بغداد لطهران ودمشق: التدخل في سوريا لم يعد مطروحاً أبداً

بارزاني دعا إلى اتفاق سلمي بين «المكونات السورية»

وزير الخارجية فؤاد حسين يتوسط وزيرَي خارجية إيران وسوريا (وزارة الخارجية)
وزير الخارجية فؤاد حسين يتوسط وزيرَي خارجية إيران وسوريا (وزارة الخارجية)
TT

بغداد لطهران ودمشق: التدخل في سوريا لم يعد مطروحاً أبداً

وزير الخارجية فؤاد حسين يتوسط وزيرَي خارجية إيران وسوريا (وزارة الخارجية)
وزير الخارجية فؤاد حسين يتوسط وزيرَي خارجية إيران وسوريا (وزارة الخارجية)

إذا كان الموقف الرسمي العراقي قد شابه الغموض في الأيام الأولى لاندلاع الأحداث السورية، وبدا أن إمكانية انخراط البلاد في الحرب غير مستبعدة، بالنظر لمواقف عبَّرت عنها شخصيات رسمية وسياسية، فإن الموقف اليوم بشكل عام أقرب إلى «يقين» بأن العراق مُصمِّم على منطقة «الحياد»، والنأي عن الحدث السوري.

ويبدو أن تسارع الأحداث، ونجاح الفصائل المسلحة السورية في السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد خلال أيام معدود، مثلما فاجآ العالم، فاجآ بغداد أيضاً ودفعاها إلى مراجعة مواقفها، والتركيز على حماية حدودها الغربية مع سوريا، إلى جانب تأكيدها على ضرورة حل الأزمة السورية سياسياً.

وواصل وزير الخارجية فؤاد حسين، خلال اليومين الأخيرين في مؤتمرَي بغداد والدوحة، التركيز على الحديث عن «الحلول الدبلوماسية» للأزمة السورية، وقدرة بلاده على حماية أراضيها.

جندي من قوات الحدود العراقية يقف عند الشريط المحاذي لسوريا (أ.ف.ب)

التدخل لم يعد مطروحاً

وتقول مصادر عليمة إن العراق اتفق بشكل واضح مع وزيرَي خارجية سوريا وإيران على أن «حل الأزمة السورية ليس عسكرياً، وأبلغ الطرفين بأن التدخل في سوريا أو إرسال قوات عسكرية لم يعد خياراً مطروحاً على الإطلاق».

وإلى جانب ذلك، ساعدت بعض المواقف المحلية، بحسب المراقبين، الحكومة العراقية على تلمُّس مواقفها حيال الأزمة بحذر شديد، في ظل أزمة إقليمية بالغة الصعوبة والتعقيد.

وفي مقابل مواقف متشددة أطلقها رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، بدت كأنها تدفع باتجاه انخراط العراق في الأزمة السورية، صدرت عن شخصيات شيعية وسنية وكردية فاعلة ومؤثرة، مواقف مغايرة، فقد دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بصراحة إلى عدم التورط في الحدث السوري، ويقوم الزعيم السني خميس الخنجر بإدارة مفاوضات مع الجماعات السياسية لبلورة موقف رافض للتدخل العراقي في الشأن السوري، طبقاً لمصادر مقربة من «تحالف السيادة»، الذي كان يقوده.

وتؤكد المصادر، أن «غالبية القوى والقيادات السنية، ورغم خلافاتها الداخلية، تتفق على ضرورة إبعاد العراق عن الحدث السوري، وترك الأمر إلى الشعب السوري ليقرر مصير وشكل النظام الذي يريده».

والتحق زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، بقافلة الداعين إلى حل الأزمة السورية سياسياً، وعدم تورط العراق فيها.

وقال في بيان، السبت، إنه «يتابع باهتمام كبير الأحداث والتغيّرات الأخيرة الجارية في سوريا، لما لهذه التطورات والأحداث من تأثير مباشر في المستقبل السياسي وأمن واستقرار سوريا ومنطقتنا بأكملها».

وأضاف: «نأمل أن تؤدي هذه المستجدات والتغييرات في سوريا إلى اتخاذ الحوار والتفاهم أساساً لحل القضايا الخلافية، وألَا يُمارَس أي سلوك ينتج عنه تعميق الخلافات القومية والطائفية بين مكونات سوريا».

ويتطلع بارزاني، بحسب البيان، إلى أن «تتوصّل الأطراف المعنيّة من خلال الوسائل السلمية لاتفاق يصبُّ في مصلحة جميع مكونات سوريا، وتحقيق التعايش والسلام والاستقرار فيها».

مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني (إكس)

تصعيد من العامري

وفي ظل شبه الإجماع الرسمي والشعبي بالعراق، في النأي بالبلاد عن الأزمة السورية، بدا جلياً «خفوت» الأصوات التي كانت عالية وتصدر عن بعض قيادات الفصائل المسلحة المرتبطة بما يُسمى «محور المقاومة» ولديها أصلاً وجود داخل الأراضي السورية، حيث تلتزم تلك الجماعات منذ أيام الصمت، وسط أنباء عن عودة كثير من عناصرها إلى العراق بعد انسحابها من الداخل السوري تحت ضغط سيطرة الفصائل السورية المسلحة.

