غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل الجمعة تسببت بخروج مستشفى كمال عدوان وهو آخر مرفق صحي رئيس شمالي القطاع، عن الخدمة.

وقالت المنظمة الأممية في بيان، مساء الجمعة، إنّ «الغارة التي شنّتها إسرائيل صباح اليوم على مستشفى كمال عدوان أدّت إلى خروج آخر مرفق صحّي رئيس في شمال غزة عن الخدمة. التقارير الأولية تشير إلى أنّ بعض الأقسام الرئيسة احترقت ودُمّرت بقوّة خلال الغارة».

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، أن الجيش الإسرائيلي احتجز مدير مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع وأفراد من طاقمه، واقتادهم إلى التحقيق. وقالت في بيان إن «قوات الاحتلال تقتاد العشرات من طواقم مستشفى كمال عدوان بما في ذلك مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية إلى مركز للتحقيق».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق أمس (الجمعة) أنّه أطلق عملية عسكرية في محيط مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي القطاع، مشيراً إلى أنها تستهدف عناصر من (حماس)، بينما اتهمته وزارة الصحة التابعة للحركة باقتحام المرفق الطبي. وتأتي العملية غداة إعلان أبو صفية أن خمسة من أفراد طاقمه بينهم طبيب قتلوا في غارة إسرائيلية مساء الخميس.

حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في غزة يتفقد الأضرار 18 ديسمبر الجاري (رويترز)

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّه بدأ «العمل خلال الساعات الماضية في منطقة مستشفى كمال عدوان وذلك بعد ورود معلومات استخباراتية مسبقة حول وجود مخربين وبنى تحتية إرهابية وتنفيذ أنشطة إرهابية هناك». وأضاف «تعمل القوات في المنطقة بشكل دقيق مع تجنب المساس بالأشخاص غير المتورطين والمرضى والطواقم الطبية إلى أكبر قدر ممكن»، مؤكداً أنه «سمح قبل وأثناء النشاط للسكان والمرضى والموظفين في المستشفى بإخلاء المنطقة بطريقة منظمة»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنّ وزارة الصحة في غزة اتهمت الجيش باقتحام المستشفى، مشيرة إلى انقطاع التواصل مع طاقمه. وقالت في بيان «بعد اقتحام قوات الاحتلال اليوم الجمعة (أمس) لمستشفى كمال عدوان وانقطاع التواصل مع مدير المستشفى فإن مصير الكادر الصحي والمرضى أصبح مجهولاً». وأوضحت أن الجيش «أجبر الطواقم الطبية والمرضى والمرافقين على خلع ملابسهم في البرد الشديد واقتادهم خارج المستشفى إلى جهة مجهولة»، كما حمّلت وزارة الصحة إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والجرحى والطواقم الطبية». ونقلت الوزارة عن أبو صفية قوله إن «جيش الاحتلال يحرق جميع أقسام العمليات في المستشفى»، مضيفاً أن الجيش «أخلى كامل الطاقم الطبي والنازحين واعتقل عدداً من الطاقم الطبي»، مشيراً إلى أنه ما زال في المستشفى مع آخرين.

وذكر شهود عيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه تم إخلاء المستشفى وإجبار مئات الفلسطينيين المقيمين في محيطه على الإخلاء والتوجه إلى مدرسة الفاخورة والمستشفى الإندونيسي شبه المدمر في جباليا بشمال القطاع المحاصر.

وفي وقت لاحق الجمعة، نشرت حركة «حماس» بياناً نفت فيه التصريحات الإسرائيلية وقالت «ننفي نفياً قاطعاً وجود أي مظهر عسكري أو تواجد لمقاومين في المستشفى، سواء من كتائب القسام أو أي فصيلٍ آخر، فالمستشفى كان مفتوحاً أمام الجميع والمؤسسات الدولية والأممية». وأضافت «إن أكاذيب العدو حول المستشفى هي لتبرير الجريمة النكراء التي أقدم عليها جيش الاحتلال اليوم بإخلاء وحرق كافة أقسام المستشفى، تطبيقاً لمخطط الإبادة والتهجير القسري»، كما طالبت الحركة «الأمم المتحدة (...) بتشكيل لجنة تحقيق أممية للنظر في حجم الجريمة التي يرتكبها الاحتلال في شمال قطاع غزة (...) والعمل أيضاً على توفير الخدمات الطبية لأهلنا بعد تدمير الاحتلال لكافة المرافق الصحية في الشمال».

