بغداد لا تشجع «الحلول العسكرية» للأزمة السورية

مصادر قالت إن الخطط العراقية تقتصر على تأمين الحدود

العراق قال إن الحدود مع سوريا التي تبلغ 600 كيلومتر باتت مؤمنة (أ.ف.ب)
العراق قال إن الحدود مع سوريا التي تبلغ 600 كيلومتر باتت مؤمنة (أ.ف.ب)
TT

بغداد لا تشجع «الحلول العسكرية» للأزمة السورية

العراق قال إن الحدود مع سوريا التي تبلغ 600 كيلومتر باتت مؤمنة (أ.ف.ب)
العراق قال إن الحدود مع سوريا التي تبلغ 600 كيلومتر باتت مؤمنة (أ.ف.ب)

شجّعت الحكومة العراقية الحلول الدبلوماسية لإنهاء الأزمة السورية، وأعلنت أنها تنسق مع إيران وروسيا وأميركا لإعادة الاستقرار رغم التمدد السريع للفصائل المسلحة.

وجاء الموقف العراقي بالتزامن مع اجتماع وزراء خارجية بغداد وطهران ودمشق، الجمعة، الذي توصل إلى «ضرورة استمرار المشاورات»، وفقاً لبيانات رسمية.

ودعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، الجمعة، إلى ضرورة التنسيق مع الدول العربية للخروج بموقف موحد تجاه تحديات المنطقة، وفي مقدمتها التطورات في سوريا.

وقال السوداني، خلال استقباله وزير الخارجية السوري بسام صباغ: «إن العراق يبذل جهوداً سياسية ودبلوماسية متواصلة من أجل حفظ الأمن في سوريا، الذي ينعكس بشكل مباشر على الأمن في سائر بلدان المنطقة»، بحسب بيان للحكومة العراقية.

وجدّد السوداني موقف العراق «بالوقوف إلى جانب سوريا وشعبها وأهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها».

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الإيراني عباس عراقجي في بغداد يوم 6 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

إنهاء الصراع السوري

بعد لقائه رئيس الجمهورية العراقية، عبد اللطيف رشيد، أشاد عراقجي «بمساعي العراق من أجل إنهاء الصراعات وتهدئة الأوضاع، وبما يخدم شعوب المنطقة واستقرارها الأمني والسياسي والاقتصادي».

وقال الرئيس رشيد إن «دور العراق ثابت في تعزيز السلم والأمن الدوليين»، وأكد «أهمية استمرار التشاور والتنسيق، بما يحفظ السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي، ووضع خطة مدروسة لمنع تداعيات الأحداث المتسارعة في المنطقة».

وعقد وزراء خارجية: العراق فؤاد حسين، وسوريا بسام صباغ، وإيران عباس عراقجي، الجمعة، اجتماعاً ثلاثياً لبحث تداعيات الأزمة في سوريا، بعد قيام الفصائل المسلحة بالسيطرة على عدد من المدن السورية.

وشدّد حسين في مؤتمر صحافي، عقده مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في بغداد، على «تنسيق المواقف بين البلدين».

وأشار الوزير العراقي إلى أن «أمن المنطقة لا يمكن تحقيقه بالوسائل العسكرية وحدها»، مؤكداً على «أهمية الدور الدبلوماسي».

من جانبه، قال عراقجي إن «مشاوراتنا مع العراق مستمرة، وحالة عدم الأمن في سوريا تمثل تهديداً لأمن جميع دول المنطقة».

وأضاف أن «الجماعات المسلحة (في سوريا) وضعت خطة لإثارة الفوضى في المنطقة بدعم أميركا وإسرائيل».

وكان عراقجي قد صرّح بأن بلاده منفتحة على إمكانية إرسال قوات إلى سوريا لدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد. وقال في تصريحات صحافية: «إذا طلبت الحكومة السورية من إيران إرسال قوات إلى سوريا، فسننظر في هذا الطلب».

وخلال مؤتمر مشترك لوزراء الخارجية الثلاثة، أكد الوزير العراقي «حماية أراضي العراق وحدوده وإبعاده عن أي هجمات إرهابية من خلال القوات المسلحة العراقية بجميع أصنافها».

