كيف أمضت دمشق يومها الأول بعد إسقاط الأسد؟

عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)
عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)
TT

كيف أمضت دمشق يومها الأول بعد إسقاط الأسد؟

عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)
عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)

للمرة الأولى منذ 24 سنة، بات السوريون ليلتهم من دون أن يكونوا تحت وطأة حكم بشار الأسد، وصحيح أن السنوات الأخيرة من حكمه ربما عطلت قدرتهم على الدهشة مما يجري في البلاد؛ لكن ما يشعرون به هذه الأيام يبدو مختلفاً.

صباح الاثنين، رُفعت حالة حظر التجوال، مع تتالي قرارات «القيادة العامة للعمليات العسكرية» لإدارة العاصمة، التي كان من أبرز مظاهرها نشر عناصر يرتدون زياً أزرق مكتوباً عليه «شرطة»، وجاء معظمهم من محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) المعقل السابق لـ«هيئة تحرير الشام» وقوات المعارضة.

وانتشرت عناصر الشرطة في الطرقات والساحات الرئيسة ومحيط المقرات الحكومية لتسيير الحركة وضبط الأمن، وإلى جانبهم انتشر مسلحون من «هيئة تحرير الشام» بزي عسكري وأغطية رأس داكنة، وأقبل مدنيون من سكان دمشق على عناصر «الشرطة الجديدة» للتهنئة والتعارف والتقاط الصور التذكارية، وسيطرت سمات الارتياح والتعامل بليونة بين الجميع.

عناصر من الشرطة التابعة للمعارضة السورية مع مواطنين في ساحة السبع بحرات بدمشق (الشرق الأوسط)

أما العناصر العسكرية من مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وقوات المعارضة، فبدوا أكثر تحفظاً وخجلاً في التعاطي مع استفسارات العامة، لا سيما النساء، ويحيلونهم إلى رجال الشرطة الذين أظهروا فهماً للتعامل مع المدنيين، وسعوا إلى إشاعة الطمأنينة في الشوارع.

ووفق ما نقلت وسائل إعلام سورية، بينها صحيفة «الوطن»، فإن «القيادة العامة» أصدرت قراراً بأنه «يُمنع منعاً باتاً التدخل في لباس النساء أو فرض أي طلب يتعلق بملابسهن أو مظهرهن، بما في ذلك طلب التحشّم». مع التأكيد على أن «الحرية الشخصية مكفولة للجميع، وأن احترام حقوق الأفراد هو أساس بناء وطن متحضر».

أحد رجال الشرطة تحدث إلى «الشرق الأوسط» بشكل غير رسمي، لأنه غير مخول بالإدلاء بتصاريح، قائلاً إنهم جاءوا من إدلب، مشيراً إلى أن «غالبية عناصر الشرطة مدربون بشكل خاص على التعامل مع المدنيين».

وبدا لافتاً أنه عندما حاول أحد سكان دمشق الاستفسار من الشرطي عن طريقة لطمأنة أشخاص مذعورين في منازلهم في «حي الـ86» بالعاصمة كونهم كانوا موالين للنظام السابق، أعطاه الشرطي أرقام طوارئ للاتصال.

سوريون يرفعون صورة قائد «هيئة تحرير الشام» وأحد رموز الثورة السورية في دمشق (الشرق الأوسط)

وتداول السوريون ليل الأحد - الاثنين، قوائم أرقام طوارئ مع مقاطع صوتية نقلاً عن شخص تم تقديمه بعدّه مسؤولاً في القيادة العامة وموجهة لأهالي دمشق، بضرورة «إعادة رجال الشرطة إلى الشوارع ودعوة الموظفين للعودة إلى العمل، وتوفير المواد الغذائية، وأنه لا داعي للتخزين».

وأكد «مصرف سوريا المركزي» الاثنين، أن أموال المودعين «آمنة»، وقال إنه «مستمر في عمله... ونؤكد للإخوة المواطنين المتعاملين مع جميع المصارف العاملة أن ودائعهم وأموالهم الموضوعة لدى تلك المصارف آمنة ولم ولن تتعرض لأي أذى».

وقال مصدر في مصرف سوريا المركزي ومصرفيان لـ«رويترز»، إن «البنك المركزي والبنوك التجارية تستأنف عملها الثلاثاء وتدعو الموظفين للحضور إلى العمل».

وجاءت تطمينات المصرف المركزي في سوريا بعد مشاهد من الفوضى أمام بعض المؤسسات العامة، بينها المصرف المركزي.

وكانت قوات المعارضة أصدرت بياناً الأحد، أكدت فيه «ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة في العاصمة دمشق، وضرورة حمايتها وعدم التعدي عليها أو العبث بها».

وحذّرت من أن مخالفة هذه التعليمات «من قبل العسكريين أو المدنيين، ستعرّض من ارتكبها لعقوبات كبيرة قد تصل إلى السجن والغرامة».

وبحسب ما أظهرت جولة لـ«الشرق الأوسط»، في محيط منطقة المصرف المركزي، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، فإن عدداً محدوداً من الموظفين عادوا إلى أعمالهم، الاثنين، لكن موقف بقية المؤسسات الحكومية لا يزال غامضاً.

عنصر من «هيئة تحرير الشام» في منطقة حي المزرعة بدمشق (الشرق الأوسط)

إحدى السيدات التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، بينما كانت تقف بالقرب من مقر مؤسسة التأمينات الاجتماعية بمنطقة السبع بحرات بدمشق، قالت إنها تعمل بالتأمينات الاجتماعية، وإن «عدداً من زملائها عادوا إلى الدوام (الاثنين) بشكل طبيعي، متوقعة أن يعود الجميع في الأيام المقبلة إذا استتب الأمن».

