من الهدوء الحذر على محاور القتال في ريف منبج.

وقالت «قسد» إنها تتصدى لهجوم عنيف تشنه القوات التركية والفصائل على قرى في جنوب وشرق منبج وسد تشرين.

وكان الهدوء الحذر خيم، الأحد، على محاور القتال في ريف منبج، عقب معارك عنيفة استمرت 24 يوماً بين الفصائل المدعومة من تركيا و«قسد» والتشكيلات التابعة لها في محاور قرى حج حسين، والسعيدين، وعطشانة، وعلوش، والمصطاحة، إضافة إلى سد تشرين وجسر قره قوزاق.

وأحصى المرصد السوري مقتل 280 شخصاً في الاشتباكات والهجمات في المنطقة؛ منهم 199 من عناصر الفصائل الموالية لتركيا و56 من «قسد»، إلى جانب 25 مدنياً، بينهم 5 نساء وطفلان. وقالت وزارة الدفاع التركية، الأحد، إن قواتها قتلت 32 من عناصر الوحدات الكردية في عمليات بشمال سوريا.

تسهيل عودة اللاجئين

على صعيد آخر، أعلنت إدارة الهجرة التركية فتح 7 معابر حدودية أمام السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، ضمن الإجراءات الرامية إلى تسهيل عودة السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وبحسب بيان لرئاسة إدارة الهجرة التركية، تضمنت المعابر المخصصة للعودة الطوعية 5 معابر لعودة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، هي: جيلوا غوزو (معبر باب الهوى)، ويايلاداغي (معبر كسب) في هطاي، وأونجو بينار (باب السلامة) في كيلس، وكاراكميش (معبر جرابلس) في غازي عنتاب، وأكتشا قلعة (معبر تل أبيض) في شانلي أورفا.

تدفق السوريين على البوابات الحدودية للعودة إلى بلادهم (أ.ب)

وتم تخصيص معبرين إضافيين للسوريين الراغبين في زيارة بلادهم لترتيب أوضاع عائلاتهم تمهيداً للعودة، حيث يسمح لفرد واحد من كل عائلة بالخروج والدخول 3 مرات في الفترة بين يناير (كانون الثاني) الحالي ويونيو (حزيران) المقبل، هما تشوبان باي (معبر الراعي)، وزيتين دالي (معبر الحمام في عفرين).

وفي سياق متصل، فتحت السلطات التركية تحقيقاً في تصريحات رئيس بلدية بولو من «حزب الشعب الجمهوري»، تانجو أوزجان، قال فيها إنه ألغى، بشكل غير قانوني، بعض التراخيص التجارية للسوريين في مدينته الواقعة شمال غربي تركيا.

رئيس بلدية بولو تانجو أوزجان (من حسابه في «إكس»)

وقال أوزجان، في مقابلة تلفزيونية، السبت، إنه اتخذ إجراءات ضد السوريين في المدينة، منها إزالة لافتات تجارية مكتوبة باللغة العربية وإلغاء تراخيص تجارية، وزيادة تكلفة الزواج واستهلاك المياه، ما دفعهم إلى مغادرة المدنية، وهو ما سمح للمواطنين الأتراك بأن يتحركوا بحرية وبخروج النساء والأطفال بأمان دون التعرض للتحرش.

وأضاف أن السوريين ربما يكسبون الدعاوى إذا طعنوا في الإجراءات التي اتخذها أمام المحكمة الإدارية. وقال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، إن مكتب المدعي العام في مدينة بولو فتح تحقيقاً مع رئيس البلدية بشأن تصريحاته عن السوريين في بلادنا.

وعلق أوزجان عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «لقد قلت، وفعلت ما فعلته بشأن اللاجئين، مع الأخذ في الحسبان العواقب، أنا مستعد لدفع ثمن هذا».


مقالات ذات صلة

«مركز الملك سلمان للإغاثة»: جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة

المشرق العربي فهد العصيمي في معبر نصيب الحدودي بين أطفال سوريين (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

«مركز الملك سلمان للإغاثة»: جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة

قال فهد العصيمي، مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وقائد فريق المركز في دمشق، إن الجسرين البري والجوي المقدمين من…

كمال شيخو (دمشق )
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)

الأوروبيون يتقدمون خطوة خطوة في الملف السوري

قاعدة مزدوجة تتحكم في تعامل المسؤولين الأوروبيين مع الملف السوري: البراغماتية من جهة و«التدرجية» من جهة أخرى.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.