وأفاد حسين بأن العراق يسعى «لعقد اجتماع لعدد من الدول لمناقشة الموضوع السوري» في بغداد، وتحدث في هذا الصدد عن اتصالات مع تركيا والسعودية والإمارات ومصر والأردن لإرسال مساعدات إنسانية.

لكن وزير الخارجية الإيراني قال إن رسالة الاجتماع الثلاثي هي «دعم الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد».

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره السوري بسام صباغ في بغداد يوم 6 ديسمبر 2024 (رويترز)

«الأسد يرتكب الأخطاء»

ومع ذلك، أوضح عراقجي أنه بلاده تشجع أيضاً على «مبادرة سياسية» في سوريا، وأنه سيبحث ذلك خلال اجتماع «آستانا» في دوحة مع وزيري الخارجية التركي والروسي.

وقال أيضاً: «لا ننكر أن بشار الأسد ارتكب أخطاءً، وربما يرتكبها، لكن لا يمكن السماح بانتشار مجموعات متطرفة تستخدم السلاح في سوريا، لأن هذا أمر مختلف تماماً».

في السياق، نقلت «رويترز» عن مسؤول إيراني وصفته بـ«الكبير»، أن طهران «تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك لدعم الرئيس بشار الأسد في معركته مع الفصائل».

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «من المرجح أن طهران ستحتاج إرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا... وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات».

وأضاف: «الآن، تقدم طهران دعماً مخابراتياً ودعماً يتعلق بالأقمار الاصطناعية لسوريا»، فيما أوضح أن بلاده تدرس مع بغداد إنشاء «دفاع مشترك عبر الجيوش النظامية والمقاومة».

صورة جوية التقطت خلال جولة لقوات «الحشد الشعبي» تظهر نقاط مراقبة على طول الحدود العراقية السورية (أ.ف.ب)

الدفاع عن الحدود

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، يوم الاثنين الماضي، أنها نشرت قوات عسكرية مدرعة على طول الشريط الحدودي من قضاء القائم على الحدود العراقية السورية، وصولاً إلى الحدود الأردنية أقصى غرب العراق.

وقال مستشار حكومي، لـ«رويترز»، إن «الأوامر الصادرة حتى الآن هي الدفاع عن الجناح الغربي للعراق وليس التدخل لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد».

لكن المصادر، وفقاً للوكالة، أشارت إلى أن الحسابات قد تتغير، على الأقل بالنسبة لبعض الفصائل العراقية، اعتماداً على التطورات في حال سيطرت المعارضة على مدينة حمص الكبرى أو إذا سقط الأسد.

وكانت قوى سياسية عراقية قد أعلنت رفضها التدخل في الشأن السوري، وشدد زعيم التيار الصدري في العراق على «ضرورة عدم التدخل في سوريا»، ودعا الحكومة في بغداد إلى «معاقبة كل من يُخلّ بالأمن».

لكن زعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، قال في خطاب في مدينة النجف، الجمعة، إن «العراق لن يكون على الحياد، وسيقاتل في أي مكان دفاعاً عن الإسلام والمسلمين».

وأضاف المالكي: «الأحداث في سوريا بداية لمشروع جديد، وعلينا أن نحمي العراق من الخلايا النائمة في أي مكان».

بينما دعا رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، «المسؤولين عن قيادة البلاد إلى التحلّي بمسؤوليات القيادة، وفي طليعتها الإدارة الحكيمة للأزمات، وتجنيب البلاد المغامرات والحسابات الخاطئة».

وكتب العبادي، في منصة «إكس»، أن «المنطقة تغلي بالحروب والصراعات، وتجنيب العراق كوارث صراع المحاور هو شجاعة قيادة وحكمة موقف».

تنسيق إقليمي

من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن الحكومة العراقية تنسق مع سوريا وإيران وروسيا وأميركا لاحتواء الأزمة السورية.

وقال العوادي، في تصريحات صحافية، إن «القضية السورية هي قضية أمن قومي عراقي، ويجب أن نفهم ما الذي يدور في سوريا، وقد قمنا بإغلاق الحدود مع سوريا وتعزيز القوات على طول الحدود العراقية السورية».

وأضاف العوادي: «السلطات العراقية بدأت حراكاً دبلوماسياً مع سوريا وروسيا والولايات المتحدة وإيران»، وأشار إلى أن «هناك تقاطعاً بين الأطراف، ولكن يمكن احتواء الأزمة».