وبينما كانت مراسلة «الشرق الأوسط» ترصد الأوضاع قرب مبنى «المصرف المركزي»، كان عدد من الموظفين يتجادلون مع شخص قال إنه صاحب سيارة جرى الحجز عليها قبل سقوط النظام بأيام، وبينما كان الرجل يقول إنه يريد استكمال معاملة فك الحجز، رفض الموظفون لأنه «لا يوجد من يتحمل مسؤولية إتمام معاملته في ظل الوضع الحالي»، بينما امتنع عناصر قوات المعارضة عن التدخل.

سورية تمر أمام صورة لقائد «هيئة تحرير الشام» وأحد رموز الثورة السورية في دمشق (الشرق الأوسط)

وفي سخرية ممزوجة بالقلق، دخل مواطن سوري في نقاش مع موظف بوزارة المالية أمام مقرها، وقال له: «الحمد لله خلصنا منكم»، في إشارة إلى ضيق السوريين من الضرائب التي كانت ترهق كاهلهم، غير أن الموظف سارع بالرد، وكان إلى جانبه عنصر من قوات المعارضة: «لا تفرحوا كثيراً، صحيح تخلصتم من الضرائب، لكن قد نعود قريباً لتحصيل الزكاة».

وفي الأسواق الشعبية لبيع الخضراوات والفاكهة في دمشق، عادت الحركة بشكل طبيعي تقريباً، ومنها أسواق: الشعلان، والشيخ محي الدين، ولم تظهر تغييرات كبيرة في الأسعار، إذ ظلت عند حدود أيام ما قبل سقوط النظام، حتى إن سعر كيلو اللحم انخفض إلى 180 ألف ليرة، بعد أن وصل إلى نحو 240 ألف ليرة.


مقالات ذات صلة

مقتل وإصابة 5 عسكريين في هجوم مسلح بشمال غربي سوريا

المشرق العربي رجل ينظر إلى منزله المدمر في حمورية بمنطقة الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 5 عسكريين في هجوم مسلح بشمال غربي سوريا

قتل عسكريان سوريان وأصيب 3 آخرون، الأربعاء، في هجوم لعناصر من النظام السابق بشمال غربي البلاد، وفق إعلام سوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية مرهف أبو قصرة (رويترز)

وزير الدفاع السوري: ملف «قسد» سيكون عند الإدارة الجديدة

كشف وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية مرهف أبو قصرة أن ملف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، سواء بالتفاوض أو الحل العسكري، سيكون عند الإدارة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية السورية يظهرون في شارع رئيسي بإحدى ضواحي دمشق خلال عملية لمصادرة الأسلحة (أ.ف.ب)

سوريا: قتلى خلال حملة أمنية في ريف حمص

قُتل 6 أشخاص على الأقلّ في الريف الغربي لمحافظة حمص في وسط سوريا وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في إطار حملة «تمشيط».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مقاتلون مدعومون من تركيا على خط مواجهة «قوات سوريا الديمقراطية» على مشارف منبج سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

«قوات سوريا الديمقراطية»: نلاحق عناصر من النظام السابق بمحافظة دير الزور

شدد شامي على أن أمان دير الزور واستقراراها «خط أحمر» ولن يستطيع أحد أن يلحق الضرر به.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع التقي وفداً من الطوائف المسيحية السورية (الإدارة السورية الجديدة)

وفد «الجامعة العربية» يلتقي قيادات الكنائس السورية

واصل وفد جامعة الدول العربية، الأحد، زيارته «الاستكشافية» للعاصمة دمشق، بهدف إعداد تقرير للدول الأعضاء بشأن تطورات الأوضاع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«داخلية غزة»: منتشرون في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار

عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
TT

«داخلية غزة»: منتشرون في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار

عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)

أعلنت وزارة الداخلية في غزة، اليوم الأربعاء، أن عناصر الشرطة تنتشر في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل وحركة «حماس»، وبدأ سريانه يوم الأحد الماضي.

وأفادت في بيان عبر صفحتها الرسمية عبر «فيسبوك»، الأربعاء، بأنها ستتخذ المزيد من الإجراءات في الأيام المقبلة؛ لضمان الأمن والاستقرار في القطاع.

وأفادت الوزارة بأنه «منذ اللحظات الأولى لسريان الاتفاق، باشرت قيادة الشرطة تطبيق خطة انتشار في جميع محافظات قطاع غزة، ضمن خطة وزارة الداخلية والأمن الوطني؛ من أجل بسط الأمن والنظام العام، ومساندة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، واستعادة مظاهر الحياة في القطاع».

وأضافت برسالة طمأنة للمواطنين أن «جميع مراكز الشرطة في كافة المحافظات تقوم بواجبها، وبإمكانهم متابعة أي قضايا تتعلق بعمل جهاز الشرطة، ونؤكد أننا لن نتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف النظام والقانون».

وأفاد البيان بأن «طواقم هندسة المتفجرات تعمل على تفقد الأماكن التي ما زالت تحتوي على مخلفات القذائف غير المنفجرة والأجسام المشبوهة من مخلفات الاحتلال في جميع المحافظات»، مؤكدة على «المواطنين بضرورة عدم العبث بأي أجسام أو قذائف، وإبلاغ الجهات المختصة من أجل القيام بواجبها في إزالة تلك الأجسام وتحييد خطرها».