القصير قلعة «حزب الله» السورية سقطت بلا مقاومة

مصدر مقرب من الحزب: إذا كان ما حصل يمثل مصلحة الشعب السوري فهذا خياره

تشييع جماعي لعناصر من «حزب الله» سقطوا خلال الحرب الأخيرة في بلدتهم مجدل سلم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
تشييع جماعي لعناصر من «حزب الله» سقطوا خلال الحرب الأخيرة في بلدتهم مجدل سلم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

القصير قلعة «حزب الله» السورية سقطت بلا مقاومة

تشييع جماعي لعناصر من «حزب الله» سقطوا خلال الحرب الأخيرة في بلدتهم مجدل سلم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
تشييع جماعي لعناصر من «حزب الله» سقطوا خلال الحرب الأخيرة في بلدتهم مجدل سلم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

بينما أعلنت فصائل المعارضة السورية دخولها مدينة حمص والسيطرة عليها، سقطت مدينة القصير الواقعة في الريف الغربي لمحافظة حمص، وانسحبت القوات النظامية منها، تاركة الأرض لمقاتلي «حزب الله» الذين آثروا بدورهم الانسحاب إلى لبنان.

انتظار أبناء القصير دام 11 عاماً ونيّف، قبل عودتهم إلى مدينتهم التي تغيّرت معالمها، وإلى قراهم التي تم تجريفها. وأفاد مصدر في المعارضة السورية، بأن القصير «لم تشهد معركة عسكرية ما بين الفصائل السورية والميليشيات التي كانت تحتلها (حزب الله) بل كانت أمام حالة استسلام»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذين قدموا من حمص باتجاه القصير، هم من مقاتلي القصير»، مؤكداً أن «عملية السيطرة على القصير لم تستغرق أكثر من ساعتين، فلم تشهد مواجهات تذكر، لأن أكثرية مقاتلي (حزب الله) الذين كانوا فيها وفي القرى الواقعة في الريف الغربي والجنوبي للمدينة إما فرّوا إلى لبنان من خلال معبر مطربا، قرب منطقة حوش السيّد علي المتاخم لمنطقة البقاع اللبناني، وإما ألقوا سلاحهم واستسلموا للثوار».

ولم يعرف مصير آلاف المقاتلين من «حزب الله» الذين كانوا متحصنين في القصير وريفها، ويتخذون منها ظهيراً لدعم الحزب في لبنان وشريان إمداده بالسلاح، وتناقل ناشطون مقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمّن تسجيلات لمقاتلي الحزب يتهمون جيش النظام السوري بأنه «غدر بهم وتركهم في أرض المعركة».

وكان أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، أعلن في خطابه الأخير، الجمعة، أن الحزب لن يسمح بـ«سقوط سوريا بيد الجماعات المسلّحة مجدداً، وأنه مستعدّ لدعمها والدفاع عنها»، وكشف المصدر في المعارضة السورية عن أن «مئات من مقاتلي (حزب الله) انتقلوا في الساعات الماضية من البقاع اللبناني، وتحديداً من خلال معابر غير شرعية ما بين منطقتي القاع والهرمل، إلى القصير، وكانوا يمنون النفس بالدفاع عن القصير التي كانت تشكّل معقلاً للحزب، إلّا أنهم عادوا وفرّوا إلى لبنان أثناء وصول المقاتلين إلى مداخل القصير من الشرق والشمال»، مشدداً على أن «نفوذ (حزب الله) وكل الميليشيات الإيرانية انتهت، وأن مقاتلي الثورة سيطروا على كل ريف القصير الغربي والشمالي وصولاً إلى الحدود اللبنانية».

الضربة الإسرائيلية التي استهدفت «حزب الله» في القصير على الحدود اللبنانية السورية (المرصد السوري)

وشهدت حدود لبنان الشمالية مع سوريا، تدفق الآلاف من النازحين السوريين من أبناء حمص والقصير، وبدأوا مع ساعات الفجر الأولى بالانتقال إلى مناطقهم في الداخل السوري لتفقّد أرزاقهم. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «قرى حدودية في عكار تشهد حركة نزوح معاكسة إلى ريف القصير»، وقالت إن «حركة الانتقال من لبنان إلى سوريا اقتصرت على الرجال والشباب، وغالبيتهم عبروا عبر دراجات نارية، وذلك لتفقّد ممتلكاتهم والتثبّت مما إذا كانت منازلهم لا تزال موجودة وصالحة للسكن، على أن تشهد الأيام المقبلة عودة العائلات».