ونفى العوادي أن «تكون الحكومة السورية قد طلبت مساعدة عسكرية من بغداد، لكنها بعثت رسائل عن خطورة الوضع، ونحن نتفاعل معها».

وشدّد المتحدث الحكومي على أن «الحديث عن تقسيم سوريا خط أحمر بالنسبة إلى العراق».


مقالات ذات صلة

الأمن العراقي يتوعد تجار المخدرات

المشرق العربي السلطات العراقية تحرق أطناناً من المخدرات في موقع جنوب بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

الأمن العراقي يتوعد تجار المخدرات

توعدت وزارة الداخلية العراقية، الجمعة، المتورطين بتجارة المخدرات بأن يكون العام الحالي هو «الأقسى عليهم»، مع استمرار حملة لمكافحة نشاطهم في عموم البلاد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي محطة «بيجي» الغازية للكهرباء في العراق (موقع وزارة الكهرباء)

بغداد تطلب تمديد الإعفاء الأميركي لتأمين الكهرباء

دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى مواصلة إعفاء بلاده من العقوبات المفروضة على إيران.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب وهم في طريقهم إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

العراق: نرفض أي مخططات لتفريغ قطاع غزة من سكانه

أدانت وزارة الخارجية العراقية اليوم الخميس المحاولات الرامية إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه سواء بالتهجير القسري أو أي وسائل أخرى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الحكومة العراقية تقول إنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني (رويترز)

بغداد للبحث عن بدائل الطاقة بعد عقوبات ضد إيران

دعا كل من رئيسي الحكومة والبرلمان في العراق الائتلاف الحاكم إلى اجتماع لمناقشة تداعيات خارجية وداخلية، على خلفية عقوبات أميركية على إيران، تطول العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

خاص بغداد تجمّد مفاوضات «شكلية» لحل الفصائل

تجمّدت خطط عراقية لمعالجة وضع الفصائل المسلحة بسبب انعدام التواصل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقرار إيراني بتجنب قرارات «لا داعي لها».

علي السراي (لندن)

المبعوثة الأميركية تطالب باستبعاد «حزب الله» من الحكومة

الرئيس جوزيف عون مستقبلا نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ("الشرق الأوسط")
الرئيس جوزيف عون مستقبلا نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ("الشرق الأوسط")
TT

المبعوثة الأميركية تطالب باستبعاد «حزب الله» من الحكومة

الرئيس جوزيف عون مستقبلا نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ("الشرق الأوسط")
الرئيس جوزيف عون مستقبلا نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ("الشرق الأوسط")

أعلنت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، التزام بلادها موعد انسحاب إسرائيل من لبنان في 18 فبراير (شباط) الحالي، وهو تاريخ انتهاء المهلة الجديدة للانسحاب.

وقالت من بيروت: «كان هذا جزءاً من المفاوضات التي أجريتها مع شريكي إريك تريغر في مجلس الأمن القومي، ومع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية. وسيكون 18 فبراير موعد إعادة الانتشار عندما تُنهي قوات الجيش الإسرائيلي انسحابها، وبالطبع ستأتي القوات المسلحة اللبنانية لتُعيد انتشارها. نحن ملتزمون بشدة بهذا التاريخ».

وأكدت المسؤولة الأميركية أن بلادها وضعت خطوطاً حمراء «تمنع (حزب الله) من ترهيب الشعب اللبناني، بما في ذلك عبر مشاركته في الحكومة»، مضيفة أن الحزب «انتهى». وقالت إن بلادها «ممتنة لإسرائيل على هزيمة الحزب».

وأربك تصريح مورغان أورتاغوس، المساعي لتشكيل حكومة لبنانية، واعتذر الاسم المقترح «بوصفه تسوية» ليكون الوزير الشيعي الخامس، ناصر السعيدي، عن عدم المشاركة، في حين زار الرئيس المكلف نواف سلام الرئيس جوزيف عون مساء، وخرج من دون الإدلاء بأي تصريح. وأثارت مورغان أورتاغوس غضب «حزب الله»، لناحية تثبيت خاتم يحمل شعار «نجمة داوود»، و«امتنانها لإسرائيل»، فخرج مناصروه إلى الشارع احتجاجاً، وقال النائب محمد رعد إن ما قالته هو «تدخل سافر في شؤون لبنان».