بعد تعليق حزب «البعث» عمله في سوريا... ما مصير فرعه اللبناني؟

علي حجازي (وسط) أمين عام «حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان يتلو بياناً لاجتماع اللجنة المركزية للحزب عام 2022 (أرشيفية)
علي حجازي (وسط) أمين عام «حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان يتلو بياناً لاجتماع اللجنة المركزية للحزب عام 2022 (أرشيفية)
TT

بعد تعليق حزب «البعث» عمله في سوريا... ما مصير فرعه اللبناني؟

علي حجازي (وسط) أمين عام «حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان يتلو بياناً لاجتماع اللجنة المركزية للحزب عام 2022 (أرشيفية)
علي حجازي (وسط) أمين عام «حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان يتلو بياناً لاجتماع اللجنة المركزية للحزب عام 2022 (أرشيفية)

ألقى قرار تعليق حزب «البعث العربي الاشتراكي» في سوريا عمله السياسي بثقله على «حزب البعث ـ فرع لبنان»، ووضع مصير الأخير أمام المجهول، وطرح أسئلة عمّا إذا كان سيلقى مصير الأول؛ بالنظر للارتباط العضوي بينهما، ولا سيما أن قيادة حزب «البعث» في لبنان تُعيّن بقرار من الرئيس السوري شخصيّاً باعتباره الرئيس الفعلي للحزب في كلّ الدول العربية، وهذا ما كان يعلنه صراحة الأمناء العامّون الذين تعاقبوا على قيادة الحزب في لبنان.

ويرفض حزب «البعث» اللبناني حتى الآن أن يحذو حذو «البعث» السوري، «ما دام يمارس العمل السياسي والوطني تحت سقف القانون والدستور». وأعلن قيادي في الحزب أن «(البعث اللبناني) مستقلّ تماماً عن الحزب السوري، وهو حائز ترخيصاً رسمياً، ولديه علم وخبر من وزارة الداخلية اللبنانية منذ عام 1942؛ أي قبل 30 عاماً من وصول حافظ الأسد إلى سدّة الحكم في دمشق».

وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هيكلية الحزب في لبنان منفصلة عن سوريا؛ إذ إنه يختار قيادته بانتخابات وتصويت من قاعدته ومحازبيه»، نافياً «تعيين قيادة الحزب من قبل الرئيس السوري»، موضحاً أن «القيادة القومية لحزب (البعث العربي الاشتراكي)، ومقرها في دمشق، تصادق على نتائج الانتخابات الحزبية التي تحصل في لبنان، وليس صحيحاً أن القيادة تعيّنها دمشق».

واستدرك قائلاً: «صحيح أنه كلما انتخب الحزب في لبنان قيادة جديدة، وصادقت على النتائج القيادة القومية في دمشق، يسارع الأمين العام الجديد إلى الإعلان أن الرئيس السوري منحه ثقته، وكان بذلك يعطي انطباعاً بأنه عُيّن بقرار من الرئيس السوري»، مذكّراً بأن الحزب «هو تنظيم فكري سياسي قومي عروبي، وفلسفة وجوده تقوم على أساس وحدة الأمة العربية وحماية شعوبها ومصالحها».

وشارك حزب «البعث» في الحياة السياسية اللبنانية، وبرز حضوره أكثر في مطلع تسعينات القرن الماضي، مع إحكام النظام السوري قبضته على لبنان، حيث تمثّل في البرلمان وفي الحكومات المتعاقبة، إلّا أن هذا الدور تقلّص بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في عام 2005.

ودافع القيادي البعثي الذي رفض ذكر اسمه، عن النظام السوري، رافضاً تحميله الجرائم التي تتكشّف فصولها الآن. وقال: «بالتأكيد لم يكن حزب (البعث) في سوريا موافقاً على الجرائم والفظائع التي ارتكبتها أجهزة أمنية أو ضباط؛ إذ تبيّن في الأيام القليلة الماضية أن كلّ جهاز كان يعمل لحسابه الخاص، ولا أعتقد أن أحداً لديه ذرّة من الإنسانية يمكنه أن يدافع أو يبرر الجرائم البشعة التي تم اكتشافها في السجون وخارجها»، داعياً إلى «محاسبة كلّ من أخطأ ومحاكمته وإنزال القصاص به، وعدم تحميل (البعث) كحزب سياسي مسؤولية ما حصل». وختم قائلاً: «بغضّ النظر عن قرار حزب (البعث) في سوريا تعليق عمله السياسي، نحن في لبنان مستمرون في دورنا السياسي والوطني، وليس لدينا ما نخشاه أو نُتهم به لا في السياسة ولا في الأمن ولا في الفساد».