وتشنّ القوات الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة في شمال قطاع غزة منذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقول إنها تهدف إلى منع «حماس» من إعادة تجميع قواها في ظل الحرب المتواصلة منذ أكتوبر 2023. وقال الجيش أمس (الجمعة) إن مستشفى كمال عدوان بات «بمثابة مركز إرهابي لـ(حماس) في شمال قطاع غزة... وعمل مخربون منه طوال فترة الحرب».

وسبق لإسرائيل أن اتهمت «حماس» باستخدام العديد من المنشآت المدنية في قطاع غزة خصوصاً المستشفيات، كمراكز لعملياتها، وهو ما نفته الحركة بشدة. وفي الأيام الأخيرة، أعرب أبو صفية مراراً عن مخاوفه بشأن وضع المستشفى، متهماً القوات الإسرائيلية باستهداف أقسامه، وقال الاثنين «يجب على العالم أن يفهم أن مستشفى كمال عدوان مستهدف بقصد قتل وتهجير الناس بالقوة في الداخل». ووصفت منظمة الصحة العالمية الظروف في مستشفى كمال عدوان بأنها «مروعة» وقالت إنه يعمل بالحد «الأدنى».


مقالات ذات صلة

البابا فرنسيس: الوضع في غزة «خطير ومخزٍ»

المشرق العربي البابا فرنسيس (د.ب.أ)

البابا فرنسيس: الوضع في غزة «خطير ومخزٍ»

صعَّد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، الخميس، انتقاداته للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، واصفاً الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني بأنه «خطير ومخزٍ للغاية».

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)
الولايات المتحدة​ صورة ملتقطة في 26 فبراير 2019 تظهر أشخاصاً يسيرون عبر ساحة جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بالولايات المتحدة (أ.ب)

تسوية بين وزارة التعليم الأميركية وجامعة جونز هوبكنز بعد شكاوى تمييز ضد عرب ويهود

عبَّرت وزارة التعليم الأميركية عن مخاوفها من التمييز الذي يتعرَّض له أفرادٌ من أصول عربية ويهودية في جامعة جونز هوبكنز، وتوصلت إلى تسوية مع المؤسسة لحل الشكاوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجدداً إن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

بموازاة عمليات عسكرية متواصلة، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» لتهديدات إسرائيل. وتحدث كاتس في لقاء مع مستوطنين

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (غزة - باريس)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في شمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، مقتل 3 جنود في معارك في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مدير الاستجابة السريعة في مركز الملك سلمان للإغاثة: «جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة»

فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
TT

مدير الاستجابة السريعة في مركز الملك سلمان للإغاثة: «جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة»

فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)

قال فهد العصيمي، مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وقائد فريق المركز في دمشق، إن الجسرين البري والجوي المقدمين من المملكة السعودية للشعب السوري سيستمران حتى تحقيق النتائج المرجوة، وإن المملكة قدمت 730 طناً استجابة سريعة منها للأشقاء السوريين، حتى الآن. كما بحث فريق الإغاثة مع وزير الصحة السوري، ماهر الشرع، الاحتياجات العاجلة للمستشفيات وتقديم الرعاية الصحية، مع إمكانية زيارة فريق طبي سعودي متخصص.

وقال فهد العصيمي في تصريحات لجريدة «الشرق الأوسط»، إن مركز الملك سلمان للإغاثة وبعد عودة سوريا لمحيطها العربي، وبتوجيهات من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، «سيّر الجسرين الجوي والبري بشكل متوازٍ منذ أول يناير (كانون الثاني) الجاري، وغداً (الخميس) تصل الطائرة الثامنة ليكون الإجمالي 189 طناً. كما وصلت 60 شاحنة براً ضمت 541 طناً دخلت عبر الحدود الأردنية السورية من معبر نصيب، ويتم توزيعها على المناطق الأكثر احتياجاً».

جانب من المساعدات السعودية التي تتدفق نحو دمشق عبر مطار دمشق الدولي (واس)

وأعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذراع التنموية والإنسانية للسعودية، إطلاق جسرين جوي وبري إغاثيين إلى سوريا في الأول من يناير الحالي. وبحسب العصيمي، ضمت المساعدات أجهزة طبية وشحنات دوائية وحقائب إيوائية للمناطق الأكثر احتياجاً. وتابع حديثه، قائلاً: «تتضمن المساعدات بشكل رئيسي مادة الطحين والسلال الغذائية والأرز وسلال منظفات، ومواد إيوائية للسكن، بينها أدوات طبخ وأغطية وفرشات، وكل ما يحتاج إليه النازح للعودة لمنزله».

