الخروقات الإسرائيلية تتواصل جنوب لبنان... وترقب للانسحاب من الناقورة

اجتماع بين بري ورئيس لجنة المراقبة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)
TT

الخروقات الإسرائيلية تتواصل جنوب لبنان... وترقب للانسحاب من الناقورة

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)

تتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع توغل الجيش الإسرائيلي إلى بلدات إضافية في جنوب لبنان لم ينجح بالدخول إليها خلال الحرب، وآخرها بيت ليف قضاء النبطية، فيما تشير المعلومات إلى إمكانية انسحابه من الناقورة بعدما انسحب من بلدتي الخيام وشمع.

في غضون ذلك، سجل اجتماع بين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس لجنة المراقبة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، في بيروت، بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، حيث عرض للأوضاع الميدانية على ضوء مواصلة إسرائيل خرقها لبنود الاتفاق، بحسب بيان رئاسة البرلمان.

استعداد للانسحاب من الناقورة

وفيما أفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» بأن الجيش اللبناني يستعد للدخول إلى الناقورة لإعادة انتشاره في مراكزه بعد تراجع القوات الإسرائيلية من أحياء البلدة باتجاه رأس الناقورة وبلدة علما الشعب بالتزامن مع تمشيط بالأسلحة الرشاشة، أكد مصدر عسكري أن الجيش الإسرائيلي ما زال موجوداً في الناقورة، ولا يسمح لأحد بالدخول.

وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الإسرائيلي قال إنه سينسحب من بلدة الناقورة، لكن حتى الآن لم يبدأ الخطوات التنفيذية لذلك، ولم يتم تبليغنا رسمياً من قوات الـ«يونيفيل» ولجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، مضيفاً: «كان من المفترض أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من القطاع الغربي ثم ينسحب من القطاع الشرقي، إلا أنه انسحب من الخيام أولاً، وبالتالي لا يمكن توقع ما سيقوم به».

وكانت «هيئة البث الإسرائيلية» قد قالت قبل يومين إن الجيش الإسرائيلي يستعد للانسحاب من القطاع الغربي في جنوب لبنان، بالتنسيق مع آلية المراقبة الأميركية، فيما لم يتم الإعلان عن موعد محدد لذلك.

ووفقاً لهيئة البث، فإن الجيش الإسرائيلي «يستعد للانسحاب من واحدة من أهم الجبهات في الصراع هناك، حيث إن الجيش يخطط للانسحاب من الجبهة الغربية في جنوب لبنان، وهي المنطقة المقابلة لرأس الناقورة وشلومي ونهاريا».

وكان الجيش الإسرائيلي قد انسحب من بلدتي شمع والخيام تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وميدانياً، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن دورية إسرائيلية معززة بدبابات «ميركافا» وآليات وجرافة، توغّلت في أطراف بيت ليف، حيث قام الجنود الإسرائيليون بتفتيش بعض المنازل والأحراج.

كما نفذت مسيرة إسرائيلية غارتين على منطقة الرومية بين بيت ليف وياطر، جنوب لبنان، وأطلقت دبابة ميركافا إسرائيلية قذيفتين مستهدفة أحد المنازل في بلدة بيت ليف التي دخلت إليها دوريات إسرائيلية، وعملت عناصرها على تفتيش المنازل الواقعة لجهة بلدتي راميا والقوزح.

في موازاة ذلك، لم يغب الطيران الإسرائيلي عن الأجواء اللبنانية، حيث حلّقت مسيّرة إسرائيلية فوق العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية على مستوى منخفض. كما حلقت طائرات استطلاعية إسرائيلية في أجواء مدينة صور وقرى القضاء في جنوب لبنان.

من جهتها، قالت «هيئة البث الإسرائيلية» (كان)، إن «إسرائيل دمرت نظاماً صاروخياً مضاداً للطائرات في جنوب لبنان». ونقلت «كان» عن مصدر مطلع قوله إن «الهجوم جزء من سياسة تل أبيب ضمن وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان».

عناصر من الجيش اللبناني عند مدخل بلدة شمع (قيادة الجيش)

ودخل قرار وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتخرق إسرائيل الاتفاق منذ سريانه بشكل يومي.