وأعلن حزب «البعث العربي الاشتراكي» في سوريا تعليق عمله ونشاطه الحزبي «حتى إشعار آخر»، وذلك بعد 3 أيام من إسقاط فصائل المعارضة السورية المسلحة نظام الرئيس بشار الأسد وفراره من البلاد، مُنهياً بذلك 61 عاماً من حكم الحزب و53 عاماً من حكم آل الأسد. وقال إبراهيم الحديد الأمين العام المساعد للحزب، في بيان رسمي، إن «القيادة المركزية للحزب قررت تعليق العمل الحزبي بجميع أشكاله وتسليم جميع الآليات والمركبات والأسلحة إلى وزارة الداخلية...». وأكد أن «حزب (البعث) في سوريا يعلق عمله حتى إشعار آخر»، مشيراً إلى «إعادة كافة الرفاق المعارين والمندوبين إلى ملاك وزاراتهم ومؤسساتهم ودوائرهم الأصلية، وأن يضعوا أنفسهم تحت تصرف الجهات التي كانوا يعملون بها أصلاً».

كما أعلن الحديد أن الحزب «سيسلم كافة الآليات والمركبات والأسلحة التي كانت بحوزته إلى وزارة الداخلية، أو إلى أقرب وحدة أو مركز للشرطة تابع لوزارة الداخلية، وتحرير ضبط رسمي بذلك، ووضع كافة أملاك وأموال الحزب تحت إشراف وزارة المالية ورقابة وزارة العدل، وإيداع ريعها في مصرف سوريا المركزي ليتم صرفها وفق القانون من الحكومة الحالية».

صورة ممزقة للرئيس السوري السابق بشار الأسد على أحد الجدران في حماة (أ.ب)

وتخضع قوانين الأحزاب السياسية إلى معايير دقيقة، لا بدّ من أخذها بالاعتبار، وأشار مرجع قانوني إلى أن «مقاربة وضعية حزب (البعث) في لبنان مرتبطة بمدى الترابط بين الحزبين في سوريا ولبنان، وهذا يحتاج إلى تدقيق».

وسأل المرجع عبر «الشرق الأوسط»: «هل تعليق عمل الحزب في سوريا سيؤدي حتماً إلى تعليق عمل حزب (البعث) في لبنان؟»، معتبراً أن «المسألة حساسة وتحتاج إلى التدقيق في الأوراق وفي الترخيص الذي حازه حزب (البعث)، فإذا كان الارتباط عضوياً؛ بمعنى أن «بعث» لبنان هو «فرانشيز» لـ(البعث) في سوريا، يعني أن وضعه يكون صعباً، أما إذا كان حزباً مستقلاً، فإن وقف نشاطه يحتاج إلى قرار معلل يصدر عن مجلس الوزراء، وتكون لديه أسباب موجبة لذلك».

وتأسس حزب «البعث» عام 1947 في دمشق، مستنداً إلى فكرة إقامة «دولة عربية اشتراكية واحدة». واندمج الحزب مع «الحزب العربي الاشتراكي» في خمسينات القرن الماضي، لكنّه استولى على السلطة في سوريا عام 1963 عبر انقلاب عسكري، قبل أن يقود حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع ما سُمّي بـ«الحركة التصحيحية» مع عدد من الضباط، وهذه الحركة أوصلته إلى رئاسة الجمهورية، ليطيح بعدها برفاقه الضبّاط ويرسّخ من بعدها نفوذ آل الأسد على رأس السلطة في سوريا.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يجدّد حظره عودة سكان قرى في جنوب لبنان حتى إشعار آخر

