قوات المعارضة السورية تتلقى دعما من وجهاء العلويين في القرداحة

سوريون يحتفلون بسقوط الأسد في ساحة الأمويين في دمشق (إ.ب.أ)
سوريون يحتفلون بسقوط الأسد في ساحة الأمويين في دمشق (إ.ب.أ)
TT

قوات المعارضة السورية تتلقى دعما من وجهاء العلويين في القرداحة

سوريون يحتفلون بسقوط الأسد في ساحة الأمويين في دمشق (إ.ب.أ)
سوريون يحتفلون بسقوط الأسد في ساحة الأمويين في دمشق (إ.ب.أ)

التقى وفد من قوات المعارضة السورية التي أطاحت بحكم بشار الأسد بشيوخ العشائر في منطقة القرداحة العلوية، مسقط رأس الرئيس السوري المخلوع، أمس الاثنين، وحصلوا على دعمهم فيما قال سكان إن الخطوة بمثابة علامة مشجعة على التسامح من جانب حكام البلاد الجدد.

والطريقة التي تتعامل بها قوات المعارضة التي يقودها السنة مع أبناء الطائفة العلوية الذين دعموا الأسد على نطاق واسع واستمد منهم حراسه الرئاسيين الشخصيين، تعتبر في سوريا بمثابة اختبار حقيقي لما إذا كانت السيطرة على دمشق يوم الأحد سيؤدي إلى انتقام عنيف ضد الموالين السابقين لنظام مكروه استمر خمسة عقود من الزمان.

وقال ثلاثة سكان إن وفد قوات المعارضة زار القرداحة الواقعة في جبال محافظة اللاذقية في شمال غرب سوريا، حيث التقى بعشرات من رجال الدين والشيوخ وغيرهم، قبل أن يوقع وجهاء العلويين على بيان دعم. وقال السكان إن الوفد ضم أعضاء من هيئة تحرير الشام والجيش السوري الحر، وهما جماعتان سنيتان قادتا قوات المعارضة وكان الأسد يقول دوما إنهما منظمتان إرهابيتان سترتكبان مجاذر بحق العلويين إذا سقط.

ويشكل السوريون من الطائفة العلوية، إحدى الطوائف الشيعية، نحو عشرة بالمئة من سكان البلاد ويتمركزون في محافظة اللاذقية بالقرب من البحر المتوسط والحدود مع تركيا. ويشكل المسلمون السنة نحو 70 في المئة من السكان، وهناك أقليات كبيرة من المسيحيين والأكراد والدروز ومجموعات أخرى.

وشدد البيان الذي اطلعت عليه رويترز على التنوع الديني والثقافي في سوريا. كما دعا إلى استعادة الشرطة والخدمات الحكومية في أسرع وقت ممكن تحت إدارة الحكام الجدد، ووافق على تسليم أي أسلحة بحوزة سكان القرداحة. وقبول الشيوخ للوضع الجديد علامة مهمة على تغيير النظام في بلدة قال سكان محليون لرويترز هذا الأسبوع إنها استضافت لسنوات عديدة جنازات متواصلة بسبب أعداد المقاتلين الموالين الذين ماتوا للدفاع عن الأسد في الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد منذ 13 عاما.

وجاء في البيان الذي وقعه نحو 30 من وجهاء البلدة "نؤكد على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية والتعددية الدينية والفكرية والثقافية". ولم تتضمن النسخة التي اطلعت عليها رويترز توقيعات من وفد قوات المعارضة. ولم يرد المتحدث باسم قوات المعارضة على الفور على رسالة نصية تطلب المزيد من التفاصيل.

وقال أحد السكان، الذي رفض نشر اسمه خوفا من الانتقام في ظل وضع لا يزال متقلبا، إن الحوار ساهم في تهدئة مخاوف السكان المحليين، استنادا إلى تصريحات قادة قوات المعارضة بأنهم سيحترمون الأقليات. وقال الساكن "هذه خطوة جيدة أخرى". وأكد البيان "نؤكد على تأييدنا للنهج الجديد وسوريا الوطنية الحرة وتعاوننا الكامل مع الهيئة (هيئة تحرير الشام) والجيش السوري الحر.، لنساهم معا في بناء سوريا الجديدة القائمة على الألفة والمحبة".

ويبدو أن طبيعة الاجتماع الودية تتماشى مع رسالة الاعتدال التي نشرتها المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، فرع القاعدة السابق، في مدن مثل حلب أثناء تقدمها نحو دمشق الأسبوع الماضي. وتسيطر هيئة تحرير الشام على مدينة إدلب السورية والمناطق المحيطة بها منذ عدة سنوات، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الحركات الأكثر تطرفا.

ويخشى العديد من أعضاء الأقليات الدينية الكبيرة في سوريا أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية أو يواجهوا الاضطهاد تحت حكم هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى جماعة إرهابية. وقال زعيم هيئة تحرير الشام وقائد هجوم المعارضة، أحمد الشرع (الملقب سابقا أبو محمد الجولاني)، في مقابلة أجريت معه عام 2021 مع شبكة بي.بي.إس إن تصنيف الإرهاب غير عادل وأن حركته لا تشكل أي تهديد خارج سوريا. وقال وزير بريطاني الاثنين إن البلاد تدرس ما إذا كانت سترفع هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية أم لا.