ردود فعل على تصريح قاسم

وتعليقاً على كلام الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، عن «إعطاء فرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها»، وتحمل مسؤولية خروج إسرائيل من لبنان، قال رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق العماد ميشال سليمان، بحسب ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية: «خلاصة اليوم الأول من العام الجديد. الشيخ نعيم قاسم يعطي فرصة للدولة لتثبت نفسها. ينبغي ألا تكون الفرصة فقط في جنوب الليطاني».

من جهته، كتب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على حسابه عبر منصة «إكس»، الخميس: «شيخ نعيم، الدولة هي أنتم الآن. لديكم الأكثرية الساحقة داخل الحكومة، فاتخذوا الموقف المناسب».

وأعلن قاسم، الأربعاء، أن «(حزب الله) قرر في مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار إعطاء الفرصة، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها، وأن تكون راعية للاتفاق، والمسؤولية تقع عليها وعلى الدول الراعية للاتفاق حتى خروج إسرائيل من لبنان». وتابع: «أثبتنا بالمقاومة أننا لم نمكّن العدو من التقدم، والآن الفرصة للدولة اللبنانية لتثبت نفسها».


مقالات ذات صلة

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية تفجيرات في بلدة كفركلا وفي محيط بلدتي عيتا الشعب والوزاني، سُمع دويها في بلدات عدة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)

ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

لاقى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبنان ردود فعل دولية وعربية مرحبّة ومشددة على أهمية أن تستعيد البلاد الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني جوزيف عون يسير في القصر الرئاسي بعد انتخابه رئيساً (رويترز) play-circle 01:12

البرلمان اللبناني ينتخب عون رئيساً... و«تعديل ضمني» للدستور

انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً بـ99 صوتاً، وذلك بعد أكثر من عامين من الفراغ في سدة الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
TT

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

بعد 12 عاماً على صورته بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، يبدو اللاجئ السوري الأكثر شهرة في ألمانيا، أنس معضماني، مُرتاحاً في وطنه بالتبني.

ورغم أنه لم يكن يعرف من هي ميركل حينما التقط معها الصورة وهي تزور مركز اللجوء الذي كان فيه؛ فإنه بات اليوم معلقاً بألمانيا قدر ارتباطه بوطنه الأم سوريا.

مثل باقي السوريين الذين وصلوا لاجئين إلى ألمانيا بعد شرارة الثورة في بلادهم عام 2011، يواجه أنس وغيره من أبناء جيل اللجوء، قراراً صعباً: هل نعود إلى سوريا أم نبقى في ألمانيا؟

وخلال فترة ما بعد سقوط الأسد، يبدو أن خطط أنس بدأت تتضح معالمها: يريد الشاب المتحدر من داريا في ريف دمشق، العودة إلى سوريا لزيارة أهله، ومساعدتهم على إعادة بناء منزلهم كخطوة أولى.

بعدها، يقول أنس لـ«الشرق الأوسط»، إنه يريد أن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتح مشاريع في البلدين. وكما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه يستدرك: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكني أحب ألمانيا وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».

في ألمانيا، بات أنس مثالاً للاجئ السوري المندمج؛ فهو تعلم اللغة، وحصل على الجنسية ودخل سوق العمل، حتى إنه تعرف على فتاة أوكرانية تُدعى آنا، ويخططان لمستقبلهما معاً.

ولعل مسألة حصول أنس على جواز سفر ألماني هي ما يسهل قراره بالعودة وإن كانت جزئية إلى سوريا؛ فهو يعلم أنه يمكنه التحرك بحرّية بين الجانبين من دون أن يخشى خسارة أوراقه أو إقامته.

أنس معضماني (الشرق الأوسط)

وأنس واحد من قرابة 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون بإقامات لجوء، أو إقامات حماية مؤقتة يمكن أن تُسحب منهم عندما يستقر الوضع في سوريا.

الارتباك للجميع

غير أن الارتباك لم يكن من نصيب اللاجئين السوريين فقط؛ فالتغيير السريع للوضع في دمشق أربك أيضاً سلطات الهجرة في ألمانيا، ودفعها إلى تعليق البت في 47 ألف طلب لسوريين راغبين في الهجرة... الجميع ينتظر أن تتضح الصورة.