إلى ذلك، أوضح مصدر مقرّب من «حزب الله» أن «الحزب قاتل في سوريا إلى جانب الدولة السورية والشعب السوري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان ما حصل يمثل مصلحة الشعب السوري فهذا خياره، والحزب لم يكن يوماً في حالة حرب أو عداء مع السوريين، بل بمواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي نكلت بالشعب السوري». وتمنّى أن «تكون سوريا بخير ولا تقع في قلب الصراع مجدداً، وألّا تمزقها الصراعات الداخلية ومشاريع الفتنة».


مقالات ذات صلة

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

الخليج البديوي يأمل بأن تتعزز العلاقات التاريخية بين الخليج ولبنان (مجلس التعاون)

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

تطلّع جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، لأن يسهم انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبنان، في استعادة الأمن والسلام في البلاد وتحقيق تطلعات الشعب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت 9 يناير 2025 (إ.ب.أ) play-circle 01:12

جوزيف عون: سأعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصراً على الدولة

أعلن الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون بدء «مرحلة جديدة» في تاريخ لبنان، داعياً إلى «تغيير الأداء السياسي»، وإلى بناء وطن يكون الجميع فيه تحت القانون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (الشرق الأوسط)

خادم الحرمين وولي العهد يهنئان جوزيف عون بانتخابه رئيساً للبنان

هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء، جوزف عون بانتخابه رئيساً للبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب) play-circle 01:44

رؤساء لبنان العسكريون… وصفة تقليدية لحل الأزمات

في لبنان مقولة مفادها أن كل من يولد مارونياً هو مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صندوق الاقتراع داخل البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس (رويترز) play-circle 01:12

جوزيف عون الرئيس اللبناني الرابع عشر

أصبح العماد جوزيف عون الرئيس الرابع عشر للبنان، منذ استقلال الجمهورية اللبنانية عام 1943.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

على الرغم من مرور 3 أشهر على العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة المتضمَّنة في العملية الكبرى، فإن تلك القوات ما زالت تتكبد كثيراً من الخسائر البشرية والمادية، في ظل معارك عنيفة مع مسلحين من الفصائل الفلسطينية، اعتمدوا على تكتيكات أكثر قوة باستخدام حرب «العبوات الناسفة».

وفي غضون 3 أيام، قتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال»، الذي انتقل منذ نحو أسبوعين من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع، لاستكمال مهمة جزء من فريق لواء «كفير» القتالي، وقوات أخرى.

فتاة فلسطينية تتفقد منزل عائلتها الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية بمخيم اللاجئين في دير البلح وسط غزة الخميس (إ.ب.أ)

«حرب العبوات»

ووفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن الضابطين والجنود الثلاثة قتلوا نتيجة تفجير عبوات ناسفة، وأُعلن مقتل الجنود الثلاثة، الأربعاء، جراء انفجار عبوة كبيرة جداً زُرعت على عمق أمتار قليلة في الأرض، وحين داست دبابة عليها انفجرت وانقلبت واحترق جزء منها، ما أدى لمقتل الجنود الثلاثة وإصابة 3 آخرين أحدهم في حالة خطرة.

ووصفت الصحيفة ما يجري في بيت حانون بـ«حرب العبوات»، فقد اعترف ضابط إسرائيلي بأن «خطر العبوات الناسفة هو محور القتال» في البلدة الواقعة بمحاذاة السياج الأمني شمال قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية العملية في بيت حانون نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل 10 ضباط وجنود إسرائيليين، مشيرةً إلى أن قوات الجيش تعمل هناك ضد كتيبة «حماس» المحلية، في جزء من العملية المتواصلة شمال قطاع غزة منذ 3 أشهر.

دخان فوق قطاع غزة جراء انفجارات الخميس (أ.ب)

وتحدثت عن اكتشاف مستودعات أسلحة وصواريخ وأنفاق قتالية لا تزال تستخدم من قبل المسلحين الفلسطينيين.