وقال سكان من القرداحة إن سكان المنطقة قاموا بإزالة تمثال لحافظ الأسد، والد بشار، قبل وصول وفد قوات المعارضة.

وأضافوا أن بعض الأشخاص من المنطقة، التي تعد من بين أفقر مناطق سوريا، قاموا في وقت لاحق بنهب ضريح حافظ الأسد في القرداحة، وأخذوا كل شيء من الطاولات والكراسي إلى وحدات تكييف الهواء.


مقالات ذات صلة

«يونيسيف» متخوفة على مستقبل أطفال سوريا بعد 14 عاماً من الصراع

المشرق العربي نائب المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف» تيد شيبان مع أطفال داخل فصل دراسي خلال زيارته مدرسة متضررة في حلب 21 يناير 2025 (رويترز)

«يونيسيف» متخوفة على مستقبل أطفال سوريا بعد 14 عاماً من الصراع

قالت «يونيسيف» إن وضع سوريا من أكثر الأوضاع الإنسانية تعقيداً في العالم، وإن ملايين الأطفال والعائلات يواجهون أوضاعاً قاسية مع استمرار حالة عدم الاستقرار.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صراف يعمل مع زبائن في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

الاقتصاد السوري من القيود الى الانفتاح عقب الإطاحة بالأسد

بُعيد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، أخرج يوسف رجب البضائع الأجنبية المخبَّأة وعرضها على واجهة متجره في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «قسد» أثناء عملية تسلل على مواقع للفصائل شرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا تلمح إلى تغيير مواقع قواتها في سوريا

لمّحت تركيا إلى إمكانية تغيير مواقع قواتها في شمال سوريا، أو تكليفها بمهام في مناطق مختلفة حسب الحاجة، مع تأكيدها استمرار العمليات ضد مواقع قوات «قسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص عناصر من جيش النظام السوري في حلب (أرشيفية - رويترز)

خاص انتهاء «كابوس التجنيد» لدى الشباب السوري بعد إلغاء الخدمة الإلزامية

ترك قرار الإدارة السورية الجديدة إلغاء الخدمة الإلزامية ارتياحاً كبيراً لدى فئة الشباب وعائلاتهم، منهياً «كابوس التجنيد» للخدمة بالجيش

موفق محمد (دمشق )
خاص رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»

خاص رئيس العراق: الحديث عن تأثير إيران «مبالغة كبيرة»... والفصائل تحت السيطرة

رأى الرئيس العراقي، في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال «دافوس»، أن الحديث عن التأثير الإيراني على الفصائل المسلّحة في بلاده يحمل «مبالغة كبيرة».

نجلاء حبريري (دافوس)

«تتضمن تفتيشاً للمركبات وتبدأ الأحد»... ما آلية عودة النازحين لشمال غزة؟

فلسطينيون نازحون أثناء عودتهم إلى وسط رفح جنوب غزة بعد سريان الهدنة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون أثناء عودتهم إلى وسط رفح جنوب غزة بعد سريان الهدنة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

«تتضمن تفتيشاً للمركبات وتبدأ الأحد»... ما آلية عودة النازحين لشمال غزة؟

فلسطينيون نازحون أثناء عودتهم إلى وسط رفح جنوب غزة بعد سريان الهدنة الأحد الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون أثناء عودتهم إلى وسط رفح جنوب غزة بعد سريان الهدنة الأحد الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت «حركة حماس» أن عودة النازحين من جنوب ووسط قطاع غزة إلى شماله، ستبدأ الأحد المقبل، وذلك ضمن ترتيبات اتفاق الهدنة بين الحركة وإسرائيل، الذي أصبح سارياً منذ يوم الأحد الماضي.

ووفق بيان أصدرته «حماس»، الخميس، فإنه يُسمح للمواطنين بالانتقال من «محافظات الجنوب والوسطى إلى محافظات غزة والشمال من شارع الرشيد - البحر (مشياً على الأقدام فقط، وليس بالمركبات والسيارات)، وذلك بداية من يوم الأحد».

وأشارت الحركة إلى أن العودة عبر مفترق الشهداء (نتساريم) - شارع صلاح الدين ستكون «بالمركبات والسيارات فقط، وليس مشياً على الأقدام»، وذلك بداية من الأحد المقبل، مشيرة إلى أنه «سيكون هناك تفتيش عبر (جهاز X-RAY) لجميع المركبات بأصنافها».

وأفادت «حماس» بأنه في يوم السبت الموافق 8 فبراير «شباط» المقبل، الذي يوافق اليوم الثاني والعشرين للاتفاق، يُسمح للمواطنين بالانتقال من محافظات الجنوب والوسطى إلى محافظات غزة والشمال وبالعكس، مشياً على الأقدام أيضاً من خلال مفترق الشهداء (نتساريم) - شارع صلاح الدين، بالإضافة إلى استمرار حركة المواطنين من شارع الرشيد - البحر.