ولقد كان الأساس الذي تعتمد عليه سلطات اللجوء لمنح السوريين الحماية، الخوف من الحرب أو الملاحقة في بلادهم. وبعد انتفاء هذه المخاوف بسبب سقوط النظام، ربما سقط السند القانوني.

وامتد هذا الإرباك بشأن وضع اللاجئين السوريين إلى السياسيين الذين سارعوا بالحديث عن «ترحيل السوريين» إلى بلادهم بعد ساعات قليلة على سقوط الأسد.

ولم تصدر تلك الدعوات من الأحزاب اليمينية فقط، بل أيضاً من الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر المنتمية للحزب، والتي تحدثت عن المساعي لتغيير قواعد اللجوء للسوريين، والعمل على إبقاء «المندمج ومن يعمل» وترحيل المتبقين.

سورية ترتدي علم المعارضة السورية ضمن مظاهرات في شوارع برلين 10 ديسمبر احتفالاً بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

ولكن الترحيل ليس بهذه البساطة. والكثير مما يتردد عن ترحيل السوريين قد تكون أسبابه انتخابية قبل أسابيع قليلة عن الانتخابات العامة المبكرة التي ستجري في 23 فبراير (شباط) المقبل.

وصحيح أنه من حيث المبدأ، يمكن سحب الإقامات المؤقتة من حامليها؛ لكن ذلك يتطلب أن تصنف وزارة الخارجية سوريا «دولة آمنة ومستقرة»، وهو ما قد يستغرق سنوات.

نيات البقاء والمغادرة

وحتى مع تأخر التصنيف الألماني لسوريا آمنة ومستقرة، لا يبدو أن الكثير من اللاجئين متشجعون للعودة. وبحسب «المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين» الذي يجمع معلومات دورية حول نيات اللاجئين بالبقاء أو المغادرة، فإن 94 في المائة من السوريين قالوا قبل سقوط الأسد إنهم يريدون البقاء في ألمانيا.

ورغم أنه ليست هناك إحصاءات جديدة منذ سقوط الأسد بعد، فإن المكتب يشير إلى أنه في العادة تزداد نيات البقاء مع زيادة فترة وجود اللاجئ في البلاد. وكلما طالت فترة وجوده، ازدادت إرادة البقاء.

وصل معظم السوريين إلى ألمانيا قبل أكثر من 5 سنوات، جزء كبير منهم قبل عقد من الزمن، وهذا يعني، حسب المركز، أن تعلقهم بألمانيا بات قوياً.

وتنعكس هذه الدراسة فعلاً على وضع اللاجئين السوريين في ألمانيا.

سيامند عثمان مثلاً، لاجئ سوري كردي، وصل إلى ألمانيا قبل 11 عاماً، يتحدر من القامشلي، وهو مثل مواطنه أنس، تعلم اللغة، وحصل على جواز ألماني، وما زالت معظم عائلته في القامشلي. ومع ذلك، لا يفكر بالعودة حالياً.

سيامند عثمان سوري كردي يعيش بألمانيا لا يفكر في العودة حالياً (الشرق الأوسط)

يقول عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في مناطق الأكراد «صعب في الوقت الحالي، وما زال غير مستقر»، ولكنه يضيف: «أنا أحب العودة وهذه أمنيتي، فأهلي هناك، ولكن أتمنى أولاً أن تتفق كل الأطراف في سوريا، ويصبح هناك أمان في منطقتنا».

أكثر ما يخيف سيامند هو عودة الحرب في سوريا، يقول: «تخيلي أن أترك بيتي هنا وأسلم كل شيء وأبيع ممتلكاتي وأعود إلى سوريا لتعود معي الحرب بعد أشهر وأضطر للنزوح مرة جديدة». ومع ذلك فهو مصرّ على أنه سيعود عندما تستقر الأمور.

ماذا عن الاقتصاد؟

المخاوف من عدم الاستقرار ليست وحدها التي تجعل السوريين مترددين في العودة. فالوضع الاقتصادي يلعب دوراً أساسياً، وفق ما تُقدر آلاء محرز التي وصلت عام 2015 إلى ألمانيا.

تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها «بنت نفسها من الصفر»؛ تعلمت اللغة، وعادت وتدربت على مهنتها (المحاسبة)، وهي الآن تعمل في هذا المجال، وحصلت على الجنسية الألمانية.

آلاء محرز لاجئة سورية تعمل في ألمانيا (الشرق الأوسط)

ورغم تفاؤلها الكبير بمستقبل سوريا، فإن آلاء المتحدرة من حمص ما زالت تحمل تحفظات حول الوضع هناك، والمسار الذي قد تسلكه سوريا في السنوات المقبلة، وتخشى أن تترك وظيفتها ومنزلها في برلين وتعود من دون أن تجد عملاً مناسباً.

مصاعب العائلات

وإذا كان قرار فرد المغادرة أو البقاء صعباً، فإنه قد يكون أكثر صعوبة للعائلات السورية التي وصلت مع أبنائها الذين نسوا اللغة العربية وأضاعوا سنوات لتعلم الألمانية.

يقول أنس فهد، المتحدر من السويداء، الذي وصل إلى ألمانيا قبل 3 أعوام تقريباً مع عائلته وابنه المراهق، إنه «ما زال يحمل إقامة حماية مؤقتة، ويعمل مهندساً كهربائياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت مبكر الآن لاتخاذ قرار بالعودة»، شارحاً أن ابنه أمضى عاماً من الدراسة يتعلم اللغة الألمانية، وهو يحقق نتائج جيدة جداً في المدرسة ببرلين، ومن الصعب إعادته إلى مدارس سوريا حيث سيضطر لإضاعة عام آخر لدراسة اللغة العربية.

«وصلت يوم سقط الأسد»

وحتى الواصلون الجدد لا يخططون للعودة. لعل أحدثهم باسل حسين الذي وصل إلى برلين يوم سقوط الأسد، بعد أن دفع أكثر من 13 ألف يورو ليدخل عن طريق التهريب، والذي يقول إنه لن يعود الآن وقد وصل للتوّ.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع ما زال غير واضح، وهناك قرارات جديدة كل يوم». يفضل باسل أن يستكشف مستقبله في ألمانيا حتى ولو كان ذلك يعني أن عليه البدء من الصفر، على أن يعود إلى مستقبل غير معروف.

باسل حسين لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا يوم سقوط الأسد (الشرق الأوسط)

وليس فقط السوريون هم المترددين حيال العودة، بل إن الألمان يخشون خسارة كثير منهم دفعة واحدة، خصوصاً أولئك الذين دخلوا سوق العمل ويملأون فراغاً في مجالات كثيرة.

ويعمل أكثر من 5 آلاف طبيب سوري في مستشفيات ألمانيا، ويشكلون بذلك الشريحة الأكبر من بين الأطباء الأجانب في ألمانيا. ويعمل المتبقون في مهن تعاني من نقص كبير في العمال؛ كالتمريض والبناء وقطاع المطاعم والخدمات.

وبحسب معهد أبحاث التوظيف، فإن معدل دخول السوريين سوق العمل هو 7 سنوات لتعلم اللغة وتعديل الشهادات. ويشير المعهد إلى أن السوريين يملأون شغوراً في وظائف أساسية في ألمانيا، ومع ذلك فإن معدل البطالة مرتفع بينهم، خصوصاً بين النساء اللواتي تعمل نسبة قليلة منهن فقط.

وقد حذرت نقابات الأطباء والعمل من الدعوات لتسريع ترحيل السوريين، لما قد يحمله ذلك من تأثيرات على سوق العمل في ألمانيا.

وحذر كذلك مانفريد لوشا، وزير الصحة في ولاية بادن فورتمبيرغ في غرب ألمانيا التي يعمل بها عدد كبير من الأطباء السوريين، من النقاشات حول تسريع الترحيل، وقال: إذا غادر العاملون السوريون في قطاع الصحة «فستكون هناك ثغرة هائلة».

وقالت نقابة المستشفيات في الولاية نفسها، إن «مغادرة كل طبيب أو عامل صحة سوري ستشكل خسارة لنا».