وبدا صوت رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، منفرداً وسط صمت الفصائل، حيث اتهم، السبت، كلاً من تركيا وإسرائيل بالتآمر على سوريا من خلال دعم التنظيمات المسلحة في اجتياح مناطق ومدن في البلاد وبـ«مباركة» الولايات المتحدة الأميركية، بحسبه.

وقال العامري، خلال مشاركته (السبت) في مؤتمر «أبناء المجاهدين» السنوي الذي تقيمه منظمته، إن «ما يجري في سوريا مؤامرة تركية صهيونية بمباركة أميركية، فالكيان الصهيوني هو مَن يقود المشروع المشبوه في سوريا والمنطقة».

وذكر العامري أنه «يجب على العراق أن يكون له موقف واضح مما يحدث في سوريا، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة».

ودعا إلى «استغلال حجم التبادل التجاري التركي - العراقي، الذي وصل إلى أكثر من 30 مليار دولار؛ للضغط على أنقرة في إيقاف دعمها لتلك التنظيمات في سوريا». وأشار إلى أن «أهمية سوريا تكمن في تأثيرها المباشر بالمنطقة».

وخلص إلى أن «الهجوم خير وسيلة للدفاع، ومن غير الصحيح أن نبقى نترقب التصعيد من بغداد». ولا تُعرَف على وجه الدقة ما طبيعة الهجوم الذي يُلوِّح به العامري.

في غضون ذلك، تحدَّث مصدر مقرب من الفصائل لـ«الشرق الأوسط» عن «مخاوف جدية داخل هذه الأوساط من الخطوة التالية لسوريا التي يمكن أن تطالها».

ويؤكد المصدر أن «الفصائل من جماعات المحور باتت تفكر بطريقة شديدة الواقعية خصوصاً مع ملاحظة الموقف الإيراني الذي بات زاهداً بنظام بشار الأسد، ويسعى إلى الانخراط في مفاوضات ما بعد حكمه».


مقالات ذات صلة

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

المشرق العربي السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

تفاجأ قطاع المتقاعدين في العراق باستقطاع ما نسبته 1 في المائة، وبأثر رجعي للشهرين الماضيين، ما أثار غضب كثيرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلقي كلمة أمام قوات الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه (رئاسة الوزراء) play-circle 00:48

العراق يحتفل بالذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني

أحيا العراق، الاثنين، الذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني، في ظل تطورات إقليمية متسارعة تُثير مخاوف من انعكاس تداعياتها على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يسخر من دعاة التغيير... والمشهداني يدعو إلى تعديلات جذرية

بينما سخر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من الدعوات لتغيير النظام السياسي في البلاد، طالب رئيس البرلمان محمود المشهداني بإجراء تعديلات جذرية في النظام.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)

السوداني يحمل «الصندوق الأسود» إلى طهران

قالت مصادر عراقية، إن السوداني يحمل إلى طهران ملفات إقليمية وداخلية ساخنة، من بينها ملف حل الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها موقع وزارة الخارجية العراقية للوزيرين العراقي والسوري play-circle 02:33

بغداد تتخذ خطوة «دبلوماسية» للتطبيع مع الوضع السوري الجديد

خطت الحكومة العراقية خطوة أخرى باتجاه تطبيع العلاقات السياسية مع الإدارة الجديدة في سوريا التي أطاحت بنظام بشار الأسد.

فاضل النشمي (بغداد)

ارتفاع أسهم ميقاتي لترؤس حكومة لبنانية جديدة

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
TT

ارتفاع أسهم ميقاتي لترؤس حكومة لبنانية جديدة

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (د.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

قبل ساعات من بدء الرئيس اللبناني جوزيف عون، الاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة الجديدة، بدت أسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مرتفعةً أمام منافسَيه، النائبَين فؤاد مخزومي وإبراهيم منيمنة.

ومع أن المنافسة محصورة في المرشحين الثلاثة، فإن اسم رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، لم يُسحب من التداول. وهذا ما يفسر تريُّث الكتل في حسم قرارها بصورة نهائية ليكون في وسعها مواكبة ما ستنتهي إليه مشاورات اللحظة الأخيرة.

وهذه المرة هي الأولى التي يشهد فيها السباق لتولي رئاسة الحكومة، منافسةً بين ثلاثة مرشحين مدعومين من كتل نيابية كانت قد تقاطعت على انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وإن كان الفريق المؤيد لإيصال ميقاتي إلى الرئاسة الثالثة يستبق ما ستؤول إليه الاستشارات النيابية ويتصرف كأنه يتقدم منافسيْه مخزومي، مرشح المعارضة، و«التغييري» منيمنة، بفارق كبير من الأصوات يمكن أن يصل إلى نصف عدد أعضاء البرلمان.