«كرّ وفرّ»

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومين في شمال قطاع غزة يخوضون عمليات «كرّ وفرّ»، وإن هذا التكتيك اعتُمد منذ بدء العمليات في جباليا بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن ثم في بيت لاهيا، وحتى بلدة بيت حانون، مؤكدةً أن المعارك ما زالت متواصلة في جميع تلك المناطق على الرغم من محاولات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليها.

ووفق المصادر، فإن المقاومين يتنقلون بين تلك المناطق الثلاث، ويخوضون اشتباكات عنيفة، وفق ما لديهم من إمكانات عسكرية، مشيرةً إلى أنهم يستخدمون الأنفاق، التي لا يزال بعضها سليماً، لاستهداف القوات الإسرائيلية والوصول إلى أماكن تمركز الجنود وإطلاق النيران عليهم من مسافات قريبة، أو إطلاق قذائف مضادة للدروع.

زملاء وأقارب جندي قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (أ.ب)

ولفتت المصادر إلى أن كثيراً من العبوات الناسفة ومنها «البرميلية (الكبيرة جداً)» كانت مزروعة قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق شمال قطاع غزة، وزِيد عدد العبوات الناسفة التي جُهزت للتفجير عن بعد في بلدة بيت حانون بعد دخول تلك القوات مخيم جباليا.

وتقول المصادر إن العبوات الناسفة الأربع التي انفجرت في بيت حانون، خلال الأيام الماضية وأدت لمقتل الضباط والجنود، هي من نوع «برميلية»، التي استُخدمت في بعضها صواريخ إسرائيلية لم تنفجر وأعيد تأهيلها وتفعيلها لتكون تفجيرية بشكل أكبر.

ووفقاً لـ«القناة 12» العبرية، فإن الجيش الإسرائيلي يحقق فيما إذا كانت العبوة التي انفجرت الأربعاء وأدت لمقتل الجنود الثلاثة، هي عبوة تحتوي مواد من مخلفات الجيش لم تنفجر سابقاً.

فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة الخميس (رويترز)

إجراءات إسرائيلية

ووفق القناة، فإنه يجري اتخاذ كثير من الإجراءات لاستخلاص الدروس بعد تكرار انفجار العبوات؛ منها استخدام جرافات «دي9 (D9)»، التي تجرّف الشوارع للكشف عن أي عبوات زُرعت، مؤكدةً أنه لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي معلومات استخباراتية عن العبوة التي انفجرت في الدبابة، وأن انفجارها كان كبيراً وغير عادي.

وتقول القناة إنه لو ثبت استخدام عناصر «حماس» أسلحة من مخلفات الجيش، فإن هذا سيكون التفسير الوحيد لتضرر الدبابة بشكل كبير جداً، واحتراق جزء منها، مشيرةً إلى أن المواد المتفجرة في قنابل وصواريخ الجيش الإسرائيلي قياسية، وإن انفجارها يسبب أضراراً أكبر بكثير.

ووفق المصادر الميدانية التي تحدثت لمراسل «الشرق الأوسط»، فإن «استخدام عبوات ناسفة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس بالأمر الجديد، وإنما استُخدمت مرات عدة في سلسلة من العمليات التي نُفذت ضده في مناطق متفرقة من القطاع، وليس فقط شماله».

وتنفي المصادر الميدانية ما تدعيه مصادر عسكرية إسرائيلية من أن كثيراً من المسلحين يفرون من شمال قطاع غزة إلى الجنوب (إشارة إلى مدينة غزة)، ومن أن «حماس» تخلت عن تلك المناطق، بعد هروب قياداتها وعناصرها، ومن أنه قد يهرب مزيد منهم باستغلال الأمطار في الأيام المقبلة.

وتؤكد المصادر الميدانية أن هؤلاء «يتنقلون في إطار عمليات (الكر والفر)، التي تهدف بشكل أساسي لتوجيه ضربات للقوات الإسرائيلية باستخدام مجموعات بديلة تتنقل بين المناطق؛ للاستراحة والاستعداد للقتال من جديد، فتدخل بدلاً منها مجموعات تقاتل، وعند انسحابها تعود مجموعات كانت سابقاً في الميدان لتقاتل».

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه خلال ما بين 3 و4 أسابيع «من الممكن استكمال العملية برمتها في شمال قطاع غزة؛ سواء في جباليا وفي بيت حانون»، كما ذكرت «القناة 12».