شؤون إقليمية المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يجدّد حظره عودة سكان قرى في جنوب لبنان حتى إشعار آخر

قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه يعيد تذكير سكان جنوب لبنان، وحتى إشعار آخر إنه يحظر عليهم الانتقال جنوباً إلى خط قرى ومحيطها في الجنوب حدَّدها الجيش في بيان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

أكدت السعودية وبريطانيا ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي جانب من الدمار في قرية الخيام بجنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل شخص بغارة إسرائيلية على منطقة الخيام في جنوب لبنان

أفادت وزارة الصحة اللبنانية بسقوط قتيل، اليوم الخميس، من جراء غارة إسرائيلية على منطقة الخيام القريبة من الحدود في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فوج الهندسة دخل إلى الخيام وبدأ بفتح الطرقات (الوكالة الوطنية للإعلام)

إسرائيل تستهدف «الخيام» بعد انتشار الجيش اللبناني

بعد أقل من 24 ساعة على بدء انتشار الجيش اللبناني في بلدة الخيام بالتنسيق مع قوات الـ«يونيفيل»، استهدف الجيش الإسرائيلي البلدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حشود ساحة الأمويين تبايع «سوريا الجديدة»

ساحة الأمويين غصت بآلاف السوريين المحتفين بـ"جمعة النصر" (رويترز)
ساحة الأمويين غصت بآلاف السوريين المحتفين بـ"جمعة النصر" (رويترز)
TT

حشود ساحة الأمويين تبايع «سوريا الجديدة»

ساحة الأمويين غصت بآلاف السوريين المحتفين بـ"جمعة النصر" (رويترز)
ساحة الأمويين غصت بآلاف السوريين المحتفين بـ"جمعة النصر" (رويترز)

فيما وصف بأنَّه «مبايعة» لـ«سوريا الجديدة»، خرج عشرات آلاف السوريين إلى الساحات في دمشق وكل المدن الرئيسية، ليحتفلوا بـ«جمعة النصر» بعد أيام من سقوط بشار الأسد «اللاجئ» في موسكو، حيث يستعد لـ«رفاهية المنفى».

وتوافد آلاف السوريين إلى باحة الجامع الأموي في دمشق، قبيل صلاة الجمعة التي شارك فيها قائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع المكنى «أبو محمد الجولاني»، الذي يقود فصيله السلطة الجديدة في دمشق، ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير.

وللمرة الأولى في تاريخ سوريا، ألقى البشير، خطبة الجمعة في الجامع الأموي ذي المكانة الدينية التاريخية بالعاصمة، بحضور أكثر من 60 ألف مُصلٍّ، حسب وسائل إعلام محلية. وتحدث البشير عن «تغيير الظلم الذي لحق بالسوريين، والدمشقيين تحديداً»، مشدداً على «الوحدة بين مختلف أطياف الشعب السوري».

وبعد الصلاة تدفق السوريون إلى ساحة الأمويين، التي طالما حلم المحتجون عام 2011 بالوصول إليها لتكون مكاناً جامعاً يرابطون فيه حتى إسقاط نظام بشار الأسد، إلا أن هذا الحلم كان ثمنه غالياً جداً، دفع بعشرات الآلاف من ضحايا النظام والمعتقلين في زنازينه، إضافة إلى ملايين اللاجئين إلى بلاد العالم.

وفي روسيا، لم يتم بعد، رسمياً، تحديد وضع الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، لكنَّه قد يصبح أول صاحب حق باللجوء السياسي في روسيا منذ عام 1992، كما تُشير صحيفة «كوميرسانت»، ورغم حديث بعض المصادر عن أنَّ وجوده «مؤقت». لكن الأسد، لن يحتاج إلى كل تلك التعقيدات، إذ يكفي منحه سنداً قانونياً للإقامة فقط، وستكون أمامه حياة طويلة مرفهة وباذخة في مدينة الثلوج.

وتزامن ذلك، مع مواصلة إسرائيل قضم مساحات في الجولان المحتل، في حين أصدر وزير دفاعها يسرائيل كاتس، أوامر لجيشه بالاستعداد للبقاء طوال فصل الشتاء في الجولان.