وبحث فريق مركز الملك سلمان للإغاثة السعودي مع وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال السورية، ماهر الشرع، سبل تعزيز العمل الإنساني، وكذلك الطبي، في سوريا وتحديد الأولويات لدعم القطاع الصحي وتحقيق العدالة الصحية لجميع السوريين، وأوضح فهد العصيمي الذي ترأس الوفد السعودي: «نعمل على مسار آخر بالتوازي مع مسار المساعدات، وهو الحملات الطبية التطوعية، وجزء كبير من عمل المركز يتم عبر إرسال أطباء اختصاصيين سعوديين، لتقديم المساعدات الطبية العلاجية والجراحية للمشافي في سوريا، وفقاً للتقارير وتقييم حالة هذه المستشفيات».

فهد العصيمي أثناء توزيع مساعدات في معبر نصيب الحدودي (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

وخصص المركز زيارات ميدانية للمستشفيات والمراكز الصحية في العاصمة دمشق وريفها، للوقوف على الاحتياجات الأساسية والعمل على تأمينها. وأشار العصيمي إلى «أن المركز يعمل على تقديم الدعم الصحي وتقديم المساعدات الطبية للمستشفيات، مثل الأدوية والتجهيزات الطبية والاستشارات العلاجية، لإعادة تأهيلها وتعزيز قدراتها وطاقتها الاستيعابية».

تأتي هذه الجهود تأكيداً للدور الذي تضطلع به المملكة السعودية في مد يد العون للأشقاء السوريين؛ إذ إنه ومنذ اندلاع الأزمة عام 2011 كانت المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة من أولى الجهات التي وقفت إلى جانب الشعب السوري في محنته، عبر تقديم المنح والمساعدات الإغاثية والإنسانية للنازحين في الداخل، وإلى اللاجئين في دول الجوار جراء الصراع الذي استمر 13 عاماً، وكذلك قدمت المساعدات إلى المتضررين جراء الزلزال المدمر الذي طالت أضراره بعض المحافظات الواقعة في شمال غربي سوريا فبراير (شباط) 2023.

جانب من المساعدات السعودية التي تتدفق نحو دمشق عبر مطار دمشق الدولي (واس)

وأوضح العصيمي أنهم يعملون بالتنسيق مع منظمة «الهلال الأحمر السوري» ومنظمات وجهات محلية في المرحلة الأولى، «للتأكد من الاحتياجات الإنسانية العاجلة الآنية. وبعد الانتهاء من هذه المرحلة سنعمل على تقديم الدعم للمنظمات والجهات الإنسانية والشركاء».

وشدّد المسؤول السعودي على أن عدداً من القطاعات، لا سيما الطبية والصحية في سوريا، بحاجة لمساعدات عاجلة، «لأن أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري يتطلعون للحظة عودتهم لبلدهم، حيث إن غالبيتهم من اللاجئين في دول الجوار، وسيعودون عندما يجدون رعاية طبية مناسبة وضمانة صحية لهم ولأولادهم».

فهد العصيمي في معبر نصيب الحدودي بين أطفال سوريين (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

ونوه العصيمي بأن مساعدات الجسرين الجوي والبري وُزعت في قسم من المحافظات السورية، بينها: «محافظة درعا وفي العاصمة دمشق وريفها مثل مدينة دوما، كما أرسلنا الجسر الجوي إلى محافظتي اللاذقية وحمص، وسنقوم بتغطية جميع المحافظات السورية في قادم الأيام»، وأخبر العصيمي بما عايشه الوفد السعودي أثناء وجوده في معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسوريا، وقال: «كنا نشاهد أفواج السوريين وهم يدخلون نحو بلدهم، منهم من ركع لحظة وصوله للأراضي السورية، ومنهم من كان يبكي ودموعه سبقت فرحته، ومنهم من كان يركض لاهثاً لدخول بلده... حقيقة كانت لحظات إنسانية معبرة للغاية».

وعبر مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان قائلاً إن رسالتهم للشعب السوري «أن المملكة السعودية قيادة وشعباً تقف إلى جانب الأشقاء السوريين في هذه المرحلة، وأن الوضع سيكون أفضل وسيذهب نحو الاستقرار والإنجاز».

ونوه العصيمي بأن أول ما يلفت الأنظار عند دخول الأراضي السورية: «عندما تقابل السوريين تشاهد الفرحة في عيونهم وابتسامة عريضة مرسومة على وجوههم، هذه فرحة مردها أنهم عادوا لبلدهم بعد 13 عاماً، وطي مأساة الشتات والنزوح القسري، والفرحة الكبرى مشاهدتنا كيف نقف إلى جانبهم ومعهم وبينهم في هذه الظروف التي يمر بها بلدهم العزيز على قلبنا».