فلسطينيون نازحون أثناء فرارهم من شمال غزة يسيرون على طريق الرشيد (إ.ب.أ)

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن اتصالات مكثفة لأطراف ووسطاء اتفاق الهدنة كافة، كانت متواصلة حتى الساعات الأخيرة، قبل إعلان آلية عودة المواطنين.

كيف سيجري الفحص؟

تحدثت مصادر فلسطينية مطلعة على المفاوضات عن أن «عملية فحص المركبات ستجري الأحد على بعد 300 متر من غرب محور نتساريم (يفصل عرضياً شمال القطاع عن وسطه وجنوبه)، وتتضمن إقامة 4 إلى 6 ممرات لمرور السيارات وفحصها من قبل جهاز فحص آلي، يشرف عليه نحو 50 موظفاً أمنياً مصرياً، مع وجود موظفي شركة خاصة لإجراء عملية الفحص، التي ستركز بشكل أساسي على الكشف عن أي أسلحة في المركبات».

وبيّنت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في حال عثر على أي سلاح ستتم مصادرته مع السماح، للمركبة بمواصلة طريقها إلى شمال القطاع».

وأفادت المصادر بأن الفريق المصري المكلف بالمهمة سيعمل لـ«ساعات محددة، ثم يغادر مع مغيب الشمس للمبيت في معبر رفح من الجانب المصري، ويعود صباحاً مجدداً».

وشرحت المصادر أن «هناك مهمة لأجهزة أمن حكومة غزة التابعة لـ(حماس) تتضمن تنظيم وصول المركبات إلى مكان الفحص من خلال نقاط قريبة من محور نتساريم».

«خيمة بجانب بيتي»

وتحدث محمد شحادة، وهو من سكان مخيم جباليا ونزح إلى مواصي خان يونس، عن أنه يستعجل عودته إلى منطقة سكنه، رغم أن بيته «مدمر» كما أبلغه بعض أقاربه ممن لا يزالون في شمال القطاع.

يقول شحادة لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بأنني في غربة، وبحاجة للعودة إلى بيتي حتى وإن كان مدمراً». مضيفاً: «سأضع خيمة عند ركام منزلي، ولا أريد أن أبقى بعيداً عنه».

نازحون فلسطينيون يسيرون وسط منازلهم المدمرة في شمال غزة (رويترز)

وموقف شحادة لا يبدو مختلفاً عن كثيرين نزحوا من شمال غزة للجنوب، مع إفادة البعض بأنهم يفضلون «عدم الاستعجال لحين ترتيب الأوضاع شمالاً، أو على الأقل حتى لا يكون هناك ازدحام على الطرق يؤخر عودتهم، ويضطرهم للمبيت في الشوارع».

استعجال قائمة الأسرى

وخلقت قضية استعجال عودة النازحين أزمة أحاطت باتفاق الهدنة في ظل ربطها بقضية تسليم الأسرى الإسرائيليين الذين سيبلغ عددهم 4 أشخاص، تشترط إسرائيل أن يكونوا أحياءً، كما ذكرت «قناة 12 العبرية»، مساء الأربعاء.

وأفادت القناة العبرية بأنه «سيتم إطلاق سراح 3 مجندات من المراقبات اللواتي خطفن من موقع ناحال عوز، وأسيرة مدنية رابعة على قيد الحياة». مشيرة إلى أن الترتيبات تتضمن أن ترسل «حماس» يوم الجمعة أسماء الأسرى الأربعة، على أن تسلمهم يوم السبت المقبل.

ونقلت القناة أن «إسرائيل تريد عودة الأسيرات باكراً، ولذلك طلبت من الوسطاء التدخل للتأكد من القائمة، والتسريع بتسليمها وتبكير عملية الإفراج عنهن يوم السبت».

مسلحون من «حماس» يسلمون 3 محتجزات إسرائيليات للصليب الأحمر وسط مدينة غزة يوم الأحد ضمن صفقة تبادل الأسرى (رويترز)

ووفقاً لمصادر فلسطينية مطلعة تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإن عملية «عودة النازحين وانسحاب الآليات الإسرائيلية من محور نتساريم بشقه الغربي عبر شارع الرشيد البحري، ستكون مرهونة بتسليم الأسرى الإسرائيليين».

وبينت المصادر أن «حماس» حريصة على الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار «خاصةً فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى لديها، الذي سيكون يوم السبت مغايراً لما كانت عليه الحال الأحد الماضي، بعد خلل أدى لتأخير عملية تسليم القائمة والإفراج عن 3 مختطفات».

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإنه من المقرر أن تسلم «حماس»، يوم السبت المقبل أيضاً قائمة بجميع الأسرى الـ33 الذين ستعمل على الإفراج عنهم خلال المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوماً، ويقدر أن عدد الأحياء من بينهم نحو 25 شخصاً.